أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خلف علي الخلف - المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك الشخصية السورية















المزيد.....



المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك الشخصية السورية


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 7709 - 2023 / 8 / 20 - 10:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك "الشخصية السورية"
كيف حول الأطباء السوريون مهنة الطب لأداة للجريمة المنظمة؟

يحاول هذا المقال التحليلي المجادلة في أسباب عطب "الشخصية السورية"، فقد اعتاد الكتاب السوريون المعاصرون رمي كل عطب في هذه الشخصية على النظام السياسي. هذا المقال يجادل بأن عطب "الشخصية السورية" تكويني ثقافي و أقدم من النظم السياسية.
ولتحليل هذا العطب وإيضاحه يتخذ المقال من المهنة كأساس لدراسة وتأمل "الشخصية السورية" ذلك أن السوريين أصحاب مهن منذ القدم، ولا نريد الدخول في تحديد هذا القدم، غير أن دمشق وحلب من أقدم المدن التي ما تزال مأهولة في العالم. تاليا؛ "الشخصية السورية" موضوع المقال التي أضعها بين مزدوجتين دائماً للتحفظ عليها، تخص الشخصية المدينية في هاتين المدينتين. مع اختلاف ثقافة كل منهما عن الأخرى، لكن اختيار المهنة كأساس للتحليل يقرب السلوك العام لهما. هنا يمكن اعتبار هاتين المدينتين منتج السلوك البشري السوري ومعايير سلم القيم. إذ لا يمكن الحديث عن "شخصية سورية" محددة وواضحة الحدود الديموغرافية والجغرافية، لأنها غير موجودة، فالدولة السورية بحدودها الحالية، دولة مختلقة بخط جغرافيا رسمه كل من سايكس وبيكو، وهي دولة مرفوضة من سكانها كما أشرت في كتاب سابق، وبالتالي جمعت أشتاتا من الشعوب والأقوام والجماعات البشرية منقطعة الصلة ببعضها البعض عجزوا عن تكوين اجتماع تعاقدي إرادي، حتى داخل المدينة الواحدة، والحي الواحد. يستخدم المقال منهج الملاحظة والمنهج الاستنتاجي معتمدا على المعلومات المستقرة.

المهنة كتعريف ومفهوم

المهنة بتبسيط غير مخل بالتعاريف الأكاديمية، هي عمل متكرر أو حرفة تبنى على أساس الخبرة المكتسبة من الممارسة والتعلم بالملاحظة والتجريب وفق المدارك العقلية للفرد وميوله ثم لاحقا أصبحت لكل مهنة مدرسة أو كلية تعلم أصولها.
يتحول العمل أو الحرفة إلى مهنة عندما يكون هناك طلب مستمر من الجمهور على منتجها، وتتحول إلى المصدر الأساسي لدخل المهني، وتصبح لها مدارس تعلمها أو مُعلمين، وتشكلَ لها ميثاقا أخلاقيا يحكم قواعد السلوك للعاملين فيها وقواعد الجودة والعلاقة مع بين المهني وطالبي الخدمة أو المنتج، ورابطة تجمع أصحاب هذه المهنة وتدافع عنهم وتقوَم سلوكهم وتراقبه وذلك بوجود دولة أو غيابها.
نشأت المهن في العصر السومري، و ابتكر السومريون مفهوم "شيخ الكار" ليكون مرجعية قانونية ورقابية على مجتمع كل مهنة وظل هذا النظام معمولا به حتى اليوم. وهذا التنظيم هو تنظيم ذاتي تراكمي غير متصل بسلطة حاكمة، فقد ظلت شؤون المهن بعيدة نسبيا عن تنظيم الحكومات حتى وجود الدولة الحديثة التي حولت هذا المفهوم إلى النقابات. سنت الدول قوانينا تنظم العمل والعلاقة بين المهني وطالبي الخدمة أو المنتج.
الكلمة أمانة؛ هذا قول شائع لا يعرف تاريخه ولا مصدره، ربما ابتدع منذ ابتداء الكلام. استنسخه بلاغيون إلى حقل المهن فصارت المهنة أمانة. فالماشية أمانة بين يدي الراعي والبناء أمانة بين يدي البنّاء والتلميذ أمانة بين يدي المعلم، والمريض أمانة بين يدي الطبيب وهي أغلى الأمانات لأنها تتعلق بالأرواح؛ الحياة والموت.

أي مهنة تصلح لتحليل "الشخصية السورية"

لا يمكن مناقشة كل المهن وعلاقة "الشخصية السورية" بها، في مقال تحليلي قصير. وأول ما يخطر للدارس الذي يريد تناول "الشخصية السورية" من خلال علاقتها بالمهن هي مهنة التجارة. فقد أعطى الموقع الجغرافي لدمشق وحلب خصائص متميزة ليكون من أهلها تجارٌ. لكن التجارة وإن كانت مهنة رئيسية في دمشق وحلب، إلا أن معايرة "الشخصية السورية" على أساسها سيعاني من عدم الدقة، فالتجارة لا تتطلب ممارستها تعليما أكاديميا، وبالتالي فهي مهنة مشاع يمكن لأي صاحب مال أن يمارسها مع ضعفه في التكوين الأكاديمي والمعرفي خارج مهنته. عدا عن ذلك ارتبطت مهنة التجارة بشكل عام ببعض الممارسات السلبية الشائعة التي مصدرها تعظيم الربح، وخضعت الأخلاق التجارية على مر العصور وعند كل الأمم للنقد.

