رسالة إلى وزير المالية والخوصصة

سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1718 - 2006 / 10 / 29 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

السيد الوزير : تحية طيبة ، وبعد . اسمحوا لي أن أتوجه إليكم علانية ـ وأنا المواطن البسيط الذي لا يملك غير قلبه وقلمه يقدمهما فداء للوطن ـ وأخاطبكم في موضوع من الخطورة بمكان يمس المغاربة في معيشهم ومصير وطنهم . فكما تعلمون ، نظمت المؤسسة الاشتراكية للأبحاث والتكوين يوم الأحد 15/10/2006 ندوة علمية في موضوع " إشكالات المغرب الحديث وآفاق معالجتها " كنتم أحد المشاركين فيها بعرض تمكنتُ من الإطلاع على مضمونه عبر التغطية الصحفية التي نشرتها جريدة "الاتحاد الاشتراكي" في طبعتها ليوم الثلاثاء 17 أكتوبر الجاري . وأصدقكم القول أن صدمتي كانت عميقة ومفجعة وأنا أقرأ أبعاد الاستراتيجية التي أفصح عنها تعقيبكم على التدخلات ، والمعتمدة على رهان خاسر وخطير لم يجسر نظراؤكم في الحكومات المغربية السابقة أو حكومات بقية دول العالم على الرهان عليه . إنكم تراهنون على التخلص من الكفاءات البشرية عبر الهجرة إلى الخارج حتى تخف مطالب المعطلين وضغوطهم على الحكومة قصد فتح أبواب التشغيل أمامهم . وهذا واضح من ردكم على الانتقادات التي وجهها الأستاذ حميش ـ كما جاء في التغطية ـ ( بخصوص الأرقام التي تحدث عنها ولعلو أن الأرقام التي تبدو مشجعة، تبدو أيضا مقلقة أمام ثالوث «أ• ف• ف» ويعني بها الأمية والفقر والفساد، فكل المؤشرات لا تعني شيئا أمام سؤال كبير هو حال الناس ؟ فالأرقام المشجعة يضيف حميش، تبقى بغير معنى، إن هي لم تستجب لتوزيع الخيرات ولم تحل معضلة الفقر والبطالة والهجرة وقوارب الموت ) • وجاء ردكم (على الملاحظات التي ربطت نسبة ارتفاع النمو بالتساقطات والموسم الفلاحي الجيد، بأن المغرب بدأ وبشكل تدريجي يتحرر من تبعيته لهذا المعطى ألمناخي، وهذا ناتج عن الإصلاحات التي عرفها المغرب• وقال ولعلو بخصوص الهجرة إن 5 ملايين مغربي سيغادرون المغرب في العشر سنوات القادمة وبأن المشكل الأساسي مستقبلا يكمن في قضية الماء والطاقة ) . ومعنى هذا أنكم تراهنون على هجرة هذا الكم الهائل من الطاقات البشرية الكفأة إلى خارج المغرب كحل رئيسي إن لم يكن الوحيد لمواجهة آفة البطالة . إن كان رهانكم كذلك فاسمحوا لي أن أذكركم بالمعطيات التالية :
1 ـ أن السيد ماثيو ماكيفر، رئيس الدائرة القنصلية بالقنصلية العامة للولايات المتحدة الأمريكية سبق وأعلن في ندوة صحفية عقدها بمناسبة الإعلان عن انطلاق عملية التسجيل الإلكتروني الخاص بقرعة الحصول على تأشيرة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 2008 ، أعلن عن لائحة المهن التي لا تؤهل أصحابها للحصول على التأشيرة وهي : ( كهربائي، رصاص، نجار، كاتبة، خياط، حلاق، مُجملة، ميكانيكي، مشغل آلات، لحام/حداد، فلاح/عمل بالفلاحة، تقني، ممرض، بناء، تاجر/مساعد تاجر/ قابض، طباخ/خباز/نادل/، عامل، سائق، حارس أمن، معلوماتي، مساعدة مدرسية، مصمم الأزياء، مصور، بدون مهنة ) . ومعنى هذا أن الخمسة ملايين المراهن على هجرتها لن تشمل أصحاب هذه المهن إلا من أفلح في "الحريـﮓ" . فهل بالاقتصار على أصحاب هذه المهن ـ مع التقدير الكامل لهم ولمهنهم ـ يمكن بناء اقتصاد قوي وتحقيق معدلات نمو مناسبة تمكننا من مواجهة تحديات العولمة وحل المشاكل البنيوية ؟
2 ـ أن الـدراسة التي أعدها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية في الإمارات، تشير إلى أن الدول العربية تتكبد خسائر مذهلة لا تقل عن 200 بليون دولار سنوياً، بسبب ما يعرف بـ "هجرة العقول العربية" إلى الخارج.
3 ـ أن التقرير الذي أعدته الجامعة العربية أوائل السنة الجارية حذر من مخاطر هجرة العقول العربية إلى الدول الغربية، معتبرا هذه الظاهرة بمثابة الكارثة، إذ قدرت الجامعة عدد العلماء والأطباء والمهندسين ذوي الكفاءات العالية من العرب في بلاد الغرب بما لا يقل عن 450 ألفاً.
4 ـ أن مؤتمر القاهرة الذي انعقد في فبراية الماضي لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة،وقف على أسبابها وأوصى بالحلول الكفيلة بتجاوز سلبياتها .
5 ـ أن تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في الوطن العربي لعام 2002 يفيد أن أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا أو الفنيين المهرة هاجروا إلى الدول المتقدمة حيث يسهم وجودهم في تقدمها أكثر ، بينما يعمق رحيلهم عن الدول العربية آثار التخلف والارتهان للخبرات الأجنبية.
إن مثل هذه الإستراتيجية ستضيف حتما إلى النزيف المالي الذي ينخر اقتصاد الوطن تهريبا وتبذيرا ، نزيف الأدمغة والكفاءات . ومن ثم لن يبق أمام الشباب اليائس غير الارتماء في أحضان التطرف وشبكات الهجرة السرية أو الجريمة المنظمة . ساعتها لا مفر من " الطوفان" الأصولي الذي تستعجل أوانه مثل هذه الإستراتيجية وتهيئ له ظروف الانفجار .

#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات