أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - أعجوبة الحب ، محمد عبد الكريم يوسف















المزيد.....

أعجوبة الحب ، محمد عبد الكريم يوسف


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 20:01
المحور: الادب والفن
    


أعجوبة الحب

قد تسميها " أعجوبة الحب" ، ولما تعرف التفاصيل لا بد أن تتذكر ليلى وجولييت وصاحبات نزار قباني وفتيات عمر بن أبي ربيعة . باختصار تحولت تلك الشيطانة إلى ذكرى في الذاكرة .

أسميتها الشيطانة لأنها مثل قوات الكوماندوس تعبر الحدود خلسة وبلا استئذان ، تأخذ من عشتار سحرها ومن إنانا شقاوتها.

قد تقول في نفسك إنها شيء من المبالغة؟ حبذا لو تعلمون كم هي عاصفة مثل لهب النار. تدخل مكتبك وتقول: هل أنت فلان؟ هل أنت من يكتب كل هذا الجمال شعرا ونثرا ؟ وتغادر بلا استئذان بعد أن تغتصب منك عناقا خفيفا لتأتي في اليوم التالي وتقول: اشتقت إليك . هل امتلكت نفس الشعور؟

في الحقيقة كنت مغمورا بسيل لاهب من الذهول ، لا أدري بما أجيب . أأقول نعم ؟ أم أقول لا ، وعادات قبلتي مليئة بالعناق والقبل. قد يكون اقتحام عالمك مصدر دهشة الدهشة . هذا المرة كانت تحمل في يديها فنجاني قهوة نسكافيه . أردت أن نحتسي القهوة هذا المساء . وتابعت لقد اخترت أغلى أنواع القهوة الذهبية لأنها لذيذة لا تنسى . وأنا مثل القهوة الذهبية من يعرفني لا ينساني . نصيحتي ألا تتعلق بي. يتعب من يتعلق ربي. الحمد لله أنني لم أتعلق بشيء في حياتي السابقة حتى عندما كنت رضيعا لم أتعب أمي في فطامي وبيت شعر الجواهري عندما يقول :

وصرفت عيني وهي عالقة ...... صرف الرضيع برغمه فطما لا ينطبق علي .

لا ينطبق علي في أي من جوانبه.

الدهشة أتت من حيث أنها كسرت كل تقاليد وأعراف المجتمع بل اعتبرتها ملغاة كأن لم تكن . هي كسرت تابو المجتمع والتقاليد وأنا لأجل عينيها كسرت تابو الحياة وتخطيت كل صعوبة . انتهى اللقاء الثاني بعناق خفيف . هذه المره كان أكثر دفئا وحنانا.

هي تعرف مواقيتها. وتعرف أيضا تصفيف شعرها ، وتعرف اختيار اللون ، لكنك ، متى اقتربت تشعر بحرارة جسدها وكأنه بركان ملتهب على وشك الانفجار. دخلت المكتب كنسمة هواء لا تشعر إلا ببرودتها وسط الصيف كأن لم تك أبدا تعزف أنغام أورفيوس من بعيد لتتحول فجأة إلى نغمات موزارت في المقطوعة 40 سي ماينور، بدأ كل شيء بعناق طويل . شعرت وقتها أنني أرض مستباحة أ أرض برية مليئة بالهشير اليابس يشعلها عود ثقاب يحدث حريقا كبيرا لا ينتهي . همست : أنا لست فاجرة . أراك تكمل هيبتي . لا أريد منك شيئا . وبالتأكيد لا تريد مني شيئا. احترم سعيد عقل لأنه كتب قصيدة " شال" المفعمة بالحب . تقول كلمات القصيدة :

مرخى على الشعر شال لرندلي
هلا هلا به بها بالجمال

من يا حباب الكؤوس من جملك
من فصلك حلواً كحلم العروس


لم ثنية تشتكي ثم تغيب
هم يا حبيب بلوني الليلكي


هِمْ لا تقرب يدا هِمْ بالنظر
أبقي الأثر ما لم يزل موصدا

يا طيب شال تلم عنه النجوم
و بي هموم لأن يرى أو يشم

قيض لي موعد في ظل شال
ترى الخيال سكنى و مستنجد

ما لي سألت الزهر عن منزلي
فقيل لي هناك خلف القمر

لقد جسدت القصيدة عفاف الحب والتعامل الرشيق مع العواطف الانسانية المتوهجة عند بعد فعظمة الحب لا تسمح له بالاقتراب ، والحبيبة في قداستها ليست للمساس .

أشياؤها الصغيرة مثيرة للغاية . طريقة حياتها مقاربتها للأمور تنم عن ثقافة رفيعة المستوى ، ثرية ماديا ومعنويا تحسن اختيار ما تريد ، إحدى نجوم السماء هوت على الأرض.

تدلف إليك مثل مطر الشتاء وتنصرف خلسة كأن لم تكن كهبات نسائم الخريف . لم يحدث التعلق...وفي لحظة من لحظات العمر .... طلبت منها أن لا تأتي إلي....فاختفت كأن لم تكن من قبل. ومنذ ذلك الحين لم تلتق عيناي عينيها.

أعرف أنها في الجوار تطوف حولي روحا وجسدا ولكنها مثل الشبح الفضي لا تظهر للعيان هي تماما مثل ليلى أبو شبكة التي شكلها في ديوانه " غلواء" حيث يقول:
في لَيلَةٍ تَنَهَّدت غَلواءُ
وَالبَدرُ في مَخدعِها إِتاءُ
فَأَرهَفَت مِسمَعَها المَطروقا
فَسَمِعَت تَنَهُّداً عَميقا
وَأَرسَلَت نَظرَةَ بَرٍّ طاهِرِ
فَها لَها في المَخدِع المُجاوِر
ما أَنتِ يا وَردَةُ تِلكَ الوَرده
بَل انتِ من أَشواكها مُسَوَّدَه
أَيُّ خَيالٍ حَلَّ في غَلواءَ
أَيُّ رَوّى مُحرِقَةٍ سَوداءَ
فَهرَّبت إلى ضِفافِ البَحرِ
وَطَوَّفت بَين بَقايا الدَهر
وَكانَت المِياهُ وَالصُخورُ
قائِمَةً ما بَينَها القُبورُ
وَالمَوجُ بَعدَ الموجِ كَيفَ ذابا
مُستَسلِما عَلى الحَصى مُنسابا
كَأَنَّهُ جَمعٌ من العَذارى
أَو ذِكرَياتُ عاشِق تَوارى
وَلِلمِياهِ زَبدٌ كَثيفُ
يُنسَجُ مِنه كَفَنٌ خَفيفُ
وَسَمِعَت غَلواءُ طَيرَ البومِ
يَنعَقُ كالشُؤمِ عَلى الرُسومِ
وَاِستَيقظت في نَفسِها المَحمومَه
من وَردَةَ الحَبيبَةِ الأَثيمَه
وَدبَّ في أَعضائِها النَحيفَه
قَفقَفَةٌ وَرِجفَةٌ عَنيفَه
وَاِستَفحَلَت كَالشَرِّ حينَ يَبدَأ
فَهوَ صَغيرٌ إِنَّما لا يَفتَأ
وَمَرَّت الأَيّامُ وَاللَيالي
سَوداءَ بِالفِتنَةِ وَالجَمالِ
وَبَرَزَت عِظامُها في الجِسمِ
مُصطَفَّةً عَظماً إِزاءَ عَظمِ
كَأَنَّها أَقلامُ الاِعتِلالِ
تَكتُبُ في صَحيفَة الآجالِ
وَسالَ في وَجنَتِها الذُبولُ
كَنِجمَةٍ هَمَّ بِها الأُفولُ
وَاِمتقَعَ الجَبينُ بِاِصفِرارِ
كَأَنَّهُ أَواخِرُ النَهارِ
في لَيلَةٍ شَديدَة الغُسوقِ
تَذكَّرت حَياتها في الزوقِ
وَذَكَرَت مَواكِبَ الضَبابِ
تَمتَدُّ كَالحُلمِ عَلى الهِضابِ
وَالشَجَرَ الأَخضَرَ وَالسَنابِلا
تَبسُطُ لِلطَبيعَةِ الأَنامِلا
وَذَكرت أَخيَلَة المساءِ
وَرَنَّةَ الأَجراسِ في الهَواءِ
وَدَوحَةَ الكَنيسَةِ الحَقيرَه
وَبابَها الصَغيرَ وَالفَقيره
وَصُفرَةَ الشَمسِ عَلى الجِبالِ
وَلِعِبَ الأطفال في الظِلالِ
وَاِحتَشَدت أَخيلَةُ التِذكارِ
تَطوفُ أَسرابا عَلى الجِدار
وَجَحَظَت في صَدرِها الآلامُ
كَجِفنِها المَحمومِ لا تَنامُ
وَحَبَكَت في مُقلَتَيها الحُمّى
بِقَلبِها العَفيفِ ذاكَ الإِثما
وَاِنتَقَل الإِثمُ بِها اِنتِقالَه
أَجرَت عَلى خَيالَها خَيالَه
فَعَظُمَ الوَهمُ وِفي الأَوهامِ
أَفتَكُ بِالعَقلِ من السِرسامِ
وَقامَ في أَحلامِها المُعَذَّبَه
رُؤيا كَأَنَّما هيَ المُرتَكِبَه

كانت تلك اللحظات من اللحظات الهاربة في حياتي ، وأعلم علم اليقين أنه ستقف يوما على قبري بوشاحها الأسود وتذرف دمعتين صافيتين لتكون تعبير عن حياتي لا عن خيالي.

هو الذي ...هي التي ....وأكثر ...وبعد أكثر...لتنتهي بما يجوز نشره من كلمات لتبني قصرا من كلمات لا أكثر ولا أقل.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديسابورا إهانة للوطن، محمد عبد الكريم يوسف
- ماذا يجري في الكون؟ مقدمة عن العصر الأمريكي، جورج فريدمان
- انقلاب النيجر: دور نيجيريا وفرنسا وروسيا ، إلياسو كادو
- عن الوطن والمواطنة
- الذكاء الصناعي وتأثيره على حياتنا ، محمد عبد الكريم يوسف
- لقد ولدت ثلاث مرات: مقابلة مع أدونيس، هدى فخر الدين
- لماذا انهارت اتفاقية حبوب البحر الأسود ؟باتريك وينتور
- الزمن وحده قادر على فهمك
- رجل حسن الملبس، لانغ ليف
- كيف جعلت سوريا من روسيا بوتين قوة أرثوذكسية عالمية ، كمال عل ...
- هجوم اليابان المضاد: درس تعلمته من كوريا الجنوبية ، شينيشي ه ...
- الحرب في سوريا: بعد الاتفاق الإيراني السعودي ، هل يمكن أن تك ...
- لا تتوقعوا تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا في أي وقت قريب،رج ...
- المساعدة الإنسانية و المشكلة الإرهابية. هل يمكن حلها؟ جيسيكا ...
- لماذا يحتاج أردوغان العلاقة مع الرئيس الأسد أكثر من أي وقت م ...
- لا أعرف، لانغ ليف
- كليوباترا، ملكة مصر
- لدى كيسنجر الإجابات الكافية لخروج الولايات المتحدة من مستنقع ...
- هل تحققت نبوءة كيسنجر في سوريا، كمال علم
- جنيف: وعقود من الاجتماعات رفيعة المستوى، محمد عبد الكريم يوس ...


المزيد.....




- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - أعجوبة الحب ، محمد عبد الكريم يوسف