أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مازن كم الماز - صناعة الجماعات














المزيد.....

صناعة الجماعات


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 7406 - 2022 / 10 / 19 - 09:59
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تصنع الجماعات كي تحكم ، تصنع الجماعات في سبيل إنتاج سلطة ما ، دولة … لم يعرف السوريون أنفسهم "كسوريين" حتى أواسط القرن التاسع عشر بل و حتى أواخره ، لم تظهر سوريا كفكرة كيان سياسي حتى هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ، عندها فقط ظهر السوريون "كشعب" لأول مرة ، و هذا ينطبق أيضًا على العراق و فلسطين الخ … لم يظهر المغول كجماعة "قومية" إلا مع صعود جنكيز خان و إخضاعه كل القبائل المغولية ثم قيادتها في موجات غزو خارجية بعد آن كانوا عبارة عن قبائل متحاربة و ينطبق نفس الشيء على العرب ، اليونانيين أو الإغريق ، الفرنسيين ، الروس و الأميركان أيضًا الخ الخ… صناعة الجماعات ترتبط بصناعة الدول ، بخلق سلطة ما … و لإنتاج جماعة ما لا بد من اختراع سردية خاصة بهذه الجماعة ، لا بد من صياغة فكرة ذاتية خاصة عن هذه الجماعة في مقابل "الآخر" , و لا يمكن لهذا التصور المزعوم إلا أن يكون إيجابيًا بحق الذات و سلبيا" بحق الآخر ، بدون الإصرار على هذا التعارض بين الأنا الجمعية المتخيلة للجماعة و بين الأنا الجمعية المتخيلة لبقية الجماعات الموجودة خارجها لا يمكن شد أزر الجماعة في مواجهة "الآخر" و لا يمكن تبرير إقامة السلطة التي تحكمها أو تريد أن تحكمها أو أن تستخدمها كقاعدة لحكمها … يتحدث القوميون العرب عن العرب تحديدًا ليس فقط كأمة متمايزة ، بل كأمة ذات رسالة خالدة ، رسالة لا يمكن لغيرها من الأمم أن تضطلع بها ، و يتحدث الماركسيون عن البروليتاريا ، و أحيانًا عن الفلاحين أيضًا ، كطبقة ذات رسالة تاريخية و كقوة تغيير و أساس لمجتمع جديد لا استغلال فيه ، أما الإسلاميون فيقولون نفس الشيء لكن عن المسلمين فقط ، الدولة الإسلامية هي التي ستحل مشاكل المسلمين أولآ ثم مشاكل البشرية جمعاء عندما تسيطر عليها ، و هذا بالضبط ما يقوله الماركسيون عن ديكتاتورية البروليتاريا ، و ما سمعناه طويلًا عن الدولة العربية الواحدة الخ … لقد جرت صناعة العرب كجماعة عندما فرضت قريش لغة قرآن محمد و إلهه على كل القبائل العربية و قضت على لغاتها و آلهتها ثم استعملتها في شن حروب توسعية ضد جيرانها بعد أن أغرتها بالغنائم التي استحوذت هي على معظمها قبل أن تتجسد هذه "الجماعة" في "الدولة العربية الإسلامية" ، أي في سلطة أموية ثم عباسية ثم دول و إمارات و سلطنات متنازعة و متحاربة فيما بينها و ضد جيرانها … يريد الإسلاميون إعادة إنتاج هذه الدولة بإعادة إنتاج الجماعة الإسلامية بالتركيز على وعي ذاتي مفترض لهذه الجماعة يؤكد ليس فقط على وحدتها بل و يشدد على هذه الوحدة و على "هويتها" , أي على أوهام و هلاوس محمد بن عبد الله تحديدًا ، هذه الهوية ليس فقط المتمايزة بل و الاستثنائية : الدين الحق في مواجهة الكفار و المرتدين الخ الخ ، و في مواجهة محاولات نزع هذه الهوية و تهديدها بمؤامرة غربية و من عملاء الغرب لعلمنة الوعي العام و الدولة التي تتحكم بالمجتمعات التي تعتبرها إسلامية … لا يمكن قيام دولة إسلامية من دون مثل هذا التحشيد ضد كل ما هو غير إسلامي و تكفيره و شيطنته أما محاولة تصوير الإسلاميين لأنفسهم بأنهم يقبلون بالآخر و يقتصدون في تكفير كل من يخالفهم أو أنهم لا ينوون فرض فكرتهم و من بعدها سلطتهم على الآخرين و قبل كل شيءٍ على المسلمين أنفسهم ، فهو مجرد هراء ، لكن للحق يجب أن نؤكد أن هذا لا يصح فقط على الإسلاميين بل أيضًا على كل أصحاب الأفكار و الايديولوجيات الأخرى ، إن هؤلاء جميعًا لا يستطيعون إلا أن يكونوا كذلك و إلا لا معنى أبدًا لوجودهم … إن مشاريعهم السياسية و خطاباتهم الفكرية لا يمكن أن تقوم إلا على مثل هذا الفصل التعسفي المطلق بين دار الحرب و دار السلام ، بين الأبيض : الأنا ، و الأسود : الآخرين ، أو العكس أحيانًا عندما يستخدم اللون الأسود لتكريس مظلومية ما تشد عصب جماعة بعينها و تحاول جمع شتاتها وراء تلك المظلومية كأساس لسلطة قائمة أو قادمة … لا يمكن لأي من هذه التيارات السلطوية إلا أن تقوم على تكفير الآخر و شيطنته و قبولها بهذا الآخر أو بالأحرى القبول بالوقوف على قدم المساواة معه يعني نهايتها فقط … تصنع الجماعات لكي تحكم ، أو لتكون مطية لحكم ما ، و الجماعات القائمة اليوم هي بغض النظر عن محاولاتها المختلفة لتعريف نفسها ، ليست إلا جماعات سياسية باحثة عن السلطة ، تخترع سردياتها الخاصة ، المتوهمة غالبًا ، و التي لا قائمة لها بدون قمع الفرد ، أي فرد ، و في المقدمة أفراد الجماعة التي تريد أن تصنعها ، كل ذلك فقط لكي تنتج سلطة ما ، دولة ما ، مشروع إمبراطورية ، مهووس بهرمجدونه ، أي بانتصاره النهائي و الحاسم على كل خصومه المتوهمين ، أي على الجميع



