أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها في أوربا (الجزء الثاني)















المزيد.....

إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها في أوربا (الجزء الثاني)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7674 - 2023 / 7 / 16 - 04:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ذكر ابن رشد في الفقرة الأولى من "فصل المقال" "علوم المنطق".
تشير صيغة الجمع إلى أجزاء اورغاتون أرسطو، وهي مجموعة من الكتب التي منها ما تناول الشعر والبلاغة بالدرس والتحليل. تم دمج هذين الفنين في المنطق بموجب التقليد العربي. تساءل ليون برنشفيغ عما كان يمكن أن تكون عليه الفلسفة الغربية لو أنها احتفظت بأطروحة الأورغانون الطويل، وليس بتلك التي هي "إبستيمومركزية" والتي سادت على الأقل منذ بداية الفلسفة الحديثة.
قبل الفلاسفة العرب، حظيت أطروحة الأورغانون الطويل، أي المنطق إلى جانب الشعر والبلاغة بدعم الفلاسفة الأفلاطونيين الجدد وعلى رأسهم فيلوبون وأوليمبيودوروس وأمونيوس. تم تبنيها وتعزيزها من قبل الفلاسفة العرب مثل الفارابي وابن سينا ​​وابن رشد.
يؤيد ديبوراه بلاك في كتابه "Logic and Aristotle’s Rhetoric and Poetics in medieval arabic philosophy" ما أسماه "الأطروحة السياقية" التي تضع البلاغة والشعر في سياق منطقي. لفترة طويلة، قلل أولئك الذين اشتغلوا على مجموعة المنطق الأرسطي، بل أهملوا، هذه الأطروحة، رغم أن النصوص  التي تمت دراستها نصت عليها صراحة. ومع ذلك فإن هذا الإدراج له ما يبرره. يلاحظ فيكتور جولدشميت، مثلا، أن الفرجة المسرحية عند أرسطو طورت استدلالا.
يقول جولدشميت: "إن النقل الفني، بعيدا عن خداعنا بشأن الأصل، يجعلنا نقع فيه بشكل أفضل؛ إنه يتطلب من جانب المتفرج جهدا في الاستدلال لم يتردد أرسطو عندما عبر عنه مرتين بالمصطلح التقني الذي هو القياس، والذي ينتهي بتضمين النموذج في التمثيل: "هذا هو ذاك".
لطالما قدم الفلاسفة العرب حججا تسير في هذا الاتجاه، أي في اتجاه الاعتراف الكامل بـ "استدلال" شعري و "استدلال" بلاغي. يسرد الفارابي في كتابه "إحصاء العلوم" ضمن "الفنون التي يستخدم فيها القياس المنطقي" القياس الشعري، ويؤكد ابن رشد في شرحه الأوسط للبلاغة أن الاستدلال البلاغي هو نوع من القياس. لذلك يجب، في نظره، أن يكون المنطق هو الذي ينظر عن كثب إلى هذا الفن، حتى لو كانت الموافقة البلاغية غير صحيحة، فإنها تشبه الحق، وما يشبه الحق يدخل في علم الحق الذي هو المنطق.
كما أوضح ابن سينا ​​من جهة أخرى، يجب تمييز اهتمام المنطق بالشعر عن اهتمام عالم الموسيقى أو المتخصص بالعروض؛ فالمنطق يعتبر الشعر مجرد خطاب خيالي. هو لا يهتم بالإيقاع ولا بميزان الأبيات ولا بعلم العروض.
في هذا الأورغانون الطويل، تكتسي مكانة عمليات التصور والحكم اهمية كبيرة. يتم التصور وفقا للمقولات العشر التي يتم تقديمها على شكل عناصر جزئية تجعل في معظمها من الممكن الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بأطر تفكيرنا. مثلا: من أو ماذا؟ متى؟ كيف ؟ أين؟ كم؟ يبقي تبرير لماذا تتوافق فقط عشر مقولات مع أطر تفكيرنا. بالنسبة لابن سينا، من المؤكد أن المقولات لا تشمل جردا كاملا للعالم. ولكن ليس بسبب وجود أفراد معزولين، غير قابلين للتصنيف، لا يدخلون في أي جنس أو نوع، يكون من الضروري التشكيك في حقيقة أن هناك عشر مقولات فقط كعناصر معقولة يعبر العالم وفقا لها عن نفسه.
هناك إذن مجال كوني عرف أرسطو كيف يجلي عنه كان على الفلاسفة الذين خلفوه أن يستكشفوه بمقتضى المبدإ الذي طرحه الكندي، وهو أن الحق يكشف عن نفسه لشعوب مختلفة، وفي أوقات مختلفة، دون تغيير أو انقسام.
ماذا يحدث عندما لا تجد الترجمة إلى العربية لعنصر منطقي، مثل الرابطة التي تربط موضوعا بمحمول، مرادفها المباشر في اللغة العربية؟ في هذه الحالة، تتيح معرفة اللغة العثور على العلاقات المنطقية حتى لو لم يتم تقديمها وفقًا لتوافق صارم. لذلك يجب التمييز بين الشكل المنطقي والصيغة النحوية. إن غياب الشكل النحوي لا يشكل خطرا على الشكل المنطقي. على العكس من ذلك، فهو يفتح الطريق أمام الإبداع المنطقي، بمعنى أنه يجعل من الممكن إقامة علاقات منطقية صريحة تكون ضمنية في اللغة.
فليس بسبب عدم وجود رابطة في اللغة العربية، لا يوجد ارتباط منطقي في الجملة العربية. يتم اللجوء إلى الضمير "هو" بحثا عن علاقة منطقية على أساس تقويم تركيبي وممارسة بلاغية. ذلك هو في نفس الوقت ما يقال باللغة العربية وطريقة لتوضيح علاقة المنطقية. لن نقول بالعربية "Socrate est philosophe" ولكن نقول إما أن "سقراط فيلسوف" مع افتراض الرابطة ضمنية غير موجودة في اللغة العربية، أو لإبراز وظيفتها، سنقول: "سقراط هو فيلسوف". يلعب الضمير "هو" هنا دور الرابطة لأنه يجعل من الممكن ضبط مبتدإ الجملة، للقيام بالتركيز على هذا المبتدإ.
كما نلاحظ، التوافق البلاغي (استبدل "est" ب "هو") لا يهدد التوافق المنطقي، بل الأمر خلاف ذلك.
تؤكد أعمال كواين، عالم المنطق المعاصر الامريكي، على القيمة التبئيرية للضمير: يركز الضمير على الفاعل، ويسمح له بالاستقرار، بإدراجه في نظام الجوهر، نظام الموجود. يلعب كل من الضمير والرابطة دور الإسناد (الحمل)، يحققان الانتقال من الوصل "هذا وذاك" إلى الحمل: "هذا يكون ذاك"، أي "هذا هو ذاك".
يؤدي رهان الترجمة والتعليق أحيانًا إلى ما أسماه بيير هادو "الانزلاق عن المعنى الذي يمكن أن يصل إلى حد المعنى المضاد" كلما كان هناك "تأويل، تقليد، ترجمة". وهكذا، عندما يتحدث أرسطو في "كتاب للشعر" عن التراجيديا، حتى لو كان هذا الجنس غير معروف لدى للعرب الذين يعيشون في قرطبة القرن الثاني عشر، يكفي التمسك بتعريف أرسطو التحليلي لإيجاد جنس متمثل جيدا بين العرب: المأساة تحاكى أفعال الناس كما هي، بل تصور أفعال الناس بصورة أحسن مما هي عليه أو أسوأ، كما قال أرسطو. وجد ابن رشد في ذلك، كما بدا له، فن المدح الذي طوره العرب قبل ظهور الإسلام بوقت طويل. تفترض المأساة مسبقا معايير أخرى في تعريفها: الشخصية المأساوية هي شخصية تعاني من سوء حظ غير مستحق من أحد أفراد أسرته. عبأ ابن رشد المرجعية القرآنية لإيجاد معادلات لأوديب: اضطر إبراهيم للتضحية بابنه، يوسف استشهد على يد إخوته.
