أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - واحد اتنين …. سرجي مرجي














المزيد.....

واحد اتنين …. سرجي مرجي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في ندوة حضارية وطنية راقية، حول "المناهج التعليمية بين المساواة والتمييز"، أقامها "مركز الكلمة للأبحاث والدراسات" في صالونه الأول، تشرفتُ بالحديث ضمن مِنصّة رائعة جمعتني بنخبة رفيعة من عقول مصر: د. "كمال مغيث" الخبير التعليمي الشهير، د. “حسين البيلاوي" أستاذ علم الاجتماع التربوي في جامعة حلوان، القسّ "رفعت فكري" الكاتب الصحفي ورئيس مجمع القاهرة الإنجيلي، والدكتور "ثروت صموئيل" مدير المركز ومدير تحرير جريدة "الطريق والحقّ". تكلّم كلٌّ حول خطورة التمييز العنصري في مناهج التعليم، ليس على الطالب وحسب، بل على المجتمع بكامله. فهذا الطالبُ وذاك، وهذه الطالبة وتلك، ممن تشرّبوا العنصرية أو الطائفية في علومهم الأولى على مقاعد الدرس، سوف يغدون في مقبل الأيام معلّمًا، وطبيبًا، وضابطًا، وقاضيًا، وأبًا وأمًّا عنصريين وطائفيين، فتخربُ حياتهم، ويخرّبون بدورهم المجتمعَ. وجاءت المداخلاتُ من خارج المنصّة، من السادة الحضور من النخب الفكرية المصرية غزيرةً وحاشدةً بتجارب حيّة، كلٌّ عبر خبراته في مجال عمله، تحكي عن الآثار الخطرة للتمييز وعدم المساواة في حقل التعليم، سواء في المناهج الموضوعة، أو خلال الممارسات الخاطئة في العملية التعليمية من قِبل المعلمين على مدار العقود الماضية. تحدث الدكتور "سمير فاضل"، الأمين العام لمؤسسة المصريين للبحوث والدراسات الثقافية، حول الآلية العنصرية التي تعوق عملية تعليم البنات في القرى المصرية، حيث يُرسل بهن إلى مدارس بعيدة عن بيوتهن في مناطق نائية عن العمران بالقرى والنجوع، ويحددون للذكور فترات دراسة صباحية، وللبنات فترات دراسة مسائية، ما كان يشقُّ على الفتيات الوصول إلى مدارسهن، والعودة المتأخرة إلى بيوتهن، وهو أمرٌ مستهجنٌ لدى الأسر المصرية خصوصًا في الريف المصري، فما يكون من الأهل في النهاية إلا إبقاؤهن في البيوت ومنعهن عن التعليم. وهذا أمرٌ خطيرٌ للغاية، إذ كأنما تُبتَرُ ساقٌ من جسد المجتمع، ثم تطلب منه أن يسير ويثبُ ويحلّق في فضاء النهوض والحضارة! فالمرأة التي تشكّل نصف المجتمع حين تغدو غير متعلّمة، لا يعني وحسب أن تنخفضَ القوى المعرفية للمجتمع إلى النصف، بل الأخطر أنه يخلق جيلا من الأمهات الجاهلات، والأمُّ هي المدرسةُ الأولى لأطفالها، وهنا تكمن الكارثة.
وتكلّمت الدكتورة "هدى زكريا" أستاذ علم الاجتماع السياسي والعسكري، وأول أستاذة مصرية تُدرِّس بجامعة ألفريد بولاية نيويورك، وأول سيدة تُختار للتدريس فى الكلية الحربية المصرية، عن خصوصية مصر في دحض الطائفية الدينية، وكيف وهي ابنة لعائلة مسلمة متصوفة، كانت تشارك في الاحتفال بالأعياد الدينية المسيحية. وتحدثت عن التاريخ المشرّف للمستشار "ويصا باشا ناصف"، محطّم السلاسل، رئيس مجلس النواب في حكومة "مصطفى النحاس"، وكيف كانت