أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الأول)














المزيد.....

التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الأول)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7734 - 2023 / 9 / 14 - 00:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحت تأثير كارثتي الزلزال والفيضان اللتين ضربتا على التوالي وبشكل متزامن بلدين عربيين مغاربيين (المغرب وليبيا)، قلت في قرارة نفسي: كيف قاربت الفلسفة إشكالية الكوارث؟ لمحاولة إيجاد جواب عن هذا السؤال، عثرت على مقال بالعنوان أعلاه كتبه فلوران بوسي الحاصل على دكتوراه في الفلسفة. كان مدرسا لهذه المادة في المدرسة الثانوية، قبل أن يتم تعيينه محاضرا في جامعة روان الفرنسية (2006-2013). ألف العديد من الكتب ونشر العديد من المقالات ويتعاون حاليا مع مجلة "Les Zindigné(e)s"، التي يديرها بول أريس.
المقال:
إن التفكير في الكوارث المعاصرة يجب أن يجعل من الممكن تسليط الضوء على خصوصياتها، بما يتجاوز القواسم المشتركة الواضحة للأحداث المؤلمة التي عانى منها البشر منذ بداية تاريخهم. ومن الضروري بالفعل تجنب الوقوع في مأزق الارتباك التاريخي الذي يتجاهل حقيقة أن عصرنا يحمل في داخله الكارثة، لأنه يثيرها ولأنه ينفيها.
إن معرفة الكوارث الحالية والمستقبلية الجديدة تظهر أولاً كاعتراف بما يجعلها كوارث "خاصة بنا". ولا يمكن للسياسة أن ترقى إلى مستوى تحديات العصر إلا بهذا الشرط، وهو أيضا ثمن (يؤدى).
إن التفكير في الكوارث العالمية كثيرا ما يثير السخرية، لأن الوجود الحالي للعالم سيكون دليلاً من لحم ودم على أنه تم تجنب الكوارث أو أن آثارها كانت جزئية فقط. "لا داعي لجلد قطة"، "ترهات دعاة نهاية العالم"، هذا ما يقوله الذين يسمون بالمفكرين الواقعيين.
ومع ذلك، فإن وضعنا يقاوم ما يسمى بواقعية القياس والحس السليم، لأن شيئا ما قد تغير في طبيعة الكوارث التي يواجهها الناس بشكل دوري، وهو الأمر الذي يجعل من المستحيل بالنسبة لنا أن نعلن ببساطة، بشكل عرضي أو موثوق، أن العالم، غدا كما اليوم (اليوم كما ألبارحة)، سوف يتعافى من العنف الذي هزه لبعض الوقت. هذا هو التغيير الذي نقترح مساءلته هنا، لأنه يتعلق بحالة الإنسان المعاصر.
سوف ندرك بسهولة أن هذه الكوارث تجد مصادرها في أفعال البشر. ولكن، بعيداً عما هو واضح، هناك الرابط الذي يوحد الكوارث التي تجتاحنا اليوم، والتي تستمر حدتها في النمو ـ بالعلاقة التي يحافظ عليها أناس الحداثة المتقدمة مع الطبيعة والعالم والوجود.
نحن نتحدث هنا عن "كوارثنا"، لأن الكوارث التي من المناسب التفكير فيها، والتي تشكل الحقيقة الكبرى في عصرنا (وبخاصة تلك التي لم تحدث بعد ولكن تم الإعلان عنها)، تأتي منا، بدلاً من أن تحدث لنا على أنها "كوارث طبيعية" أو "غضب إلهي".
انفجرت «كوارثنا» على الشاشة، وتردد الأخبار اليوم أصداء الكوارث من جميع الأنواع التي تخلّلت تاريخ العالم. ومع ذلك، فالأمر يتعلق باللامفكر فيه لعصرنا، الذي لا تأخذه أي سياسة، ولا أي تحليل إعلامي في الاعتبار، لأن الأمر يتعلق، لا أكثر ولا أقل، ببشر منشغلين بمهام أكثر إلحاحا وجدية من أن يفكروا في أنفسهم.
لا جدال في أن المفهوم الذي يتوقعه العصر منا هو مطلب حقيقي: قفزة حقيقية إلى نقيضه يتعين علينا أن نقوم بها.
إن التفكير في الكوارث يدين بالكثير لعمل وأعمال غونتر أندرس، المؤلف الألماني الذي شارك في النضال من أجل نزع السلاح النووي، والذي لم يكن معروفاً منذ فترة طويلة، وخاصة في فرنسا، ولكن السنوات الأخيرة جعلته فيلسوفاً كبيراً.
منذ انفجار القنبلتين الذريتين، أخذ أندرس يفكر في كوارث من نوع جديد، مصدرها أفعال البشر. انتقل تفكيره من التفكير الأنطولوجي الكلاسيكي إلى الحاجة إلى فهم الوضع الجديد، حالة الطوارئ الحيوية، التي تجد البشرية نفسها في مواجهتها. يهدف هذا التصور للفلسفة إلى مواجهة تحديات العصر، وحال الإنسان في الحداثة المتقدمة، بعيدا عن النزعة الأكاديمية للفلسفة الجامعية.
يندد أندرس بما يسميه "التفاوت البروميثيوسي" في عصرنا، أي حقيقة أن ملكاتنا (الفعل، الفكر، الخيال، المشاعر، المسؤولية) لا تنجح في الاتفاق، لكل منها إيقاعه الخاص: الناس غير قادرة على التفكير في ما تفعل، على فهم معنى ما تعرف، على الشعور أو تخيل ما تنتج.
هكذا «لا نقاش في كوننا نعرف العواقب التي قد تترتب عن حرب نووية. لكننا نعرف ، على وجه التحديد، ذلك فقط. هذه ال فقط تعني أن معرفتنا هاته هي في الواقع قريبة جدا من الجهل. وهو أقرب منه إلى الفهم". (2006، 296)
يبدو الناس منقسمين في ما بينهم، رغم أنهم اكتسبوا قوة لم يسبق لها مثيل. إننا نشهد استخفافا شديدا بالشر، مما يجعله غير محسوس وغير مفهوم. يبتعد الوعي عن كل مسؤولية وعن كل عاطفة. وهكذا أصبحت القنبلة النووية اختراعا تقنيا كأي اختراع آخر. إن حقيقة كون السلاح النووي الحراري يمكن أن يقتل عدة ملايين من الأشخاص لا ينبغي أن تعيق عملية التصميم والتصنيع.
فشل الخيال يعني أننا "لسنا في مستوى بروميثيوس الذي فينا " يلخص "التفاوت البروميثيوسي" عدم حساسية الإنسان المعاصر تجاه المعاناة التي يساهم فيها. يخضع الناس لعمليات تحيط بهم وتصبح أفقهم الفكري الوحيد، فهم غالبا ما يتصرفون، في إطار مهنهم، أنشطتهم الترفيهية واستهلاكهم، بما يتجاوز الخير والشر، دون أي اعتبار للتبعات الأخلاقية المحتملة لما يفعون على الناس ابآخرين، على الطبيعة أو على المستقبل. وهذا يمنحهم الاستقرار العقلي، حيث يتحررون من عبء حرية الوعي الذاتي.
"إن الشعور بالأمان هو الثمن الذي ندفعه مقابل مسؤوليتنا، أي حريتنا. وهذا الشعور بالأمان يتدفق نحونا بشكل عفوي وتلقائي مثل الماء أو الغاز أو الصور التلفزيونية أو أي تدفق يصل إلينا". (2006، 270)
سوف توجه تحليلات أندرس دراستنا للكوارث، لأنها تسلط الضوء على ما يشكل ينابيعها النفسية الرئيسية، أي اللاوعي وانعدام المسؤولية.
(يتبع)
الرابط: https://journals.openedition.org/leportique/2013#tocfrom1n1



