|
موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين - 1
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 12:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحقيقة التي ينبغي الانتباه إليها هي أن الإسلاميين لا يعادون أمريكا ولم يكونوا يوما أعداءها . فمنذ نجاح الثورة البولشيفية وقيام الاتحاد السوفييتي كنظام ينافس على الهيمنة العالمية ، اتخذت الولايات المتحدة من فقهاء الإسلام أول الأمر ، ثم الجماعات الإسلامية فيما بعد ،محاضن إنتاج العداء ضد الأيديولوجية الاشتراكية . في هذا الإطار كان تحالف الإسلاميين والأمريكيين ضد حَمَلة هذه إيديولوجية سواء كانوا أفرادا أو أحزابا أو أنظمة سياسية ، بل تحول الإسلاميون على مدى عقدين كاملين جنودا عملاء في خدمة الهيمنة الأمريكية كما حدث في أفغانستان تحت مسمى "الجهاد" . وإذا كانت حالة "العداء" بين الأمريكيين والإسلاميين قد طفت على سطح العلاقات بينهما ، فإنها ستظل حالة عداء عارضة . ذلك أن الولايات المتحدة لا تختلف مصالحها عن مصالح الإسلاميين . لقد شجع الأمريكيون الأنظمة العربية على محاربة التنظيمات الديمقراطية والاشتراكية ليبقى الاستبداد ، فيما تلقت الجماعات الإسلامية كل الدعم والحماية . طبعا لما تبين للإسلاميين أن الطريق أصبحت سالكة إلى السلطة بفضل الاستبداد الذي رعاه الأمريكيون حتى باتت التنظيمات الديمقراطية ، يسارية وليبرالية ، تمثل الأقلية التي تعجز عن الوصول إلى السلطة بالطرق الديمقراطية - وهذه حقيقة لم يتردد الأمريكيون في الإعلان عنها – لما تأكد للإسلاميين هذا الأمر سارعوا إلى طمأنة الأمريكيين ، باعتبارهم الحلفاء الطبيعيين ، على مصالحهم . إذ الإسلاميون والأمريكيون لهم مصالح مشتركة سياسية واقتصادية . فكلاهما يناهض قيام أنظمة ديمقراطية ترعى مصالح شعوبها وأوطانها . وكلاهما أيضا يدين بالبراجماتية مذهبا وتوجها . من هذه الزاوية يمكن قراءة الزيارات المتتالية لإسلاميي المغرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية . أي أن من أهداف تلك الزيارات طمأنة الإدارة الأمريكية بأن إسلاميي المغرب لا يحملون مشروعا أو برنامجا حكوميا يمكن أن يتعارض مع المصلحة الأمريكية أو يهدد أمنها القومي . خصوصا وأن الأمريكيين باتوا مقتنعين أن استطلاعات الرأي التي تنجزها عدد من معاهدهم تعكس رغبة فئة واسعة من المواطنين في أن يتحمل الإسلاميون مسئولية الحكومة . كما أن التجارب الانتخابية في عدد من الدول العربية ( المغرب ، مصر ، فلسطين ، الكويت ) أكدت هذا التوجه العام لدى الشعوب العربية . إذن طالما المصلحة مشتركة بين الأمريكيين والإسلاميين ، وطالما حظوظ فوز الإسلاميين في الانتخابات باتت شبه مؤكدة ، فإن الزيارات التي قام بها الإسلاميون أو التي سيقومون بها تندرج ضمن توفير أجواء الطمأنينة حتى لا تتكرر تجربة جبهة الإنقاذ في الجزائر أو تجربة حماس في فلسطين . ذلك أن إزعاج الأمريكيين وحلفائهم يقود حتما إلى إفشال التجربة إن لم يقد إلى كوارث اجتماعية . فللأمريكيين أساليبهم لن تترك للإسلاميين أي خيار بين المواجهة أو التعاون . وكانت أحداث 11 شتنبر إيذانا بانتهاء مرحلة التواطؤ المطلق مع الإسلاميين ، وبدء مرحلة جديدة تميز فيها الولايات المتحدة بين المتشددين الذين لا تتردد في مواجهتهم بقوة السلاح كما حدث مع حركة طالبان ، أو محاصرتهم كما يحدث الآن مع حكومة حماس ، وبين المعتدلين الذين يقومون بمراجعات على مستوى المواقف والشعارات بما لا يتعارض مع المصالح الأمريكية . وإسلاميو المغرب يدركون جيدا الفارق بين شدة الغضب الأمريكي وما يترتب عنه من خسائر ، وبين رضا الأمريكيين وما يجلبه من مكاسب . وإذا كان الأمر مفهوما فيما يتعلق بحزب العدالة والتنمية كحزب قرر الانخراط في مؤسسات الدولة والمشاركة