إذن؛ هناك عطب تكويني ذو صفة عامة في مهنة التجارة ذاتها يحتاج جهدا مضاعفا من ممارسيها للإلتزام والإيفاء بمعاييرها السلوكية والأخلاقية، على الرغم من أن "الشخصية السورية" عُرفت على نطاق واسع بممارستها للتجارة، وعرّفت نفسها كذلك. هذا أمر لا يخضع لجدال مستفيض، فـ "الشخصية السورية" معروفة بشطارتها التجارية. يتضمن مفهوم التجارة بهذا القدر أو ذاك القدرة على التلاعب والاحتيال والغش، على الأقل ضمن مفهوم التاجر الشاطر. كذلك مفهوم التاجر عند السوريين يحيل تأسيسا للدكان، ليس أبعد من ذلك. وفي السلوك الدكنجي يحاول البائع أن لا يفلت منه الزبون وتعظيم ربحه بما في ذلك شرعنة استخدام الحيلة أو حتى الإرهاب بالقوة إذا كان ذلك ممكنا، والمشتري يحاول أن يحصل من البائع على أقل سعر مستخدما هو الآخر إمكانية الإرهاب بالقوة إذا أتيحت. هذه علاقات شائعة في ممارسة التجارة وخصوصا مع تشكل الدول الحديثة. إذاً، نظراً للعطب الذاتي للمهنة، وانخفاض التكوين المعرفي لممتهنيها، واتصالها بمفهوم النفوذ المستمد من السلطات ابتعدنا عن جعلها أساس التحليل رغم أنها مهنة أساسية عند "الشخصية السورية".

مهنة أخرى، المحاماة مثالاً، يكون الدفاع عن الباطل جزءا جوهريا من طبيعتها كمهنة؛ فمن الطبيعي أن يتحالف المحامون؛ نصفهم على الأقل، قانونا مع الباطل لمحاولة إثباته حقا، هذا أمر طبيعي حتى في الدول التي فيها قوانين صارمة. يصبح أمرا لا يتوقف عنده عندما يكون المحامون السوريون جزءا مهما من شبكات النشاط المافيوي المنظم بما يتضمنه من فساد وتهريب وقتل أحيانا ومخالفة القوانين والدستور ومعايير السلوك الأخلاقي للمهنة.

أما مهنة كالصحافة وامتهان الكتابة على سبيل الإيضاح الموسع، فهي نشاط على أهميته ورغم ارتباطه بأول الأمانات؛ الكلمة، فممتهنوها، رغم أهمية نتاجهم من حيث التأثير قلة عددية، ولا يوجد طلب عليها بوصفها مهنة تلبي احتياجات مادية، فلا يمكن اتخاذها ركيزة لتمثيل أخلاقيات وسلوك "الشخصية السورية". كما أن الصحفيين والكتاب استتباعا، مهنتهم الكلام فهم قادرون من حيث طبيعة المهنة التقنية على اللعب بالبيضة والحجر لتبرير ليس جرائمهم وخيانة الأمانة وانعدام الضمير المهني وتكسبهم وارتزاقهم فقط، بل لتبرير كل خيانة للأمانة، من خيانة الأمانة للحاكم كمهنة إلى خيانة صديق لشريكته أو صديقه أو جاره. وقد مارس منتسبو هذه المهنة خيانة أمانة الكلمة على نطاق واسع وعبر زمن طويل. ومن جانب آخر في الدول الاستبدادية تحتكر وسائل الإعلام فلا تبقى مهنة حرة ليتم معايرة الشخصية على أساسها.

مهنة الطب كمعبر لقراءة أولية لـ "الشخصية السورية"

كدراسة حالة، وباختصار يقتضيه تركيبة مقال رأي تحليلي، اعتمدنا مهنة مقدسة كالطب لفهم تركيبة "الشخصية السورية" ودراسة سلوكها التفاعلي مع محيطها، لأن هذه المهنة بعيدة كل البعد عن العطب الذاتي أو سهولة تسلل العطب، والمجادلة في السؤال الرئيسي للمقال، ومحاولة تبين تأثير النظم السياسية على العطب في "الشخصية السورية". فمهنة الطب لها اعتبارات خاصة عبر التاريخ وعند كل الأمم والشعوب. ولدت قبل القوانين التي تنظمها وتحولت لمهنة منذ العصر السومري. بل إن هناك من يعتبر السلوك المتحضر للإنسان ولد مع تقديم المساعدة الطبية لأخيه الإنسان وهو أقدم بما لايقاس من ولادة الحضارات.

