أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج















المزيد.....

الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 6650 - 2020 / 8 / 18 - 21:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعلن اليوم الاثنين 10 اوت هشام المشيشي رئيس الحكومة المكلف في ندوة صحفية مباشرة بعد لقاء مع رئيس الدولة أن الحكومة القادمة ستكون " " حكومة كفاءات مستقلة تماما " واضعا بذلك حدا للجدل والتوقعات التي تناقلتها التصريحات والتحاليل السياسية والإعلامية في الأيام الماضية. جاء هذا التصريح بعد أن قضى النصف المنقضي من المدة الممنوحة له في إجراء مشاوراته مع رؤساء الكتل البرلمانية والشخصيات المستقلة، سياسيين واعلاميين ومثقفين، ومع رؤساء الحكومات السابقة وغيرهم الذين أجمعوا على أنه كان اكتفى بالاستماع إليهم وأمسك عن الكلام.

حكومة "مستقلة" ام حكومة سياسية
وقد عبر الذين جلسوا إليه عن مواقف مختلفة متباينة بين من أشاد ونوه بنية المشيشي في تشكيل "حكومة الكفاءات المستقلة" كخيار أمثل لتونس اليوم وبين من دافع عن " الحكومة السياسية " والمقصود بها حكومة تتألف من الأحزاب البرلمانية يذهب البعض منهم إلى المطالبة بضرورة احترام ترتيب الأحزاب المعنية حسب أحجامها في المجلس النيابي. أكثر المدافعين عن هذا الرأي حركة النهضة التي جاء في أحد تصريحات رئيسها " هل هناك من يقصي الحزب الأول والثاني في البلاد؟ هل هذه ديمقراطية؟ كيف تتشكل حكومة دون نهضة وقلب تونس والحزب الثالث والرابع؟ بماذا سيشكّلونها بالحزب العاشر؟". وقال حزب قلب تونس الذي يدعو إلى ما دعت إليه النهضة هدد هو الاخر بعدم المشاركة في الحكومة حيث قال أحد نوابه " رئيس الجمهورية أعدّ وأتم تشكيلة حكومية جديدة قبل إنهاء المشاورات التي يقودها المشيشي " واعتبر، بناء على ذلك، أن " حزب «قلب تونس» هو اليوم غير معني بالمشاركة في "حكومة الرئيس". وبفارق طفيف من هذا دعت حركة الشعب إلى حكومة سياسية تكون حركة النهضة خارجها. اما التيار الديمقراطي فقد دعا إلى حكومة مختلطة لأن " حكومة تكنوقراط لن يكون لها سند حزبي و برلماني و لن تكون قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة و ستكون بمثابة حكومة تصريف أعمال " على حد تعبير العجبوني لذلك اعتبر من المنطقي " أن يشكّل السيد هشام المشيشي حكومة يختار هو أعضاءها (و لا تفرض عليه الأحزاب تسميتهم) و يحافظ فيها على الوزراء الذين كان مردودهم جيّدا (بعد تقييم موضوعي و علمي) و ذلك حتى نضمن استمرارية الإصلاحات و لا نرجع إلى النقطة الصفر، من ناحية، و نحمّل الأحزاب مسؤولياتها أمام ناخبيها و أمام كل التونسيين، من ناحية أخرى". من جهته يرى ائتلاف الكرامة في تصريح لرئيس كتلته سيف الدين مخلوف "الحكومة القادمة يجب ان تكون حكومة حزبية وأن تقوم على أساس المحاصصة وان تضم حزاما برلمانيا واسعا باستثناء من أقصى نفسه".
اليوم وقد كشف المشيشي أوراقه وحسم أمره وأعلن صراحة عن اختياره في تشكيل حكومة كفاءات مستقلة بسبب التناقضات والاختلافات الواسعة بين الأحزاب الرئيسية في البلاد، حيث لم تفضي المشاورات إلى أي قاعدة توافق. وهو ما ترفضه النهضة التي أعلن رئيس مجلس الشورى في نفس اليوم أن "أي مقترح لحكومة كفاءات مستقلة يقصي الأحزاب لن يلقى دعم الحركة". وينتظر ان تكون مواقف بقية الاحزاب على شاكلة موقف النهضة فيما علينا ان ننتظر تفاعلات بقية الأطراف وخاصة منها حركة الشعب والتيار الديمقراطي في الساعات القادمة.
لكن ومهما كان من أمر فإن خيار المشيشي سيعمق أكثر استحالة توفير حزام آمن لحكومته وسيضع مرورها في البرلمان بين الشك واليقين. وإذا أخذنا "تهديد" الهاروني الذي قال اليوم "هناك أغلبية في البرلمان تدافع عن حكومة سياسية ومن المهم أن يقرأ المشيشي حسابا لهذا، موضحا أن هناك 120 نائبا يمكن أن تكون بينهم شراكة في البرلمان" من الصعب أن يجد المشيشي التأييد اللازم لحكومته. فحسابيا من الممكن ان يكون مآل حكومة المشيشي كمآل حكومة الحبيب الجملي. هو فعلا مجرد احتمال ولكنه يبقى واردا إذ ليس لدى المشيشي ضمانات ثابتة لتحصين حكومته من مثل هذا المآل.
ومعلوم ان سقوط الحكومة سيفتح الباب مباشرة على مسار جديد ومختلف تمام الاختلاف سينطلق بلجوء رئيس الدولة إلى حل البرلمان عملا بأحكام دستورية غير قابلة للتأويل في غير هذا الاتجاه. ما يعني بالتالي تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.

