أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - تشارلي ... الصامتُ إذا تكلّم!














المزيد.....

تشارلي ... الصامتُ إذا تكلّم!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7530 - 2023 / 2 / 22 - 11:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عرضٌ ثريٌّ فاتن يليقُ بشخصيةٍ بسيطة ومعقدّة في آن، صامتة وصاخبة في آن، ضاحكة وباكية في آن، غدت رمزًا عالميًّا وشعارًا كاريكاتوريًّا شهيرًا لا يُذكر فنُّ السينما وريادتُه دون الإشارة إلى تلك الشخصية ذات التكوين الشكلي والجسدي المميز: بالقبّعة السوداء، والعصا المعقوفة، والبذلة السوداء المُهدّلة، والشارب الصغير، والعينين المتوقّدتين اللامعتين، والحاجبين الكثّين، والشعر الأجعد المنفوش، والحركة السريعة ذات الخطوات القصيرة المتلاحقة، والملامح التي تنطقُ بغزير الكلام دون كلمة، مثلما يليقُ العرضُ الجميلُ بصُنّاعه المصريين المبدعين من صنّاع المسرح الراقي. ها هو المسرح، "أبو الفنون الستّة" (المسرح، الشعر، الموسيقى، العمارة، التشكيل، النحت)، يُقدّم لنا اليومَ ابنَه الأصغر: السينما، "الفن السابع" من خلال تجسيد حياة أحد روّاده العظام: “تشارلي تشابلن"، واستعراض الجانب الإنساني الدراماتيكي من حياته المعقّدة وغير المعروفة لمعظم الناس.
لا يتصدّي الشاعرُ والسيناريست د. “مدحت العدل" لعمل فنيّ: سينمائي أو مسرحي، إلا وسبقته بصمةُ الإتقان، وخاتمُ الجودة، وعلامةُ الإصلاح المجتمعي والتنوير، مع ضمانة المتعة الفنية المؤكدة: العقلية والبصرية والروحية. فمثلما قدّم لنا قبل ثلاثة أعوام مسرحيته الاستعراضية الرائعة "كوكو شانيل" من تأليفه وإخراج "هادي الباجوري" وبطولة فراشة المسرح والاستعراض الساحرة: "شيريهان" التي تتنفّسُ فنًّا وجمالا، يُقدّمُ لنا اليومَ مسرحية "تشارلي" من إخراج المبدع "أحمد البوهي" وبطولة الفنان الجميل "محمد فهيم"، الذي أتقنَ تجسيد شخصية "تشارلي تشابلن"؛ بكل ما تحملُ من تعقيدات وتناقضات وأحوال نفسية متقلّبة. السير "تشارليز سبنسر تشابلن" الذي كان في ذاته مؤسسةً فنية متكاملة فهو: الكوميديان والسيناريست والمخرج والملحّن والمنتج والمونتير ومؤلف الموسيقى التصويرية البريطاني الذي لمع مثل شهاب في سماء السينما الأمريكية وفي العقل الجمعي للعالم بأسره مع باكورة صناعة فن السينما والأفلام الصامتة، ولم ينطفئ وهجُه حتى اليوم. الكوميديان التراجيديان البسيطُ الذي ناطح الديكتاتور "أودلف هتلر" وسخر منه في أفلامه، والذي حاربه نفرٌ من الاستخبارات الأمريكية FBI، وكرّمه الرئيسُ الأمريكي "روزفلت" واعتمد المونولوجَ الختاميَّ لفيلمه "الديكتاتور العظيم" شعارًا للسلام ونبذ العنصرية، مرورًا بحياته منذ طفولته مع شقيقه وأمّه، بكل ما تحمل من منعطفات وانكسارات ونجاحات ومعارك سياسية واغتيالات معنوية وأدبية؛ كيف يمكن تقديم شخصية بهذا الثراء والتعقيد على خشبة المسرح المصري، على نحو يليق بالشخصية الهدف دون إهدار قيمتها التاريخية؟! المبدعون المصريون العِظام يقدرون، ونجحوا بالفعل في رسم تلك الشخصية المُلغزة على نحو فائق كما شهدناه الجمعةَ الماضية على خشبة مسرح "أركان" بمدينة الشيخ زايد، في حفل الافتتاح بالقاهرة بعد عرضه في "موسم الرياض" الشهر الماضي.
