|
لماذا لا يُطلب الرؤساء الغربيون ل-لاهاي- مثل البشير وبوتين؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 7556 - 2023 / 3 / 20 - 16:05
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
ثارت موجة من التساؤلات والتعليقات العنيفة الساخطة والغاضبة، مع صدور قرار محكمة الجنايات الدولية الـ"ICC" بجلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعدالة الدولية، جنباً إلى جنب مع مفوضة الأطفال، في فريقه الرئاسي، ماريا لفوفا بيلوفا، باعتباره "مجرم حرب"، تتركز كلها-أي التساؤلات- حول سؤال واحد لماذا لا يحاكم الزعماء الغربيون كمجرمي حرب؟ وبغض النظر عن قوة الدول الغربية وهيمنتها على القرارات الدولية، وهي حقيقة التي تسيّس القضايا وتقف وراءها عملياً، وصعوبة مقاضاتها وتوجيه التهمة مباشرة لشخص بعينه، إلا أن ثمة أسباباً أخرى يستحيل معها ربما محاكمتهم أو توجيه التهم لهم، وهذا ليس تبريراً لهم بالمطلق، قدر ما هو تفسير للآلية القائمة في هكذا إشكاليات. صحيح أن الغرب ارتكب فظائع ومجازر مهولة في يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان والعراق وفييتنام وليبيا وسوريا، لكن هؤلاء الخبثاء والدهاة متيقظون للأمر وحسبوا له الحساب وأحاطوا أنفسهم بجدران حماية قانونية، ولم يتركوا للرئيس أمر اتخاذ هكذا قرارات مصيرية لوحده، إنما بالاختباء والاحتماء وراء مؤسسات الدولة الهامة وسلطاتها الجماعية الأخرى كالبرلمان والكونغرس وسواه والتي تمتلك الصلاحية والقدرة حتى لعزل الرئيس نفسه (ووتر غيت). ففي الدول الغربية عادة ما تكون قرارات الحرب والسلم وكل القرارات الاستراتيجية الأخرى والهامة ليست بيد الرئيس "المنتخب" عادة، إنما بيد مؤسسات الدولة الشرعية، المنتخبة هي الأخرى، (وهناك ناخبون، أيضاً، يقفون خلفها أي هم مشتركون بالمسؤولية)، والمسؤول لم يصل لمنصبه بمؤامرة او مكيدة ووراثة وانقلاب عسكري "ثورة فاتح" وتهريج وسواها، أو تصفية جسدية للخصوم، إنما بانتخاب حر ومباشر، وحتى حين يصل لسدة الحكم فعادة ما تكون صلاحياته محدودة ورأينا السجال الطويل العريض يوم حرب العراق كيف استمرّت المداولات لشهور وشهور وجلسات بالكونغرس والبرلمان البريطاني، ووصلت لمجلس الأمن (كبسولة المرحوم كولن باول الشهيرة)، قبل الإقدام على شن الحرب واتخاذ القرارات بالـ"أغلبية" ما يعني، عملياً، جعل المسؤولية جماعية وموزّعة بين عدة أطراف (وحتى دول وسنأتي على ذكرها)، وعدم حصرها بشخص، وهي ليست قرارات فردية يتخذها ديكتاتور فاشي أرعن أهوج مهووس بالقتل والحروب والزعامات والنزالات و"حلبات الجودو" و"التايكوندو"، والفتوحات الدونكيشوتية البلهاء، وسيكوباتي مصاب بعقد النرجسية ومتلازمات الأنانونية وجنون العظمة القاتل وعشق الذات المرضي، فعندما تكون المسؤولية جماعية يهرب كثيرون، ويفلتون من المحاكمة والحساب والعقاب (أي ذهب دمه هدرا في القبائل وفق ثقافة قريش)، ويصعب، هنا، تحديد المسؤولية وهذا بالطبع، ونكرر، وبالمطلق، ليس تبريراً للحروب الإجرامية التي شنها الغربيون وارتكبوا فيها المجازر والفظائع بحق أبرياء ومدنيين عزّل كما في العراق وليبيا ويوغوسلافيا وأفغانستان. ومع ذلك، وبالرغم من التقييد القانوني والدستوري الذي يكبـّل الزعيم الغربي وصيغة القرار الجماعي المؤسساتي للحرب، فقد شكّلت، في بريطانيا لاحقاً، لجنة لمحاسبة ومساءلة توني بلير على الانتهاكات والفظائع التي ارتكبت في حرب العراق (نيسان 2003)، سمـّيت يومها بلجنة "تشيلكوت" تيمناً باسم رئيسها السير جون تشيلكوت. وبخطوة اكثر دهاء، وفي عملية نقل المسؤولية الجماعية إلى مستوى أعلى وتحويلها، من ثم، لمسؤولية أممية، و"نفض" اليد منها، يتم اللجوء لمجلس الأمن، كما بالحالة الليبية التي أقر غزوها وقصفها بوتين نفسه، وتشكيل تحالف دولي لخوض الحروب، كما هو الحال في تحالف حروب الخليج، ويوغوسلافيا، والربيع العربي ضد ليبيا، وتحالف حفر الباطن (سوريا كانت عضواً فيه)، يضم دولاً فاعلة، وأحلافاً عسكرية كـ"الناتو"، وهو عملية توريط لكل هؤلاء في "دم" الدولة المستهدفة، وصعوبة تحديد المسؤولية القانونية، عملياً، نظراً لتعدد وكثرة وتنوع الشركاء. والأمر الآخر، وربما الأهم، هو غياب المؤسسات والقضاء العادل والمحاكمات النزيهة ووجود القضاة الذين يتم تعيينهم مباشرة من "الديكتاتور"، وتهميش دورها -أي المؤسسات- حد الإلغاء، في المنظومات الديكتاتورية والاستبدادية، إضافة لتأبيد وطول بقاء "الطاغية" في منصبه، وسيطرته حتى على الأوكسجين في الجغرافيا والديمغرافيا الواقعة تحت سلطته، وتحكـّمه بكل السلطات، يجعله عملياً مسؤولاً مسؤولية مباشرة، عن كل السياسات الداخلية والخارجية في "مزرعته"، ورأيناً كيف تم "شحط" المعارض "نافالني" بأسلوب همجي وفظ من المطار وإخفاؤه، دون محاكمة علنية ودون توجيه تهماً له، في عملية اختطاف رسمية لا تقوم بها إلا العصابات، ما يجعل عملية الثقة بهكذا قضاء وهكذا دول شبه معدومة في دولة ما فتئت تشن الحروب "القارية" المتنقلة خلال عشرين سنة متتالية من وصول "مخبر" الـKGB السابق لعرش الكرملين.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا: هل كانت ثورة وطنية أم غزوة طائفية؟
-
فلسفة ال-كارما- وزلازل تركيا
-
سقوط دولة المخابرات
-
لا لعالم متعدد الأقطاب؟
-
خرافة وكذبة ثورة البعث
-
من وصايا وتعليمات الإمبريالية والماسونية لقبيلة قر
-
ماذا فعل المستعربون في -شامستان- عرين الاستعراب؟:
-
مسلسل-سيّدهم-معاوية: استمرار صراع بني هاشم وبني أمية
-
تقديس وتلميع الزعيم: أهم استراتيجيات النظام الفاشي
-
حزورة فزورة بس إلك يا شطورة: (من يضحك على من)؟
-
بشرى للمقاومين: متى ستنتصر قريش على قريظة؟
-
هل تطمح بوظيفة عامة: إليك المرشد والدليل؟
-
الإله البخيل الشرّير
-
قريظة وهدف قاتل في مرمى قريش:
-
كبيبات القداس
-
عرب ومستعربون
-
خرافة الخلق وكذبة آدم وحواء
-
غزوة المونديال
-
نكبة عمر أبو ريشة: لا مكان لأمته بين الأمم المحترمة
-
لماذا كل ملائكة الله عبرانيون وإسرائيليون؟
المزيد.....
-
الولايات المتحدة ترسل مساعدات إغاثة للمناطق المتضررة من الفي
...
-
إيران.. الحكم بإعدام منفذ هجوم استهدف مزارًا دينيًا
-
إيران.. الحكم بإعدام منفذ هجوم استهدف مزارا دينيا العام الما
...
-
لاعبة أرسنال تصنع التاريخ بعد زيارة أكبر مخيم للاجئين السوري
...
-
الرئيس الفلسطيني ورئيس المجلس الأوروبي يتحدثان أمام الجمعية
...
-
البرهان يصل إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة
-
الرئيس عباس يجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول
...
-
مشاورات غير رسمية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم الم
...
-
دول -بريكس- تؤيد إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن
-
البرهان يصل إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأ
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|