أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الرابع والأخير)















المزيد.....

التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الرابع والأخير)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7738 - 2023 / 9 / 18 - 00:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نحت تأثير كارثتي الزلزال والفيضان اللتين ضربتا على التوالي وبشكل متزامن بلدين عربيين مغاربيين (المغرب وليبيا)، قلت في قرارة نفسي: كيف قاربت الفلسفة إشكالية الكوارث؟ لمحاولة إيجاد جواب عن هذا السؤال، عثرت على مقال بالعنوان أعلاه كتبه فلوران بوسي الحاصل على دكتوراه في الفلسفة. كان مدرسا لهذه المادة في المدرسة الثانوية، قبل أن يتم تعيينه محاضرا في جامعة روان الفرنسية (2006-2013). ألف العديد من الكتب ونشر العديد من المقالات ويتعاون حاليا مع مجلة “Les Zindigné(e)s”، التي يديرها بول أريس.
المقال (تتمة):
نحن نعيش في زمن خيالي. ليس لأننا تحررنا من الندرة والمعاناة والموت، ولكن لأن أنماط حياتنا (من الواضح أن هناك تفاوتات خطيرة في هذا المجال) تجعلنا نحتقرها. لقد أصبح الاستهلاك أفيون الإنسانية، مسكنا ومخدرا في آن واحد. الكوارث القادمة ستكون أكثر صعوبة لأننا بذلنا كل ما في وسعنا لإنكارها، وبالتالي لم نكن مستعدين لها.
للقيام بذلك، علينا أن نبدأ بالتخلي عن خيال قدرتنا المطلقة. ومع ذلك، نعتقد أننا قد حللنا تناقضات الحالة الإنسانية، واندرج الخيال في أنماط حياتنا، وتغلغل بعمق في أحشائنا، في معتقداتنا، عاداتنا، وقيمنا. من الملك الطفل إلى معجزات الطب، من التقنيات المبتكرة (تقنيات النانو مليئة بالأوهام بشكل خاص، لأن الأمر يتعلق بأن يصير الإنسان سيد الوجود من قلبه) إلى نمو الاستهلاك، من تقدم العلاقات الإنسانية التي مكنتها التقنيات الجديدة للإعلام والاتصال إلى وعود بالطاقة النظيفة بلا حدود الناتجة عن الاندماج النووي، تبقى خيالاتنا هي التي ينبغي مهاجمتها. لكن ألا يعني هذا التخلي عن التقدم الذي يستفيد منه الجميع؟
يتمثل المطلب الفلسفي في عدم الانخدع بمظاهر نهاية التاريخ، والسعادة والسلام العالميين، والإنسانية كجنس آل أخيرا إلى ذاته. ذلم أن خيالاتنا تكلف ثمناً باهظاً: تفاوتات متزايدة، كوارث بيئية، عدم التضامن بين الأجيال، فقدان الموجهات. ولا نستطيع أن ننكر التقدم الذي نستفيد منه، ولكن من واجبنا اليوم أن نفهم حدوده وآثاره السلبية، بدلا من أن ننظر إليه على أنه شرط لفردوس جديد على الأرض. للقيام بذلك، سيكون من الضروري إعادة اكتشاف معنى الحدود، التي سكنت بالضرورة تاريخ البشرية بأكمله حتى وقت قريب جدا.
لقد سمحت لنا الأوهام التي تبثها الأنظمة الشمولية برؤية الكوارث التي يمكن أن يؤدي إليها غياب الإحساس بالحدود. كما ظل الإرهاب النووي ــ خيال إبادة الآخرين ــ يهدد البشرية لعدة عقود من الزمن. اليوم أصبحت الكوارث «ديمقراطية»، تهم الجميع والكل يساهم فيها. إن "إعادة اكتشاف الإحساس بالحدود" يعني أننا قادرون على استعادة السيطرة على مصيرنا.
من أجل جعل وجودهم ممكنا، استمر الناس، منذ بداية تاريخهم، في تنظيم العالم: تكنولوجيا، أخلاق، سياسة، دين، علوم، واقتصاد، كل ذلك شكل بمجموعه الثقافة. بل على العكس من ذلك، فإن الطريقة التي ساهمت بها التكنولوجيا والاقتصاد اليوم في تهميش الأبعاد الأخرى لوجودنا، أدت إلى تجريدنا من أسلحتنا في مواجهة وضعنا، الذي نتمرد عليه دون أن نعرف كيف نتكيف معه. الآن، هذه الوضع، إذا لم يحكم علينا بشكل لا راد له بالتعاسة والعوز، فإنه يمنعنا مع ذلك من الاعتقاد بأننا يمكن أن نتحرر منه نهائيا.
إن "إعادة اكتشاف معنى الحدود" يعني استعادة انتمائنا إلى الطبيعة. الطبيعة هي اللامفكر فيه في الحداثة، ما يتم إنكاره باستمرار، يعني ذلك، كما عرفنا من فرويد، المعروف والمنكر. الإنكار هو تعبير عن الرغبة اللاواعية في القدرة المطلقة، وله نظيره في الفتيشات، التي تحقق الخيال، هنا فتيشات التكنولوجيا والأنسنة الكاملة للطبيعة.
في ختام كتابها "أصول الشمولية"، كتبت حنة أرندت: "إن النتيجة الكارثية الأولى لوصول الإنسان إلى مرحلة النضج هي أن الإنسان الحديث أصبح مستاءً من كل ما وهب له، حتى وجوده الخاص - مستاءً من حقيقة أنه ليس خالق نفسه ولا خالق الكون. […] إن البديل لهذا الاستياء، وهو الأساس النفسي للعدمية المعاصرة، سيكون امتنانا أساسيا للأشياء الأولية القليلة التي تُمنح لنا حقا ودائما، مثل الحياة نفسها، ووجود الإنسان والعالم". (Hannah Arendt, « En guise de conclusion », in Les Origines du totalitarisme. Eichmann à Jérusalem, édition de P. Bouretz, Paris, Gallimard « Quarto », 2002, p. 872)
نحن نتعامل مع نفس البديل: إما الاستياء من وضعنا، الذي يحكم علينا بكوارث غير مسبوقة، لأننا نمتلك الوسائل التقنية لتعطيل العالم بطريقة غير مسبوقة، أو الامتنان لاحترام الوجود، الذي يشكل بقية أخيرة من الحكمة الإنسانية والذي يتيح لنا أن نفكر في علاقتنا بالحياة بخلاف الحرب ضد الطبيعة، ضد العالم، ضد محدوديتنا.
في كتاب آخر بعنوان "وضع الإنسان الحديث"، تقول أرندت: "هذا الإنسان المستقبلي، الذي سينتجه العلماء، كما يقولون لنا، في ما لا يزيد عن قرن من الزمان، يبدو فريسة للثورة على الوجود الإنساني، كما هو معطى، هدية لا نعرف من أين جاءت (علمانيا) والذ يريد، إذا جاز التعبير، أن يستبدله بعمل من صنع يديه. ليس هناك سبب للشك في أننا قادرون على إجراء هذا الاستبدال، تماما كما لا يوجد سبب للشك في أننا قادرون الآن على تدمير كل أشكال الحياة العضوية على الأرض. والسؤال الوحيد هو ما إذا كنا نرغب في استخدام معرفتنا العلمية والتقنية الجديدة في هذا الاتجاه، وهذا لا يمكن تحديده بالطرق العلمية. إنها مسألة سياسية أولية، وبالتالي، لا يمكن تركها لمحترفي العلم أو للعاملين في السياسة". ( Hannah Arendt, Condition de l’homme moderne, trad. G. Fradier, Paris, Calmann-Lévy, 1961, rééd. Presses Pocket « Agora (1988, p. 35
لقد تحولت السياسة تدريجيا إلى إدارة الشؤون الإنسانية، متخلية عن الأسئلة الأساسية (ماذا يعني العيش المشترك؟ ماذا نريد؟). وفي الوقت الحالي، يبدو الأمر الأساسي في مكان آخر، لأن الساسة تخلوا إلى حد كبير عن قدرتهم على العمل، لصالح الخبراء وكبار رجال الأعمال. ومع ذلك، فإن إعادة اكتشاف الإحساس بالحدود والامتنان تجاه الوجود هو قبل كل شيء إعادة اكتشاف السياسة، التي يتأكد الناس من خلالها بشكل مشترك بمحدوديتهم.
الرابط: https://journals.openedition.org/leportique/2013



