أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ليندا كبرييل - كونيْ كالفَجْر إذا اقْتحَمَ الظلام















المزيد.....

كونيْ كالفَجْر إذا اقْتحَمَ الظلام


ليندا كبرييل

الحوار المتمدن-العدد: 7611 - 2023 / 5 / 14 - 15:11
المحور: حقوق الانسان
    


ملاحظة: الإشارة (*) تعني أن الحدث يتعلّق بما جاء في الحلقات الثلاث السابقة، روابطها في نهاية هذا المقال، الرجاء العودة إليها وشكراً.


* أنا وزميلاتي الآن في باحة المدرسة، يُبارِكنا من الشرفة أعضاء في حزب البعث، وسيدات الحركة النسائيّة اللواتي ألْقَيْنَ خطابات ناريّة مُجَلْجِلة بمناسبة يوم المرأة العالمي *.
هتفْنا بالشعارات، أيّدْنا ثورة الثامن من آذار، ثم بعد ساعتين من طلوع الروح ومغادرة الضيوف، انتظَمْنا في أرتال نتلقّى الأوامر العسكريّة من مدرِّبة الفتوّة.

تُؤيِّدُ تُندِّدُ وتُبدِّد قِسْطاً من العمر، لِتكتشِف أخيراً أنَّك لم تكنْ إلا حَطَبة في مَوْقِد هذا الزعيم أو ذاك الإمام.
كان عصراً ذهبيّاً للكاوبوي رُعاة البقر، حيث ساقونا إلى تدريبات إنكشاريّة صارمة، لإعْدادنا للعمل لاحِقاً في القصور السلطانيَّة أو في خِدْمة عَتَباتها، أو لتَوَلّي الوظائف المَدَنِيّة الحسّاسة؛ فماذا تغيَّر منذ ذلك الحين وإلى اليوم؟

كأنّي في يوم الوَغى، أنطلق مع رَتَلي في مِشْيَةٍ عسكريّة* مُلتزِمة كرفيقاتي بضَبْط إيقاع أقدامنا الهدّار على صوت مدرِّبة الفتوَّة "ميساء" الجهوري تردِّد: أحْ تنين أحْ تنين .. يُلهِب شعوراً حَماسِيّاً في قلبي، فأشعر أني لو ضربْتُ بالأرضِ رجلي لَاهْتَزَّ الكَوْن، أقول للشيء كنْ فيكون! رأسي في السماء كأنني رامبو أو شمشون .. مع يدي اليمنى ترتفع إنجازات هارون الرشيد ومع اليُسْرى سيف ابن الوليد، في قلبي عدالة الراشدين وفي عقلي دهاء الأمويّين .. فأنا بنت الأصول، وابنة تاريخٍ تُدَقُّ له الطبول، طَلَّاعَة الثنايا ومَعالي الأمور ..
هيـــــــــه ~~~ طَوِّلي بالكِ، مَنْفَخة مُضْحِكة!
أنا أنا .. وأنتِ لا تُصَدِّقين متى ينتهي هذا التدريب العسكري والدوران الأخْرَق (دوِّخيني يا ليمونة)* حول الباحة، لِتَسْتَعيري منْ " إلهام " قصة لغز الكلب ذو الرأسَيْن!
~ بلا شمشون بلا هارون.
رَمَيْتُ في الهواء بسيف ابن الوليد .. وهَرَعْتُ إلى إلهام بعد التمرين العسكري أرْجوها أن تعيرني القصة، وأُحَلِّفها بِالهادي البَصير أن تحكي لي كيف حَلَّ تَخْتَخ لغز (الشاويش فرقع)، ولماذا ظهرتْ فاتن حمامة في لغز رجل الصندوق! فوافقَتْ أن تبوح لي بالسِّر بشرط أن أساعدها في الردّ على أسئلة امتحان الديانة، ووافَقْتُ بشرْط أن نذهب إلى الكنيسة للاعتراف بذنبنا!