اخترنا هذه المهنة لتأمل جوانب "الشخصية السورية"، لأنها مهنة مقدسة تحتلّ مكانةً عاليةً في المجتمعات عبر العصور، ذلك أنها مهنة حافظة للحياة ومقاومة للموت، لذلك حظي الأطباء بمكانة رفيعة في المجتمعات وكذلك لدى الحكام. كما أنها مهنة مشروطة بالعلم، فلا يستطيع أيّ كان ممارستها إلا بالدراسة والتحصيل المعرفي الرفيع فلا يمكن لجاهل أن يكون طبيباً، ويلقب الطبيب حتى الوقت الحالي بالعربية بالحكيم. وهي واحدة من أقدم المهن التي حظيت بتنظيم ذاتي أخلاقي، فأبوقراط سن قسمه في القرن الخامس قبل الميلاد، الذي كان تتويجاً لأخلاقيات ممارسة المهنة، وقد فصّل فيه النواميس الأخلاقية والمهنية الواجبة الالتزام من طرف الطبيب ومازال هذا القسم يحظى بمكانته حتى اليوم.

الدول أيضا في اجتماعها ومنظوماتها التعاقدية الملزِمة بالتوقيع سنت تشريعات تلزم الدول في جميع الأحوال، في أوقات السلم وأثناء النزاعات، بالحفاظ على نظام فعّال للرعاية الصحية. كما أوجبت عليها المحافظة على خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية حتى أثناء الحروب. هناك أيضا صك أممي خاص ينظم مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين، ولا سيما الأطباء، في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

إذا فاختيار هذه المهنة للنظر في عطب "الشخصية السورية" المسلم به والذي يُرمى على النظام السياسي في الكتابات السورية المعاصرة، هو اختيار مدرك وواع لما تمثله هذه المهنة من قدسية، وتحصيل علمي رفيع، ومبادئء أخلاقية ذاتية صارمة تنظم سلوك ومهنية أفرادها. كما أنها من المهن الحرة التي استقلت عن السلطات عبر التاريخ، أي يمكن ممارستها دون ارتباط بالحكومة. إذ يمكن لمن أراد أن يفتتح عيادة خاصة ويمارس الطب خارج المشافي الحكومية؛ بل يمكن للأطباء أن يفتحوا مشافيهم الخاصة، ولها نقابات وروابط قديمة هي أقدم من تشكل الكيان السوري كدولة. يفترض بها والحال كذلك أن تكون بعيدة عن منظومة الفساد والإفساد.

كما أن السوريين يعبدون هذه المهنة، ليس فقط لاعتباراتها القيمية التأسيسية كمهنة، بل لارتباطها أيضا بالدخل المرتفع والمكانة والامتيازات التي يحصل عليها الطبيب في المجتمعات السورية. جميع الأباء حلموا أو حاولوا أن يمتهن أبناؤهم الطب. تستنفر العائلات التي لديها طلاب في الثالث الثانوي "بكالوريا" خلال عام كامل، لتوفير الظروف المناسبة لأبنائهم علّهم يدخلون كلية الطب في الجامعات المحلية. وصل مجموع القبول في هذه الكلية في الجامعات السورية إلى المجموع التام، أو أقل بعدة درجات، نتيجة إقبال كافة الشعوب السورية على مهنة الطب لما تتيحه من امتيازات. ومن لم يفلح أبناؤهم، ممن لديهم إمكانية مادية أرسلوهم إلى دول منظومة الاتحاد السوفييتي السابق وعادوا بشهادات شبه مزورة لأن الكثير منهم كانوا ينجحون دون دراسة بدفع أموال بخسة لمدرسي تلك الجامعات. المتنفذون في الحزب الحاكم والأحزاب الشيوعية كانوا يتقاسمون المنح التي تقدمها الدول الاشتراكية لدراسة الطب أو يتاجرون بها. أعني من هذا إن المشاركين على طلب دراسة الطب كانوا من جميع الفئات السكانية؛ بعثيون وشيوعيون وعسكر وتجار وفلاحون وأثرياء وفقراء.

كما أن اختيار مهنة الطب لتسليط الضوء على آليات الممارسة السلوكية والأخلاقية عند "الشخصية السورية"، اختيار تفصيلي مرتبط بتعريف المجال المكاني لهذه الشخصية حيث اعتبرناها شخصية مدينية، تعود لمدينتين رئيستين، دمشق وحلب، حيث أسلفنا أنهما منتج سلم القيم لهذه الشخصية. فقد درس هذه المهنة بداية واختص بها أبناء المدن بما فيها المدن الصغيرة التي تشكلت لاحقا كحمص وحماة واللاذقية. أي إن الأطباء هم نخبة وظيفية وأخلاقية وعلمية.

