أيها الوغد تمتع بحياتك قبل فوات الآوان

اتريس سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 16:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

1/ من طبيعة الإنسان ميوله النفسية و العقلية إلى إخفاء عيوبه و سلوكه الشاذ عن الأخلاق و لديه أكثر من وجه حسب حالته و غرضه، في عصرنا المجتمع الإسلامي و العربي وأيضا بمختلف الأديان و المعتقدات لدى أفراد المجتمع البشري و الفلسفات الطقوسية سادت به صفات الرياء و النفاق و التدين، جُل غايته إرضاء آراء الناس تجاه شخصه بإبراز صورته المثالية الورعة و لكل قاعدة نظرية نسبة ليست شاملة؟ المرء غالبا ما يحكم على غيره خلال مظهره الخارجي من أسلوب لسانه و حركاته و ملبسه، و لا يتعمق بأفكاره و لا يقدر الإستماع لهمس قلبه، و ما يكتنز خلف صدره شيء غيبي يفوق التخمين و الشك، كان الفرد إمرأة أو رجل، تلك منقبة و حقيقة الجوهر مغايرة متسترة بقطعة قماش أفعالها السيئة و ذاك رجل لحيته طويلة كثة و يمارس الرذيلة و الخبائث سرا، الأخلاق و الإيمان و الإلتزام أعظم من هذه الشكليات المزيفة، و العادات المتوارثة التي تجعل الإنسان يعيش الكبت و حياة مسلوبة الإرادة ؟
2/ تذكر دائما أنك لا ثمن ولا قيمة لك محددة، كل من سيراك بعين عقله ومعلوماته وفكره، كل سيرى بداخلك إنعكاسه، كل سيرى نقصه فيك، لذلك هون عليك، تآكلك الداخلي وهشاشة الروح، وثقبك الأسود الداخلي الذي يسحبك لمتاهات الذات السوداء. دعك من جميع التقييمات وتذكر أن قيمتك أنت فقط من يعرفها حق معرفة، لا تنتظر من شخص ضائع أن يحدد من أنت، ولا من شخص مفتت أن يقيمك، ولا من نفس متصدعة أن تبلورك. العميق سيرى عمقك بكل بساطة و بدون تكلف، والسطحي سيرى سطحيتك بدون تعمق، التافه سيكره نقاشك، والفارغ سيلتهمك، وعقيم الفكر سيتهمك بالجهل، أنت لست أي رأي، أنت لست أي حكم، أنت لست أي إطار، أنت لست هنا لتنتمي بل لتكون مكان إنتماء آمن لنفسك.
3/ قد يأتيك ذاك الإحساس أحياناً أنك مكسور ممن أحببت بصدق، وأن كل شيء بات مزيفاً كما ظهر، لا تهتم، سامح، و أكمل الطريق، فلكل إنسان أسبابه في إيلام غيره، ولا أحد منا كامل وجميعنا ضحايا لجهل وُجِد، لكي يكون جهاداً لنا في رحلتنا جميعاً، يتجلى في عدة صور.
4/ قد تشعر في بعض المواقف أنه قد تم إستغباؤك، وأنك لست ذاك الذكي الذي تظنه، لا تحزن، أضحك من قلبك، و إستمتع بسذاجتك حتى، وآجعلها تطورك وتضيف إليك نظرة جديدة. غالباً ما يأتيك الدرس العظيم بعد ألم عظيم، فتعوّد على الألم إن أردت أن تكون كاملاً، وتعلم كيف تصنع من تتالي الآلام فرحاً يمدك بالرضا والزهد.
