|
ملاحظات على مشروع وثيقة توافقات وطنية للمعارضة السورية
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7601 - 2023 / 5 / 4 - 06:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أصدر الوثيقة مركز حرمون بمعية 186 من "السوريين المؤمنين بسوريا حرة مستقلة ديمقراطية حديثة" , "من مختلف الاختصاصات و الانتماءات" تهدف الورقة إلى وضع "قواعد دستورية يتوافق عليها السوريون و يعطونها حصانة استثنائية ضد التعديل أو التغيير" ، هذه "القواعد الدستورية المحصنة أو ما يعرف عالميًا بالمبادئ فوق الدستورية" , يفترض أن تعالج هذه القواعد "المسائل الخلافية الكبرى بين الجماعات السورية و تعالج مخاوفها و هواجسها المختلفة بشأن حقوقها و حرياتها و مستقبلها" إننا أمام مجموعة من البشر ، من السوريين ، تمنح نفسها وضعًا استثنائيًا ، الحق في أن تحدد للآخرين قواعد لا يحق لهم مناقشتها أو نقدها أو تغييرها … يأتي هذا من أشخاص ينتقدون النظام الأسدي لمصادرته الحياة السياسية و حريات الناس و حقوقها لينتهوا هم أيضًا إلى فرض وصايتهم الخاصة على السوريين و على حقهم في الاختلاف و الاختيار و حتى النقاش عندما يتعلق الأمر بأهم المبادئ و القواعد التي يفترض أن تقوم عليها حياتهم … و تشتمل هذه "القواعد الدستورية أو المبادئ فوق الدستورية" على أغلب ما هو سائد و رائج اليوم في التداول السياسي العالمي كما السوري النخبوي : سيادة القانون ، الفصل بين السلطات ، استقلال القضاء ، اجتثاث شأفة الطائفية الخ ، أما كيف سيمكن تحقيق كل هذا فهذا سؤال يبقى عمليًا بلا جواب شافي … ترى هذه المجموعة أن "سيادة القانون ( ستكون ) حجر الأساس في بناء الدولة السورية الحديثة ، دولة القانون و العدالة و الحقوق و المواطنة و المؤسسات" ، أما ما هي الطريقة لفرض سيادة القانون خاصة على من يملك وسائل العنف و يحتكرها في مناطق نفوذه و سيطرته فهي كالتالي : "نص دستوري" , "قواعد فوق دستورية محصنة" , "تشريعات مفصلة" , "تحديد دور و وظائف مؤسستي الأمن و الجيش" … نفس الكلام سيتكرر عند الحديث عن فصل السلطات ، استقلال القضاء الخ ، و كأن رفع الشعار لوحده يكفي لكي يصبح واقعًا… الحقيقة هنا أن قوى الأمر الواقع المسيطرة في سوريا بدءًا بالنظام إلى قسد وصولًا إلى هيئة تحرير الشام و الجيش الوطني المرتبط بتركيا لا تزعم أبدًا أنها ضد أي من هذه الشعارات و تردد أنها تلتزم في مناطق سيطرتها باستقلال القضاء و سيادة القانون الخ الخ دون أن يعني ذلك شيئًا على أرض الواقع … إننا أمام مشروع معلق في الهواء لا يرتكز على أية أرضية و هو يهرب إلى الأمام عبر اقتراح قواعد فوق دستورية لن تكون أكثر من مجرد شعارات يمكن لأية قوة مسيطرة على الأرض أن تنتهكها و تضرب بها عرض الحائط بينما يمكنها أن تزعم أنها تحترمها و تخضع لها… و لا تتوقف هذه النزعة النخبوية الفوقية المهيمنة على الوثيقة هنا ، فما يسميه هؤلاء قواعد دستورية تمنح "الدولة" صلاحيات خاصة جدًا و استثنائية في تطبيق و تنفيذ هذه القواعد و تضعها في مركز سوريا "الحرة المستقلة الديمقراطية و الحديثة" فالدولة هي التي ستقوم بتبني شرعة حقوق الإنسان العالمية و تكرسها دستوريًا و قانونيًا و هي التي ستعالج مسألة تعارض بعض هذه الحقوق مع ثقافة المجتمع و قيمه السائدة أو مع بعض العادات و التقاليد ، و هي المسؤولة عن إقناع الناس بها ، المقصود هنا بالناس