مآلات مهنة الطب عبر "الشخصية السورية"

عانت مهنة الطب في الكيان السوري من عطب تأسيسي، عطب يطال أحد أركانها الأساسية وهو التكوين العلمي الأكاديمي. فنظرا لما توفره هذه المهنة من امتيازات ودخل مرتفع زاد الطلب عليها من المجتمعات السورية، فتعرضت لفساد تأسيسي في التعليم، بدأ من توزيع المنح لكل من استطاع إليها سبيلا، يضاف إليه أن جامعات دول المنظومة السوفيتية السابقة خرجت دفعات من الأطباء غير الدارسين الذين كانوا ينجحون عبر دفع الرشاوى في تلك الجامعات. تعرض الجانب الأكاديمي لعطب آخر من خلال جموع المظليين التي دخلت الجامعات المحلية وفقا لمشاركتها بدورات الإنزال المظلي والصاعقة للطلاب عبر المنظومات الحاكمة، وهي دورات للتدريب العسكري، إضافة لمنح علامات إضافية لأبناء الشهداء وأعضاء الهيئات التدريسية تسهل لهم القبول في كلية الطب. لكن هذا العطب التأسيسي كان سلوكاً غير إلزامي من السلطة السياسية، سلوك اجتماعي اختياري دافعه المنفعة الشخصية المادية والاجتماعية التي توفرها المهنة. كان هناك سعي من جميع السوريين للحصول على امتيازات هذه المهنة حتى عبر الأساليب الاحتيالية والفاسدة. فما يبدو ظاهرا أنه ارتباط بالنظام السياسي، في عمقه كان اختيارا واعيا لـ "الشخصية السورية".

أما في الممارسة الطبية؛ فقد حول الأطباء السوريون، في الأعم الأغلب، مهنة الطب إلى مهنة منتجة للدخل، دون أي اعتبارات أخرى لممارسة المهنة وضوابطها الأخلاقية ومدونة السلوك المتوارثة الصارمة. شيوع المرض عند كافة أفراد المجتمعات السورية، يعني شيوع التجارب الفردية في علاقة الطبيب مع المريض، وشيوع مروياتها. ومن خلال الملاحظة والمرويات المجتمعية الشفاهية الكثيرة، كان اهتمام الأطباء باعتبارات أمانة المهنة في نهاية سلم الأولويات. كانت حياة المريض هي الأقل مركزية في العملية الطبية. حياة المريض وبذل أقصى ما يمكن لعلاجه وإنقاذه هي مركز الممارسة الطبية، هذا مع تنحية القوانين جانبا، إنه امتثال ذاتي سلوكي أخلاقي يمثل عتبة المهنة. فمع غياب الالتزام الذاتي بمعايير وأخلاق المهنة، ومع غياب القانون أو تطبيقه، صار هناك قدرة كلية لدى الطبيب السوري على استباحة المريض وهدر حقوقه. فلا قانون يحاسبه، ولا قوانين فاعلة لحماية المرضى. حتى "قانونيا" ترجح المعادلة دوما لصالح الطبيب؛ فهوى الأقوى بحكم وضعه المادي وعلاقاته الثابتة أو الممكنة مع أجهزة الحكومة والمخابرات. أما نقابات الأطباء فهي تقف دائما إلى جانب "عضوها" حتى لو تسبب بالقتل الخطأ الذي لا يغتفر نتيجة الإهمال والاستهتار بحياة المريض أو بالقتل شبه العمد أو بالقتل العمد حتى. لم أسمع ولم يرو أحد ولم أقرأ، أن هذه النقابة أوقفت طبيبا عن ممارسة المهنة لمخالفته ضوابطها ومدونتها الأخلاقية رغم شيوع حوادث القتل الطبي في سوريا. يستثنى من ذلك خضوع النقابات لطلب المخابرات إيقاف طبيب عن ممارسة المهنة بسبب نشاطه السياسي وهذه كانت حالات استثنائية.

تحولت مهنة حرة كالطب في سوريا على يد الأطباء السوريين دون تدخل من الحكومة إلى عمل يستخدم أساليب المافيا المنظمة. نشأت شبكة مترابطة واعية قصدية مخططة، بين المشافي الحكومية والمشافي الخاصة والصيدليات وشركات الأدوية والمخابر الطبية وحتى الأكشاك والكافتيرات داخل المشافي أو بجوارها، هدفها تعظيم الربح واستنزاف المرضى، كل المرضى، خصوصا وفي الغالب الفئات الفقيرة والمهمشة.
كان هناك شراكة بين المشافي الحكومية التي يديرها ويشغلها أطباء، والمشافي الخاصة التي نشأ بعضها بالشراكة بين تجار مخدرات ومهربين أو مخابرات أو أموال فاسدين حكوميين وأطباء، تلك التي تكاثرت كالفطر دون معايير طبية أو تجهيزية أو عمرانية لأنها أحد أربح الاستثمارات، والصيدليات التي تزايدت بشكل مفرط بعد شيوع الدراسة في الدول الاشتراكية السابقة، والمخابر وشركات الأدوية ذات الصناعة الرديئة والتي لا تلتزم بمعايير صناعة الدواء العالمية.
تبدأ الممارسات الاحتيالية والمخالفة لأخلاق المهنة منذ دخول المريض إلى مشفى حكومي مجاني، حيث هناك منظومة فاسدة عمادها الأطباء تتضمن الدفع لإيجاد السرير، أو إجراء عملية جراحية أو تقديم دور المريض في قائمة انتظار العملية الجراحية، أو إجراء تحليل أو تصوير داخل المشفى العمومي. تتضمن هذه الممارسات أيضاً تحويل المريض إلى مشفى خاص مرتبط به الطبيب الذي يعمل في المشفى العام المجاني، وذلك لتقديم العلاج المدفوع له وإجراء عمليات جراحية مدفوعة. كذلك طلب تحاليل مكلفة وتصاوير أشعة وغيرها، وتخطيط لا علاقة لها بالمرض الذي قدم المريض من أجله. كما تتضمن كتابة أدوية زائدة ليس لها علاقة أساسية بالمرض لكنها لا تضر المريض، أو أدوية احتمالية لأن الطبيب عجز عن تشخيص المرض، أو تجريب أدوية لشركات الأدوية المحلية غير الفاعلة. إجراء عمليات جراحية غير ضرورية للحصول على أجرة الجراحة والليالي التي ينامها المريض في المشفى الخاص. احتجاز المرضى وحتى الجثامين رهائن في المشافي حتى تسديد ثمن فاتورة المشفى التي قد تتضمن عملية جراحية غير متوقعة من المريض أو أهله أدت إلى وفاته. عدم تقديم الخدمات الطبية الاسعافية في حالة عجز المريض عن الدفع. هذه نماذج شائعة للمارسات الطبية في سوريا والتي تحولت إلى سلوك منظم تحميه علاقات بالسلطات الحاكمة. لكنها سلوك اختياري للأطباء.

بعيدا عن قداسة المهنة، حدث هذا بالرغم من أن مهنة الطب توفر دخلا مرتفعا في سوريا، ربما أعلى من دخل الطبيب الأوروبي الخاضع لمواثيق وقوانين صارمة في ممارسته للمهنة. أي إن الطبيب السوري غير معوز ليلجأ بحجة ذلك لأدوات المافيا. كما أن المهنة توفر مكانة اجتماعية لممارسيها أيضا، فالاطباء والطبيبات يحظون بتقدير المجتمعات و دوائر الحكومة بصفتهم أطباء ويقضون معاملاتهم بسهولة، أي إنهم يعيشون في ظروف اكتفاء تجعل التزامهم بأمانة المهنة غير مكلف. لم يجبر أحد الأطباء السوريين على مشاركة ضباط المخابرات وتجار المخدرات بالمشافي، ولم يجبرهم أحد على أن يبتزوا المرضى ولم يجبرهم أحد على إدخال الممارسات الشائنة إلى مهنة تتعلق بأرواح الناس. كانت كل هذه السلوكيات تحت إرادة حرة فاعلة واختيارية.

كان وما يزال هناك حالات عديدة من الأطباء الذين لم ينخرطوا في الممارسات المافيوية المخالفة لقواعد وضوابط المهنة بالضرورة، وعلى الرغم من احتفاظم بالتقدير المجتمعي كأطباء إلا أن "الشخصية السورية" المعيارية وصمتهم بالفشل ذلك أنهم لم يعظموا دخلهم المادي عبر هذه الممارسات المتاحة وغير الخاضعة للمحاسبة، وجودهم يؤكد العطب في "الشخصية السورية" المعيارية.

من جانب آخر، وعلى الرغم من المكانة والدخل المرتفع، التحق كثير من الأطباء بالوظائف العامة ذات النفوذ، تجدهم حاضرين بوضوح في المناصب السياسية والأمنية والعسكرية، ليس فقط مع علمهم بمنظومة الفساد في المؤسسة الحكومية، فهم نخبة واعية، بل كان هذا دافعهم للالتحاق بهذه الوظائف لما يضيفه المنصب من عناصر قوة من خارج المهنة. كان اختيارهم هذا إرادياً، إذ لم تجبر السلطة أحداً على تولي منصبٍ لديها، كما أن الطبيب الذي يلتحق بهذه المنظومة لا يعاني من شظف العيش الذي يحتج به آخرون لتبرير التحاقهم يالوظائف العامة التي صارت عموما فاسدة. هؤلاء الأطباء الذين يعيشون في ظروف توفرها المهنة، أفضل من كل فئات المهن الأخرى، قدموا ممارسات فاسدة هدفها تعظيم المكاسب المادية، وصلت هذه الممارسات لاحقا لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

جميع السوريين يعلمون بهذه الممارسات في الحقل الطبي ويتداولونها، لم تكن بحاجة إعلام وصحافة لتدركها المجتمعات السورية وتصبح على علم بها. فشيوع المرويات والتجارب الشخصية تجعل الجميع يعلم بهذه الممارسات في حقل مهنة الطب، لكنهم مع ذلك؛ أي "السوريون"، كانوا يدفعون ما يستطيعون ليدخل أبناؤهم هذا المجال وامتيازاته والانخراط بالممارسات المخالفة للأعراف وقواعد السلوك الأخلاقي المستقر ناهيك عن ضوابط ومعايير السلوك المهني دون الخضوع للمحاسبة. كانوا يعرفون بمآل أبنائهم، لكن ذلك جعلهم يسعون بحماس إلى هذه المهنة الأكثر توليدا للدخل والتي لديها قدرة مرتفعة لممارسة التلاعب المنظم والتحايل والابتزاز لأنها تتعامل مع الناس في لحظة ضعف وخوف من الموت فيكون آخر ما يفكر به المريض وأهله به المال أو التكلفة مهما كانت قدرتهم المادية. هذا جانب مفصلي في معرفة "الشخصية السورية"، توفرها مهنة كالطب قادرة على الابتعاد عن نشاط الفساد الحكومي مهما كان شكل وطبيعة النظام السياسي. وقد كان ضحايا هذه الممارسات بمعظمهم من الفلاحين والفقراء والفئات المعوزة الأكثر ضعفا، إذ كان الأطباء السوريون يعالجون المتنفذين مجانا معظم الأحيان لكسب ودهم وتقوية نفوذهم.