5/ لا تحزن على محبة قدمتها في غير مكانها أو دموع ذرفتها بصدق أو ضحكات أطلقتها من القلب مع من لا يستحق، فالحب يخرج من القلب قسراً، والدموع تخرج بأفضل حالاتها عندما تكون صادقة، والضحكات لا تكون سرمدية إلا عندما تمزق القلب فرحاً وتخرج فارضة نفسها مخرجة رأسها إلى الحياة والشمس، فلا تحزن، لأن دموعك و حبك وضحكك كانوا صادقين وفي مكانهم كونياً، وإن لم يكونوا في مكانهم بين الأشخاص حينها، فما يهمك في هذه العملية وهذا العصر هو صدقك لا صدق الآخر.
6/ قد يأتيك أحياناً ذاك الإحساس بالإزدواجية والشك، تعلم أبداً ودائماً عندما يفرض حدسك نفسه عليك أن تتبعه على حساب جميع الوقائع، فجميعها قابلة للتزييف إلا الحدس، أياُ كان ما يحدث، إياك أن تنكسر، فجميع ما حولك وما ولدت عليه في هذه الدنيا هي إختبارات ودروس، لا تتبنى خياراً متطرفاً أبداً، فما أتاك ألم سوى من تطرف في كره أو في ثقة أو في كلام أو في صمت، مهما كانت النتائج سودواية ومهما أصبحت ممتلئاً بالرماد، تعلم دائماً أن تلملم ذاك الرماد الكثيف حولك ومن داخلك وتنفضه ناراً تعطي دفئاً لروحك.
7/ تذكر دائماً تلك الماسة الموجودة في قلبك، أنت هي تلك الماسة لا غيرها، تذكر أن تلك الماسة لا تُصقل سوى بنار الألم ولا تُنظّف سوى بشحّار الرماد، تذكر كل هذا، أذرف دمعة صادقة وإبتسم بعدها وإمتن و تابع الطريق.
8/ الرجل الخاضع نوعان: عاشق خضع للحب، أنثاه متوازنة تعرف في قرارة نفسها أن رجلها قوي. وفاقد للسيطرة و الرجولة إختار الإستسلام لنرجسية مستبدة. الأول هو الحب والإحترام من الرجل والمرأة ولا يوجد عيب في طاعة الزوجة فيما يرضي الله وهذه بركة الزواج، أما طاعة الخوف والخضوع فهي زائلة وليس لها طعم وتفتقد إلى الإحترام والبركة
9/ لو كنت تمتلك سيارة فارهة، فهناك من يمتلك يختاً، لو كنت تمتلك قصراً فهناك من يمتلك جزيرة، لو كنت أغنى شخص في العالم، فهناك من يمتلك المكانة أو الثقافة أو الوسامة أو الشباب أو يجيد مهارة لا تجيدها. فالإنسان كائن محدود القدرات ولا يمكنه أن يكون «كل شيء» قيمة المرء الحقيقية لا تنبع من المقارنة بالآخرين، بل من إحساسه بالكفاءة الذاتية من شعوره بأنه يتقدم ويتطور، إن كان لابد من المقارنة، فقارن نفسك بما كنت عليه بالأمس لتعرف ما إذا كنت تتقدم أم تتأخر، تنافس مع نفسك، وذكّر نفسك دائماً بكل ما حققته، لتحافظ على تقديرك الذاتي. قيمتنا الحقيقية كبشر ناضجين نفسياً، نابعة من قيمة ما نفعله ونجيده و نسعى لتحقيقه لا من سعر ما إشتريناه أو عدد ما حصلنا عليه من ضغطات زر «لايك»!
10/ الحبل الذي آنقطع، عبثا ربطه من جديد، كذا العلاقات، ما آنفصل عنك، هيئ له طريقا للرحيل، فمن الأفضل أن تحفظ من عرفتهم في صفحات الذكرى، الجميع دون إستثناء
11/ على الأغلب هي علاقات لا تستحق فرصة أخرى، من العبث إحيائها من جديد وإكتشافها مرة أخرى، فلا تبحث تحت الأنقاض عن الحياة! مهما كنت تؤمن بنظرية إعادة البناء و الإصلاح، فلا جدوى من علاقة على قيد الموت، وإن حاولت فكأنك تهدر كمّا من مشاعر وكمّا من طاقة في البحث عن جثة ميت
12/ حبك، إهتمامك، دموعك، صبرك، تضحياتك وإن لم تقدر منذ البداية فلا تكرر الكرة مرة أخرى، من لم يحبك لن يهديك الحب أبدا، لأنهم أشخاص تجهل كيف تمنح الحب، فلا تراهن !