وتقدَّمنا إلى الامتحان الأخير في مادة التربية الدينيّة في قالَ وقِيلَ وقَلْقَلَ ولَقْلَقَ.
وعادت الصديقات المسيحيّات والمسلمات إلى الإلْتِمام الدافئ، بعد أن فرَّقَهُنَّ المُتَجَبِّر: سيف الدين القهّار.
كأنَّ حصّة الدين مُعَدَّة لِتَرسيخ شعورنا بِزَوال قانون الجاذبيّة، حيث تنعدِم فيها قوى الاحتكاك، ويَتَلاشى الرابط الذي كان يشدُّنا إلى بعضنا.
مَأزقٌ أخلاقيّ أوقَعَنا في شِباكه مَنْهجٌ سَماوِيٌّ يُرَسِّخ قيمة التمييز والتعالي بين البشر.
لا شيء أضْيَع للعُمْر من عِلْمٍ يَسْعَى إلى تقويم ما لا يَسْتقيم.
مادّة التربية الدينيّة وكنا نُسَمّيها: مادّة الأحكام العرفيّة، فَرَضوها على الطلاب على اختلاف مذاهبهم وتَبايُنها، مادّة لا تُخاطِب النزعة الإنسانيّة فينا .. إنها تُخاطِب مصلحةَ الأشاوِس ومنافِعَهم.

إنهنَّ تاريخي المدرسيّ، يا لِزمانهنَّ الجميل:
ابتهال، فاديا، آمال، سعاد، زهرة، إلهام، تغريد، راوية، مليكة، كريستين، هالة، إقبال، سعاد، جانيت، سهير، إيمان، شيماء، ليلى.
تَواصَلْنا إنسانيَّاً وإن كنا نعلم في قَرارتنا، أننا نشترك جميعاً في بيئة تَدُقُّ الأسافين بيننا؛ في بيوت العائلة، في بيوت السياسة، وفي بيوت الله.
لغة السلام لها وَقْعٌ في الوجدان فَتَنَ قلوبنا البريئة المُتَشوِّقة إلى عالم الأمان؛ فما حيلتنا إنْ كان دخول عالم السلام أصْعَب من المُرور في ثقب إبرة؟

* ومع انتهاء حِصَّة (فَرْكة الأذن) على الطريقة الدينيّة، وقبلها حصّة (تكسير الرأس) في التدريب العَبَثيّ على المِشْية العسكريّة، وقبلهما حصّة (طلوع الروح) في الاحتفال الصباحيّ بمناسبة 8 آذار .. عادتْ الصديقات إلى صفٍّ واحد، وعاد الكون بِأسْره إلى الانتظام.
واكتملت الصورة وقت الظُهْر بحضور الغائبة: صديقتنا " مليكة ".

لم تكن مليكة حاضِرة صباحاً لِسَماع خطابات سيّدات الحركة النسائيّة، احتفالاً باقتراب مناسبتَيْن تَحُلّان في نفس اليوم! ذكرى ثورة الحزب، ويوم المرأة العالميّ.
حكمة المُعِزّ المُذِلّ!
وما كانت مليكة مُشارِكة قبل أيام في مظاهرة التنديد بالعدوان الإسرائيلي*، ولن تكون مشارِكة أيضاً في مسيرة تأييد ثورة الحزب القادمة.
خيار وفقوس
ولا يُشتَرَط على مليكة للتقدُّم إلى امتحان البكالوريا اجتياز المعسكر الصيفيّ، وامتحان التربية القوميّة، وامتحان الفتوّة في فكِّ وتركيب البارودة التشيكيّة*، ولا حتى امتحان الديانة كالمُقرَّر علينا.
نيالها! إللي على راسو ريشة الله يعزّه .. بنت وزير؟ أمير؟ بنت حسب ونسب؟ ماذا؟
هي فعلاً كل هذا، لكنها باختصار: مَنْبوذة، نَكِرة، فَضْلة، تستحِقُّ أن تعيش كالأيتام على مائدة اللئام.
غلب حماري
القصة وما فيها: كان في واحدة يهوديَّة اسمها مليكة، أباؤها آباؤها أولئك الصهاينة، مُغْتَصِبو الأرض المقدسّة، طارِدو أهالينا، المُفَظِّعون في مَذابِح دير ياسين والطنطورة و ... وحكايات ~~، وآخِرها أن عقيدتنا السمحاء تأمرنا بِمُعاداة الضالّين إلى يوم الدين!
تَعْجيزٌ لا إعْجاز فيه ساقَنا إلى تِيْهٍ أبديّ، ومع الأحفاد تَلِدُ الأحقاد ويتشرَّبون الكراهيّة حتى الثُّمالة.
وسُبْحان مُسَخِّر قَدَر لا مفرَّ منه!