مهنة الطب كأداة بيد "الشخصية السورية" لارتكاب جرائم ضد الإنسانية

في الفقرات السابقة قدمنا سياقا محايدا تجاه السلطة السياسية، تلك الممارسات لم يكن لها شأن بالرأي السياسي، إنها ممارسات حرة اختيارية، فلا علاقة لها بالانتماء السياسي؛ أو بالانتساب لصفوف الموالاة أو المعارضة. دور النظام السياسي هنا يقتصر على انعدام الرقابة والمحاسبة وتطبيق القانون. كل تلك الممارسات كانت تجري في مهنة حرة مستقلة عن طبيعة النظام السياسي وسلطاته. المعلومات التي قدمناها عن الممارسات المافيوية كانت تجري في ظل سياق طبيعي للحياة و في ظروف عادية، من واقع مهنة والطب وممتهنيها. ونستطيع أن نقدم شهادات لهذه الممارسات بعدد المرضى السوريين. الأمر إذن يتعلق بممارسة المهنة من "الشخصية السورية" المعيارية من واقع سجل ممارسات الأطباء السوريين لها وليس النظام السياسي.

لكن مع اندلاع الثورة السورية أو حتى الاحتجاجات لمن يجد صعوبة في قبول ذلك المصطلح، كون الاحتجاجات مصطلحا أكثر حيادا، قام أطباء سوريون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهذا موثق في تقارير منظمات دولية عديدة يسهل إيجاد المراجع لها، بل هناك منهم من يحاكم لدوره في هذه الجرائم.
هذه المهنة الرفيعة والمقدسة بحكم تعلقها بإنقاذ أرواح البشر؛ حولها أطباء سوريون لأداة للممارسات المافيوية المنظمة، أو في الحد الأدنى لممارسات شائنة لا تراعي أو تلتزم بضوابط وأخلاق وشروط ممارسة المهنة ثم إجرامية لاحقا. فمع اندلاع الاحتجاجات في سوريا تحولت هذه المهنة لأداة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية قام بها أطباء سوريون يقدر عددهم بالمئات. أي إن الإجرام الذي ارتكبه الأطباء ليس حالة شاذة وفردية ونادرة، أن يقوم طبيب سوري بالقتل عمدا لمصاب يفترض أن يقدم له العلاج أيّا كان انتماؤه السياسي.

إنه سياق طبيعي إذن، إن من تصدر ارتكاب جرائم قتل المصابين المحتجين في المظاهرات والمعتقلين بأساليب طبية والإشراف على حرقهم في الافران كما تقول أحد المرويات هم أطباء سوريون. الطبيعي أن يكون كل من مات تحت التعذيب، ويفوق عددهم ثلاثة عشر ألفاً في الحد الأدنى موثقة بحسب منظمات دولية، ذا صلة بإجرام طبيب سوري. لا يوجد قتل تحت التعذيب سوى بإشراف أو بعلم لاحق أو بتغطية من طبيب سوري. كل شهادات الوفيات المزورة أصدرها أطباء سوريون. مرت هذه الممارسات باعتيادية في المجتمع الطبي السوري الموالي! بل ربما حرضت عليها نقابتهم التي كانت تحت وصاية السلطة بإدارة أطباء سوريين.

صحيح أن قلة من الأطباء السوريين دفعوا حياتهم وهم يحاولون إنقاذ المصابين من صفوف الثورة، لكن ذلك حدث بناءً على اصطفاف سياسي، أي قدموا خدمة طبية، مخاطرين بأرواحهم لمن يناصرونهم أو يتبنون ذات الموقف السياسي. لا يوجد بين إيدينا وقائع تؤكد أن الأطباء الذي كانوا في صفوف الثورة السورية قدموا خدمات طبية لمقاتلي الطرف الآخر. بل قد يكون هذا الطبيب الذي دفع حياته وهو يحاول إنقاذ حياة مصاب أو جريح في ظروف الانقسام السياسي لواحد من أنصار توجهاته قد قام بممارسات طبية شائنة في الظروف الطبيعية.