13/ إنها العلاقات التي تعجز عن إهدائك السعادة، لأنك أبدا لم تكن من أولوياتهم، أغلب من أحببتهم أشخاص تبرمجوا على الأنانية، عاجزين عن خلق قناة حوار، عاجزين حتى عن المحاولة
14/ عدم سماحك بمنح الطرف المقابل فرصة أخرى لا يعني أنك سيء بتاتا، بل يعكس صورة إنسان عرف قدر نفسه، يعلم ما يريده، أما الآخر فلا زال في درجة من العجز وعدم الفهم، تنافر وعدم توازن يؤدي إلى ضرورة القطع
15/ كيف لك أن تقبل بإعادة العلاقة ؟ بعيش نفس الوجع، نفس الخيبة وربما أقوى و أشرس، فمن إعتاد أن يؤذي روحك مرة، لن يضيع الفرصة مرات أخرى ؟ النتيجة واحدة، فلا تأمل التغيير ! لا تجبر روحك على زيارة الألم مرة أخرى، لقد قطعت أشواطا من الخذلان، الخيبة ومرارة الفراق بمفردك، فلا تعد أدراجك إلى الوراء لأجل أشخاص قللوا من قيمة وجودك في حياتهم، تفننوا في نقدك والتصغير منك، تهاونوا وأهانوا حبك. كيف لك أن تهديهم فرصة أخرى، وأنت الآن قد لامست تشافيك من جراحات، كانوا هم السبب فيها !إرحل، فما عادوا سكنك وسكينتك، لقد تطورت، لقد تعلمت من تجارب الحياة وهم لازالوا غير مؤهلين للحاق بك
16/ أفلت يد من تهاون في حقك، من كان أخرسا، أبكما، لا يفقه حبك، أفلت يد من يختلق الأعذار كل مرة، من لا يقدر رغباتك، فك وثاقك وتحرر من علاقات غير مجدية، تستنزف طاقتك ولا تهديك متعة و لذة، لا تدفعك للنجاح، لا تدعمك، لقد كنت سجين اشخاص إعتمادية، جحودة ،خائنة ونجاك الله من براثن إستغلالهم، لماذا العودة ؟ لمن كسروا قلبك و أطفئوا روحك ؟ لملم ماتبقى من جمال روحك وإتزان فكرك و قوة جسدك وأكتب بداية جديدة لعلاقات جديدة صحية، تكتب فيها قصة حب أو صداقة أو رباط مقدس لكن على أسس صحية. وقتك ثمين، وأنت أجمل ما لديك، فلا تكن ضحية لمن يجهل معنى المحبة
17/ الغريب في المثقف العربي أنه يناقش مفاهيم العلوم و الثقافة بلغة الحكواتية، لغة الجدّات الأميات لغة "الرحبة" و يريد أن يناقش بها العلم والعالم، اللغة العشوائية في مقابل لغة العلوم !
18/ القناعة أحيانا لا تشترط مثلا ضوابط وحدود وبراهين و إستدلالات منطقية لكي تحاكي منطق العقل، القناعة قد تكون عائدة لحاجة نفسية ماسة عند الإنسان، كمثل حاجته إلى إجابات تخفف من خوفه من مصير ما بعد الموت، لذا هذه حاجة نفسية عند الإنسان فهو مستعد أن يقتنع بأي إجابة حتى وإن كانت غير منطقية والخيالات لتهدئة روحه و تخفيف توتره بدلاً من البحث عن الحقيقة وفهمها بشكل صحيح. ولهذا السبب، فإن هذا النوع من القناعة لا يعني بالضرورة أنه حقيقي. على العكس، قد يكون مجرد تمني أو أمل يحلم به الإنسان. لذلك، ينبغي لنا أن نتطلع إلى الواقع بعيون مفتوحة ونعمل على فهم الحقيقة بجدية وبشكل شامل. الإنسان يستنجد بالأوهام.
