أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد السيد السّكي - توبة ابليس... وفلسفة الصفر والكربون !!















المزيد.....

توبة ابليس... وفلسفة الصفر والكربون !!


محمد السيد السّكي
كاتب وروائي مصري واستشاري تحاليل طبية

(Mohamed Elsayed)


الحوار المتمدن-العدد: 7357 - 2022 / 8 / 31 - 00:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


توبة ابليس.. وفلسفة الصفر والكربون !!

سيظل طائف أشكال توبة ابليس الباغي يطرق عقول كثر لكنه سيرجم بسهولة ويغادر مدحوراً.
ولكنه يتخذ متسع الادراك بوابة ومن ميوعة الالتباس عنواناً ومن منطَقة التفكير السفسطائي ريحاً ونيراناً فالمدخل السفسطائي معصوب العينين يطلي الحديد الصدئ بفرشاة منطق عقيم ليجعله مطلياً بهياً وهو هش ويعلن البراءة من جزيئات خيبته وهشاشته من الهيدروكسيد.
لقد وصف توفيق الحكيم ابليس بأنه الشهيد جاعلاً من فرضية توبته أشكالاً فلسفياً حيث كتب في مجموعته القصصية التي كانت تحمل عنوان " أرني الله" قصة الشهيد وهي تتحدث عن الشيطان الذي أراد أن يتوب. فيذهب الي رموز الديانات الثلاث المتمثلة في بابا الفاتيكان والحاخام اليهودي وشيخ الأزهر والذين جميعهم يقولوا له بانك ملعون وليس لك توبة.
ويأخذنا توفيق الحكيم في حيثيات معضلة توبة ابليس والتي بها ستنتهي فكرة الصراع بين البشر وابليس بل وستكون لا فائدة من امتحان الحياة.
ورغم جمال الحكي الأدبي في تلك القصة الذي ابهرنا به المبدع الكبير توفيق الحكيم الا انه وصف ذلك الطريد بأنه شهيد إذ أنه لا يجد حلاً ينهي مأساته ويخرجه من دائرة الغضب الإلهي.
لم يكن توفيق الحكيم الوحيد الذي وقع في فخ أشكال توبة ابليس بل ان الكثير في الماضي والحاضر يطرق ذهنهم طائف ذلك الأشكال.
يعتقد الناس ان وجود ابليس ركيزة اساسية لاستمرار تجربة الحياة وهو الذي به يتحقق وجود النعيم ووجود العذاب باعتبار انه هو الشرير الذي يغوي وبدونه تنتهي الغواية و ينزل الستار. بل وأنهم يستدعوا الميثيولوجيا اليونانية القائمة على فكرة صراع آلهة الخير والشر معتبرين ان هناك صراعاً بين الله والشيطان ورهانهم هو الانسان.
تلك المغالطة التي صاحبت العقل الديني لاصحاب الديانات السماوية المعتبرة واصبغت صبغة وجودية لابليس لا وجود لها في الحقيقة.
ستظل النفس البشرية تعصي حتى لو انسحب ابليس من مسرح الأحداث لانه بوسوسته يستدعي شروراً وطغياناً ويحفز الشهوات ولقد نبهنا الله ان دور ابليس الخفي هناك دور لا يقل عنه في الذين وصفهم بانهم شياطين الإنس.
لقد خلق الله الانسان ونفخ فيه من روحه لتكن مقوّماً لاعوجاج نفسه ووسيلة تبقيه على الوصال بالله منبع الروح الأول. وفي رحلة الانسان الارضية سيعصي ويتوب ويستكبر ويطغى فيتعرف على الله الغفور التواب والمنتقم سريع الحساب ويصير للنار دوراً لتنقية مفسدة من طغت غيوم دخان نفسه على نور روحه وتصير الجنة منة وجزاءً وعوضاً لمن حزن وعنت في الدنيا.
ومن صفات الله انه عليم وانه قادر ان يأتي كل نفس هداها "ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها". ولكن التجربة الحياتية الكاشفة عن الله هنا ستنتهي لتدخل الله الصارخ في الهداية بتأييد من الروح او بترك النفس لشططها ومفسدتها في الأرض. كما كان ذلك واضحاً في الخلق الطيني الذي كان في الأرض قبل الانسان والذي سفك الدماء والذي اعتقد ابليس والملائكة ان آدم البشري سيكون مثلهم لعنصره الطيني. الا انهم غفلوا عن المنحة الربانية التي حباها الله لآدم بالنفخ فيه من روحه.
الرمزية في القرآن وعدم الوضوح التام لهي هدف من الله ليكشف لنا به عن فضله على بعض خلقه الذين وهبهم الحكمة ليحققوا وصال الروح مع الله الحكيم.
أن الله عليم لا يخضع للزمان والمكان و بيده مقاليد كل شئ و يحول بين المرء وقلبه الذي يستقر فيه ادراكه ووعيه . ولذا فإنه لعن ابليس لانه يعلم انه لن يتوب وانه لم يعص عصيانا كعصيان آدم الذي كان مبعثه الشهوة ولكن عصي عصيان القطيعة مع صفات الله وتكبره عليه. فقطع نور وريد الله العليم واجتث جمال ملمس الله الحكيم القدير. لقد كان الفيلسوف إيمانويل كانت يقول : ان المسائل الفلسفية القائمة على فكرة الزمان والمكان هي عديمة النفع ومستحيل الاجابه عليها لان العقل مجبول على المزامنة. ولكني اقول هنا أن مسألة توبة ابليس هي في ذاتها عديمة النفع او صفرية النفع ولكن يخرج منها نفع كثير مثل الصفر والكربون.
الصفر في ذاته عديم القيمة ولكنه يضاف لغيره فتصير له فائدة والكربون اذا انتظمت بلوراته في شكل متوازي مستطيلات كان الناتج فحماً واذا انتظم في شكل بلورات مكعبه كان الناتج ماسأ .
ومن نتائج مسألة توبة ابليس النافعة انها بها تلميح جميل يدل على أن الله هو الذي بيده كل شئ وهو يعلم أن ابليس مكابر و لن يتوب ولن يتخلى عن كبره.
لقد قال الله عن أبي لهب انه سيصلى ناراً ذات لهب موضحا لنا أن ابا لهب سيموت ولن يؤمن ليلفت انتباهنا عن ذات الله وصفاته.
يامن تتشدق بمأساة ابليس انظر لمأساتك ولا تتحدث عن لسان احد وتكن له وكيلاً. كان الأحري بتوفيق الحكيم ان يكن الرواي لقصة بطلها سيقوم بها ولكن ابليس لن يقوم بها مطلقاً. واني أتساءل هل ابليس تجسّد لهؤلاء وطلب منهم المساعدة والوساطة مع الله علما بأن ابليس كان يشهد الملأ الأعلى ويعرف وصاله مع الله بسهولة عن هؤلاء.
فأبليس ليس بشهيد تتجلى فيه مأساة المشيئة والارادة بل هو صفر يجعل للفلسفة الصفرية قيمة ليست فيه وإنما للكشف عن مكنون الله الذى اتضح من خلال هؤلاء المتكبرين كابليس او شياطين الإنس.
قد يبدو مصطلح الفلسفة الصفرية غريباً مستحدثأ بل انه يذكرنا أيضاً بجماعة الصفرية بضم الصاد او كسره باختلاف الروايات والتي هي طائفة من الخوارج الذين خرجوا عن عباءة جماعة الازارقة الخوارج و اختلفوا معهم.
لم يكن الله ليعذب احداً الا بعدما يعطيه القدرة على الاختيار بل ويمد له بيد القدرة حبال النجاة كهداية معونة. فالله القيوم العدل هو قيوم على نفسه لا يظلم ولا يرضى لعباده الكفر وهو العزيز الحكيم..
ابليس المتكبر فضحته سجدة آدم فقد كان يريد دائما أن يكون هو المتصدر في المشهد لا حباً في الله ولكن حبأ في زيغ نفسه التي ترفض الحق وتغمط الناس و يغيب عنها بلثام الكبر ان الله هو المعطي وهو الوهاب والمحيط والذي يعلم وغيره لايعلم وهو الغفور الرحيم.

بقلم د. محمد السيد السِّكي استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي مصري
#محمد_السيد_السكي



#محمد_السيد_السّكي (هاشتاغ)       Mohamed_Elsayed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الغرب وأفوله... تأملات وهواجس!!
- الفلسفة السياسية لادلة التفاعل الكيميائي !
- كورونا والنجوم !
- سر الحياة وفلسفة الخلية!
- صهيونية الاسيتون !!
- فخ الزمان ومعضلة المالانهاية!
- التدوين والتنوير.. الداء والدواء ؟!
- مناعة الشعب المصري الاجتماعية
- تليسكوب جيمس ويب... تأملات كونية!
- تفاحة آلان تورنج !
- سيكولوجية الحاكم... النفعية والوطنية والمنطق !


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد السيد السّكي - توبة ابليس... وفلسفة الصفر والكربون !!