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبيلة منيب: المغرب دولة ذات سيادة من حقها أن تقبل المساعدات ...
- أيران: مزيد من القمع ومن المقاومة بعد مرور عام على احتجاجات ...
- جوردي: - اختزال الحركة الكردية في تحالف مع إسرائيل هو مجرد ط ...
- من جغرافيا الكارثة: قرية -مولاي إبراهيم- بؤرة الزلزال
- إفريقيا-أوروبا: حلم الربط القاري الثابت
- التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الثالث)
- الصخيرات-تمارة: سكان دواري -أولاد مبارك- و-أولاد بوطيب- بجما ...
- التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الثاني)
- -الملك وحده هو من يستطيع مخاطبة شعبه-: المغاربة يوبخون ماكرو ...
- من جغرافيا الكارثة: دوار -آيت تيرغيت- الغابر بين الجبال
- التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الأول)
- المغرب: أخبار ولقطات ومشاهد من جهود الإنقاذ والإغاثة والمساع ...
- صدق تنبؤ ليلى عبد اللطيف بزلزال المغرب أمر محير فعلا
- ليبيا: إعصار -دانيال- يضرب السواحل الشرقية من البلاد
- لماذا رفضت الرباط تلقي مساعدات فرنسا في مجال الإغاثة والعمال ...
- رفاق نبيلة منيب في فرنسا يلاحظون غياب الإسعافات الأكثر استعج ...
- الأئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يدعو إلى تعويض ضحايا الز ...
- فرنسا على استعداد لمساعدة المغرب على تلبية احتياجات الإغاثة ...
- الجبهة الاجتماعية المغربية تدعو إلى تنظيم وقفات احتجاجية متز ...
- نبيلة منيب تتحدث عن زلزال إيغيل في حوار مع قناة الغد على الي ...


المزيد.....




- -السلام والنور-.. شاهد قاعات البيت الأبيض تتزين استعدادًا لل ...
- أحلام تفسر سبب تكرار ارتدائها للفستان الواحد في أكثر من مناس ...
- البرلمان الإيراني يقر قانونًا جديدًا أكثر صرامة لقواعد اللبا ...
- المبادرة المصرية تقترح تعديلات على مشروع قانون الضمان الاجتم ...
- في وداع الكاتب والمترجم الرفيق يحيى علوان
- الأسد يصدر مرسوما يقضي بإضافة 50% إلى رواتب العسكريين السوري ...
- اكتشاف استثنائي في حمامات دافئة قديمة في إيطاليا
- رئيس الحكومة المصرية يؤكد دعم وحدة سوريا وسلامة مؤسساتها
- هل أنت بولندي؟.. بوتين يروي قصة الصياد الألماني والريح القاد ...
- ريابكوف: روسيا لم تتلق مقترحات من فريق ترامب بشأن الأزمة الأ ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الرابع والأخير)