أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيها الكبارُ … لن أحتفل ب عيد الأم














المزيد.....

أيها الكبارُ … لن أحتفل ب عيد الأم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7558 - 2023 / 3 / 22 - 11:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




أيها السَّادَة ُ الكِبارُ/ في "عيد الأم" أقولُ لكم: لن أحتفلَ به معكم/ فلا تنتظروا أن أجلبَ الهدايا كما بقية أطفال العالم/ فأنا بعيدٌ عن حضن أمي./ أيها الكبارُ/ الحقَّ أقولُ لكم/ إنني لا أعرفُ سوى هاتين العينين/ اللتين تبكيانِ الآن غيَبتي/ بعدما كانتا تُشرقانِ بالفرْحِ/ كلّما ركضتُ نحوهما/ عينا أمي/ وإنني لستُ أعرفُ غير هاتين الكفّين/ اللتين أمسكتا بكفيّ/ وأنا نحو الحياةِ أخطو/ خُطوتي الأولى/ لئلا أسقطَ/ كفّا أبي.
***
الحقَّ أقولُ لكم/ إن لم تعودوا كالأطفال/ لن تعرفوا ماذا أقول/ أنا الطفلُ الصامتُ/ ولا تحسَبوا صَمتي قَبولاً/ ولا فهمًا لما تصنعون في عالمِكم أيها الكبارُ/ بل هو صمتُ الحيارى/ حين يُدهشُ الأطفالُ من تصاريفِ الزمان/ تلك التي تُحوّلُ الحرمانَ دِفئًا/ لحظةَ الميلاد/ وذات ليلٍ حالكٍ/ يُنتزعُ الرجاءُ/ فيستحيلُ الدفءُ صقيعًا جارحًا وحرمانا/ لأن حفنة َمالٍ/ أبرقتْ في عيون الطامعين.
***
انظروا من كُوَّةِ الزمان/ نحو الأمسِ الذي كانَ/ يومَ قذفتْ بي الحياةُ إليكم/ وحيدًا متروكًا ومنسيًّا/ هذا جسدي النحيلُ/ مُضمَّخًا كان بدمِ المخاض/ مُدثرًا في لُفافاتِ المَشيمة/ مُلقًى على البلاطِ البارد/ في ركنٍ ناءٍ/ عن صحنِ المذبح/ أصرخُ/ عطشًا وبردًا وغُربةً ويُتمًا/ حتى أشفقت لحالي أجراسُ الكنائس/ فتعالى رنينُها بكاءً نازِفًا/ أيقظَ النيامَ/ وعند لحظة الاحتضار/ التقطتني يدُ راهبٍ/ واختلطت دموعُه بدموعي./ ثم جاء ملاكٌ ببشارةِ قيامتي./ أخبر الملاكُ الراهبَ عن حالِ أمٍّ لم تلد/ وأبٍ لم يذُق طعمَ الوليد/ قال الملاكُ: شِنٌّ وافقَ طبقَه./
أيها الراهبُ/ اطرقِ البابَ عليهما/ وقل لهما: هذا الطفلُ عطيةُ الرحمنِ لكما/ اِمنحاه الحُبَّ/ وكونا له أبًا وأمًّا/ فكانا لي أُمًّا وأبًا.
***
هذه أمي/ قالت لأبي: قُرَّة عينٍ لي ولك/ أرضعتني من قلبها حليبَ الشغف/وهذا أبي/ قال لأمي: عسى أن نتّخذه ولدًا/ وصنع من ظهرِه صخرةً عليها أتكئ./ أيها السادةُ الكرامُ أقول لكم/ دون ظلِِّ أمي/ قلبي يجفُّ جدبًا/ ودون ظِلِّ أبي/ ظهري ينكسر.
***
كلمتي الأولى/ كانت تردادًا لصوت تلك الباكية/ التي لا أعرفُ أمًّا سواها/ خُطوتي الأولى/ كانت فوق بُساط قلب ذاك الباكي/ الذي لم أر أبًا إلاهُ.
***
أيها الكبارُ/ الذين تسنّون قوانينَ الميلاد والأنساب والانتساب/ أيها الأجلاءُ الذين تنزعون الأسماءَ/ من أوراقنا/ وتغرسون غيرها/ فأصيرُ يوسفَ أو أحمدَ أو شنودةَ أو رجاءَ/ أو المنسيَّ/ فجميعُ الأسماءِ تشابهت/ أمامَ ربِّ العالمين./ أيها الكبارُ الذين تصكّون الأحكامَ/ وتُمهرون مصيري بإمضائكم/ تمهّلوا وأنصِتوا إلى نحيبِ قلبي الخائف/ الذي بعدُ لا يعرفُ ميزانَ عدالتِكم/ ولا يفهمُ شيئًا/ في حساباتكِم المعقدة/ أمهلوني بضعَ سنينَ/ حتى أنسجَ من خيوط اليُتم/ مناديلَ بيضاءَ/ تحضنُ دموعَ أمّي وأبي/ ثم أمهلوني ساعةً/ حتى تعتادَ عيناي على العتمة التي/ سوف أعيشُ في ظلالها/ حين أتركُ حِضنَ أمي/ إلى حيث لا حِضنَ/ وأغادرُ كتفَ أبي/ إلى حيثُ أرضٍ/ لا ترحِّبُ باليتامى والغرباء./ انتظروني عند قارعةِ الطريق
ريثما ألملمُ لُعبي/ وكراساتي/ وقطعَ الصلصالِ الملون/ لألقي بها في النهر/ فلم أعد أرغبُ فيها/ وحين تلتقي عيناي بعيونكم/ لا تشخَصوا طويلا في ضعفي/ بل أوقفوا صريرَ الإنذار
وأبواقَ الوعيد/ تلك التي تزأرُ أمام باب البيت/ الذي ما عاد بيتي/ فأنتم تُخيفونني بصخبِ عالمكم/ وتُفزعونني بقرعِ مطارقكم/ على طاولاتِ تقرير المصير./ أحتاجُ وحسبُ/ إلى شيءٍ من الصمت/ ريثما أتأهبُ للذهاب معكم/ إلى حيث تريدون/ مكتوبٌ/ أن أعودَ من جديدٍ/ من حيثُ أتيتُ/ إلى حيثُ نذرتني الحياةُ/ إلى البلاطِ الباردِ/ والعيونِ الخاوية/ والغدِ المجهول.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع الفُلك حدوتة مصرية
- هاني شنودة ... صانعُ الصِّبا والفرح
- زوجةٌ عظيمة ... لزوجٍ عظيم
- الله يسامحك! … السِّحرُ كلُّه
- واحد اتنين …. سرجي مرجي
- عيد ميلاد عمر ... خارج الشرنقة
- ذكرى مذبحة الأقباط في ليبيا
- تشارلي ... الصامتُ إذا تكلّم!
- أضيئوا بالحبِّ قلوبَكم
- أخبرني الخيميائي … عن الماكياج
- المتواضعُ العظيم … السنبلةُ الثقيلة
- إقبال بركة … الجميلةُ التي أقبلت
- بقلم: البروفيسور أحمد عكاشة
- كيف تقتلُ الأدبَ؟
- معرض الكتاب … على اسم مصر .. وذكرياتي
- سلاح التلميذ ... وكتابي الجديد
- سؤالٌ مُفخَّخ … في امتحان!
- مع عمر… أعيشُ طفولتي!
- مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة
- كلّنا واحد


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيها الكبارُ … لن أحتفل ب عيد الأم