مثال آخر على المعادلات المغاهيمية التي تعكس الكثير من الإبداعات والتكييفات الفلسفية لفائدة الجمهور في القرن الثاني عشر في قرطبة التي من الواضح أنها ليست مثال أثينا أرسطو: اليس العقل الذي يتحدث عنه أرسطو معادلا للملاك الذي تحدث عنه القرآن؟ كلاهما مانح للصيغ التي تجعل العالم معقوا، تماما كما يقول لنا ابن رشد من كون ما يقوله القدماء عن الوحي والرؤية يتعلق بالله من خلال وساطة كائن روحي غير مادي، يمنح العقل البشري وفقا لهم، وهذا ما يسميه المعاصرون العقل الفعال وما يسميه الكتاب المقدس (الشريعة) الملاك.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد عصيد يدافع عن الحريات الفردية بوضع المحراث امام الثور
- قراءة في كتاب -من ديوان السياسة- لعبد الله العروي
- إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها ف ...
- عزيز سيد الفنان التشكيلي يستجيب لنداء الشرق وآسيا
- قراءة في كتاب -من ديوان السياسة- لعبد الله العروي (2/2)
- قراءة في كتاب -من ديوان السياسة- لعبد الله العروي (2/1)
- هل يمكن لدمج برلمانيين في تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ...
- ومضات من الذاكرة عن ولعي بالكتابة في الزمن الورقي
- عزيز سيد: شاعرية الحلم
- المؤرخ المغربي مصطفى بوعزيز يقارن بين احتجاجات الأمس واليوم
- الفاتورة الإلكترونية: تعريفها ومقتضياتها القانونية
- الفئة السوسيومهنية: ما تعريفها؟ وكيف يتم؟ وما الفائدة منها؟
- في حوار مع اندريه كومت سبونفيل: نيتشه أعظم سفسطائي عرفته الأ ...
- مال الرمضاني؟ شكون غيرو؟
- إدغار موران: يرون معاداة السامية في كل نقد موجه لإسرائيل
- ساكنة إقامة -الصفاء- بالهرهورة تعبر عن ارتياحها لتطبيق القان ...
- بيان من جمعية عزيز غالي تدين فيه الهجوم الصهيوني على جنين وت ...
- المعطي منجب يتعرض لحملة -إعلامية- مسعورة بعد التعبير عن رأيه ...
- معالم موقف نيتشه المناهض لأفلاطون (الحزء الثالث والأخير)
- معالم موقف نيتشه المناهض لأفلاطون


المزيد.....




- فريدمان: نتنياهو -مستعد لاستخدام أمريكا- لبقائه السياسي.. وإ ...
- -بكتيريا في مايونيز-.. كشف سبب حالات التسمم بمطعم في الرياض ...
- بعد تجاوزات بعض المصلين.. وزير الأوقاف يمنع تصوير الجنازات ب ...
- وزير الخارجية الهندي: الهيمنة الأمريكية وصلت إلى نهايتها
- نائب الأمين العام للناتو يوضح موقف الحلف من إرسال القوات إلى ...
- مصر تحذر إسرائيل.. الجرائم بغزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا
- حزب الله: نفذنا هجوما جويا بمسيرات انقضاضية على قاعدة ‌‏بيت ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي إضافي في صفوفه شمالي غزة ويك ...
- كتائب القسام تستهدف قوات إسرائيلية بأسلحة متنوعة وتنشر مشاهد ...
- منها التعليم الجيد واتباع نصيحة الأم.. علماء ألمان يكتشفون أ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - إطلالة على الفلسفة العربية منذ أصولها اليونانية إلى حضورها في أوربا (الجزء الثاني)