أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - نضال نعيسة - خرافة وكذبة ثورة البعث














المزيد.....

خرافة وكذبة ثورة البعث


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 7544 - 2023 / 3 / 8 - 19:15
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    



تمر اليوم ذكرى أليمة سوداء مريرة على سوريا والشعب السوري، وهي الذكرى الستون لانقلاب 8 آذار العسكري، الذي أطاح بانقلاب سابق، وأطلق عليه البعثيون اسم ثورة الثامن من آذار "المجيدة" (هكذا)، ويحتفلون بها في مهرجانات خطابية لاهبة وحماسية حيث تلقى الخطب الرنانة تمجيداً بهذا اليوم "التاريخي".
وعادت مما تؤسس الثورات بمفهومها المعروف لمنظومة قيم "ثورية" تغييرية جديدة، وتحدث عملية تغيير ودفع هائل ونوعي، إن لم يكن أسطوريا، نحو الأمام، والأهم التغيير في منظومة القيم والأعراف التقليدية السائدة، واستبدالها بمنظومة قيم حداثية عصرية جديدة، تقطع مع الماضي وتراثه الرجعي المتخلف، وبغض النظر عن زمان ومكان وطبيعة هذا الماضي وإيديولوجياتها.
لكن، عملياً، لم يحدث ثورة "بعث" قومية ولا بطيخ في 8 آذار/مارس 1963، التي كانت نظرياً عملية تكريس ونبش و"نبش" لكل أشكال العصبيات والنزعات القومية والعرقية والدينية والطائفية والدينية والمذهبية والعقائدية بكل أرثها الأسود وإحيائها من جديد وضخها في شرايين المجتمع الوليد القائم من رماد 1400 سنة من النزاع العقائدي المرير، وأما ميدانياً، وبنيوياً، ومن الناحية التوصيفية، كانت عملية عدوان عسكري مسلح على الدولة ومؤسساتها واستباحتها وإلغائها نهائيا والسطو على مقدرات وبقايا شبة الدولة التي كانت قائمة، وقتذاك، من مخلفات الحقبة الفاشية البوليسية الناصرية السوداء، فألغت، ثورة البعث (رجاء عدم الضحك)، على الفور، الدستور وعطـّلت القوانين وأعلنت حالة الطوارىء رسمياً، وصادرت الممتلكات وفتحت السجون والمعتقلات وزجـّت بخيرة الكوادر والتكنوقراط خلف القضبان دون محاكمات لعقود طوال وعسكرت البلد وقضت على منظمات المجتمع المدني وحظرتها وجرّمتها ومنعت الأحزاب وحاربت الصحافة وقوننت الإعلام وطاردت الوطنيين والشرفاء والمثقفين والمفكرين والأحرار، ما مهد وأسس عملياً لظهور جمهورية الخوف وولادة دولة المخابرات التي يئن اليوم تحت وطأتها 23 مليون سوري، وكله بإيحاء واستلهام ومحاكاة للتقليد والإرث الناصري الفاشي العروبي الإجرامي الإرهابي المخابراتي الأسود، حيث كانت ما تسمى الدولة تمارس إرهاب الدولة المنظم ضد مواطنين عزل، الذي كان يعمد على تصفية الخصوم والمعارضين السياسيين والمفكرين جسدياً والذي كان بدأ حملته العدوانية على الشعب والمجتمع السوري فيما سمي يومها بمسرحية ومهزلة "الوحدة بين سوريا ومصر" الكاريكاتورية في شباط 1963 حيث نـُصـّب ناصر طاغية ومحتلا وحاكما أجنبيا وديكتاتورا شرعيا مطلق الصلاحية على سوريا ورقاب السوريين، وأما ثقافيا، وعلى عجالة، فقد قامت "ثورة البعث" بواحدة من أكبر عمليات التغيير الثقافي وغسل الدماغ والتضليل الجماعي وطمس وإلغاء ثقافات ولغات سورية قديمة فيما عرف بجريمة "التعريب"(أسلمة ظاهرية والبعثيون مفتون برموز قريش) للثقافات السورية التعددية وقامت بتغيير أسماء آلاف القرى والمدن والجغرافيا السورية القديمة المعروفة بالتاريخ وكانت هذه أهم وأخطر جائم البعث الثقافية والفكرية بحق سوريا والسوريين، وأطلقت أسماء القبائل العربية المحتلة كالعباسيين والأموين على أهم الميادين والساحات بدمشق التي أصبح اسمها قلب العروبة النابض وأطلقت أسماء السفاحين والمحتلين الغزاة (أسامة، خالد، مصعب، قتية، الجراح ووو)، على المدارس والشوارع والأحياء، وشرعت في أكبر عملية بناء وإنشاء للمساجد ودور العبادة ومعاهد تحفيظ القرآن في تاريخ هذا البلد المعروف...
وكان الانقلاب العسكري الآذاري الشهير، وكسائر الانقلابات عبر التاريخ، بالبداية، وحقيقة امتدادا لسلسلة انقلابات عسكرية (اعتداءات) عرفتها سوريا من عهد ما يسمى بالاستقلال الزائف والكاذب، هي مجرد عدوان مسلح وسطو على الدولة واستباحتها من قبل شوية عسكر جهلة شبه أمنيين غارقين بالظلامية والشوفيينية ومحقونين بالإيديولوجيات الرخوة والهشة المتزمتة والظلامية المهترئة ولا عهد ولا ذمة ولا أمان لأحدهم (كانوا يفتكون ببعضهم البعض ويفترس أحدهم الآخر كما تفترس الوحوش والضواري بعضها ومتى ما سنحت الفرصة لأحدهم ليفعل ذلك برفيق سلاحه ودربه)، ولا يعترفون بقيم العصر ولا بالحداثة ولا بالقانون الدولي وبينهم وبين القانون والعدالة والإدارة والبشرية عموماً عداوة مطلقة، ومن هنا، وبالتقييم القانوني، أيضا كان عدوان الثامن من آذار على سوريا عبارة عن عملية اغتصاب غير شرعي وغير قانوني واحتلال للسلطة بالقوة العسكرية المسلحة لا يختلف عن أي احتلال (البقاء للأقوى وصاحب المدفع الأطول كما قال نابليون)، وإخضاع الشعب الأعزل بالحديد والنار من قبل طغمة عسكرية انقلابية فاشية فاجرة خارجة عن القانون إمبراطورية الهوى والأهم أنها كانت ما بعد وطنية أي أنها لا تعترف بسوريا كوطن وكيان سياسي قائم ومستقل، ولا بالسورية كهوية جامعة لسكان هذا الكيان الهش، بل هي -سوريا- مجرد "قِطر" ( أي قسم مهمل من دائرة كبيرة أهم) تابع وجزء (وكما ترد حرفياً بالدساتير البعثية التقليدية)، من كيان سياسي خرافي طوباوي متخيل أطلقت عليه الطغمة الفاشية العسكرية البوليسية الانقلابية اسم الوطن العربي (رجاء ممنوع الضحك) وما تسمى بخرافة " الأمة العربية"، أي تقديم الوطني المادي الملموس على القومي الخرافي الموهوم، حيث بات الحديث عن الهوية الوطنية السورية جريمة امام الهوية القومية العربية المقدسة التي رفع البعث من شانها وعظمها حد القداسة، ما أسس لاحقاً لنشوء وتنمية وتغذية الهويات والتيارات الفرعية والدينية والمذهبية والطائفية وتعدد وتنوع الولاءات للداخل والخارج ما ساهم إلى حد كبير في تفتيت الكيان السوري، إذ كان البعث عمليا هو اول حزب بالتاريخ يمجـّد ويتفاخر بقبيلة غزاة سباة ولصوص حضارات غزت سوريا واحتلتها وفرضت ثقافتها عليها وأخذ على عاتقه مهمة تبرير ذلك العدوان والاختلال القبلي البدوي والتفاخر بالانتماء له وشرعنته وتقديسه واعتباره منارة يجب الاقتداء بها ومرجعية روحية مقدسة وكيان إمبراطوري عظيم يجب الرجوع إليه، ومحاكاته، وبعثه من جديد.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وصايا وتعليمات الإمبريالية والماسونية لقبيلة قر
- ماذا فعل المستعربون في -شامستان- عرين الاستعراب؟:
- مسلسل-سيّدهم-معاوية: استمرار صراع بني هاشم وبني أمية
- تقديس وتلميع الزعيم: أهم استراتيجيات النظام الفاشي
- حزورة فزورة بس إلك يا شطورة: (من يضحك على من)؟
- بشرى للمقاومين: متى ستنتصر قريش على قريظة؟
- هل تطمح بوظيفة عامة: إليك المرشد والدليل؟
- الإله البخيل الشرّير
- قريظة وهدف قاتل في مرمى قريش:
- كبيبات القداس
- عرب ومستعربون
- خرافة الخلق وكذبة آدم وحواء
- غزوة المونديال
- نكبة عمر أبو ريشة: لا مكان لأمته بين الأمم المحترمة
- لماذا كل ملائكة الله عبرانيون وإسرائيليون؟
- بوتين: أي نظام عالمي؟
- خرافة الشعب السوري الواحد
- مفهوم المواطنة واللا مواطنة عند بدو قريش
- أمة عربية واحدة: ذات رسالة خالدة
- قصص وذكريات مع الشعر


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - نضال نعيسة - خرافة وكذبة ثورة البعث