أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - خلف علي الخلف - عن العنصرية الخفيّة واتنزاع الأطفال من ذويهم في السويد















المزيد.....

عن العنصرية الخفيّة واتنزاع الأطفال من ذويهم في السويد


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 5723 - 2017 / 12 / 10 - 22:50
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو ينتزع فيه موظفون من دائرة الشؤون الاجتماعية [السوسيال] في السويد أطفالا من عائلة لاجئة بشكل يخالف الصورة المعممة للسويد في أذهان الرأي العام في العالم العربي. حيث تعتبر جنة الحقوق والديموقراطية.

بداية؛ تجيز القوانين السويدية لدائرة الشؤون الإجتماعية حق انتزاع الأطفال من أهاليهم، سواءاً كانوا لاجئين أو مقيمين أو مواطنين، حال ثبوت تعرضهم لمعاملة سيئة أو عنف. ولا يصبح قرار انتزاع الأطفال نافذاً إلا بعد مداولات طويلة وإثباتات لايمكن دحضها، إلا في حال الخطر الداهم إذ يمكن اتخاذ قرار ذو طابع مؤقت لحماية الأطفال.

ولا يمكن بأية حال للدوائر السويدية أن تختلق قصصاً كهذه أو تلفقها ضد اللاجئين ولا مصلحة لها في ذلك، فهي موجودة وشائعة في أوساط القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وناتجة بالعموم عن خلفيتهم الثقافية، التي تعتبر تعنيف الطفل أمراً يساعد على تربيته بشكل أفضل. وممارسة العنف ضد الأطفال من أهاليهم غير مجرّم قانونيا أو اجتماعياً في معظم دول الشرق الأوسط. بل إنه لم يجرّم في السويد نفسها إلا في عام 1979!

ونتيجة هذه الثقافة فإن نسبة ممارسة العنف ضد الأطفال مرتفعة في العائلات السويدية من أصول شرق أوسطية، ومرتفعة أكثر في أوساط اللاجئين حديثا للسويد؛ حيث لم يتكيفوا بعد مع القوانين السويدية. وسترتفع حالات إنتزاع الأطفال من ذويهم فيما لو طُبق قانون حقوق الطفل السويدي والقوانين ذات الصلة بصرامة على اللاجئين ولم تعطهم الدوائر السويدية أسبابا مخففة بسبب الخلفية الثقافية للقادمين، كما تفعل في كثير من الأحيان!

لكن هناك أيضا نسبة من السويديين الأصليين تعنّف أطفالها وهؤلاء ربما أكثر خطراً؛ لأن عنفهم يأتي في العموم على خلفية إدمان الكحول أو المخدرات، ويستحق هؤلاء أيضاً أن ينتزع أطفالهم منهم، وهذا يحدث أيضاً، لكنه يحدث وفق معالجة مختلفة!
فلا يمكن أن ترى مشهد الشرطة وهي تسلك السلوك العنفي الذي ظهر في الفيديو مع عائلة سويدية، ولن تجد صور العائلة في وسائل الاعلام صباحا مساء، ولن تصبح قضيتهم حديث الإعلام ووسائل التواصل. إذاً هذه النسبة مخفية، ويتم التركيز الإعلامي فقط على اللاجئين، ويعاملون بطريقة مختلفة عن معاملة العائلة السويدية في نفس الظروف؛ حيث يتم الحرص على إخفاء هذه القضايا وجعلها خاصة باللاجئين، وهذا أقل ما يقال فيه بأنه سلوك تمييزي واضح، من أجهزة دولة ووسائل إعلامها، اتهمت وزيرة خارجيتها ذات مرة السعودية بأنها تستخدم أساليب من القرون الوسطى. ورغم شبهة النفاق فأني استطيع القول للسيدة الوزيرة بأني عشت أكثر من عقد ونيف في السعودية ولم أر الشرطة السعودية تمارس هذا السلوك.
وإذ يقتصر دور الشرطة في حالات كهذه على مرافقة موظفي السوسيال لتنفيذ قرار قانوني بانتزاع الأطفال، فإن سلوكهم العنفي ضد الأب والأم، والذي خفت لهجته عندما أدركوا أن هناك تصوير، والذي لا يمكن بالأساس اعتباره عنفاً مبالغاً فيه، ليس الاستثناء، بل يشكل القاعدة في التعامل مع اللاجئين وقضاياهم في دولة تتنطع للدفاع عن الحريات في كل أركان المعمورة.

