أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رضا عباس - ديمقراطية تعبانه خيرا من ديكتاتورية عادلة















المزيد.....

ديمقراطية تعبانه خيرا من ديكتاتورية عادلة


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7680 - 2023 / 7 / 22 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن لقائد ان يكون ديكتاتوريا و عادلا بنفس الوقت , لان من شروط الديكتاتورية هي الاستفراد بالقرارات و الغاء الجانب الاخر , خاصة عندما يكون البلد كبيرا و متنوعا وتطلعاته مختلفة . وجود حاكم ديكتاتوري في مثل هذه البلدان , ومهما كان عادلا , لا يستطع تلبية جميع طموحات مكونات شعبه . وما تظاهرات الربيع العربي الذي شملت تونس واليمن و مصر و لبيا الا نموذجا حيا على فشل النظم الديكتاتورية في إدارة البلاد . قادة هذه البلدان استمروا بالحكم عقود من الزمن , ولكن عدم قدرتهم على الاستجابة لتطلعات شعوبهم كان هو السبب لخروج مئات الالاف من مواطنيهم الى شوارع المدن مطالبين بأسقاطهم . وفعلا , سقطوا , ولكن خلفوا بعدهم الفقر ,حروب اهلية , اضطرابات سياسية , غياب فرص عمل , و انقسام مجتمعي.
الديكتاتورية حكمت العراق لمدة 35 سنة , ولكن لم يجني العراق من هذا النظام الا الفقر , الحروب , قتل المعارضين , التهجير , وانهيار اقتصادي كامل . لقد سقط نظام حزب البعث والمواطن العراقي كان الافقر في العالم , افقر حتى من فلاح هندي يعيش في احدى قراها , تراكم ديون خارجية بلغت 120 مليار دولار بعد ان كانت الخزينة العراقية عامرة بمبلغ 65 مليار دولار قبل دخول صدام حسين الحرب مع ايران , تضخم مالي لم تشهده منطقة الشرق الأوسط , ومقابر جماعية بلغت اكثر من 300 مقبرة جماعية , عدا من قتل من الشيعة والسنة والاكراد وهم بمئات الالاف . وبالمناسبة , كان النظام يدعي بانه نظام عادل ويعامل جميع أبناء الشعب العراقي بالتساوي ووفق قواعد العدلة . بل ما زال بعض العراقيون والعرب ينظرون الى نظام صدام حسين من انه ارقى النظم العربية واعدلها وان اسقاط هذا النظام جاء برغبة أمريكية - إسرائيلية !
من الممكن تطبيق نظام ديكتاتوري عادل , وان كان من المستحيل خلط الاثنين , على بلدان صغيرة المساحة و قليلة النفوس و متجانسة دينيا و اقتصاديا ومجتمعيا , خاصة عندما تكون فيها نسبة العمالة الأجنبية تفوق نسبة السكان الأصليين . في مثل هذه الحالة لا يوجد مكون يعاني من الإهمال و غمط الحقوق , الكل سواسية , يضاف الى ذلك عدم قدرة العمالة الأجنبية بالمطالبة بالحقوق مهما وصلت بهم الظروف من ظلم وعبودية . ولكن حتى في هذه الدول فان السلم الأهلي سوف لن يستمر طويلا , ما لم يتبنى الدكتاتور العادل مفاهيم عصرية جديدة لإدارة الحكم . التكنلوجيا الحديثة جعلت من الاحداث البعيدة , قريبة جدا , وما يجري من تطور علمي واقتصادي في دولة معينة ينقل من على التلفون الشخصي أولا بأول , وان تخلف الديكتاتور العادل من تحقيق رغبات مواطنيه الجديدة سيعرضه اول مرة الى انتقادات يتبعها احتجاجات شعبية قد تؤدي الى اسقاطه , خاصة اذا نضبت أموال خزينته . وهذا ما نلاحظه في سلطنة بروناي , وهي دولة صغيرة , حوالي ست كيلو مترات مربع , عدد سكانها لا يتجاوز النصف مليون نسمة , وتقع في جنوب شرق اسيا . المجتمع في هذه الدولة اغلبه من المسلمين , حوالي الثلثين , وعلى الرغم من انه يعتبر من اغنى دول العالم , الا ان النظام " العادل " انتقد بسبب فرضه الشريعة الإسلامية على شعبه .
اذن , الديكتاتورية أصبحت مثلا للحكم لا يليق بأفكار القرن الواحد والعشرين , لأنها لا تستطع الاستجابة الى تطلعات الشعوب . على العكس من ذلك , لقد اثبتت النظم الديمقراطية , وان كانت ليست الأمثل , هي احسن الخيارات للحكم , خاصة اذا صاحب هذا النظام مخالب واسنان قوية مع نظام قضائي عادل .
العراق , تبنى النظام الديمقراطي ولكن في الحال انفجرت كل أنواع المشاكل في وجهه , حتى اصبح بعض المراقبون يقولون ان العراق لا يحتاج ديمقراطية وانما يحتاج الى ديكتاتور عادل . والحقيقة ان كل ما وقع فيه من اضطرابات سياسية وامنية واجتماعية واقتصادية ما هي الا نتيجة لما كان يجري في عهد نظام " الديكتاتور العادل". ديكتاتورية حزب البعث قتلت النسيج العراقي ودمرته واصبح المواطنون يخافون الواحد الاخر , وبطبع عندما يسقط مثل هذا النظام , الكل يريد الحقوق ويريد التعويض لبناء مستقبله .
ان من يصرح بان العراق يحتاج الى نظام ديكتاتوري عادل , انما يهين الشعب العراقي ولا يحترم ارادته . الشعب العراقي صفق للديمقراطية وأعطى اعداد هائلة من الشهداء من اجل هذا النظام , ذلك النظام الذي يؤمن الحقوق لجميع مكوناته الكبيرة والصغيرة , وان من يقول ان العراقيون ليس لهم الخبرة بتطبيق النظام الديمقراطي , فان شعوب كثيرة عانت من تطبيق الديمقراطية في اول الامر وارتكبت أخطاء جسيمة , ولكن الخطأ والصح قوى عودها وأصبحت كما نراها الان , ديمقراطيات عريقة تجذب الناظرين لها . وان من الخطأ تصور ان الديمقراطية الحديثة في بريطانيا او فرنسا او الولايات المتحدة مرت بدون مشاكل . انهم ما زالوا يعانون من تطبيق النظام حتى كتابة هذه السطور .
ما نغص تطبيق الديمقراطية في العراق كما بينه الكاتب علي المؤمن هي مجموعة من العوامل وهي أسباب بنوية : التركيبة الجغرافية ( ارث المشروع البريطاني , والايدولوجية الطائفية العنصرية ) و موروث حزب البعث ( من نشر الخوف والرعب في ربوع العراق وتبنيه نظام قائم على العشيرة والعائلة ) , افرازات النظام الجديد ( تفاعل الازمات الموروثة , مشروع الاحتلال الأمريكي, التدخل السافر للدول الأخرى في الشأن العراقي, النظام السياسي الديمقراطي الليبرالي المنفلت , كثرة الأحزاب الشيعية المتساوية في القوة والشعبية , السلوك السياسي لأحزاب المكونين السني والكردي, ظواهر الفساد الإداري والمالي والفشل التنموي , والضرب المستدام للاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي ).
ربما لا يتفق القارئ مع بعض النقاط التي طرحها الأستاذ المؤمن , ولكن الحقيقة الساطعة هو ان الشعب العراقي رفض الديكتاتورية , سوف لن يتخلى عن النظام الجديد نظرا لمنافعه , حتى وان كانت المسيرة الديمقراطية فيه غير مفروشة بقداح البرتقال والنارنج و ستبقى المطبات ما دام هناك من البشر من يحمل الحساسية منها , وبشر اخر يريد الاستفادة منها على حساب القانون, واخرين يجهل مغزاها .