دخلتْ مليكة قاعة الدراسة بعد انتهائنا من امتحان الديانة، وقد حملت لنا خبز الشالاه اللذيذ، ولما اقتربتْ من " هالة " تأمّلت آثار الضرب على وجهها ورقبتها التي سبَّبَتْها مدرِّبة الفتوَّة *، والعينين المُتَوَرِّمَتَيْن من البكاء، وبدون أي سؤال انحنتْ عليها وعانقتْها وهي تُرَبِّت على كتفها مُواسِية.
التفتت مليكة إلى سهير تسألْها عن أجواء الاحتفال الصباحيّ، فأجابتْ سهير بكل برود:
ــ والله يا مليكة راحت عليكِ نونِيَّة الخطيبة.
حدَّقَت مليكة بوَجْه سهير، ثم سألتها برقّة وحياء :
ــ ممم ؟ أي نونيّة؟
ــ التي ألقتْها على رأسنا من أول الصبح.
انفجرْنا بالضحك ومليكة محتارة.
وتابعت سهير ساخِرةً:
ــ إيه شو نونيّة يا مليكة ~ ولا أروع!
ثم خاطبَتْنا وأكتافها تهتز من الضحك:
ــ يللا يا بنات~ نكتب الموضوع المطلوب عن الاحتفال بدون هالنونيّة.

واجتمعت الصديقات، لمتابعة النقاش حول ما تضّمنتْه خطابات الصباح، وتسجيل الملاحظات في نصٍّ إنشائيّ سنقدِّمه إلى مُدرِّسة اللغة العربيّة *.

كان اختلافنا على طريقة عَرْض الفكرة؛ الأسلوب الخامِل لا يصلح لمثل هذه المواضيع، فهو يبدو كَتَمارين المَشْلولين على المشي، نريد أسلوباً من كَعْب الدِسْت.
اتَّجهت الأنظار إلى "زهرة"، المُخْتَصّة بِإلقاء الأشعار الوطنيّة بطريقتها الرائعة.
ها زهرة.. أتْحِفينا ..
نريد خطاباً يشيل وما يحط ّ.. نَرُدُّ فيه كَيْد الغرب في نَحْرِه، ونُحقِّق صَهْرَ أجزاء الوطن العربي وجميع العصبيّات المذهبيّة في بوتقة الحزب، مع شوية بهارات من الشعر والشعارات، ولا تنسي الأهمّ : الإشادة بالجهاد الشرِس، الذي تخوضه المرأة العربية لِكَسْر قيودها الذهبيّة، وسَعْيها المَحْموم لتحقيق المساواة مع الرجل في أسباب قَطْعِ الصلاة، والحصول على كـــــــــاافّة حقوقها بالتمام والكمال مثلها مثل الرجل.
عشم إبليس في الجنة

