أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - جدلية البداوة والحضارة في تعامل سكان المحمدية مع أسواقها














المزيد.....

جدلية البداوة والحضارة في تعامل سكان المحمدية مع أسواقها


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7686 - 2023 / 7 / 28 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


من البديهي أن السوق في المدينة يختلف عنه في القرية أو في البادية، ولو أن قانون العرض والطلب يحكمهما معا. وإذا كان يسهل على أي كان معرفة زمان ومكان انعقاد السوق الأسبوعي في القرية التي حل بها لأول مرة، فإن آلية السوق والتسوق في المدينة لا تشتغل فقط وفق هذا المعطى الزمكاني؛ ذلك أن المجال الحضري كله سوق مفتوح في وجه كل ذي مأرب يريد قضاءه بأداء ثمن السلعة أو الخدمة المقدمة، أما إذا كان من المعدمين-المعوزين-المفلسين- وما أكثرهم- فهو يدرج رغم أنفه ضمن خانة المتنزهين المتجولين حسب منطوق العبارة المسكوكة والمحفوظة عن ظهرقلب: "اللي ما شرى يتنزه".
إلى حدود الثمانينيات من القرن الماضي، كان لمدينتنا هاته سوق أسبوعي عرف بسوق "فضالة". كان هذا السوق يقام كل أحد بين ساحات وردهات وأزقة الحيين المتجاورين: حي "السعادة" وحي "مراكش"، وكان قبلة لعدد كبير من الزوار الوافدين إما من الدار البيضاء أو من المناطق القريبة والتابعة لإقليم بنسليمان.
ولعل الشكايات التي تقدم بها سكان هذين الحيين لدى دوائر السلطة المحلية في شأن الإزعاج الذي يتسبب فيه السوق هي التي عجلت بنقله إلى جماعة "بني يخلف" حيث لا زال يقام لحد الساعة.
والملاحظ بهذا الصدد أن عادة التبضع من السوق الأسبوعي لم تفقد شيئا من رسوخها وصلابتها رغم ما عرفته المدينة من توسع عمراني ونمو ديموغرافي. ما زلنا نعاين الآلاف من سكان المدينة وهم يلتحقون بالسوق القروي من الشروق إلى الغروب مشيا على الأقدام أو بامتطاء وسائل نقل عصرية وبدائيةمثل الحافلة والطاكسي و"الكارو" و"الكرويلة".
من الأسواق القديمة التي عرفت بها المدينة تاريخيا سوق "الأباطوار" الذي كان يوجد في مكان يقع الآن خلف المحكمة الوحيدة في المدينة. من خلال التسمية التي اشتهر بها هذا السوق، يظهر أنه كان في الأصل مجزرة لكنه أصبح فيما بعد سوقا قررويا، ومنذ فجر الاستقلال أمسى مختصا في استقبال وبيع الخضر والفواكه بالجملة. أما الآن فلم يعد له وجود سوى في ذاكرة أجدادنا وآبائنا.
في هذا الإطار، حكى لي أبي مرارا كيف أنه أصطحب خاله إلى هذا السوق في يوم أحد من أيام الاستعمار وكان أبي طفلا مازال. جوهر الحكاية أن "براحا" كان يطوف بين أرجاء السوق صحبة زنجي ضخم الجثة وهو يدعو من لمس في نقسه قوة إلى مصارعة الزنجي و إذا غلبه يربح ورقة خمسين درهم كان يشهرها أمام الملأ. لما انتهى فحوى الرهان الى سمع خال أبي المتحدر من المنطقة التي رأى فيها الدكتور المعطي منجيب النور، نزع جلبابه وقال لابن أخته "شد آلبرهوش هاذ الجلابية" وتقدم نحو "البراح" معلنا عن استعداده لمصارعة الزنجي، وما هي إلا لحظات حتى أسقط خالي الزنجي أرضا بقوة تطاير معها الغبار فانبهر الحاضرون..ربح خالي ورقة الخمسين درهما وما أدراك ما الخمسين درهما في ذلك الوقت العصيب.
في ارتباط بثيمة أسواق المدينة، عرف النسيج التجاري المحلي إضافة نوعية جديدة تمثلت في بناء فضاء "مرجان" التجاري غير بعيد عن مصب واد "النفيفيخ" وقبالة أحياء سكنية راقية، مثل: مونيكا -الأوريانطال -ياسمينة -شمس، وبجوار مؤسسات تعليمية جامعية ، مثل:كلية العلوم والتقنيات وكلية الحقوق والاقتصاد والمعهد العالي للسياحة. في السنوات الأخيرة، شهد شارع الحسن الثاني، وبالضبط بمحاذاة مصنع "سطرافور"، إضافة فضاء تجاري ضخم موسوم ب"أسواق السلام" الذي يتميز عن "مرجان" بعدم بيعه لأي نوع من أواع الخمور..وعلى ذكر هذه الأخيرة، فقد انضافت الى حانات المدينة ومحلات بيع الخمور بها فضاءات عصرية معروفة ب"لابيل في".
طلبا للاختصار، نتوقف قليلا عند بعض الأسواق الأخرى ونبدأ بسوق "الجوطية". حافظ هذا السوق على اسمه (الجوطية) الذي يعكس فعلا هويته مع انه هو الآخر عرف تغييرا وترحيلا. أصبح يستقطب أعدادا كبيرة من التجار والزوار والمتبضعين، لكن صغر حجم حوانيته وعدم أخراجه من محيط مسجد "مالي"- القلب النابض للعالية- جعلاه يفرز مشاكل عديدة كالتزاحم عبر أروقة السلع المعروضة في عين المكان المخصص للراجلين؛ الشيء الذي يسهل المأمورية على محترفي "رياضة الأصابع" ،واكتظاظ المداخل والممرات بعربات الباعة المتجولين، والامتداد جنوبا انطلاقا من حي "دوشمان" وصولا إلى ساحة المسجد التي تكون في عصر كل يوم على موعد مع "حلقات" يديرها إما عشاب أو مشعود أو مهرج فنان في أجواء تذكرنا بما يجري من فرجة بجامع "الفنا".
كما تجدر الإشارة أن حي "الرشيدية" المستحدث في إطار إعادة إيواء سكان "البراريك" استضاف منذ منتصف التسعينيات سوقا عشوائيا لبيع الخضر بالجملة والتقسيط. منذ انطلاقه، توسع سوق "الرشيدية" وتمددت أطرافه حيث نصبت على هامشه خيام بلاستيكية ونبتت اكواخ خشبية كالفطر ما جعل المكان يبدو كلوحة سوريالية غاية في القبح والبشاعة. لكن فيما بعد تم نقل هذا السوق إلى منطقة "المصباحيات" بمحاذاة سوق المتلاشيات. بيد أن ما يلاحظ على سوق الجملة الجديد هو الارتجالية التي طبعت تحديد مكانه حيث لم تجهز أرضيته بتعلية أو بنية تحتية تقيه الفيضان وزحف الأوحال، الأمر الذي يجعل الراغب في الدخول إليه مجبرا على انتعال حذاء مطاطي متين، (botte) يعني..



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرانسوا أزوفي: لماذا الفرنسيون ديكارتيون؟
- رفاق أحمد بنجلون يدعون إلى تكوين جبهة أممية لمواجهة الإمبريا ...
- مناضلو الاشتراكي الموحد بتمارة يرصدون عدة خروقات شابت لوائح ...
- ما الفائدة من حياة يعقبها موت؟
- دومينيك فيدال: الأعمال المعادية لليهود أصبحت أكثر عنفا
- رفاق الزاير في قطاع التعليم بزاكورة يرفضون المصادقة على النظ ...
- نقد النزعة المركزية الأوربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية ...
- عضو في جمعية غالي يقود حملة ضد حماموشي لدفاعه عن حامي الدين
- الاشتراكي الموحد يحيي الذكرى الثانية بعد المئة لمعركة أنوال ...
- صورة عن معتقل أكدز بوحي من الذاكرة والتاريخ
- حصار بين سندان الجبل العتيد ومطرقة الريح المزمجرة تليه قصة ح ...
- بيان وزارة الخارجية الجزائرية.. غضبة يائسه لشخص يغرق
- إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها ف ...
- إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها االيونانية إلى حضورها ...
- الذكاء الاصطناعي: صرخة إنذار من إيلون ماسك وخبراء التكنولوجي ...
- رفاق نبيلة منيب بابن جرير يراسلون رئيس المجلس الجهوي للحسابا ...
- حصيلة لقاءات اللجنة المشتركة بين الوزارة والنقابات التعليمية ...
- إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها ف ...
- أخنوش في الناظور يعرض -منجزات- حكومته بادعاء مكشوف وتفاؤل زا ...
- إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها ف ...


المزيد.....




- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -
- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - جدلية البداوة والحضارة في تعامل سكان المحمدية مع أسواقها