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب: أخبار ولقطات ومشاهد من جهود الإنقاذ والإغاثة والمساع ...
- صدق تنبؤ ليلى عبد اللطيف بزلزال المغرب أمر محير فعلا
- ليبيا: إعصار -دانيال- يضرب السواحل الشرقية من البلاد
- لماذا رفضت الرباط تلقي مساعدات فرنسا في مجال الإغاثة والعمال ...
- رفاق نبيلة منيب في فرنسا يلاحظون غياب الإسعافات الأكثر استعج ...
- الأئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يدعو إلى تعويض ضحايا الز ...
- فرنسا على استعداد لمساعدة المغرب على تلبية احتياجات الإغاثة ...
- الجبهة الاجتماعية المغربية تدعو إلى تنظيم وقفات احتجاجية متز ...
- نبيلة منيب تتحدث عن زلزال إيغيل في حوار مع قناة الغد على الي ...
- المغرب: هزة ارضية بقوة 6،9 تسفر عن 822 قتيلا و672 جريحا
- أحسن 5 مباريات وأحداث سوف يشهدها اليوم 11 من بطولة أمريكا ال ...
- أمام تجاهل الحكومة لمطالبها اللجنة الوطنيةللمقصيين من خارج ا ...
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل
- ساحل العاج: الحزب الحاكم يحقق انتصارا كبيرا في الانتخابات ال ...
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الخامس)
- ماديسون كيز تعود إلى دور الثمن في بطولة أمريكا المفتوحة 2023
- جيروزاليم بوست ترد على جمعية أمريكية قاطعت المؤسسات الأكاديم ...
- لجبهة المغربية لدعم فلسطين تندد بزيارة ميارة لإسرائيل وتدعو ...
- كلمة العلمي الحروني بمناسبة حفل استقبال وتهنئة المناضل المصط ...
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الرابع)


المزيد.....




- مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب. ...
- أردوغان: تركيا تتابع الوضع في أوكرانيا عن كثب
- وزير التجارة التركي يحسم الجدل بعد تصريحات كاتس عن عودة التج ...
- صحة غزة تعلن الحصيلة اليومية لضحايا الحرب في القطاع
- زيلينسكي يعين رسميا قائد قواته السابق سفيرا لدى بريطانيا
- بعد تهديد بايدن.. رسالة من وزير الدفاع الإسرائيلي إلى -الأصد ...
- بوتين يرأس المراسم في الساحة الحمراء بموسكو للاحتفال بيوم ال ...
- طلاب ليبيا يتضامنون مع نظرائهم الغربيين
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- أغاني الحرب الوطنية تخلد دحر النازي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الأول)