قالت زهرة:
ــ سنبدأ ببيت شاعر البعث: آمنت بالبعث رَبّاً لا شريك له وبالعروبة ديناً ..
قاطعَتْها إقبال بانفعال:
ــ هذه ألفاظ كُفْرِيّة والعياذ بالله وكلام لا يَرْضاه ربُّ العباد ؛ لِنتركْ فقرة ثورة الحزب إلى آخر الجلسة ولْنُرَكِّزْ على موضوع المرأة.
صفّقتْ سعاد مُبتهِجة وصوتها يتقطَّع بالضحك* وقالت:
ــ هذا هو الكلام .. يَرْضَى عليك زهرة، حطّي لنا فقرة تقول: إن المرأة تريد أن تكسِر احتكار الرجال النِسْوَنْجيّة سوق قطيع الماشِية جنْب الحيط طالِبة السِّتْر والتِّبْر ههههه، وتُصِرُّ على أن يكون لها أربعة أزواج عَدّاً ونَقْداً وفوقهم ما طابَ لها، مع قسيمة هدايا رجال يَهِبون نفسهم هههههه واكتُبي: طَقْم الأربعة قابِل للاستبدال لِتُجَدِّد المرأة شبابها ههههه وأما قاعدة: للذكر مثل حظّ الأنثيَيْن فسَتُحْصَر تحديداً في أن يقوم الزوج والأخ أيضاً بتنظيف الحمامات والمراحيض والبَلاليع.. والخلود لرسالتنا الحَريميّة ههههههه
تابعتْ راوية ضاحكة:
ــ إيه والله.. ويا ريت تُوَسِّعي المطالَبة أن يكون لنا حقّ التمتُّع بِسبعين حورِيّاً في الجنّة.
أجابتها سعاد بعد أن هدأ سُعالها من شدة الضحك:
ــ صُمْتي صمْتي وفَطَرتي عَ بصلة .. يعني ما عجبك من النجوم إلا سهيل ؟! مرحبا سهيل ههههه لا يُطْعِم الجوعان ولا يروي العطشان ولا يُدْفِئ العرْيان ههههه والأهمّ : إذا أجرينا عمليّة حسابيّة في النسبة والتناسب فسنجد أن سبعين حوريّاً في قياس البشر رقم كبير جداً على الأرض، ولكنه في حساب الملأ الأعلى حيث سنعيش مليارات السنين يصبح هذا الرقم هزيلاً جداً هههه.. شوفي راوية: طُموحي واقعيّ له صِلة بِحياة الحريم على الأرض، أما طلبك فيتعلَّقُ بأمور غيبيّة ما شَهِدَها أحد، وهذه أمنيات مُثَبِّطة للإرادة لأنها تُدْخِلنا في أوهام أحلام اليقظة، ونحن نريد سَلَّة مليانة بالعنب تملأ العين وتروي القلب ههههه

