عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7727 - 2023 / 9 / 7 - 16:13
المحور:
كتابات ساخرة
أنجبت "حِمارةُ" الدار البيضاء "جحشاً" أسودَ لهُ غرّةٌ بيضاء وذيلٌ أبيض.
استبشَر أهلُ الدارِ خيراً بقدومِ هذا الوليد، بعد إن قدّمت لهم الجدّةُ شرحاً وافياً عن هذا الاختلافِ في "التكوينِ اللونيّ" للجِلدِ، الذي لم تكن لهُ أيُّ سابقةٍ في التاريخِ المكتوبِ للحميرِ "الحساويّة" الباسلة.
فـ "الغُرّة" البيضاء تعني قدومَ الخيرِ للمدينةِ، التي ستغدو بمرور الوقت "قريةً" كبيرة.. والذَيلُ الأبيضُ يعني حُسنَ العاقبةِ للناسِ جميعا.
بدأ أهلُ القرى، البعيدة منها والمُجاوِرة، يأتونَ لرؤيةِ الجحشِ الوليدِ طلباً للبركة.
وفي زيارتهم للقرية، كان أهلُ تلكَ القرى "الفقراء" يحملونَ معهم الكثيرَ من الحليبِ واللحمِ والحبوبِ، التي كانوا يتضوّرونَ جوعاً من أجل تقديمها قرابينَ للجحشِ الجديدِ "ذو الألوانِ "العجيبة".. أمّا "شيوخُ" تلك القرى، فكانوا يُقدِّمونَ المالَ والذهبَ ويُعلنونَ "الولاء" بخشوع، لهذا الجَحش الذي سيكون بوسعهِ أن يمنحهم، مالم تكن "الجحوشُ" السابقةُ قادرةً على منحه.
وصلت وقائعُ هذه الحادثةِ إلى مدرسةِ القريةِ "الطينيّةِ" الوحيدة.. فقالَ "مُديرُ" المدرسةِ ومُعلّمُها الرئيس، لزميلهِ "المُعلِّم" الآخر( ولم يكن هناكَ غيرهما في المدرسة):
- هيّا يا زميلي.. لقد انتهى دورنا هنا.. لنحزِمَ حقائبنا، ونُغادِرَ هذهِ القريةَ، وهذه المدرسة.
أجابهُ زميلُهُ: ماذا دهاكَ يا أخي.. نحنُ مُكلّفونَ بالتعليم، ولا شأنَ لنا بعجائبِ الحميرِ الوليدة.
ردّ المُعلّمُ "الأوّلُ" قائلاً: أيُّ تعليمٍ علينا القيامُ به في هذهِ القرية بعد الآن يا زميلي العزيز؟
إنّ "مفردات و"مناهج" الدراسةِ في هذهِ القريةِ، ومن الآن فصاعداً، ستقتصِرُ على كيفيّة زيارةِ الجحشِ "الجديدِ"، وعلى طريقةِ تنصيبهِ "تاجاً" على رؤوس الجميع، وعلى مراسيمِ مبايعتهِ زعيماً وحاكِماً لنا، إلى أبد الآبدين.
غادرَ المُعلِّمانِ القريةَ، وقرّرا الهجرةَ منها، ومن جميعِ قرى البلادِ الأخرى، إلى الأبد، وهُما يَجُرّانِ معهما أذيالَ الخيبةِ الشاسعةِ، والخذلانِ الدائم.
يقولُ أحد سكّان القرية "الأصليّين"، أنّهُ بينما كان مارّاً بهما، تناهى إلى سمعهِ صوتُ أحدهما وهو يُردِدُ بغضبٍ وذهول مقطعاً من "الدارميّ" الجنائزيَ.. وفحواهُ "المحليِّ" هو:
صار الجحَش يفلان.. هُوّه الجِعيدة.
نَعلَه على التعليم.. لابو اليِريده.
(منقول -بتصرُّف- عن نصٍّ وردني عبر الواتساب، لم يُذكَر معهُ اسمُ كاتبه).
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