أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد كعيد الجبوري - يوم الكَسْلَه :














المزيد.....

يوم الكَسْلَه :


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 7662 - 2023 / 7 / 4 - 22:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


معلوم ان العيد هو يوم واحد سواء لعيد الفطر او عيد الأضحى، واغلب الدول الإسلامية والعربية أضافت لعيد الفطر يومان، ولعيد الأضحى ثلاثة أيام، والبعض من الدول الإسلامية تكتفي بيوم واحد للعيد.
هنا في العراق اعتاد الناس ان يكون عيدهم اكثر من ذلك كما أشرت، وفي اغلب المحافظات العراقية ومنها الحلة الفيحاء وخاصة نحن الأطفال الذين كنا ننتظر لحظة حلول العيد لما فيه من ملابس جديدة ولما فيه من مصروف إضافي يمنح لنا صبيحة العيد، ولما فيه من فرحة اللعب بتلك الوسائل البدائية، المراجيح التي تصنع من جذوع النخيل، ودواليب الهواء البسيطة، وامتطاء الحمير والبغال والخيول لمن تجاوز عمره العشر سنوات ، وكل ذلك لقاء مبالغ زهيدة جدا جدا، ولا ننسى الحلويات البدائية أيضا والمصنعة محليا دون رقابة صحية، الحلقوم، و ( چعموص الملك)، و ( ز...ب القاضي)، والشعر بنات، والمصقول، والكركري، وابو العسل، والحلاوة الدبسية، والحلاوة الشكرية، والعنبر ورد ، وغيرها، وكنا كأطفال حين ذاك لا نكتفي بثلاثة ايام لعيد الفطر، ولا أربعة أيام لعيد الأضحى، وكنا نضيف يوما - هكذا وجدناه - اخرا اطلق عليه ( الكسله) وأصبح عرفا مجتمعيا ، ولا اعرف كيف تم اختيار منطقة الطريق المؤدي لمقام نبي الله أيوب عليه السلام مكانا لتجمع صبيان الحلة وبناتها فيه، المكان لايزال قائما بمنطقة باب المشهد قريب لسجن الحلة القديم، وكان عبارة عن بساتين غناء، وسواقي ومجرى مياه تأتي من نهر فرات الحله، صيفا نستظل بشجر السدر وشجر التوت وشجر المشمش ، وشجر التين، واكيد تغيرت معالمه كثيرا الآن وأنشأت البيوت الحديثة على تلك البساتين العامرة ، وفيه أيضا مقر غرفة تجارة بابل الآن ، والغريب لاتزال التسمية باقية وليومنا هذا (نزلة العيد) ، مثلا حين تستأجر سيارة تقول له اريد الذهاب ل(نزلة العيد)، واغلب سواق السيارات يعرفون المكان ويوصل الزبون اليه.
في يوم الكسله نجد الصبيان موزعين بين المراجيح ودواليب الهواء، واذكر ان لعبة المرجوحة لها سعر فلسان - عملة نقدية عراقية أصغر منها فلس واحد لونهما احمر -، وكان صاحب المرجوحة يتقاضى المبلغ المذكور لقاء (١٥) هزه، والجميل ان الأطفال يحسبون، واحد، اثنان، ثلاثة، وبعض الاحيان يختلف العد فيمنح صاحب اللعبة هزات اضافية من عنده، وإن لم يختلف العد فيرفع الأطفال أصواتهم ( عمي جماله) فيضيف من عنده هزات أخرى. والشباب هناك يتحلقون وينشدون الاغاني التراثية بمصاحبة آلة عزف تصنع من أعواد القصب تسمى ( المطبك)، وكم هالني احد العازفين بذلك المطبك الذي لا ينقطع صوته نهائيا, بعد أن تعلم العازف فن العزف عليه بالشهيق والزفير بآن واحد ، والشباب حوله يمارسون لعبة الجوبي والذي تتخلله الاغاني الخاصة، ( ع الجوبي الجوبي الجوبي والحنه لاخت ثوبي)، وبعض الأطفال يركبون العربات الخشبية التي تجر بالحمير او الخيول، البعض من الأطفال يرددون اناشيد جماعية عفوية وكأنهم كورس، يقول الراحل المرحوم (لطيف بربن) سلطان الظرفاء وهو يرتدي العقال والكوفية، سمعت مجموعة من الأطفال وهم يرددون ( ابو عگال بطنه قبض دينار حاصر طي....زه)، يقول استوقفت عربة الأطفال وأعطيت لهم العيدية القليلة (فلس و فلسان) لكل واحد، وقلت لهم اريد ان اعلمكم اغنية جديدة لقاء هذه العيدية، وافق الأطفال على ذلك وقال لهم قولوا ( يبو اعگال لتهتم تره الأفندي قندره)، وسرعان ما تلاقفتها جموع الأطفال واصبحت انشودة رديفة للأنشودة الأولى.
حين كبرنا وتجاوزنا مرحلة الابتدائية لم تعد تلك الألعاب تستهوينا كثيرا، والجميع يعلم أن الحلة تعد بلدة متحضرة أنشأت فيها دور السينما الصيفي والشتوي، وأيام الأعياد تأتي للحلة مجاميع الشباب من محافظة كربلاء ومحافظة النجف والديوانية، وكانت دور السينما في بابل تتنافس بجلب الأفلام الحديثة والأكثر رواجا، فتزدحم دور العرض من الشباب الحلي وضيوفهم من المحافظات المجاورة، وآنذاك كان في الحلة اكثر من سينما ( سينما بابل وسينما الجمهورية وسينما الفرات الصيفي).
من المؤكد لا يتساوى أولاد الاغنياء مع أولاد الفقراء بملبسهم ، علما ان جميع الآباء يحرصون ان يشتروا لأولادهم الملابس الجديدة، الفقراء يشترون الدشاديش البسيطة الرخيصة الثمن، ويذهب بنا اباؤنا للخياطين الذين لم تكن لديهم آنذاك آلة قياس الطول او ما تسمى (اولچه)، فيقيس الخياط لنا قياس طول الدشداشة وطول اليد بكف يده، واغلب الأحيان تكون القياسات غير متقنة، وسعيد الحظ الطفل الذي يستلم دشداشته قبل حلول العيد، وبعد نهاية اخر يوم من كسلة العيد الصغير تستعيد أمهاتنا تلك الدشاديش الجديدة وتخزن للعيد الكبير عيد الأضحى، واجمل ما في ذلك الاهزوجة الجميلة التي ترددها الأم وهي تجمع من أولادها وبناتها تلك الدشاديش وهي تردد ( راح العيد وهلاله وكلمن رد على جلاله)، اما الاغنياء فلا تأخذ ملابسهم الجديدة وكنا نغبطهم وهم يأتون بها لصفوف الدراسة معنا.
تأريخ بسيط وألعاب وأغاني فطرية ضاعت بزحمة التمدن، زحمة التغيير والموبايل ووسائل التواصل حتى فقدنا أثر العيد ومتعة فرح الأطفال أيامنا الان.



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوفاء والغدر : قصة وفاء نادر وزوج غادر أنا شاهدها :
- مهرجان بابل للثقافات والفنون العالمية بنسخته العاشرة 2023 وش ...
- مهرجان بابل ومغنية الحي تطرب
- عروة بن الورد والعراقيين :
- ( عبد العمص) شخصية غرائبية :
- ما قاله الشعراء الشعبين في العيد :
- طرائف تراثية شيقة.. في الابوذية
- إياكم وشتم الأحزاب !
- محطات جمالية في.. ( منمنمات دمشقية ) للشاعرة السورية ( ليندا ...
- عرض كتاب : ( التحكيم في عقود الاستثمار الأجنبية)
- ( بير يوسف )
- الدارمي أو غزل البنات :
- ( عارات السياسة) / قصيدة شعبية
- صبراً يا عراق
- قرأت لكم 18 / ميلو مشهور عبيد / كاتبة وشاعرة سورية
- قرأت لكم / 17 راسم الخطاط / شاعر شعبي عراقي
- قرأت لكم 16 / ديانا الأسمر / شاعرة سورية
- قرأت لكم 15 / رولا حداد / شاعرة سورية
- قرأت لكم 14 / محمد الشمري شاعر شعبي عراقي
- قرأت لكم 13 / الشاعرة التونسية سميرة الزغدودي


المزيد.....




- لكم وركل وفوضى عارمة.. فيديو من الأرض يظهر اشتباكات عنيفة في ...
- كازاخستان.. قريبة نزارباييف تخضع لمحاكمة بقضية فساد
- القوات الجوية الأمريكية تستعد لتوسيع اتهاماتها لمسرب وثائق ا ...
- ماتفيينكو تؤكد ضرورة محاكمة المسؤولين عن مأساة أوديسا بعد ان ...
- غضب رسمي أردني من -اعتداء- إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى ...
- الولايات المتحدة تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرا ...
- ترامب: من الممتع مشاهدة شرطة نيويورك وهي تفض اعتصاماً مناصرا ...
- زلزال يضرب شرق تايوان
- الخارجية الأمريكية تؤكد رفض بكين مواصلة المفاوضات مع واشنطن ...
- الخارجية السودانية تتهم بريطانيا بالتدخل والتواطؤ مع الدعم ا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد كعيد الجبوري - يوم الكَسْلَه :