ممارسة "الشخصية السورية" لمهنة الطب في دول ذات قوانين

وللتأكيد على أن العطب في "الشخصية السورية" بما يتضمنه من فساد وإفساد وانتهاك القيم الأخلاقية والسلوك الإنساني الحميد في التعاملات، غير مرتبط بغياب "دولة القانون" كما يزعم كتاب سوريون؛ فقد ذهب أطباء سوريون لدول شبه الجزيرة العربية أو دول الخليج العربية، ولاحقا الدول الأوروبية، وهذه دول لا تعاني من الفساد الحكومي في دوائرها التي تقدم الخدمات للناس، بل إن القطاع الطبي فيها ربما يكون مجففا من الفساد وانتهاك القيم والمعايير الأخلاقية لمهنة الطب. إنها دول مستقرة ولديها تشريعات نافذة وقوانين مطبقة، إلا أن الأطباء السوريين الذين عملوا في تلك الدول نقلوا ممارساتهم في الفساد والإفساد في القطاع الطبي إليها. في تلك البلدان مارس الأطباء السوريون وليس أطباء سوريون كل الممارسات الشائنة التي مارسوها في بلدهم عدا تلك التي يخشون انكشافها، رغم أنهم يتقاضون رواتب عالية وظروف عمل مريحة. لم يصل الأمر لارتكاب جرائم قتل خطأً أو سهواً فهم يخشون القانون. هذا يكشف البراغماتية والمرونة التي تتحرك فيها "الشخصية السورية" عندما يتعلق الأمر بخشيتها ومصالحها الذاتية، كما يكشف أن الأمر ما كان يوما اضطرارا بل هو جزء من سلوك وممارسات وقيم "الشخصية السورية" المعيارية.

احترام المهنة في نفس الظروف الحياتية والسياسية

جاء الأرمن لاجئين إلى الجغرافيا التي سيقام عليها الكيان السوري كدولة، قبل تأسيس هذا الكيان، عاشوا ضمن الظروف الحياتية التي عاشت فيها الشعوب السورية، كما أنهم عاشوا في ظل الأنظمة السياسية المتعاقبة على حكم سوريا، وعلى الرغم من ذلك هناك اجماع سوري على أن الأرمن يحترمون مهنهم!، ظلت المهنة بين يديهم أمانة رغم عيشهم في ظل الظروف الحياتية والقوانين والسلطات الحاكمة والنظام السياسي لكل الشعوب السورية. تترك سيارتك عند مصلح السيارات "المكنسيان" الأرمني وتعود لتأخذها آمنا مطمئنا إلى إصلاحها كما يجب. تشتري منتجا من محل يملكه أرمني، تجده مطابقا للمواصفات المعلنة سواء كان مصنّعه أرمنياً أو سورياً آخر، فهو يمارس ضبط الجودة على المنتج. تذهب إلى طبيب أرمني لأنك تعاني من البواسير فلا يطلب منك تخطيط قلبٍ وتخطيط دماغ وتصويراً طبقياً محورياً ولا يكتب لك أطنانا من الأدوية التي لا لزوم لها، ولا يجري لك عملية جراحية غير ضرورية، ولا يحيلك إلى مشفى إذا لم يكن هناك ضرورة، كما يفعل زملاؤه السوريون الآخرون. مع العلم أن الأرمن يتقاضون ثمن جودة منتجاتهم وخدماتهم، فهي أعلى قليلا من مثيلاتها لدى السوريين الآخرين لأنها مضمونة الجودة وتلتزم المعايير المعلنة. عدا ذلك؛ في الغالب والأعم لا يوجد صاحب مهنة سوري يستطيع أن يغشك ولا يفعل ذلك بناء على ضميره أو معايير أخلاقية تضبط السلوك المهني أو دينه حتى؛ لأن المهنة أمانة.

الخلاصة؛ أو العطب الذاتي لـ "الشخصية السورية"

يعترف سوريون أو السوريون نصا وشفاها بانتهاك "الشخصية السورية" عبر ممارساتها الحياتية وتعاملاتها مع المحيط، للقيم والضوابط والقوانين وقواعد السلوك الأخلاقية المنظمة لممارسة المهن. هذا مدرك بشكل جمعي وفردي ومسلم به، لكنهم دائما يوجدون عوامل خارجية أي خارج "الشخصية السورية" المعيارية يرمون عليه المسؤولية. في تعليل أسباب العطب يحيلون ذلك إلى الظروف المحيطة بهذه الشخصية التي جعلتها أو أجبرتها أن تكون فاسدة مفسدة، متحللة من القيم والضوابط والقوانين ونصوص الأديان بهدف تعظيم المنفعة الفردية. لا يعترف السوريون بعطب تكويني نشأت عليه "الشخصية السورية"، فهم لا يذهبون أبعد من اتهام النظام السياسي. وإذ لا يمكن تحييد بنية السلطة السياسية بحكم احتكارها إقرار وإنفاذ القانون كعامل فاعل في تحسين جودة الشخصية الوطنية والتزامها بالقوانين هنا، إلا أن تركيبة "الشخصية السورية" الثقافية والأخلاقية تعاني من عطب أعمق من أن يكون نتيجة لأي نظام حاكم. فمع أنه في عصر الدولة الحديثة صارت ضوابط القانون الذي يكون بحراسة الدولة أساسية، إلا أن كافة الشعوب وعلى مر العصور لديها التزام طوعي بضوابط التراكم الأخلاقي الإنساني، وضوابط تنظيم وأخلاق ممارسة المهن، وضوابط الأديان. هذه الأديان التي يتطرف سكان المدن السورية الرئيسية بالالتزام بعباداتها دونا عن تشريعات المعاملات، لأن العبادات لا تضر المصالح الفردية إن لم تعظمها عبر الخداع باسم الله وحلف الإيمان، بينما المعاملات تنظم العلاقة التعاملية بين الأفراد في ظل غياب الدولة وتنهى عن الممارسات الاحتيالية والفاسدة والغش وتحث على إتقان العمل.