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيامة الآن
- عن جنون نيتشه و عقل رجال الدين
- نحن جيل آخر مهزوم
- ضد لغة الناشطين لوولفي لاندرستايشر
- عن العروبة و الإسلام
- ما تبقى لكم
- دفاعًا عن قاتل نيرة أشرف
- شخصية المتمرد لنيكولا ديفيز
- الأناركي بين ايلزيه ريكلو و رينزو نوفاتوري
- الدولة - ليو تولستوي
- الثورة الاجتماعية لميخائيل باكونين
- هراء ايديولوجي عن الله و البشر و العالم
- الإله الذي خلقناه
- حوار مع سعيد العليمي عن فلسطين و اليهود
- قالوا في الرقص
- لماذا نكتب
- الأبوكاليبوس
- الخونة
- الاقتصاد السياسي للصراع الطبقي في بلاد الربيع العربي
- قالوا


المزيد.....




- زفاف -شيرين بيوتي-.. تفاصيل إطلالة العروس والمدعوّات
- وابل من الصواريخ البالستية الإيرانية يستهدف شمال ووسط إسرائي ...
- سوريا.. زفاف شاب من روبوت يتصدر منصات التواصل
- -قافلة الصمود- تواصل تقدمها نحو مصر
- لندن تفرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين
- سفيرة إسرائيل بموسكو تؤكد أن تل أبيب لا ترى أي إمكانية لحل ا ...
- -إسرائيل دمرت سمعتها في غزة، وهجومها على إيران محاولة متأخرة ...
- ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟ اختبار حاسم لقدرة أوبك+ على ا ...
- كيف تضبط الرقابة العسكرية الإسرائيلية مشهد الإعلام في أوقات ...
- بيسكوف يصف رد الفعل الدولي على الهجمات الإسرائيلية بـ-الدرس ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مازن كم الماز - صناعة الجماعات