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التدريب الحكومي المدعوم .. خطة نحو الازدهار الاقتصادي
- من ذاكرة التاريخ : قصة مقتل الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم
- ما علاقة سعر الفائدة بسعر المعدن الأصفر , ولماذا على نساء ال ...
- وقف الحرب الروسية - الاوكرانية اصبحت مسألة انسانية واخلاقية
- سؤال و جواب على تراجع الليرة التركية , ولماذا تراجع الرئيس ا ...
- تمويل الحملات الانتخابية في النظم الديمقراطية , ولماذا على ا ...
- الحنين الى قاعدة الذهب
- فرق شيعية جديدة ظهرت بعد تغيير 2003 في العراق
- نعم البناء يحتاج الى اسمنت , ولكن الى رسمال ايضا
- اوغندا الضحية الاخرى لعقوبات الغرب الاقتصادية
- على احرار العراق دعم مشروع طريق التنمية
- تازم العلاقات العراقية - الاردنية
- لماذا تتزايد حصة قطاع الخدمات في الاقتصاد الوطني ؟
- الشيخ عبد الحميد المهاجر
- هل ن اسماء المتقدمين لعمل حكومي او اهلي تشكل مشكلة لهم ؟
- من ذاكرة التاريخ : فشل محاولة تقسيم العراق
- من ذاكرة التاريخ: الشهيدة مارجريت حسن ظلمت اكثر من مرة في ال ...
- من ذاكرة التاريخ : فشل انقلاب على الطريقة السريلانكية في الع ...
- خطوات للاعتذار من الزعلان
- من ذاكرة التاريخ : معركة النجف الاشرف


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رضا عباس - ديمقراطية تعبانه خيرا من ديكتاتورية عادلة