مصرُ في ذلك العهد لا تعرفُ التمييز العَقَدي بين المواطنين، وكيف كان المصريون، مسلمين ومسيحيين ويهودًا، يذوبون في جسد الوطن الواحد، لا يعرفون الشقاقَ ولا التنمّر الطائفي الذي يشقُّ صفَّ الوطن ويمزّق مفاصله. هنا تذكرتُ أغنية من الفلكلور المصري كنّا نغنيها ونحن صغار دون أن ندرك دلالاتها الجميلة، وربما مازالت الأمهاتُ والمربيات يغنينها لأطفالهن حتى اليوم دون أن يدركن أنها أغنيةٌ تندد بالطائفية وتصيبُها في مقتل.
تقول الأهزوجة: “واحد اتنين سرجي مرجي/ أنت حكيم والّلا تمرجي/ أنا حكيم الصحية/ العيان أديله حقنة/ والمسكين أديله لقمة/ حج حجيجة بيت الله/ والكعبة ورسول الله/ بدّي أزورك يا نبي/ ياللي بلادك بعيدة/ ...” كم واحدًا منّا يعرفُ أن تلك الأغنية وصلت إلينا من أيام المماليك حيث كان ثمّة ما يُعرف بـ"التكيّة"، وهي مكانٌ يقصده الفقراءُ والمرضى، فيتناولون طعامهم مجّانًا، ويتلقّون العلاج مجّانًا. وكانت تلك "التكيّة" في كنيسة "الشهيدين سرجيوس وماري جرجس" الأثرية في منطقة مجمّع الأديان بمصر القديمة، وهي إحدى نقاط رحلة العائلة المقدسة في مصر. وكانت الكنيسة تُطعم وتعالج البسطاء من المصريين دون تمييز عقدي ولا طبقي ولا نوعي. وكعادة المصريين العبقرية في تشكيل الكلمات على نحو شعري مسجوع، أصبحت "سرجيوس": "سرجي"، وتحولت "مار جرجس" إلى "مارجي"، وتم مزجها بزيارة الحجيج المسلم إلى بيت الله الحرام، وتكوّنت أغنية فلكلورية فذّة تجمع المسيحيَّ بالمسلم، والغنيَّ بالفقير، والولدَ بالبنت: “أحمد وحميدة"، لتكوّن لوحة مشرقة لمصر التي لا تعرفُ التمييز ولا الشتات.
الفلكلور يحكي ماضينا الطيب، ويرسمُ لنا خارطةَ المستقبل المشرق الذي نرجوه. فدائمًا وأبدًا: “الدين لله، والوطن لجميع أبناء الوطن، من محبّي هذا الوطن". بدأت بوادر طفرة طيبة في مجال التعليم منذ خمس سنوات، في عهد وزير التعليم المحترم د. “طارق شوقي"، ويحمل المشعل اليوم د. “رضا حجازي"، حيث محاولات حقيقية لوأد الطائفية في المناهج، ووأد الحفظ الذي لا يُفضي إلى إعمال عقل، ونطمح في المزيد. وتحيا مصر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد عمر ... خارج الشرنقة
- ذكرى مذبحة الأقباط في ليبيا
- تشارلي ... الصامتُ إذا تكلّم!
- أضيئوا بالحبِّ قلوبَكم
- أخبرني الخيميائي … عن الماكياج
- المتواضعُ العظيم … السنبلةُ الثقيلة
- إقبال بركة … الجميلةُ التي أقبلت
- بقلم: البروفيسور أحمد عكاشة
- كيف تقتلُ الأدبَ؟
- معرض الكتاب … على اسم مصر .. وذكرياتي
- سلاح التلميذ ... وكتابي الجديد
- سؤالٌ مُفخَّخ … في امتحان!
- مع عمر… أعيشُ طفولتي!
- مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة
- كلّنا واحد
- نوال مصطفى… وسامُ الإنسانية من البحرين
- حبيبتي 2022… رغم عذاباتكِ... أشكرك!
- معلّمو الرهافة … المتوحّدون
- إيه فيه أمل! عن الطفل شنودة
- حينما الموسيقى … صوتُ السماء!


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - واحد اتنين …. سرجي مرجي