أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - سقوط دولة المخابرات














المزيد.....

سقوط دولة المخابرات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 7547 - 2023 / 3 / 11 - 19:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتمدت الإدارة العامة في الدولة الأمنية البوليسية بشكل رئيسي وأساسي على استراتيجية كتابة التقارير الأمنية ورفع "تقييمات" أمنية، وأحياناً كيدية، بالعاملين والموظفين والعمال والطلاب، فالوزير والسفير والمحافظ وحتى الخفير ومدير المدرسة وأمين الفرقة وأمين الفرع وأمين الشعبة لا عمل لهؤلاء جميعاً سوى إجراء "المسوحات" والتقييمات الأمنية وكتابة وإعداد التقارير الأمنية بالعمال والموظفين والمهاجرين والطلاب بشكل دوري، وكان مدير المصلحة أو الوزير أو مدير المدرسة ومدير الدائرة والمصلحة الحكومية أو المحافظ يعتبر هو أفضل كاتب تقارير، ويتم اختياره من بين مجموعة وبنك أسماء ممن كتبوا وأفنوا أعمارهم في تدبيج الدراسات الأمنية والتقييمات والإضرار وإلحاق الأذى بالناس وبلقمة عيشهم و"كركبة" معيشتهم، وكانوا أكثر وفاء والتزاماً وصدقا في رفعها، فلا عمل لأي فرد من هذه المصفوفة، في وظائفهم ومناصبهم وإداراتهم، والذين تتم مكافأتهم وترقيتهم ومنحهم مزايا استثنانية وتفضيلية يتباهون بها بالمجتمع (سيارات، فيلات، أموال وألقاب تفخيمية "مبهبطة" عليهم وليست على مقاساتهم)، سوى كتابة التقارير وجمع المعلومات الخاصة وقياس وتحري درجة ومستوى الولاء للأشخاص المساكين الواقعين تحت دائرة ونطاق التقييم. ويعتبر المنصب والوظيفة والعمل بالشأن العام وتقلد المسؤوليات بالدولة الأمنية والبوليسية والمخابراتية، وبالدرجة الأولى، ليس لخدمة المجتمع والنهوض به، بل "ثقة" مطلقة من السلطات الحاكة من جهة، وهبة توهب، ومكافأة مجزية تمنح لكاتب التقارير، وبالمقابل، ومن جهة أخرى هو-أي المنصب-عربون وفاء وإخلاص له على ما أسداه من خدمات أمنية صرفة تخدم بقاء النظام ليس إلا، ولا يهم درجة فهمه ومستوى علومه وإتقانه ومهاراته بل المهم ولاؤه الأعمى والمطلق وتبعيته الخالصة. ففي هذه المنظومة، لا تهم درجة الثقافة والعبقرية والموهبة والاختصاص والكفاءة وندرة التحصيل العلمي قدر ما تهم درجة الولاء الأعمى والاستعداد التام لكتابة التقارير والإدلاء بالمعلومات والطعن بأقرب المقربين والأهل والأصدقاء والوشاية حتى بالزوجة والأخوة وأقرب الأقرباء، وكل من ترونهم أمامكم في الواجهة والمناصب العامة لهم ارتيباطات أمنية، وقدموا خدمات أمنية ما، ولم يصل أحدهم لمنصبه بـ"زنوده" وذكائه وعلومه وشهاداته بل بقوة المخابرات وبعد فلترات ورضى و"تزكية" ودراسات "أمنية" معمقة، وكلما كانت الوشاية مهمة وتخدم بقاء النظام البوليسي كلما كانت المكافأة أجزل وأكثر سخاء. ومن هنا لم يكن هناك أبداً أية حاجة لأية مواهب علمية وفنية وإبداعية وعلمية وثقافية وتكنوقراطية في المنظومات البوليسية والمخابراتية، قدر ما كان هناك حاجة وبراعة وقدرة على انتهاك كافة المعايير الأخلاقية والإنسانية ووضعها جانباً وانعدام الضمير وإظهار الاستعداد لارتكاب وفعل كل ما يطلب منه من تجاوزات وانتهاكات وإضرار بالبشر دون وجل ولا وازع أخلاقي وإبداء الفنون والقدرات والمهارات "الكتابية" والإيقاع بالخصوم، وجلب المشاغبين والمشكوك بولائهم لوراء القضبان، ومقدمة وكشف حساب لتقلد