إذن؛ هناك عطب ثقافي أخلاقي مركب في جذر تكوين "الشخصية السورية" المعيارية، دون الخوض في نشوئه وأسبابه. إنها شخصية تنزع لتعظيم المصلحة الذاتية بأي وسيلة كانت حتى لو تضمن ذلك ارتكاب جرائم القتل أو جرائم ضد الإنسانية إذا أمنت من العقاب. يحدث هذا باعتيادية شديدة، أن تقوم "شخصية سورية" بالقتل فردياً أو حتى جماعيا ثم تعود لشرب المتة أو القهوة والقاء النكات والمرح مع الأصدقاء. ومن خلال تتبع ممارسة الأطباء السوريين الشائنة والمخالفة و المنتهكة لقيم مهنة الطب والأعراف الإنسانية، والتي وصلت لجرائم ضد الإنسانية؛ لا يمكن الادعاء بأن هذه الممارسات نتاج الجهل وضعف التكوين المعرفي بل إنها ممارسات نخبة سورية تمت بوعي وإدراك وتخطيط لتحقيق مصالح ذاتية وهذا يحيل إلى بنية التركيب الأخلاقي والثقافي السائد لدى هذه الشخصية.

لذلك تركيب وثقافة وسلوك "الشخصية السورية" المعيارية من خلال ممارستها لمهنة الطب التي حولتها لأداة لارتكاب الجرائم ضد الإنسانية يفصح ويكشف بوضوح عن جوانب أساسية من تركيب هذه الشخصية المدينية التي أنتجت مخزون سلم القيم للشعوب السورية. الأمر لا يتعلق بشكل السلطة الحاكمة وطبيعتها وغياب القانون والأحكام الرادعة، فنحن نتحدث عن مهنة ظلت على الدوام وعبر كل العصور تحظى بصيانة ذاتية بمعزل عن القوانين وفقا لطبيعتها، لكن في ظل غياب القانون وفساده تحولت واحدة من أقدس المهن إلى أداة إجرام وقتل فردي وجماعي؛ حدث هذا وقام به أطباء سوريون يمثلون افتراضا نخبة الشعوب السورية. وإذا حدث وانطبق هذا التحليل على جماعة بشرية أخرى فهو لا يقلل فداحة العطب في "الشخصية السورية" ولا يلغي استنتاجات هذا التحليل.



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة في سوريا بين الجهل النظري وافتقار الممارسة
- نصوص فاطمة إحسان: بين صفاء الموهبة وخداع النماذج المكرسة شعر ...
- دفاعاً عن لبنان الضحية بوجه الإجماع السوري
- في أصل «الشَّوَايا» اصطلاحًا ولغة
- أما آن الأوان لدول الخليج أن توقف تبرعاتها للمنظمات الدولية ...
- عن گلگامش السومري وتأثيره في حياتي
- تغريبة القافر لزهران القاسمي أو عندما تبدو الحياة كحكاية
- سيرة العشائر الزراعية في رواية -خربة الشيخ أحمد- ل عيسى الشي ...
- هل يحب برهان غليون السمك مع الخاثر؟
- في نقد الإستجابة الإقليمية لمنظمة الهجرة الدولية للأزمة السو ...
- حازم صاغية في فخ الذاكرة الثقافية السورية المزورة
- حان وقت رفع راية استقلال إقليم الجزيرة الفراتية عن سوريا
- عن انقلاب الرفيق رياض الترك على قيادة الشباب للثورة السورية
- الضربة الأميركية والمعارضة الموالية للنظام
- هل اقتربت نهاية حكم حيوان الغاز القاتل
- حين لا تجد الأمم الكلمات لوصف المذبحة السورية
- هل كان سعدالله ونوس صنيعة نظام الأسد
- فضائح المنظمات الإغاثية الدولية
- عن العنصرية الخفيّة واتنزاع الأطفال من ذويهم في السويد
- فنون الوحشية عند تنظيم الدولة الإسلامية


المزيد.....




- Lenovo تطلق حاسبا متطورا يعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي
- رؤية للمستقبل البعيد للأرض
- درون روسي -يصطاد- الدرونات الأوكرانية بالشباك (فيديو)
- صحيفة أمريكية تشيد بفاعلية درونات -لانسيت- الروسية
- الصين تستعد لحرب مع الولايات المتحدة
- كيف سيؤثر إمداد كييف بصواريخ ATACMS في مسار العملية العسكرية ...
- ماهي مشكلة الناتو الحقيقية؟
- هل تغرب الشمس ببطء عن القوة الأمريكية؟
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /30.04.2024/ ...
- كيف تواجه روسيا أزمة النقص المزمن في عدد السكان؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خلف علي الخلف - المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك الشخصية السورية