سقوط الحكومة وحل البرلمان: سيناريو وارد
وإن ثبت ما سبق تبيانه فلن يحدث ذلك أبدا على سبيل الصدفة، فإما في إطار مغامرة تتظافر فيها نوايا عدة أطراف كل من موقعه وبحساباته الخاصة وإما ضمن تخطيط مازالت فصوله لم تنكشف للعلن حتى الان وينبغي أن ننتظر بضعة أيام فقط لندرك أن مثل هذا الاحتمال قد تحول إلى واقع لا مهرب منه.
مبدئيا من له مصلحة في المغامرة في ظل هذه الضبابية القاتمة التي تميز الوضع السياسي؟ ولكن أيضا من عساه يكون قد "ضبّط" حساباته بما يفيد أن الانتخابات المبكرة تشكل مخرجا مفيدا بالنسبة إليه؟ الحقيقة أن انخرام قواعد اللعبة السياسية منذ مدة، وتحديدا منذ ما قبل سقوط الفخفاخ بأسابيع، رتبت الكثير من العوامل المشجعة على المغامرة. فقد يجد قيس سعيد في المناخات الحالية أكثر من حافز للمضي قدما في مخططه باتجاه تقويض أسس النظام السياسي الراهن. ولعل ما يشجعه على ذلك هو وهن بعض خصومه وبداية اهتراء البعض الآخر. ثم الا يمثل تكليف المشيشي بتشكيل الحكومة ونية هذا الأخير في تشكيلها بعيدا عن الاحزاب السياسية في حد ذاته مؤشر على ان هناك مغامرة في الأفق بدأت رائحتها تفوح تدريجيا؟
من جانب آخر لا شيء يمنع حركة النهضة من أن تدفع باتجاه انتخابات سابقة لأوانها سواء على سبيل الانخراط في المغامرة وتحويلها من الداخل لصالحها أو بناء على حسابات سياسية وانتخابية دقيقة. فهي تقدر جيدا حجم الخسارة التي تتكبدها في حالة ما إذا أقصيت من الحكومة وتدرك جيدا انها لا تجني الشيء الكثير من البرلمان ناهيك وان زعيمها قد فقد هيبة منصب الرئاسة وربما سيستقيل منه لذلك ما عاد لشعار "استقرار مؤسسات الدولة" الذي كانت تدبج بها خطابها. وتعلم حركة النهضة أنها مقدمة، وهي خارج الحكومة، على مستر صعب ستزداد صورتها اهتراء وربما ستخسر الكثير من المواقع التي غنمتها في فترات سابقة والتالي اليس من الافيد بالنسبة إليها خوض الانتخابات الآن وهي تتمتع نسبيا بمقدرات سياسية وإدارية ومالية أفضل مما ستكون عليه بعد سنة او سنتين. فالانتخابات المبكرة اتية لا ريب إن لم يكن اليوم فبعد مدة قبل انقضاء الفترة النيابية الحالية. هذا هو مخطط قيس سعيد في تقييم حركة النهضة. لذا وجب استباق الاحداث بالنسبة إليها.
في انتظار أن تفصح الأيام عن جلية الامر وعلى افتراض أن المشيشي سيتوفق إلى تشكيل حكومته ونيل ثقة البرلمان فما هو برنامجها؟ وفيما يمكن أن تختلف عن سابقاتها من الحكومات؟ وما مصير البلاد والشعب تحت قيادتها؟
برنامج الحكومة: نسخة قديمة متجددة
بعد تكتم دام أسبوعين كشف المشيشي اليوم عن أولويات برنامج حكومته تحت عنوان " حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي" في خمس نقاط هي:
-انقاذ المالية العمومية من خلال عقلنة النفقات وزيادة الموارد الذاتية للدولة.
-المحافظة على القطاع العام ومؤسساته العمومية والحوكة الرشيدة.
-تعزيز مناخ الاستثمار واسترجاع الثقة بين الدولة والمستثمرين.
-الحد من تدهور القدرة الشرائية وتفعيل اليات الضغط على الاسعار.
-تدعيم الاحاطة بالفئات الهشة
-تفعيل التمييز الايجابي بين الجهات.
-تكريس علوية القانون وفرض احترامه.