المناصب القيادية والترقي في الأحزاب الفاشية والعنصرية. ولذا كنت ترى في هذه المنظومة أشخاصاً شبه جهلة أميين، ومن حثالات وقاع المجتمع الأخلاقي، وليس لديهم أي تحصيل علمي (قد يكون "تالت ابتدائي راسب ويعيد"، وفي أحسن الأحوال بكالوريا أدبي صناعة اختصاص خراطة وحدادة، أو بكالوريا أدبي شحط)، أو سرقوا شهاداتهم واشتروها من المنظومة الشرقية الساقطة، وقد احتلوا مناصب عالية ورفيعة بالدولة الأمنية البوليسية كما هو حال "بائع الثلج" السابق في العوجة عزة ابراهيم الدوري الذي وصل لمنصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة (إي والله هكذا كان اسمه) وأعتقد الأمين العام المساعد لحزب قبيلة قريش العراقي، وطبعاً في حال وجود هكذا نوعية وأنماط في سدة القيادة والجهاز الوظيفي الحكومي، سيعني حتماً، بالمقابل، إفراغاً لهذا الجهاز من بقية المواهب والاختصاصات العلمية وهجرتها وخروجها ولجوءها للخارج، فأصبح العراق، مثلاً، الذي كان يسمى بألمان العرب، لكثرة ما كان فيه من حملة شهادات دكتوراه بالفيزياء النووية والذرة، بلداً قاحلاً متصحراً بالخبرات العلمية، ويبحث اليوم عن مدرسي مواد إعدادي وثانوي من دول الجوار، وبقية القصة معروفة. لا بل كنت ترى في هذه المنظومة حملة دكتوراه وماستر وليسانس باختصاصات نادرة، يقبعون بالإرشيف بالظلمة تحت أمرة ورئاسة "كاتب تقارير" من حملة الشهادة الإعدادية أو البكالوريا "الشحط" في أحسن الأحوال، وعضو عامل بالحزب الحاكم ذي ارتباطات أمنية، لكنه مقرب من الأوساط البوليسية ويحظى بثقة السلطة القائمة. طبعاً كل هذه المؤسسات، التي كانت تعمل وتدار بتلك المواصفات والمعايير، لم تعد موجودة، اليوم، واندثرت وتهاوت وغابت وأفُـلَـت وانهارت وأفلست، وتفككت مع دولها، وعم فيها الفقر والجوع والبلاء وقلّ الولاء وانتشر الخراب والفساد والفوضى والحروب الأهلية الطاحنة واللا استقرار، وأصبحت أثراً بعد عين وعبرة لمن اعتبر، فماذا تبقى من، مثلا، من جبروت أمن واستخبارات الاتحاد السوفييتي المقبور، وعسس يوغوسلافيا ميلوزوفيتش وشاوشيسكو، وكوبا، وفنزويلا، وعراق صدام، وليبيا القذافي، وووو وكل تلك الإجراءات الفاشية والقبضة الأمنية لم تجلب لها، ولا لطغاتها المستبدين الأشرار، الأمن والأمان أو الاستقرار، ولم تضمن لهم البقاء، والبقاء لله، والبقية بحياتكم أجمعين يا شباب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا لعالم متعدد الأقطاب؟
- خرافة وكذبة ثورة البعث
- من وصايا وتعليمات الإمبريالية والماسونية لقبيلة قر
- ماذا فعل المستعربون في -شامستان- عرين الاستعراب؟:
- مسلسل-سيّدهم-معاوية: استمرار صراع بني هاشم وبني أمية
- تقديس وتلميع الزعيم: أهم استراتيجيات النظام الفاشي
- حزورة فزورة بس إلك يا شطورة: (من يضحك على من)؟
- بشرى للمقاومين: متى ستنتصر قريش على قريظة؟
- هل تطمح بوظيفة عامة: إليك المرشد والدليل؟
- الإله البخيل الشرّير
- قريظة وهدف قاتل في مرمى قريش:
- كبيبات القداس
- عرب ومستعربون
- خرافة الخلق وكذبة آدم وحواء
- غزوة المونديال
- نكبة عمر أبو ريشة: لا مكان لأمته بين الأمم المحترمة
- لماذا كل ملائكة الله عبرانيون وإسرائيليون؟
- بوتين: أي نظام عالمي؟
- خرافة الشعب السوري الواحد
- مفهوم المواطنة واللا مواطنة عند بدو قريش


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - سقوط دولة المخابرات