علَّقَتْ زهرة:
ــ أرى أن الاجتهاد مُمكِن فيما يتعلّق بحياة الإنسان في الدنيا، ولكنْ لا اجتهاد في النصوص قطعيّة الثبوت: الحور العين للرجال فقط .. أما الحريم فهناك نصوص عديدة تشير إلى أن النساء المسلمات في الجنّة يُزَوَّجْنَ بالرجال المسلمين من أهل الدنيا بعد أن يُدخِلهم الله الجنّة في أحسن وأبْهى صورة، وهذا ..
قاطعتْها جانيت المُلَقَّبة سنجق عَرْض:
ــ هذا تمييز وإجْحاف بِحقِّ المرأة المسلمة ؛ ظُلْمٌ على الأرض وفي السماء أيضاً؟
ردَّتْ إقبال بهدوء:
ــ هذا ليس تمييزاً لا سمح الله .. جاء في المأثور أنه من طبيعة النساء الحَياء، فلا يُشَوِّقُهنَّ الله لِلْجَنَّة بما يَسْتَحينَ منه..
ردَّتْ سنجق عَرْض:
ــ جاء في المأثور على لسان البشر وليس بحُكْمٍ من السماء.
اَفْحِميها يا إقبال يرحمكِ الله
تابعت إقبال غير آبِهة بالاعتِراض:
ــ شَوْق المرأة للرجال ليس كَشَغَف الرجال بالمرأة، فشَهْوَتها ليست طاغية ؛ نحن النساء شوقنا إلى الزينة من اللباس والحلي يفوقُ شوقنا إلى الرجال لأنه مما جُبِلْنا عليه.
ــ جَبَلونا عليه ! ولمْ نُخْلَق على هذه الجَبْلة التي أوْهَمونا أنها فِطْرة. صاحتْ إيمان.
ثم وقفتْ في منتصف الحلقة وتابعت:
ــ هذا تزييف للوعي! نحن صنيعة فتاوى الانتهازيين الذين فصَّلوا حياة المرأة لتتناسب مع مقياس منافعهم .. تنشِئة الأنثى على قَمْعِ رغباتها خطير.
هتفتْ سعاد:
ــ تعيش إيمان ههههه
بدتْ نظرات إيمان كأنها تحاول اسْتِجْلاء ما في عقولنا، ولما لم تَلْقَ إلا السكوت أردفتْ مُتحدِّية:
ــ ليس كل ما جاء في التراث يُعَبِّر عن الحقيقة المطلقة غير الخاضِعة للنقد والمراجعة؛ هل شقّوا عن صدورنا لمعرفة ما نضمره وما وراء الحجب؟ هل عندهم مِسْبار لِتقدير عمق أحاسيسنا؟ أو آلة لِفَحْص مستوى رغباتنا؟ أو ترمومتر لقياس حرارة شوقنا إلى الرجل؟ إنهم يدمِّرون رغباتنا عَمْداً عن سابِق تصميم.
عقَّبَت تغريد قائلة:
ــ فعلاً، المِسْطرة الأخلاقيّة الدينية أقامت حصاراً لا يُخرَق على امتيازات الرجل، وأسَرَتْ المرأة في صورةٍ حالمة مُتَعالِية على الواقع، فسقطتْ في الأوهام.

انزعجت شيماء من هذا الحوار فقالت غاضبة:
ــ لا يجوز للمُسلِمة أن تتفوَّه بمثل هذا الكلام المُعيب ؛ ما أسمعه منكنَّ هو المُنْكَر بعينه ويقود إلى انحراف القلب، والعِفّة تاج على رؤوسنا.
صاحتْ إيمان:
ــ حَكَى شَهْباظ ! بل هذا ما يجب أن نكتبه ونناقشه في يوم المرأة العالمي، هذا هو الموضوع الأهمّ ؛ نَشَأْنا على فلسفة الخنوع وأن طبيعة النساء الزُّهْد والحياء، واسْتِسلامها لإغْواء التعبير عن الأحاسيس يستوجبُ الإدانة أو التوبيخ ؛ دَسّوا دسّاً في العقول شعارات ذكوريّة كالقول: المرأة نصف المجتمع، وأمُّ الأنبياء، وقلب الإنسانيّة، وصانِعة الرجال، ومُرَبِّية الأجيال، كلام معسول يُرَطِّب قلوب مَنْ وُصِفْنَ بناقصات العقل والدين، لِيَحْصُروا دَوْرَنا في الإنجاب والإرضاع وتقديم الخدمات.. ثقافة تستحقُّ الهَدْم حقاً.

تابعت سعاد في طريقة كوميديّة:
ــ نسيتِ أن تذكري شعار: النساء شقائق البطران الغرقان إلى صيوان الآذان بالنسوان، ومِثالي زوج أختي، وأبي المِزْواج عبد الجبار هههه صاحب نظرية: الخِدْر سِتْرٌ *.

