أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى جبران - موسيقى عربيّة صامتة















المزيد.....

موسيقى عربيّة صامتة


سلمى جبران

الحوار المتمدن-العدد: 7647 - 2023 / 6 / 19 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


حوارات مع مؤلّفين موسيقيّين عرب
قراءة بعنوان: "إضاءة المشهد الموسيقي"
فتنتني لغة الموسيقي والشاعر وسام جبران، لغة جميلة جدًّا وإبداعيّة تليق بإبداعِهِ الموسيقي!
لم أقفْ يومًا أمامَ جَهْلي مثلما وقفْتُ عندَ قراءتي لهذا الكتاب، فقد زادني عِلْمًا بجهلي في عالم التأليف الموسيقي. أُصغي للموسيقى بِشَغَفٍ وتأمُّل وتحليق في عالَمِها: الرحبانيّة، عبد الوهاب، مرسيل خليفة وغيرهم، وأُصغي على الغالب دون انشغال بأيِّ شيءٍ آخر غيرَ اللحْن والكلمة، ولكنَّ هذه الحوارات كشَفَتْني على المسار والمخاض الذي يعيشُهُ المؤلِّف الموسيقي وعلى التفكير والمعاناة الخلّاقة التي يمرُّ بها. هذا الكتاب زادني تقديرًا للتأليف الموسيقي ولكل الذينَ يخوضون سيرورتَهُ. شكرًا لوسام جبران على إضافة كلّ هذه المعرفة لأنّني لم أعرف عبد الله المصري قبل هذا الكتاب وكذلك أمين ناصر وناجي حكيم وهُتاف خوري. لِعُقودٍ أُصغي إلى مرسيل خليفة في أغانيهِ لدرويش وفي جَدَل، ولكن بعدَ قراءة الحوار مَعَهُ ارتفَعَتْ، في نَظَري وفي ذائقتي، ألحانُهُ وموسيقاه وصارت أجمل.

الحوار مع المؤلّف الموسيقي عبد الله المصري أضاف لي الكثير وجعلني أضعُ التأليف الموسيقي في درجة إبداع مُركَّب تتجاوزُ الإبداعَ الأدبيّ شِعرًا ونثْرًا. قال عبد الله المصري ص14 عن مرحلة في مسيرتِهِ: "كانت فترة عظيمة منَ الحماس واكتشاف عالَم الإبداع الموسيقي الحقيقي، حيثُ راوَدَني الصراع لتأكيد ما أوَدُّ سَرْدَهُ جماليًّا بلُغة الموسيقى اللامتناهية!" استمعْتُ إلى بعض أعمال هذا الموسيقيّ الكبير أكثر من مرّة وتَرَكَتْني في رغبة مؤجَّلة في سماعِها مرّاتٍ ومرّات أُخرى!
لا تخلو مسيرة هذا الإنسان الخلّاق من تفكيرٍ وبَحْثٍ عميقَيْن وَصَلا إلى نقْد الاستشراق في الموسيقى الغربيّة وإلى التعبير عن رؤياهُ الإنسانيّة قائلًا: "إنَّ أعمالي الموسيقيّة لا تحمل الاستعراضات، بل هي كتلة عنيفة من المشاعر والآلام التي تَنْطُقُ بها كلُّ جزئيّات هذا البناء ... وبنفس الوقت هي رؤيويّة البناء والفكْر". شقّ طريقَهُ إلى التأليف الموسيقي بروح إنسانيّة عالية بعيدة عن تعريفات الغرب والشرق، فقال: " الغرب الحديث لا يُريد لنا نحنُ المؤلّفين الموسيقيين أن "نتطاول" على الأوركسترا الكلاسيكيّة الغربيّة". والمصري اعتَبَرَ الأوركسترا جهازًا للتعبير، تمامًا مثل الحاسوب، واستخدَمَها في أعمالِهِ المُبدِعة كحالة ضروريّة يمكن من خلالِها التخاطُبُ معَ العالَم بانفتاح واستخدَمَ فيها مكنونات المقاماتِ الشرقيّة.
أقرأُ وأقرأ فيجعَلُني جمالُ التعابير في هذه الحوارات لا أُفرِّقُ بينَ التأليف الأدبي والفنّي والموسيقي، حتّى أنّني أدركْتُ أنَّ العالَمَ الداخلي للمؤلِّف الموسيقي أوسعُ من عالم التأليف الأدبي لأنّ التأليفَ الموسيقيّ ينتظرُ التنفيذ وهو متعدِّدُ الأبعاد ومتعدِّدُ التَّفاعُلات مع عالم الموسيقى والأدب والفنّ ويمتدُّ على مساحاتٍ لا نهائيّة! //

أمّا المؤلِّف الموسيقي الفلسطيني الوحيد بين المؤلِّفين الخمسة فهوَ أمين ناصر. يقول إنَّهُ نَشَأَ في مجتمع يسخَرُ منَ الاختصاص بدراسة التأليف الموسيقي، ولكنَّ عائلَتَهُ لم تعترض على دراسة التأليف الموسيقي على أن يكون مهنةَ تدريس يعتاشُ منها. قالَ إنَّهُ واجَهَ عَقَبَتَيْن وهما: غرابةُ الموسيقى الكلاسيكيّة على الأُذُن العربيّة، ونظرة المجتمع العربي إلى الموسيقى، كموضوع، بعيْنِ الريبة وعدم الاهتمام. وعلى مشروعه بالتأليف قال: "قد تكون آلةُ البيانو أداةَ خِطابٍ غربيّة، ولكنَّني سخَّرْتُها لبعض أشكال الموسيقى العربيّة كالنشيد الوطني."
ألَّفَ أوبرا حلم الفالس وعُرِضَتْ في القدس وعمّان عام 1966. حاولْتُ الاستماع إلى مؤلَّفاتِهِ عبرَ الانترنت ولكن للأسّف لم أجد غيرَ مقطوعة واحدة عزفَها الموسيقي فادي ديب.//

قراءةُ الحوار مع المؤلِّف الموسيقي ناجي حكيم تَرَكَتْني في أجواءٍ روحانيّة عِمادُها الصدق في الإيمان والأصالة في الإبداع بكلِّ أبعادِهِ. ص57 قالَ حكيم: "بالحب والعاطفة والذوق الرفيع يُمكِنُكَ أن تفعلَ المستحيل، هناكَ أيضًا سرُّ الخَلْق. إنَّ الله هو الذي يُعطي النعمة//// على الإنسان فقط أن يفتحَ يديْهِ وقلْبَهُ للترحيبِ بالنِّعْمة". استمَعْتُ إلى اثنَيْنِ من مؤلَّفات ناجي حكيم: Memor و Improvisionفي عزفِهِ على الأورغ وأذهَلَتْني حيثُ لم أستطع أن أُميِّزَ إذا كان العازف فردًا واحدًا أم فرقة كبيرة من العازفين. //
من خلال حوار وسام جبران معَهُ، أوضحَ لي المُؤلِّف الموسيقي هُتاف خوري، بالمعرفة والتحليل المنطقي، ماهيّة الفرق بينَ إحساسِ الإنسان الشرقي وإحساسِ الإنسان الغربي (ص 74-75)، حيْثُ ينبثقُ كلٌّ منهما من فضاء جُغرافي مختَلِف وعليْهِ فإنَّ كلًّا منهُما لديه إحساسٌ مختلِف بالزمن. فالزمن في الموسيقى هو مُكَوِّنٌ عُضويّ موجود في صُلْبِ اللغة الموسيقيّة. "إذن من حيثُ لا تدري، في لا وعْيِكَ رُبَّما، تنعكِسُ علاقتُكَ الحِسّيّة بالزمن في مرايا الموسيقى التي تنبَثِقُ منْكَ، وترتَدُّ على المتلقّي على نحْوٍ أو آخر. من مؤلَّفاتِهِ، استمَعْتُ إلى Flute Concerto فلوت كونشيرتو: مِرآة الأبَدِيّة وذُهِلتُ من توظيفِ ورفع شأن الصمت إلى مرتبةِ النغمة. ففي بعض المواضِع شَعَرْتُ أنَّ الآلة الموسيقيّة تتنَهَّد. أربعةٌ من المؤلِّفين الموسيقيّين ممن تحاوَرَ معهُم وسام جبران هم لبنانيّون. في ردّه على السؤال عن تميُّز لبنان بالتأليف الموسيقي، أجابَ الموسيقار هُتاف خوري بما معناه أنَّ هذا التميُّز اللبناني يعود إلى البعثات الإرساليّة المسيحيّة في لبنان وارتباط اللبنانيّين ثقافيًّا بموسيقى الكنيسة وثقافة الغرب الموسيقيّة عُمومًا، هذا بالإضافة إلى التنَوُّع الثقافي الكبير داخل المجتمع اللبناني وانفتاحِهِ على الغرب.

أمّا المؤلِّف الموسيقي المغنّي الرائع مرسيل خليفة، فإنَّ موسيقاهُ وكَلِماتِهِ التي اختارَها وألحانَهُ وألبوم جَدَلْ الموسيقي تجري في دمي منذُ عُقود. عندما وصَلْتُ إلى قراءةِ الحوار معَهُ، رُدَّ تاريخي إليَّ وارتَفَعَتْ روحي المعنَويَّة، لأنّني تقريبًا أعرِفُهُ وأعرِفُ عنْهُ وأستقي مِنْهُ الإنسانيّة والأمَل والمحبّة. يقول وسام جبران عنه: "له حضورٌ يضِجُّ بِصَمْتِهِ ويصرُخُ بأناقَتِهِ ويقاوِمُ بِحَنانِهِ" ص90.
قرَأْتُ الحوار معَ مرسيل خليفة ولم يَخُنِّي شَغَفي بموسيقاه وبِشَخْصِهِ الذي يحتَويها. أحسَسْتُ أنّني أقرأُ شاعِرًا وفيلَسوفًا ووعْيًا وفِكرًا متفرِّدًا، لا تلحَظُ فيهِ الفرْقَ بينَ الفرْد والجماعة، فهوَ الفرْد ُ وهوَ الجماعة، وصَمْتُهُ لَحْنٌ شَجِيّ ولحنُهُ صَمْتٌ مقدَّس. ص 97 قال: "أنا لا أفهَمُ موسيقى تعيشُ في حُجرة تخاف منَ الناس. الناس هم بدايةُ الموسيقى والنهاية. هم البوصَلَة التي تُحدِّدُ لي الاتجاه".
عن الحرّيّة يقول مرسيل خليفة: "إني لا أومن بشيء كإيماني بالحرّيّة، ولا أكرَهُ شيئًا ككُرْهي لكلِّ ما من شأْنِهِ الحدّ من حُرّيَّتي ... فما قيمةُ الفنّان عندما يريدُه النّاس كما هم يريدون، لا كما يريد هو أن يكون!" ص98
يؤكِّدُ مرسيل خليفة لا نهائيّة الموسيقى وأبعادَها المترامِية، مُقابِل "أنَّ الكلِمة تُحَنِّطُ المعنى ضِمْنَ دائرة دلاليّة، والمعنى يتحَرَّكُ داخِلَ قَفَصِ العِبارة"، "الموسيقى تُحَرِّرُ المعنى من قَيْدِ الكلام" ص100.
قرأتُ كلّ أجوبة مرسيل خليفة مرّتَيْن وبتَمَعُّن وأطربتني كلماتُهُ تمامًا كما تُطرِبُني موسيقاه! وعندما وصلْتُ إلى حديثِهِ عن المخاض في سيرورة وصيرورة عمَلِهِ على ولادة موسيقيّة جديدة لجداريّة محمود درويش فَتَنَني وأرَّقَني قوْلُهُ: "ما قيمة الحياة بلا شاعريّة!" ص 131
أخذني حديثُهُ عن الزمن في الموسيقى إلى أبعاد ومساحات واسعة وشعَرْتُ وكأنَّهُ خارِجٌ من أسطورة فينيقيّة نُسِخَت على العاج وأخَذَت تتفنَّن بإعادة اختراعِها للأبجدية.
إنّهُ يقولُ كلَّ شيء وينفي كلَّ شيء، وتتلألأُ المعاني والإيحاءات في كلِّ ما يقول.
بعد قراءة هذه الحوارات اتضحَتْ لي مقولة أنَّ الموسيقى هي لُغةُ الصمْت وهِمْتُ في هذا النوع منَ التأليف الموسيقي!
شكرًا لك الموسيقار والشاعر وسام جبران على هذا الكتاب الذي يضاهي بقيمته التأليف الموسيقي والشعري.
مباركةٌ ثَمَرَةُ جُهودِكَ!



#سلمى_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدور ديوان -صبا الروح- للشاعرة سلمى جبران.
- سيرة الجليلة وعَظَمَة البساطة
- قراءة ترصد خط التماس بين العبثيّة والبديهيّة في ديوان -يدٌ ي ...
- قراءة في رواية: قناع بلون السماء لباسم خندقجي.
- قراءة في رواية -العائد إلى سيرته- للكاتب باسل عبد العال.
- قراءة تفاعليّة في رواية -رحلة إلى ذات امرأة- للكاتبة صباح بش ...
- شاعرٌ يعانقُ القصيدة وحالمٌ عنيد
- قصيدة للقدس: ترابُها طينٌ وماءْ
- كـــلٌّ يُناجــــي قُدْسَـــــهُ.
- عن كتاب: في ظلال الرجال
- رسائل من القدس وإليها والتناغم الثقافي
- قراءة في رواية : -ليلة واحدة تكفي- - قاسم توفيق / حزيران 202 ...
- جنوبي يجولُ شمالًا وشرقًا وغربًا وما بيْنَهُم
- قراءة في رواية جنوبي لرمضان الرواشدة
- ملف 8 آذار
- سالم جبران شاعر المحبة ومفكّر الحرية
- مصيبة جديدة تأتي على رؤوس النساء
- لماذا تقتلون الصبية ميس..؟
- تحية إلى فيروز أينما كانت
- هدر الأنوثة


المزيد.....




- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران
- “شاهد الحقيقة كامله hd”موعد عرض مسلسل المتوحش الحلقة 32 مترج ...
- -سترة العترة-.. مصادر إعلامية تكشف أسباب إنهاء دور الفنانة ا ...
- قصيدة (مصاصين الدم)الاهداء الى الشعب الفلسطينى .الشاعر مدحت ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى جبران - موسيقى عربيّة صامتة