هذا لا يتعلق فقط بقضايا انتزاع الاطفال، بل حتى في قضايا بسيطة كطلب المعونة الإجتماعية، حيث يعامل اللاجئون من بعض موظفي السوسيال [ربما غالبيتهم] بشكل تمييزي لا يمكن إثباته، وذلك لخبرتهم ومعرفتهم بالقوانين، وجهل اللاجئ ليس فقط بالقوانين بل باللغة نفسها، فيتعاملون بشكل فج ووقح وخال من أي حس إنساني كما ظهر في الفيديو لكن بشكلٍ بارد عموماً. وهذا لا يحدث بنفس الدرجة والطريقة مع السويديين الأصليين. وبالتالي لانحتاج إلى محكمة ومعاهدة جنيف لحماية حقوق اللاجئين للقول أن هذا سلوك تميزي على أساس عرقي. أي أنه عنصري ضمن أجهزة الدولة.

هذا الأمر لا يقتصر على موظفي السوسيال بل يتضمن بعض موظفي دوائر سويدية أخرى، حيث يُعطى موظفو الدوائر التي علاقتها الأساسية باللاجئين [دائرة الهجرة، مكتب العمل، الشؤون الاجتماعية] سلطات مطلقة تجعلهم يسلكون سلوك عناصر المخابرات في دولة ديكتاتورية إن أرادوا! لكن بشكل ناعم وهادىء ودون حاجة لاعتقال أو تعذيب أو عنف، بل مع ابتسامات فائضة تكفي لإغراق مخيم من اللاجئين. ولأسباب ذاتية أخلاقية قد لا يمارس عموم الموظفين هذا السلوك البشع في استباحة حقوق لاجىء ضعيف، وتعقيد حياته في الوقت الذي يأخذون رواتبهم لمساعدته ربما!

ووفقاً لإطلاعي على مسار الإجراءات في الدوائر التي مر ذكرها، وبناءا على السلطة المطلقة التي أعطاها القانون للموظفين في تلك الدوائر بشكلٍ عملي، رغم التقييد النظري الذي يمكن تجاوزه بسهولة، ورغم وجود نظري لأليات الشكوى، فإن اللاجىء يقع فريسة سهلة لأي موظف عنصري، حيث لا تقدم له أي مساعدة قانونية في حالات كهذه!

ومن تجربة شخصية لم يحدث أن صدر قرارا لصالحي في شكاوى إدارية عديدة قدمتها ضد موظفين سويديين، رغم تقديمي في بعض الأحيان أدلة تقنية، أي أنها غير قابلة للدحض، ليس على تجاوز القانون بل على انتهاكه وعلى تزوير الوقائع والوثائق أيضاً! و رغم ذلك فمن الإنصاف القول أن هناك موظفين يحاولون بشتى الطرق مساعدة اللاجئين حتى لو تجاوزوا التطبيق الحرفي للقانون!