من أجمل المشاهد التي حُفرت في ذاكرتي: مشهد ال Undo الذي رسم لنا صورة مأساوية لضحايا الحرب العالمية الثانية والمجازر التي خطفت أرواح أبرياء من الأطفال والشيوخ والصبايا والمدنيين، ثم الصورة المشرقة المعاكسة لما "كان" يجب أن يكون؛ لولا حدوث الحرب المدمرة. فنجد الجثامين المغدورة تنهضُ وتعود للحياة بحركات عكسية وتنطلق البناتُ المغدورات جميلات، ويعود للحياة إشراقُها بعد إعتام، بأداء مسرحي عكسي؛ وكأنك ضغت على زر Undo في حاسوبك لتتراجع جميعُ الخطوات الخاطئة التي قمت بها. ليت بالحياة مثل هذا "الزر السحري"، إذن لمحونا مذابحَ وحروبًا وسخافاتٍ كثيرة سوّدت بالعار وجهَ العالم. من المشاهد الفاتنة كذلك مشهدُ البطل "الشرير" الحاقد على "تشارلي" يُمسكُ بخيوط عرائس ماريونيت، ليحرك الناسَ نحو اغتيال الفنان أدبيًّا ومعنويًّا. في رمزية فنية رائعة حول كيفية تحريك الآلة الإعلامية لهدم الشرفاء الإصلاحيين في أي مجتمع. على نحو فائق جسد الفنانُ "أيمن الشيوي" دورَ الشرير الذي لم يتوقف عن محاربة "تشارلي تشابلن" الذي جسّده الفنان "محمد فهيم"، الذي جسّد لنا من قبل شخصية الإخواني "سيد قطب" في مسلسل الجماعة. من أبطال العرض الرئيسيين: "الرقصات" المدهشة، صمَّمها "عمرو باتريك"، "الإضاءة" رسمها "جون هيوي"، "الملابس" رسمتها "ريم العدل"، "الإكسسوار" رسمها "محمد سعد"، "الديكور" رسمه "حازم شبل"، و”السينوغرافيا” التي رسمت لنا الخلفيات الحية. أما الأغنيات التي أبدعها الشاعرُ الجميل "مدحت العدل" فقد أنطقها موسيقيًّّا بكل اقتدار الموسيقار "إيهاب عبد الواحد"، ووزعها وكتب الموسيقى التصويرية الموسيقار "نادر حمدي". شكرًا لشركة انتاج "سي سينما"/ “هاني نجيب" و"أحمد فهمي" التي تصدّت لهذا العمل الاستعراضي القيّم. شكرًا لفريق العمل الجميل وجميعهم أبطالٌ، وننتظرُ مزيدًا من الأعمال القيّمة التي يقدمها لنا "المسرح الخاص" في ثوبه الراقي، الذي افتقدناه كثيرًا وكثيرًا.
ونهنئ أنفسنا على تباشير عودة المسرح الخاص في مصر بكل تلك القوة، فالمسرح مدرسةٌ تنهضُ بالمجتمعات. وسعيدة بافتتاح "مسرح قصر النيل" بعد إغلاق امتد لعقدين، مع عرض جميل "ولا في الأحلام". أعطني مسرحًا راقيًّا، أعطِكَ شعبًا مثقفًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضيئوا بالحبِّ قلوبَكم
- أخبرني الخيميائي … عن الماكياج
- المتواضعُ العظيم … السنبلةُ الثقيلة
- إقبال بركة … الجميلةُ التي أقبلت
- بقلم: البروفيسور أحمد عكاشة
- كيف تقتلُ الأدبَ؟
- معرض الكتاب … على اسم مصر .. وذكرياتي
- سلاح التلميذ ... وكتابي الجديد
- سؤالٌ مُفخَّخ … في امتحان!
- مع عمر… أعيشُ طفولتي!
- مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة
- كلّنا واحد
- نوال مصطفى… وسامُ الإنسانية من البحرين
- حبيبتي 2022… رغم عذاباتكِ... أشكرك!
- معلّمو الرهافة … المتوحّدون
- إيه فيه أمل! عن الطفل شنودة
- حينما الموسيقى … صوتُ السماء!
- دولةُ الأوبرا تحتضنُ مليكتَها
- اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه
- ذوو الهِمَم … أبناءُ الحياة


المزيد.....




- بعد صدمة فيديوهات الأسرى.. جادي آيزنكوت يحمّل نتنياهو مسئولي ...
- تصاعد المطالب الأميركية اليهودية لإغاثة غزة وسط أسوأ أزمة إن ...
- السودان.. قوى مدنية تبدأ حملة لتصنيف -الإخوان- منظمة إرهابية ...
- الأردن.. إجراءات بحق جمعيات وشركات مرتبطة بتنظيم -الإخوان-
- إغاثة غزة.. منظمات يهودية أميركية تضغط على إسرائيل
- الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري ...
- الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ ...
- كيف تدعم -خلية أزمة الطائفة الدرزية- في إسرائيل دروز سوريا؟ ...
- الخارجية الفلسطينية تدين دعوات اقتحام المسجد الأقصى غدًا بحج ...
- 3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - تشارلي ... الصامتُ إذا تكلّم!