أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - جمال، أم صناعة قبح وإهدار مال؟














المزيد.....

جمال، أم صناعة قبح وإهدار مال؟


هناء عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7583 - 2023 / 4 / 16 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


نعيش ظروفًا سياسية واجتماعية واقتصادية سيئة تسارع من شيخوختنا شكلاً وروحًا، نحاول أن نحافظ على انتعاش ما تبقى من أرواحنا المتعبة؛ فقد نستطيع أن نقاوم هذه الظروف القاهرة التي تداهمنا بين حين وآخر، فمن أمراض إلى حروب إلى زلازل إلى تشرد إلى جوع؛ سلسلة من الفواجع التي لا نهاية لها، كوابيس ليلية لا تنتهي ببزوغ شمس نهار جديد.

قد يضطرنا الأمر إلى متابعة العديد من حلقات التنمية البشرية، ظنًّا منا بأنها قد تساهم في القضاء على السنين الإضافية التي أثقلت أرواحنا المرهقة، أو بأنها ستجلب الراحة لنا ولو لفترات ضئيلة من الزمن. قد نتحايل على أنفسنا في سبيل المحافظة على شباب هذه الروح المتعبة بزيارة بعض الأماكن التي يرتادها من يصغروننا عمرًا؛ كدور السينما، وبعض المولات، والمحلات المختصة ببيع لوازم الشباب. اعتقادًا منا بأنها قد تكون ناجعة في تحقيق ذلك الهدف.

اعتمادًا على هذا المعتقد، قررت أن يكون لي اليوم زيارة إلى مول وست فيلد في سكوكي - إحدى ضواحي شيكاغو - بعد أن أفرغ من إنجاز أعمالي اليومية التي لا تنتهي.

شارع اولد آرتشرد المؤدي إلى المول كان مزدحمًا بالسيارات، كعادتي دومًا، أخطأت في اختيار الوقت المناسب للذهاب؛ فالساعة الخامسة مساء هو وقت الازدحام بالسيارات؛ حيث ينتهي الجميع من عمله ويتوجه إلى بيته.
لم يزعجني الأمر كثيرًا؛ فقد قضيت الوقت في مراقبة تصرفات وسلوك السائقين وهم في قمة توترهم الذي يتحول فيما بعد إلى أنانية مقيتة، لا تعطي الحق لغيرها بأولوية المرور.

في المول، تاهت خطواتي، ليس هناك مكان محدد أرغب في التوجه إليه، كل ما كان يدور في ذهني أن أشارك عمر الشباب مقتنياته وتوجهاته؛ علّني أقلّص بعض السنوات التي أضافتها إرهاقات الحياة إلى روحي.

تنقلت في ساحات المول المختلفة، أمتع نظري بفن العمارة الذي يميز مبنى عن الآخر، الساحات مليئة بالزهور ذات الألوان والأصناف المتعددة، النوافير تتوزع بين الأماكن، تفتقر إلى الماء من فوهاتها، فهي مجدولة للعمل في فصل الصيف، المحلات التجارية تتوزع في جميع الإتجاهات، يتميز هذا المول عن غيره بإطلالته على السماء، فهو غير مسقوف كبقية المولات الأخرى، مما يعطي الزائر الشعور بالانتعاش بنسمات الهواء العليلة.
دخلت إلى أول محل صادفته، وقد كان الأكثر مناسبة لمرادي؛ أشهر محل لبيع أدوات التجميل، وهو الأكثر ارتيادًا من الشابات والشباب، حيث أرقى الماركات العالمية، المكان كان مزدحمًا جدًّا بحيث أن خطواتي التائهة ازدادت تيهًا، فأنا لست بصدد شراء غرضٍ بعينه. كنت أتنقل من خلال أية مساحة فارغة أجدها، لم يكن تنقلي بين الممرات منظمًّّا، حتى نظراتي كانت تتنقل بعشوائية بين المنتجات.

المتجر يمتلئ بكل أنواع العطور ومساحيق التجميل، هناك رفوف خاصة بأحمر الشفاه وأخرى بأقلام كحل العين المختلفة الألوان، الماسكارا بأنواعها، أحمر الخدود. عانيت كثيرًا بالتنقل من قسم إلى آخر بسبب الازدحام الشديد.

لم أشعر بالتوتر وغربة المكان، فقد صادفت العديد من السيدات في عمري ممن يشعرن بمتعة التسوق والاقتناء، يبدو أنهن عزمن على إسقاط بعضًا من سنين عمرهن كما فعلت!
كنت أراقب انبهار الشابات والشباب، ووجوههم التي غطتها الألوان المتعددة وطبقات البودرة الكثيفة التي ذهبت بملامحهم. أثارت انتباهي الرموش الغزيرة الطويلة المبالغ بها والمضحكة أحيانًا.

أسعار المنتوجات باهظة جدًّا، ليس لأنها مصنوعة من مواد مميزة، بل لأنها تحمل أسماء ماركات عالمية.
كما أنها مرهقة لجيوب شباب ما زالوا في مقتبل العمر.

عدت أدراجي من حيث أتيت وفي جعبتي أثقال سنين إضافية؛
ففي مصنع الجمال، لم أجد سوى طمسًا للجمال، ومحوًا لبراءة الطفولة، وإرهاقًا للوجوه الرقيقة.

كيف للجمال أن يتجلّى في أقنعة زائفة، وأموال مهدورة؟!

غدًا سيكون أجمل بإذن الله!



#هناء_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زلازل تهز الوجدان
- قراءة في رواية الأرملة للأديبين ديمة السمان وجميل السلحوت
- قراءة في رواية الأرملة
- قراءة في رواية -يناديها روح- للأديبة نهى عاصم
- صدور رواية منارة الموت للكاتبة المقدسية هناء عبيد
- حليب الضّحى مجموعة قصصية بلون أدبيّ متميّز
- الرغيف الأسود؛ مرآة بؤس المواطن العربي
- حلاوة برتقال يافا في قصة الدكتورة روز اليوسف شعبان
- قراءة في مسرحية بيت ليس لنا
- رواية بلد المنحوس للروائي سهيل كيوان
- رواية اليتيمة والثقافة الشعبية
- قراءة في المجموعة القصصية نوارس تبحث عن الأحباب للأديبة نزهة ...
- حوار مع المهندس أحمد ممدوح حول منصة اليوتيوب وأهميتها في الو ...
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الاكتئاب
- هل سيطرت منصة اليوتيوب على العالم المعلوماتي؟
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الخرف.. أجرى الحوار المهندسة ...
- قراءة في قصة السنجابة والعقاب للكاتبة رفيقة عثمان والشاعر صل ...
- نجاح في غزة
- عيون الحب
- بيروت؛ عيون القلب


المزيد.....




- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
- الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
- وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو ...
- فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن ...
- مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - جمال، أم صناعة قبح وإهدار مال؟