إن كتلة الموظفين حسني النية تجهل الخلفية الثقافية التي قدم منها اللاجئين وهذا ما يجعل الإعتباط سيد الموقف عند معالجة قضاياهم. أما الموظفين العنصريين وأشباههم فهم يسلكون بشكل مجازي وخفي سلوك عناصر المخابرات في دولة ديكتاتورية بصوت هادئ ووجه باسم، حيث يطبقون اجراءات شكلية تبدو ملتزمة حرفياً بالقانون، لكنها قد تخفي في كثير من الأحيان ممارسات ممنهجة تتوائم مع القانون شكلا وتنتهكه مضموناً، وذلك يقصد التلاعب الممنهج بمصير اللاجئين وحقوقهم. ومن النادر أن يثير لاجئ قضية ضد موظف سويدي حتى لو كانت واضحة المعالم والأركان، نتيجة لاجدوى أي قضية يكون طرفها الأول لاجىء والطرف الآخر سويدي! حيث يمكن وصف مجتمع الموظفين السويديين بأنه متكافل بقوة اتجاه أي قضية طرفها لاجىء، ويتم التنكيل به من الجميع جراء ذلك بشكل سافر. هناك موظفين سويديي الأصل والنشأة يقومون بكل الأعمال المخالفة للقانون ضد اللاجئين بما فيها التزوير والكذب واخفاء المستندات واللعب بمسألة الصياغات اللغوية التي لا يجيدها اللاجىء أو لايجيدها بشكل يؤهله لاكتشاف هذا التلاعب.

وهكذا يستطيع الموظفون السويديون تعقيد حياتك –عزيزي اللاجىء- دون استخدام العنف حتى اللفظي منه؛ إذ يمكنهم أن يقرروا كل شيء في مصيرك وحياتك ووجودك في هذا البلد، دون أن يكون لديك القدرة الفعلية للدفاع عن نفسك كشخص ضعيف في بلد جديد لا تجيد لغته ولا قوانينه. هذا ما يمنح الموظفين القدرة على تدمير حياة آلاف البشر كما تفعل المخابرات في شرقنا المنكوب تماما لكن دون عنف.

ولتدرك عزيزي القارىء العربي المعجب بجنة السويد الديموقراطية شيئاً بسيطاً عن أدوات التخويف الناعمة في التعامل مع اللاجئين، فقد يؤخر مقال كهذا حصولي على الجنسية السويدية للأبد تحت حجج ودعاوى "قانونية" كثيرة، ليس من بينها أني انتقدت النظام السويدي في تعامله مع اللاجئين. كما أني لن أجد وسيلة إعلام سويدية تنشره بالعربي، أو فحواه باللغة السويدية! فقد سبق لراديو السويد بالعربي أن رفض بث مقابلة معي لأني رفضت ممارسة الرقابة عليها وتقطيعها، والتي كانت مخصصة أصلا لنقد تعامل النظام السويدي مع اللاجئين المشتغلين بالثقافة!



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنون الوحشية عند تنظيم الدولة الإسلامية
- أين أخطأ البارزاني في مشروع استقلال كردستان
- قضية الأهواز كمدخل عربي لمواجهة إيران
- الصراع الديني في الشرق الأوسط من منظور غربي
- الإرهاب من منظور نظريات العلاقات الدولية
- الخلف: ضعف كفاءة المعارضين جعلهم يحسبون العملية السياسية مجر ...
- خلف علي الخلف: سوريا التي نعرفها لن تعود
- عن العشائر والبيئة الحاضنة لتنظيم الدولة الإسلامية
- كشّاشو حمام الثورة السورية
- الخيار الفيدرالي لسوريا ومنع إنتاج الإستبداد
- قراءة في الإنتداب التشاركي: هل سيؤدي إتفاق مناطق خفض التصعيد ...
- قراءة في الصلاحيات الدستورية: الرئيس الإيراني يرأس ولا يحكم
- النقد السينمائي واللاجئون الجدد
- عصر التنوير السوري برعاية سيرياتيل
- رسالة من لاجىء إلى رئيس حكومة السويد
- الخلف: الربيع العربي ليس نتاج -ثقافة التنوير- وعلى المثقف أن ...
- الوسط الثقافي السوري.. من حروب الفتات إلى حرب التمويلات الكب ...
- ذبح الرهائن الغربيين دعاية ل-الدولة الإسلامية-
- في إنقاذ المسلمين من الإسلام
- عن صانع الأفلام الذي أعاد حلم الحرية للواجهة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - خلف علي الخلف - عن العنصرية الخفيّة واتنزاع الأطفال من ذويهم في السويد