وإذا بصوت ليلى الرقيق يشقّ زحام التعليقات الناقِدة فتقول:
ــ لمْ يُحَيِّرْني شيء كالتناقض في أقوالهم تلك، وأن المرأة العفيفة كنزٌ للرجل، فهي التي تصون عرضه وتمنحه العون في أداء واجباته الدينيّة.
بعصبيّة سألتْها شيماء:
ــ هذا صحيح، أين التناقض؟
ــ عبارات التملُّق والتدليس هذه تتناقضُ مع أحاديث تَصِف المرأة بناقصة عقل ودين وعورة وشيطان وتستحقُّ الضرب ولن يفلح قومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأة .... الطاعة وأطعْناه، ماله وحفظناه، الحجاب ولبسناه، النظر وغَضَضْناه، البيت ولزمْناه، أتُريدين فوق كل هذا أن نُدَلِّع الرجل ونُعينه في أداء واجباته الدينيّة أيضاً ؟!! أين الرجولة إذاً؟ صنديد في مغامراته النسائيّة وفي تأديب زوجته، وعاجِز ضعيف ناعم يهتزّ إذا رأى خصلة من شعرها!
وسكتت ليلى. وإذا بها تهبُّ فجأة وتقول دامعة العينين:
ــ أسَدٌ عليّ وفي واجباته الدينية والأخلاقيّة نعامة.

قلَّبَتْ تغريد عينيها في وَجْهَيْنا أنا وإلهام ثم زعقتْ:
ــ شيلونا من كتب الألغاز وتختخ * واحْكوا كلمتين.
قلتُ دون اكتراث:
ــ وما نفع رأيي؟ ثقافة متخلِّفة ترى المرأة الخارِجة عن طوعِ يدِ الرجل ناشِزاً، وإذا عَشِقَتْ فهي فاسِقة تستحقّ الازدراء والاحتقار، وقد يصل الأمر إلى القتل.
فرَدَّتْ عليّ إلهام بنبرة عتاب:
ــ طبعاً .. الرجل رأس المرأة، والعشق العلني مَحْظور في ثقافتنا العربية فهو يُذْهِبُ عن المرأة الحياء ويقود إلى الزنا .. على الأنثى والذكر أن يسلكا الطرق الشرعية المعروفة، أمْ لكِ رأيٌ آخر؟ لذلك كان الوقار والرزانة والحياء صِفات المرأة الصالحة العفيفة الطاهرة التي يُرَقّيها الله إلى ملكوته.
فكَّرناكِ موسى طلعتِ فرعون
تلقَّتْ إلهام تحيّة حارّة من شيماء.
أما سعاد فلمْ تَتَوَرَّع عن تعليق أثار الضحك:
ــ وُعود السماء حَيَّرَتْنا ؛ بين ملكوت حانا وجنّة مانا ضاعَتْ لحانا ههههه هنا تسبيح ومزامير مع الملائكة ليل نهار إلى أبد الآبدين، وهنا حوريّات وخمر وكوسا محشي وبقلاوة ليل نهار مدى الدهور ههههه
واجهتُ تغريد بقولي:
ــ ها.. كما ترين، لا نفع من هذا الجدال؛ بعد أن ترسَّختْ في عقلية الرجل مفاهيم السيادة والهيمنة وبدعم من الدين، أصبح من الصعب اقتلاعها من أعماق نفسيته.
أجابتني راوية:
ــ الآن لا سبيل للتمرُّد فالساحة حالياً للذكور، وهم الأقْدر بحمولتهم الثقافية والدينية على قَهْرنا وتَحْجيمنا؛ إذا كنتِ غير قادرة على الانتظام في صفوف الثورة على التقاليد المتخلفة، فاعْمَلي على تَوعية أقرب النساء إليك على واقعهنّ المتخلِّف، وإن كنتِ غير قادرة على تغيير الأقرب إليكِ فأنت قادرة على تغيير نفسك .. فلا تمالئي ولا تنافقي أو تبرّئي الانحراف بحجّة أنه أمر إلهيّ.