لا تختلف هذه الشعارات العامة عما سبق أن ردده كل الذين سبقوه في هذا المنصب. ويتضح ذلك مما جاء في صيغة النقطة الأولى " عقلنة النفقات " ان المشيشي يعول على سياسة التقشف لإنقاذ المالية العمومية والمعلوم لدى الجميع ان هذه العقلنة لا يمكن ان تتم إلا بالتحكم في النفقات ما يعني بالضبط غلق باب الانتداب والتقليص من الموظفين والضغط على الأجور والمنح والتنقيص من اعتمادات صندوق التعويض. ففي خلاف ذلك ليس هنالك من هامش آخر يسمح للحكومة بالتصرف وهي نفس الإجراءات التي رددها الشاهد والفخفاخ وسائر رؤساء الحكومة السابقة. أما يا بتعلق بـ"الزيادة في موارد الدول" فالمقصود بها الزيادة في الضغط الجبائي على الافراد والمؤسسات وهي سياسة أثبتت إفلاسها ذلك ان إمكانيات الموظفين وعموم الخاضعين للأداء ما عاد بإمكانهم تحمل مزيد من الضغط. المؤسسات نفسها، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، فهي تعاني من مصاعب مالية تفاقمت مع أزمة الكورونا بشكل بات أغلبها مهددا بالإفلاس لن يكون بمقدورها تحمل وزر جبائي إضافي اللهم إلا إذا كان المشيشي ينوي الاجهاز تماما على نسيج المؤسسات الحالي الضعيف والهش.
اما ما يتعلق بـ"تعزيز مناخ الاستثمار واسترجاع الثقة بين الدولة والمستثمرين" فماذا عسى حكومة المشيشي القيام به في هذا الصدد بعد ان تم استصدار قانون الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وجملة النصوص التي منحت كبار المستثمرين كل ضروب الامتيازات الجبائية والمالية والديوانية والعقارية.
واضح ان المشيشي كما قال بعظمة لسانه "لن نقوم بثورة اقتصادية" وواضح ان لا خيار لديه غير السير على نفس السياسة التي أدت بالبلاد إلى الإفلاس.
إن الملامح العامة لبرنامج الحكومة الجديدة التي سنعود إليها في ضوء خطاب المصادقة على الحكومة بعد أسبوعين من الآن توحي بأننا مقدمون مرة أخرى على نفس "المهزلة". وستكون الكلفة هذه المرة باهظة لأن مواجهة الأوضاع الراهنة التي لم يتوان عن الاعتراف بها (نسبة نمو سلبي في حدود 6.5 بالمائة ومديونية تصل إلى 86 بالمائة من الناتج القومي الخام ونسبة بطالة قد تتجاوز 19 بالمائة في موفّى 2020) تحتاج إلى سياسة أخرى ومغايرة تماما عما يتحدث عنه المشيشي.
لكن يبدو أن المشيشي يعول على ما أسماه "تكريس علوية القانون وفرض احترامه" أي على اتباع سياسة القمع التي أكد من خلال تجربته على رأس وزارة الداخلية في المدة الفائتة انه من انصار سياسة القمع لمنع الاحتجاجات وكتم الافواه لإخضاع الشعب لتبعات سياسة تميزت بالتخريب الاقتصادي والتدمير الاجتماعي وبالفساد والعمالة للخارج والقمع.
يبدو ان المشيشي بتشجيع من قيس سعيد قد توغل في الطريق الخطأ وهو من حيث أراد أم لا يعد البلاد إلى سيناريوهات خطيرة ودموية هذا إذا كتب لحكومته أم تنال ثقة البرلمان موفى هذا الشهر.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح الزراعي مهمة ثورية عاجلة
- الاستثمار الخارجي في تونس أكذوبة لتبرير التبعية والاستغلال و ...
- بعد تأجيل ديون 25 بلدا هل تقتنع الحكومة؟؟
- حكومة الفخفاخ والمضي قدما في التداين
- إلى الرئيس قيس سعيد : «عليك أن توضح خفايا زيارة أردوغان الفج ...
- إلى أين تسير البلاد؟؟
- المخطط الجديد التشخيص والأهداف والآليات، ما الجديد؟
- تونس تعيش أزمة حكم
- الجبهة الشّعبيّة تزرع زنابق غرّة ماي وبشائر الأمل
- فشل الحكومة... فشل منظومة
- الوحدة الوطنيّة لا يجب أن تكون شعارا دون مضمون


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج