أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم ناصر - إستطيقا الشعر ونشاط الحواسّ -شاهداً أردت أن أكون- ليقظان الحسيني














المزيد.....

إستطيقا الشعر ونشاط الحواسّ -شاهداً أردت أن أكون- ليقظان الحسيني


كريم ناصر
(Karim Nasser)


الحوار المتمدن-العدد: 7687 - 2023 / 7 / 29 - 11:45
المحور: الادب والفن
    


هل تجاوز الشعر بيئته الأولى انتماءً وتقليداً كمعيار لنضجه الفنّي والرؤيوي واللغوي في مضمار الشعرية لتُصبح اللغةُ من منظور علمي ضرورةً حتميّةً في منطقها، ومدخلاً للحداثة نظراً إلى دورها المعرفي في بناء أيّ مكوّن أدبي أو فلسفي لتكوين ملامحه الفكرية والتحكم في مسارات تحوّلاته البنيوية؟
هل الشعر تجسيدٌ أدبيٌّ يقوم على ميكانزم اللغة ويتداخل مع حيثياتها؟
ما دور اللغة في تشخيصها للبلاغة الحديثة (الشعرية) وما سرّ توهّجها من منظور الحداثة، وهل اللغة نظام من العلاقات التي تكشف عنها السيميوطيقا (Semiotics) كمدخل لقراءة النص في مستواه الجمالي؟
هذا ما سنحاول استقصاءه في قراءةٍ تأويليةٍ لتجربة ذات دلالة فرضتها مستويات القصائد في الديوان الشعري الموسوم "شاهداً أردت أكون" للشاعر يقظان الحسيني.

واضح أنَّ أيّة قراءة نقدية لهذا المنجز الشعري قد تُعطي انطباعاً واحداً يكشفُ في العمق عن جوهر التفاصيل اليومية في مستواها الدلالي والإنساني معاً..
ولا غرو في ذلك أن تغدو التفاصيل مفاتيح وأسراراً وألغازاً للولوج فيها والكشف عن آثارها المتنامية، ما يعني أنَّ الواقعية الفنّية باتت معياراً وصيرورةً لأجواء الشاعر الطبيعية، وصبغةً يتّصف بها شعره، والحقيقة لم تكن بلاغة اللغة وامتداداتها الدلالية موضوعاً يشغل خياله ورؤاه ووعيه وفكره بغية تنقية مختبره الشعري، ما أدّى ذلك النقص إلى إضمحلال الصورة الشعرية كأثر جمالي وتلاشيها من سياقاتها اللغوية تماماً، ولهذا لم يأت ازدهار الشعر من منظورنا إلّا من منطلق إزدهار اللغة وانزياحاتها الجمالية، ولكنَّ هذا ليس لبّ القضية الجوهرية في الشعر ودلالته..
وقد يرى جان كوهن "أنّ الشعر انزياح أو انحراف عن معيار هو قانون اللغة" كمسوّغ لتنشيط الحواسّ، لا في كونه تضليلاً لمكنونات الوعي واللغة، هذا يعني أنّ الشعر في جوهره رؤيةٌ فنيّةٌ دلالية يستوحي من علم الإستطيقا (Aesthetics) موروثه الجمالي:
"سلاسلُ ترتفعُ وتنخفض
لا تمسكها قيودٌ
أنا رحلةٌ واحدةٌ أقابلك عند كلِّ النقاط" ص68

ومن فلسفة اللغة جوهرها الخصب:
"شقَّ قلبي وما من قمرٍ
يرحلون ولا يلوّحون" ص61

ومن أعطاف الواقعية تحوّلاتها الصاعقة:
"مدرّسنا المغمّس بوطنية مجيد بيعي يكرّر متهكّماً: الإنجليز نفعونا بشيء واحد
جلبوا لنا الدود الأسود ليقضي على الملاريا" ص42

وبهذا المعنى المنطقي وانطلاقاً من هذه القيمة الفنية فلم يكن الشعر في مفهوم الحسيني تجسيداً ذهنيّاً يتشرنق داخل قمقم البلاغة المعيارية، بل لم يناقض الشاعر تحوّلات النص اللغوية في ذروة فتوحاته وتَفجّر بؤره الأُسلوبية كمقياس لأصالته وآلية للتأصيل الفني لقصيدته والجنوح والمفارقة والإيجاز والتكثيف لصدم المتلقّي.

ومما نلاحظه في سياق استنتاجنا أنَّ كمون الكتابة في إطار الرؤية الواقعية الفنية لا ينفكّ يسري في أعطاف كلّ قصيدة ليكوّن وعيَ الشاعر ويعمّق رؤيته الفكرية تجسيداً لقيم يحفل بها الواقع، ولا غرابة أن تستبطن الوقائعُ المرّةُ مساحات الحلم والذاكرة والطبيعة لتفتح جدلاً عميقاً تتحقّق فيه رؤى الشاعر وخيالاته، وهذا ما يثري ديمومة التعبير في رحاب القيم النبيلة مقابل التداعيات الإنسانية وتهوّر البشر ماضياً وحاضراً:
"رأيتك أوّل رايات اليقين
ترفرفُ فوق جبالِ حلمٍ
وينابيع من الطهر" ص26

ولهذا لم يمنع تباين المستويات التركيبية ودلالاتها في بنية القصيدة من تنامي الصور الإستطيقية كامتدادٍ جمالي لديمومتها على حساب التداعي اللغوي، وما يلبث الشاعر أن يرصد الحالة الشعرية ويتصدّى لها لأنّه يمثّل محورها الأساس ما يُعطي انطباعاً قوياً بانصهاره الكلّي في خضمّ العملية الإبداعية والإندماج فيها والإنغماس في صلبها، وهذا ما يؤهّله كي يختار آليةً شعريةً مألوفة من وحي مدرسة الواقع والجنوح إلى الواقعية كمنفذٍ للتعبير الشعري عن أصدق المشاعر لاستشرافها في أحلى تجلّياتها الفنية ليثري بها قصيدته للسمو بكينونتها، لأنها أزميل الشعر وغايته.

لعلّنا لا نغالي كثيراً إذا ما أنصفنا الشاعر في غير مرّة نظراً إلى حقيقة اعترافنا بأحقيتهِ في الاحتفاظ بنمطٍ من الكتابة يكاد يستفيد من الاختزال كإطار فنّي له:

"لو عاد طفلك الرضيعُ
يستشرفُ الضفافَ
واشتهى شربةً من الفرات
مبشّراً بثأره" ص42

وهذه دلالةٌ تحيل في الأغلب إلى سلامة الوعي الذي يلخّص في إيجاز موهبته الفذّة، ورؤيته العميقة التي تتولّد منها نصوصه الشعرية في إطار يعمّق الشعور بالإحساس الجمالي والوجداني والمعرفة الحسيّة سعياً منه لاقتناص الصورة المقتضبة وبثّ الروح فيها استكناهاً لأسرارها من دون اللجوء إلى التزويقات اللفظية، والمحسنات البديعية والإيغال فيها كمحاولة للحدِّ من ترهّلها بما يضمن لها استقلاليتها، ومستوياتها الفنية مهما تخلخلت أنساقها وتخلّت بناها عن عناصر تسلسلها الكرونولوجي ضمن سياقاتها التركيبية بسبب نقص اللغة وضمورها أحياناً، فضلاً عن الإنزياحات المفرطة، والانثيالات الغنائية، والقافية وغياب الصورة الشعرية على حساب كثافة الفكرة، وليس التكثيف الدلالي، ولعلّ ما يخفّف من غلواء هذه الصورة ويميّز هذا المستوى الشعري من غيره هو جدلية الخطاب والتوحّد بالواقع ورصده وتتبّع ظواهر الحياة كمادة حيّة تغذّي أبجدية الشعر في جميع صوره الفنية بغية تكثيفها:

"الشطّ مرايا لموجاتٍ تجري
أخذونا شهوداً ضدّ عطا الشقيّ" ص40



#كريم_ناصر (هاشتاغ)       Karim_Nasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإستعارات الجسدية في نصوص العراقي عبد الرحمن الماجدي
- محفّزات الإدمان الثقافي والمغامرة الخاسرة
- جياكومو جيرولامو كازانوفا
- الصيف البارد
- طائر يلتقط السلاحف
- سجالات في التحليل الأدبي: مأزق الثقافة وانحطاط القيم
- كم حرسنا الذهب
- سجائر لا يعرفها العزيز بودلير: شعرية التمرّد والأهليّة الجما ...
- حروب أبجديّة: الأسلوبية اللغوية تجسيد عميق للشعر
- الصيادون لا يعرفون الغناء
- شجرة الغروب
- الرسام
- لعلّك لا تحب السمندل
- أظنّ أنَّ المرأة ريح
- ليت قلب السمكة ورقة
- لن أطويَ عمري على مغزل
- تمثال ينهبه إعصار
- أطارحك الغرام كولد
- قطار الثلج
- عن الشعر وانزياحاته اللغوية


المزيد.....




- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم ناصر - إستطيقا الشعر ونشاط الحواسّ -شاهداً أردت أن أكون- ليقظان الحسيني