قالتْ تغريد مُوَجِّهة كلامها لِمجموعة الزهد والحياء :
ــ تمخَّضَ الجبل فوَلَدَ أرنباً. أدعو عليكنَّ بالحُبِّ والعشق لِتُغْسَل عقولُكنَّ من دَرَن المُنعزِلين عن الحياة.
ثم خاطبتْ شيماء المُدافِعة عن حقوق الرجل وواجبات المرأة تجاهه:
ــ يعني برأيك لا بأس أن يكون الرجل دون جوان في الأرض وفي الجنة، والزعيم الذي لم يُخْلَق له مثيلاً، والنخّاس الذي يَكْتريكِ بالمهْر والشبكة مقابل استخدام عمرك وجهودك لمصلحته، والحنقباز الذي يُطَلِّق بكلمة، والقبضاي الذي يُؤدِّب، والطفل المدلَّل الهائج دوماً العاجِز عن ضَبْط شهوته إلى حدّ إخفائنا تحت الحجاب والنقاب!
أمِيطيْ اللثامَ وكونيْ كالفجر إذا اقتحمَ الظلام.

يتبع

1 أعِيدٌ للمرأة وقد ضَيَّقَت السماءُ على النساء؟
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=785780

2 هُتافاً لِ يوم المرأة يا مُحْسِنين !
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=786146

3 الأيديولوجيا لغة حريرية وحمولة تدميرية
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=788173



#ليندا_كبرييل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيديولوجيا لغة حريرية وحمولة تدميرية
- هُتافاً لِ يوم المرأة يا مُحْسِنين !
- أعِيدٌ للمرأة وقد ضَيَّقَت السماءُ على النساء؟
- وسيظلّ بوذا يحتفل بالكريسماس ولو كَرِهْتم
- - لما بدا يتثنّى - لروح الأستاذ محمد البدري
- أنزِلوا الجبال أرضاً لِنَرى وجه الشمس!
- والشمس المُغَيَّبة في الطين حياتنا طين في طين!
- هل تكتب العلمانية شهادة وفاتِها بنفسها؟ 7
- ثمة فارِق هائل: بين عَمَل الجَرّاح وعمل الجَزّار!!
- قِفْ! حجاب .. منطقة حريم عسكرية! 4
- لا مِنَّة لكم علينا، بضاعتنا رُدَّتْ إلينا!
- حوار في الأديان في حمّام مقطوعة مَيْتو 3
- أنُدافِع عن مُهَيِّجيْ الفِتَن باسم حقوق الإنسان؟ 2
- حقوق الإنسان لا حُلول عباد الرحمن!
- لحظة أسطورية في حياتي: تسونامي اليابان 2011
- الأديان من برّا هلّا هلّا ومن جوّا يعلم الله !!
- لا حياة لمَنْ تنادي، وأنت تنفخ في رماد
- اتّحادٌ فوَحْدة فمُتوحِّد في واحِد وَحيد
- جاوزَ الكفّارُ الأمْرَ، فحقَّ علينا الأمَرّان الأحْمران !
- الحوثيّون يستنفرون لِسلْخ البهائيين والمسيحيين


المزيد.....




- منظمات إنسانية دولية والأمم المتحدة تحذر من عواقب اجتياح رفح ...
- منظمة الهجرة تعلل سبب مغادرة اللاجئين السوريين للبنان بوتيرة ...
- الجيش الإسرائيلي يحول عددا من مدارس غزة إلى مراكز اعتقال وتع ...
- هكذا تعتمد إسرائيل على المقاتلين الأجانب في ارتكاب جرائم حرب ...
- إعدام -قاتل البحيرة- في مصر..كيف يرى القانون جرائم رد الفعل؟ ...
- الأونروا تتحدث عن -شاحنات تنقل جثثا من إسرائيل إلى غزة-
- مسؤول بالأمم المتحدة: هجوم رفح يلوح -في الأفق القريب- 
- وثيقة داخلية: إدارة بايدن تدرس استقبال لاجئين من غزة
- قائمة جامعات أمريكية شهدت اعتقالات في ظل تزايد الاحتجاجات ال ...
- ما هي المحكمة الجنائية الدولية ولماذا تقلق نتنياهو وقادة إسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ليندا كبرييل - كونيْ كالفَجْر إذا اقْتحَمَ الظلام