أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد السيد السّكي - العرش ومنتهى التدبير !














المزيد.....

العرش ومنتهى التدبير !


محمد السيد السّكي
كاتب وروائي مصري واستشاري تحاليل طبية

(Mohamed Elsayed)


الحوار المتمدن-العدد: 7654 - 2023 / 6 / 26 - 09:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد خلق الله الزمان وما ارتبط به من مفهوم المكان والابعاد ليكون مفهوما راسخا في اذهان خلقه فيلهثون عبر أنفاسه في متسع شكه و متاهات أمله و البحث دائما عن تسلسل يرويه بحر نبضه..
تتساءل دائما عن علة الأشياء وتعلو في ذهنك آهات السببية ولولا خلق الزمان لانتفت مسببات الأشياء وما صار الشئ قديما ولا حديثا وما صار هناك حفيدا ولا ابنا ولا ووليدا و ما تربعت في ذهنك احجام الأشياء وما صار صغيرا ولا كبيرا ولا قريبا ولابعيدا..
دوما تتصور ان أبعاد الكون بلا نهاية وانك لو تماديت في اغوار الماضي فلن تجد بايهام ذهنك للكون بداية وإنما هي معضلة المالانهاية المزروعة في ذهنك لخضوعك للزمان ورفيقه المكان وما استتب في علم الله الرحمن من تزكية مفهوم السببية الذي تنتشر أوراق شجرته في كل شبر في تجربة الحياة..
لكن الله البر الرحيم المتعال لا يخضع لمفهوم الزمكان الذي خلقه وجعله موجودا في ذهن خلقه فالله ليس كمثله شئ فلا يحيط به مكان ولازمان وهو المحيط الرحمن..
وسبحان الجواد الذي اخضع منطق بيانه لبيان خلقه فانزل لهم تعاليمه وعلمهم البيان وجعل من خلقه من هو كليمه واوحى لام موسى واوحى للنحل وانزل التوراة والإنجيل والقرآن..
ان كل مخلوق تتناسب مقتضيات أموره و حياته مع طبيعة خلقه فالانسان المادي الترابى يقتات على المادة ويجلس على المادة ويعبر عن ملكه بالمادة و الجان ذلك المخلوق الناري الطاقي يقتات على هالة المادة والطاقة والملازمة للمادة ولكن الله المتعالي عن كل وصف القاهر فوق عباده الغني الحميد عندما يصف دلائل ملكه وملكوته فإنها تتناسب مع كونه لايخضع للزمان والمكان وكونه ليس كمثله شئ وتتناسب مع صفات كماله وجلاله وجماله..
فلا تتصور بضيق ذهنك ان كلام الله ككلامنا الذي يخضع لمنطق الزمان وتكون له بداية وله نهاية ولكن كلامه سبحانه بلا حركات ينتشي بها مفهوم الزمان..
لا تتصور ان الله متجسم كاجسام الأشياء التي لها أبعاد وتخضع لمفهوم الزمكان ولا تتصور ان عرشه هو كعرش الملوك ولا كرسيه ككرسي الملوك..
فاذا كان العرش وبهاؤه بالنسبة لملوك البشر هو دليل السلطة فالله يشير لنا أن عرشه هو منتهى تقديره وتنظيمه وتدبيره في منظومة خلقه والتي تحدث رنينا وتوافقا وانسجاما مع صفات ذاته..
واستوائه على العرش مقاربة لنا يوضح فيها سبحانه قمة تقديره وتدبيره التي تكشف عن ذاته وتتوافق مع مقتضيات صفاته..
فمن مقتضيات اسمه الحكيم تشع الحكمة في كل تدبيرة قدرها في منظومة كونه وخلقه ومن مقتضيات اسمه القهار تشع كذلك كل دقيقة في اغوار كونه وهكذا لباقي الصفات..
وعندما يقول الله لنا أن "الرحمن على العرش استوى" فإنه يرشدنا ان اسمه الرحمن هو على قمة منظومة اسمائه التي تحدث انسجاما مع منتهى تدبيره وتقديره في كل صغيرة وكبيرة في خلقه..
الرحمن استوى على عرش اسمائه والرحمن هو الاسم الذي تتزن معه منظومة صفات ذاته فلا تعطيل ولا طغيان..
وارشدنا سبحانه بقوله قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن الي ذلك المعنى..
واذا قال لنا ان الملائكة من حول العرش يسبحون بحمد ربهم فلا تظن ان العرش كعرش ملوك الارض وانه مكان وان الله متجسم وان الملائكة يطوفون حول هذا المكان فتضيع بضيق فكرك منك جواهر ذات الله الذى ليس كمثله شئ..
وإنما يوضح لنا الله في ذلك النص ان الملائكة يسبحون الله الذى قدر فأحسن التقدير وكان عرشه منتهى التدبير الذي يحقق في كل قانون وملكوت صفات الله البديع ويكشف عن ذاته الجليل.
فسبحان ربى القدير.

والكرسي الذي تحدث الله عنه هو ملازم للعرش بلغة تنسجم ملازمة الكرسي لعرش ملوك الارض ولقد أشار الله لنا لكي لا تزيغ اذهاننا ان كرسيه يسع السموات والأرض مشيرا انه ليس الكرسي الذي يخضع لمفهوم الزمكان وإنما الذي ينسجم مع مفهوم العرش الذي يعبر عن منتهى صنعة الله وتدبيره المتحقق فيها كماله وجلاله وجماله والذي يتربع عليها اسمه الرحمن..
فانظر الي الله الرحمن المتفرد عن كل وصف وعن كل نقيصة المفارق للزمان والاكوان وأنعم برحيق كنوزه..

وبنفس المنطق عندما تتحدث الروايات ان الله ينزل الى السماء الدنيا فلا تتصور انه متجسم وإنما هي دلالة على قربه ليقربها من ذهنك لكنه سبحانه لا ينتقل بل هو في كل مكان وزمان..
عندما يقول سبحانه "وجاء ربك والملك صفا صفا" فلا تتصور بضيق ذهنك انه انتقال خاضع للزمكان وإنما هو إشارة للقرب والتنبيه ان الحدث جلل..

إن الذين خاضوا في فتنة خلق القرأن وتخبطوا لو انهم أدركوا أن الله لا يخضع للزمان والمكان لانهدمت بسرعة امام أعينهم معضلة الزمكان ولكنهم كانوا اما فقيها بعيدا عن ادراك الفلسفات القديمة او متكلما مسلما انبرى عاكفا في بحر فلسفات القدمين دون قارب حكمة او خبرة او مدد من نور الله الحكيم..

حاول الكثيرون من مختلف الاديان ان يقفوا موقفاً مستنيراً فقام موسى بن ميمون بمحاولة تكسير اضلع الفكر المنادي بالتجسيم في اليهودية تنزيهاً لله وحاول المفكر ون المسلمون عبر التاريخ الإسلامي إخراج الذهن الجمعي من مفهوم التجسيم والتنبيه ان الله لا يخضع للزمان والمكان وانه منزه عن كل نقص وهكذا يستمر فيض العطاء ويستمر انفتاح الاذهان وانغلاقها و الله يعلم المقصد وهي يهدي السبيل وبيده الهدى وبيده النور وبيده الحسبان والتقدير وهو سريع الحساب..

وبعيدا عن تنظيرات الاولين ومذاهب اهل الفقه والكلام والتشرذم مابين مشبهة ومجسمة وموؤلة وبعيدا عن اختلاف الماتردية والاشعرية وابن تيمية أراني انطق بتلك الكلمات التي يستريح لها قلبي و ذهني سائلا الله أن يغفر لي ما جهلت ويرشدني بنوره الي الصواب..
وسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون



#محمد_السيد_السّكي (هاشتاغ)       Mohamed_Elsayed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معالم النهضة المجتمعية
- انيميا المصريين الخبيثة! : ديموقراطية النخبة والجموع
- ذبابة مايو والحيوان وفلسفة الموت!
- أين اهل الاتزان و مذهبهم؟ .. مقاربة حالمة!
- دليلة واستير... جواسيس في أسفار العهد القديم!
- مقاربات العلم... الانسان والوعي !
- ميلاد مملكة جوجل !!
- أجنحة المنطق المتكسرة
- سرنمة الحياة !!
- توبة ابليس... وفلسفة الصفر والكربون !!
- موت الغرب وأفوله... تأملات وهواجس!!
- الفلسفة السياسية لادلة التفاعل الكيميائي !
- كورونا والنجوم !
- سر الحياة وفلسفة الخلية!
- صهيونية الاسيتون !!
- فخ الزمان ومعضلة المالانهاية!
- التدوين والتنوير.. الداء والدواء ؟!
- مناعة الشعب المصري الاجتماعية
- تليسكوب جيمس ويب... تأملات كونية!
- تفاحة آلان تورنج !


المزيد.....




- الكونغرس الأمريكي يكشف عن شرط لتدخل الولايات المتحدة عسكريا ...
- مينسك تحذر من استمرار تمركز قوات -الناتو- في ممر بين بيلاروس ...
- ملكة الأردن: استمرار حرب غزة يفقد الولايات المتحدة مصداقيتها ...
- قتلى وجرحى جراء هجمات روسية على مدينة خاركيف في شمال شرق أوك ...
- ?? مباشر: 16 قتيلا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح ولا ...
- تساؤلات قانونية وإنسانية حول قانون الترحيل -الطوعي- من بريطا ...
- صحيفة: -قضية فساد جديدة- في وزارة التموين المصرية
- فوائد التدليك العلاجي للجسم
- نسخة صينية مقلدة من شاحنة ماسك المثيرة للجدل
- Beats تعلن عن سماعاتها الجديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد السيد السّكي - العرش ومنتهى التدبير !