|
القيامة الآن
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7402 - 2022 / 10 / 15 - 06:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أثبت البشر خلال الآلاف المنصرمة من وجودهم على الأرض أنهم ليسوا بالطيبة التي يزعمونها ، خلافًا لما يزعمه الجميع من أنهم أكثر تمسكًا بالأخلاق من كل خصومهم ، من أنهم زاهدون بالحياة ، بالمال و السلطة ، من كل منافسيهم على السلطة و الثروة ، و خلافًا لكل ما تزعمه كل الأديان الايديولوجيات و ما دعا إليه كل المخلصين و الأنبياء و المصلحين الخ الخ ، لم يدخر البشر طوال آلاف السنين من وجودهم القصير على هذه الأرض ، أي جهد للقضاء على بعضهم البعض ، لاستعباد بعضهم البعض ، و إذا كانت جهودهم تلك لم تكلل بالنجاح حتى اليوم ، فلا يعود الفضل في هذا إلى أي منهم رغم وجود تلك القلة القليلة ممن امتنعت عن ذبح خصومها و تكفيرهم و شيطنتهم أو اكتفت في كثير من الأحيان بالتفرج بدهشة أو باستمتاع أو بلا مبالاة على مجازر البشر بحق بعضهم البعض … وجد البشر دائمًا ، دوافع أخلاقية جدًا بل و إنسانية جدًا جدًا ، ليذبحوا و يستعبدوا بعضهم البعض … كان هذا الذبح و الاستئصال و التكفير أو الشيطنة يستند دائمًا إلى مبررات أخلاقية و إنسانية مقنعة جدًا للقتلة و أولادهم و أحفادهم ، كررها و يكررها الجميع بلا استثناء و بحماسة تحسدنا عليها و لا شك الوحوش الضارية في الغابات التي يحكمها قانون القوة كما نزعم ، تلك الوحوش التي لم تصل رغم ما منحتها إياها الطبيعة من شراسة غريزية لمستوى همجية المتعطشين إلى السلطة و المتصارعين على الثروة ، لا توجد غابة حقيقية في هذا العالم بمثل همجية و وحشية المجتمعات البشرية … عجز البشر طوال قرون عن أي شكلٍ من أشكال التعايش ، عن تقاسم الأرض التي ولدوا عليها ، عن ترك الآخرين و شأنهم ، عن تخيل حياة ما خارج أسوار السجون التي دأبوا على إشادتها لكل خصومهم ، كل من لا يتفق معهم ، كل من لا يعجبهم ، كل من يختلف معهم ، كل من يحلمون باستعباده و تقييد حريته و ذبحه لجعل العالم "مكانًا أفضل" … لم يعان البشر يومًا من نقص في مبررات التقاتل على السلطة و الثروة ، و دائمًا كان الحق إلى جانب القاتل و المقتول على حد سواء ، و كان الحظ و مستوى الوقاحة و الهمجية هو من يقرر المنتصر و المهزوم في هذه الحروب التي لن تنتهي إلا بقضاء البشر على البشر أنفسهم … و وفاءًا لتراث طويل من الحروب و المجازر ، من الكراهية و الهراء و الجشع ، فإننا اليوم في عصر غزو الفضاء و الروبوتات و الانترنيت ، نواصل تقاليد آبائنا و اجدادنا بعزيمة أشد و بإصرار أكبر على إلغاء ، إبادة ، استعباد الآخرين … لقد منحت الطبيعة البشر وعيًا لم تجد به على غيرهم من المخلوقات لكنها في نفس الوقت حددت ذلك الوعي بحالة قطيعية و ربطته بصراع أبدي على السلطة و الثروة ، صراع كل شيءٍ فيه مباح ، بلا أية محرمات ، إلا تلك التي تساوي بين البشر و تحررهم من أغلال و هستيريا كل سلطة و كل الساعين إلى السلطة و استعباد الآخرين … لا يستطيع البشر أن يلوموا إلا أنفسهم ، كانت الطبيعة جدًا كريمة معهم ، حصلوا منها بفضل الصدفة ، على ما لم يحصل عليه أي حيوان آخر ، لكنهم الجنس الوحيد المسؤول عن معاناته و عن انقراضه في المستقبل القريب ، هذا سيكون الانتقام الغاشم للطبيعة من هذا الجنس الغبي ، الذي أتاحت له الطبيعة أن يقضي بنفسه على نفسه ، في سبيل ما يسميه البشر فيما بينهم بالسلطة و النقود ، في سبيل ما يسميه مخلصونا "بعالم أفضل" …
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن جنون نيتشه و عقل رجال الدين
-
نحن جيل آخر مهزوم
-
ضد لغة الناشطين لوولفي لاندرستايشر
-
عن العروبة و الإسلام
-
ما تبقى لكم
-
دفاعًا عن قاتل نيرة أشرف
-
شخصية المتمرد لنيكولا ديفيز
-
الأناركي بين ايلزيه ريكلو و رينزو نوفاتوري
-
الدولة - ليو تولستوي
-
الثورة الاجتماعية لميخائيل باكونين
-
هراء ايديولوجي عن الله و البشر و العالم
-
الإله الذي خلقناه
-
حوار مع سعيد العليمي عن فلسطين و اليهود
-
قالوا في الرقص
-
لماذا نكتب
-
الأبوكاليبوس
-
الخونة
-
الاقتصاد السياسي للصراع الطبقي في بلاد الربيع العربي
-
قالوا
-
الأمل الذي لا يموت ، الحلم بسجون نكون نحن جلادوها
المزيد.....
-
ترامب يعلن إزالة ضمادة الأذن -الشهيرة- بعد ساعات من حسم الجد
...
-
مجموعة العشرين تتعهد -التعاون- لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء
...
-
العلاقات الأميركية الإسرائيلية على مفترق طرق
-
-للحد من الحصانة القضائية للرؤساء ومسؤولين-.. بوليتيكو: بايد
...
-
انطلاق الألعاب الأولمبية وسط خروقات أمنية
-
نتنياهو يدرس تعيين جدعون ساعر وزيرا للدفاع مكان غالانت
-
فيديو: الشرطة الإماراتية تشارك في تأمين أولمبياد باريس
-
ترامب: الإدارة الحالية أسوأ من حكم الولايات المتحدة
-
فريق كامالا هاريس يرد على انتقادات إسرائيلية لتصريحاتها عن غ
...
-
العراق.. قصف على قاعدة عين الأسد
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|