في العمليات الانتخابية ، باعتبار هذا الخيار يقود إلى التداول على السلطة . ومن مصلحة الحزب أن يهيئ الشروط المناسبة لاحتمال توليه مسئولية إدارة الشأن العام قبل انتخابات 2007 حتى لا تحدث المفاجأة أو الصدمة كما في حالة حماس . إذا كان هذا مفهوما بل ومطلوبا من حزب يتوق إلى الحكم ، فإن المسألة بالنسبة لجماعة العدل والإحسان تبدو شاذة إذا ما حاكمناها بما تنتجه الجماعة من شعارات مناهضة للغرب وقوانينه وثقافته وكل مكتسباته الحضارية . فكيف لجماعة تسعى لإقامة دولة الخلافة لتحكم كل العالم بعد أن تسقط كل الدول وتدك حصون كل الأنظمة ، أن تخطب ود الأمريكيين ويتردد رموزها على الدوائر الرسمية وغير الرسمية ؟ إن الأمر يمكن فهمه ليس بالارتباط مع موعد 2007 ، بل بما قبله . فنحن نعلم جميعا أن جماعة العدل والإحسان تعيش على نبوءة 2006 التي يعتبرها أتباع الجماعة ومرشدها وعدا من الله لهم . من هنا فالجماعة لا تراهن على الانتخابات والحكومة بقدر ما تراهن على القومة والنبوءة . لهذا فالجماعة بعد أن خاب مسعاها في تشكيل حلف مناهض للحكم الملكي تحت مسمى " الميثاق الإسلامي" ، يضم كل القوى الفاعلة في المجتمع ويقوده الشيخ ، لجأت إلى الاستقواء على النظام بالقوى الدولية . فالجماعة تتوخى كسب ثقة الأمريكيين للضغط من جهة على النظام المغربي حتى يخفف من مراقبته للجماعة ، ومن جهة أخرى توفير مزيد من الحماية للجماعة وأعضائها حتى لا تطاولهم يد العدالة . وهذا من شأنه أن يخلق ما يمكن تسميته بـ " المحميين الجدد" على غرار المحميين الذين كانوا يتمتعون بالحماية الأجنبية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى المغرب . وحتى لا تتكرر التجربة ، ليس من خيار أمام الدولة سوى تطبيق القوانين المنصوص عليها ضمانا لمبدأ المساواة ، وأيضا تكريس الوجود المادي والفعلي لدولة الحق وسيادة القانون .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع
-
بعد ثلاث سنوات أين المغرب من خطر الإرهاب ؟
-
هل يمكن تعميم المنهج السعودي في مواجهة الإرهاب الإسلاموي ؟
-
الشيخ ياسين يجعل من الخرافة فُلك النبي نوح
-
هل يفلح الحوار المتوسطي في تفعيل الحوار المغاربي ؟
-
هؤلاء هم أعداؤك يا وطني
-
رسالة إلى الدكتور شاكر النابلسي
-
القرارات السياسية تتغذى على الأعراف وتوظفها لتهميش المرأة وإ
...
-
الفقه شرعنة للعرف وتشريع للتمييز ضد المرأة
-
عولمة الإرهاب وعولمة الحرب عليه 2
-
لما تصير المرأة ضحية العُرف والفقه والسياسة(1)
-
أصبح ممكنا الحديث عن عولمة الارهاب وعولمة محاربته 1
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
-
شيوخ التطرف هم ملهمو الرسام الدنمركي وشياطينه
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن 2
-
التحالف مع العدل والإحسان لا يكون إلا على أساس معاداة النظام
...
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن -1
-
مغالط من يماثل بين غاندي الهند وياسين المغرب
-
الثورات لا تكون دائما بلون الدم ورائحة البارود
-
تحريم تهاني أعياد ميلاد المسيح تحريض على الكراهية وتكريس لها
المزيد.....
-
العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في
...
-
لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان
...
-
عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي
...
-
إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو
...
-
الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
-
شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية
...
-
أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
-
آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ
...
-
-الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|