19/ لم أشعر يوماً بأني أنتمي إلى هذا العالم المعتوه، المليء بالحمقى والمتملقين
20/ يظل الرجل يخرج للدنيا بدرعه وسيفه، ولا يهتز لمصائب الدنيا وضرباتها، حتى يظن أنه صخرة لا قلب لها، حتى يلقاها هي دون سواها فيلقي أسلحته ويخلع درعه فترى جراحه، هي فقط من يأتمنها على جراحه.
21/ ويرهقني أني مليء بما لا أستطيع قوله
22/ أكثر مايتم التلاعب به الشعور، ذاك الشعور الذي تم إعتقاله منذ الصغر دون أن ندري، ليحدد لنا كل فعل كل رد فعل ليشمل بمعناه تحديد كل حياتنا ضمن ذاك الإعتقال أو الإعتقاد، لا أسميه إعتقاد بقدر ماهو إعتقال، سجن، تعتقد أنك تحياه بحرية، و ماهو إلا شبكة تبقيك مشدود أو مرخي دون علم أنك معتقل، ليكون هذا الصنم الذي مر على فهمه منذ عصور على أنه ضمن الحلال والحرام، ليس حجر أو أي تخيل مادي، بقدر ماهو تجسيد لما تم تقيدنا فيه لتكون جملة أهدم الصورة تلخيص لكل طرق الحياة
23/ إن السراج المصنوع من الذهب لا يجعل من الحمار حصانا مثل بعض الناس مهما لبسوا ملابس راقية
24/ إجعل خططك غامضة كالليل و عندما تتحرك إنطلق كالعاصفة
25/ في بعض الأحيان قد تدفع ثمن إختلافك و تقدم فِكرك و نور بصيرتك
26/ لا تتوقع من نبتة الصبار أن تثمر لك التفاح، حاول أن تعرف أصل الأشياء و ماضيها كي لا يصدمك المستقبل
27/ اليد التي تنهضك عند عثرتك أصدق من ألف يد تصافحك عند الوصول
28/ سيظل البشر يضغطون عليك، يضيقون الخناق عليك، يجعلون حياتك مريرة حتى ترى المحجوب عنك بهم، فإذا رأيته فلن تفكر فى سواه. سوف تسقط البشرية تماما في عينك وعنك.
29/ أيها الوغد تمتع بحياتك قبل فوات الآوان
30/ عندما نلوم الآخرين، نصبح ضحاياهم و نبرر تصرفاتنا إتجاههم و نعطيهم جزء من لحظات حياتنا التي من الممكن أن تكون الأخيرة
31/ النضج ولادة ثانية و الولادة تحمل معها أوجاعها، مع فرق هو أن الإنسان يمارس ولادة نفسه بنفسه، لابد أن يموت فيه شيء حتى يولد فيه شيء جديد. أوجاع، صراعات، و بحث عن الشخصية الموزعة بين الماضي و الحاضر و صورة المستقبل، طبعا تتعقد المشاكل لما يكون الإنسان ذكي. معرفته تكون أكبر من حاجته و أكبر من ظروفه، هنا ممكن أن يبقى لفترة طويلة يميز بين الواقع و الوهم، هنا يصبح الإنسان لا يقوى عن التمييز بين الواقع و الوهم، بين الحلم الذي ينطلق من الواقع و بين الوهم الذي يكون بديل عن الواقع، هنا الأفكار تتعالى عن الواقع و تحاول أن تشكله وفق قوالبها المسبقة، لكن الواقع يقاوم وفي الأخير يفرض شروطه.

#اتريس_سعيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات