أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - فقعة ضوء: الله لا يرحمك ولا يرحمه














المزيد.....

فقعة ضوء: الله لا يرحمك ولا يرحمه


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 7669 - 2023 / 7 / 11 - 16:02
المحور: كتابات ساخرة
    


في الزمان، كان هناك سيدة أرملة، تعيش لوحدها مع كومة ذكريات بالية مظلمة بأساء، بعدما توفي عنها بعلها (بعل تعني إله الخصوبة عند قدماء السوريين وصارت تطلق على الزوج-رمز الخصوبة والعطاء- لاحقا صفة البعل)، وذلك بعد نحو ستين عاماً من النق والمشاحنات والشكوى لم يترك لها أي شيء "لا ولد ولا تلد"، ولا ما ينقر العصفور، حتى أنها استدانت ثمن الكفن لتدفنه بها من أحد الخيّرين، وهي –أي الستين عاماً- كعمر ثورة حزب قريش (البعث) والرسالة الخالدة بسوريا، الذي احتفل بيوبيله الذهبي هذا العام، بالحكم، وهو جاثم، لا يتزحزح، كأبي الهول على صدور السوريين يبيعهم ويترعهم بالشعارات ويتحفهم بالأماني والوعود الذهبية البراقة الطنـّانة الرنانة بمستقبل زاه مشرق مضيء مع بقية بدو قريش وبعد تحقيق أمل الجماهير من المحيط للخليج بالوحدة العربية والتحرير ومجتمع التقدم والاشتراكية، توفي عنها بعدما أهرمها وحلبها ومص دمها وأكل خيرها ورماها عظماً بعدما كانت مكنوزة لحماً وشحماً ودسماً، فأقامت الأفراح وعاشت الليالي الملاح، في سرّها، بعد وفاته وباتت تقلـّب الأيام والليالي وتعيش بهدوء وسكينة لما تبقى لها من أيام في هذه الحياة.
وفي يوم من الأيام، وبعد مرور زمن طويل على وفاة "المرحوم"، وانقضاء فترة العزاء والمواساة، وكان الناس، بمن فيهم زوجته، قد نسيته، ونسيت "سنينه" السوداء، ولم تعد تذكره إلا شذرات وفيما ندر، وإذ بأحد أقرانه السابقين يمر من أمام البيت، ليرى نعوة الزوج "المرحوم" صديق عمره معلـّقة على جدار الدار، فاعترته الصدمة والحزن والدهشة، وبكى وأن وشكا، واستغرب أنه لم يسمع بوفاة أحد أهم أصدقاء العمر، فطرق الباب، من فوره، وفتحت له الأرملة وهي مشرقة باسمة بوجه صبوح، و"مو عاطيه فرحتها لحدا"، كما يقول المثل، ودعته للدخول، وقد نسيت أمر الوفاة وزوجها، والعزاء، تماماً، وبعد أن أخذ مكانه على الأريكة، تنحنح، وقال لها بصوت متهدج و"مراسم" وطقوس حزن :أنا آسف جداً، يا سيدتي، فلم أسمع بخبر وفاة المرحوم، والله يرحمه الرحمن الرحيم برحمته والبقية بحياتكم"، فانتفضت، وانتابتها نوبة غضب وقالت له: " لك الله لا يرحمك ولا يرحمه، قرد لسه جاية تذكرنا فيه هلق بعد ما ارتحنا منه ومن سيرته، ونسيناه، واشحاري أنا لها الحكي، قوم قوم انقبر وانقلع من هون ولا بقا تدخله لها البيت". فانسحب الرجل على عجل وفرّ هارباً مولياً الأدبار قبل أن تلتقط مكنسة كانت بجوارها لتضربه بها على قفاه. (وتوتة توتة لسه ما خلصت الحتوتة).
لا يشبه حال هذا الرجل وعزاؤه المتأخر واستحضاره للماضي المدفون، إلا حال أولئك الذين ما زالوا يصدعون رؤوس البشر، وهم بأمان الله وفي غفلة من الزمن والأنام، بأفكار وكليشيهات جاهزة وشعارات وثقافات قديمة وبالية ومعفنة ميتة نسيها البشر وعفا، وأكل وشرب وبال عليها الزمن، ويستحضرونها، ويرددنها ويجترونها في الإعلام على مسامع الآخرين ويذكّـرونهم بها....وهنا، لا يمكن، والحال، إلا القول، وكحال تلك الأرملة، التي لا قت ضيفها السمج القادم لينبش في مزابل الذاكرة وقمامات الزمان..



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغدير: أقدس أعياد النصيرية -العلوية-
- الغباء الوطني والعقل الترللي
- طوني خليفة والمستشار الحردان: كيف يصبح الحذاء عمامة؟
- كذبة وخرافة الوطن العربي
- قراءة اولية في التشكيلة الوزارية التركية
- خرافة الديمقراطية العلمانية بالمجتمعات الدينية
- استنزاف بوتين: تكتيكات واستراتيجيات الحرب
- لهذا السبب لن تندحر الإمبريالية: السقوط الحتمي لعالم الأقطاب
- الإلحاد اولا
- فقعة ضوء: التبول على الملك
- فقعة ضوء: أيها الأعباء الكرام
- تركيا: سقوط الإسلام السياسي
- خرافة دولة الرسول
- استراتيجية تعويم الغباء
- تأسيس البعث: قبيلة قريش التي صارت دولة
- لماذا لا يُطلب الرؤساء الغربيون ل-لاهاي- مثل البشير وبوتين؟
- سوريا: هل كانت ثورة وطنية أم غزوة طائفية؟
- فلسفة ال-كارما- وزلازل تركيا
- سقوط دولة المخابرات
- لا لعالم متعدد الأقطاب؟


المزيد.....




- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - فقعة ضوء: الله لا يرحمك ولا يرحمه