السوريين المحكومين ، و هي التي ستقوم بنشر الوعي بين السوريين عن نمط الحكم الأمثل و عن أخطار الطائفية و مآلاتها الكارثية على الوطن و الوعي بقيم المواطنة و النموذج الاقتصادي الاجتماعي الذي اختاره واضعو الوثيقة "يحتاج أيضًا إلى دولة ذكية" إننا أمام مشروع دولتي فوقي بامتياز يمنح الدولة و نخبتها الحاكمة نفس صلاحيات و "مهام" ديكتاتورية البروليتاريا في الماركسية الستالينية و الدولة الامبراطورية في الفكر السياسي الإسلامي و القومي الشوفيني … و ما عدا بعض السطور عن المجتمع المدني و عن نظام اقتصادي مبهم أشبه باقتصاد السوق الاجتماعي الذي تحدث عنه النظام نفسه منذ التسعينيات و الذي يشكل سياسته الاقتصادية المعلنة منذ 2005 ، و عن دور التعليم في إنجاز كل هذه المهام المفترضة فإننا نقف بالكامل أمام مشروع دولتي يؤسس لذاته على أساس إيديولوجي بحت ، شعاراتي ، مستوحى من الفكر السائد أو المهيمن عالميًا ، دون أية نقطة ارتكاز واقعية أو فعلية سوى مؤسسات الدولة و وظائفها القمعية أو القائمة على القسر و الإكراه … هذا يعكس في الواقع القصور العميق الذي بدا عجزًا في فكر الجزء الأكبر من المعارضة السورية التي كانت تصف نفسها بالديموقراطية قبل 2011 ، بل في مجمل مشروعها الذي لا يستند إلى قراءة تاريخانية ، حسب مصطلح عبد الله العروي ، أو اجتماعية عن النظام الديمقراطي و خلفياته الاجتماعية و أزماته المتفاقمة و النقد الهام ، خاصة اليساري ، لأطروحاته و ممارساته
نص الوثيقة https://www.harmoon.org/dialogues/%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%aa%d9%88%d8%a7%d9%81%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9/
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحولات الاجتماعية و البنية الطبقية لسوريا الواقعة تحت سيطر
...
-
يا متسولو العالم اتحدوا
-
السوريون و الأمم المتحدة و السوسيال
-
لست شعبًا و لا وطنًا و لا أمةً ، و لا غيري
-
السوريون كضحايا و متسولين
-
عن الديمقراطية كأداة لإقناع المحكومين بالسمع و الطاعة
-
في رثاء محمد أبو الغيط
-
عن الآلهة التي لا تفشل دائمًا عن أن تفشل
-
يسقط يسقط حكم العسكر
-
المعارضة السورية و المساءلة و المسؤولية
-
علاء عبد الفتاح ، لا تمت شهيدًا
-
لا تبكي على اللبن المسكوب
-
صناعة الجماعات
-
القيامة الآن
-
عن جنون نيتشه و عقل رجال الدين
-
نحن جيل آخر مهزوم
-
ضد لغة الناشطين لوولفي لاندرستايشر
-
عن العروبة و الإسلام
-
ما تبقى لكم
-
دفاعًا عن قاتل نيرة أشرف
المزيد.....
-
تطاير الشرر.. شاهد ما حدث لحظة تعرض خطوط الكهرباء لإعصار بال
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة حتى لو ت
...
-
طبيب أمريكي يصف معاناة الأسر في شمال غزة
-
بالفيديو: -اتركوهم يصلون-.. سلسلة بشرية من طلاب جامعة ولاية
...
-
الدوري الألماني: شبح الهبوط يلاحق كولن وماينز بعد تعادلهما
-
بايدن ونتنياهو يبحثان هاتفيا المفاوضات مع حماس والعملية العس
...
-
القسام تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة وإعلام عب
...
-
بعد أن نشره إيلون ماسك..الشيخ عبد الله بن زايد ينشر فيديو قد
...
-
مسؤول في حماس: لا قضايا كبيرة في ملاحظات الحركة على مقترح ال
...
-
خبير عسكري: المطالب بسحب قوات الاحتلال من محور نتساريم سببها
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|