الإنسان العالمي

بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 7557 - 2023 / 3 / 21 - 18:38
المحور: الادب والفن
    

جيني والانسان العالمي
جميل أن تتوافر في المبدع صفات المواطن العالمي المولود في الشرق فتوافر فيه جينات الروحانية وحياته في الغرب مع قراءته لألياته الحضارية ومن هنا تأتي مرحلة الإبداع المزدوج حيث ينظر المبدع من منظور الروح للتطورات الحادثة في العالم ،وهنا الأساس المنطقي لقضية الكتابة الرقمية والنص القابل للقراءة عبي طريقة الهايبر تكست ولكن ماعلاقة ذلك بعملنا الاسكافي الني ابدعتها سمر حسين علي ، وهو عمل له عناصر عامة :
اندراجه تحت تصنيف رواية الشخصية وهي رواية حديثة تبحث في تأثيرات العالم الخارجي علي مدي تطور الذات وقدرتها علي قراءة العالم ،ومن هنا فأن الاصح إطلاق اسم المتوالية الروائية وذلك متوافق مع طبيعة النوع الادبي وهي الرواية الني نشأت من معطف تعقيدات الحياة المدنية ،ولما كان العالم حاليا في إطار إنتاج صيغة جديدة للعالمية، فإن رواية الشخصية هي الأقرب لذلك العصر ،ولعل البرهان الأكبر علي ذلك في مصر الرواج للروايات ذات الغموض النفسي وهو امر متوافق مع أزمة الهوية المصرية .
ولكن العنوان دوما هو الباب الرئيسي لفهم الجو العام للنص حيث بدء الفهم دوما للمتغيرات الكبري كان مرتبطا بالإسكافي فاول من أمن بالمسيحية في مصر كان اسكافيا ومؤسس أسطورة اليهودي التائه الني خلقت اطارا مرجعيا في تطور الحضارة الأوربية الحديثة كان اسكافيا استسقاه المسيح شربة ماء فرفض اعطاءه فاستحق لعنة المسيح بالتوهة ،وهنا فكر البحث الدائب عن الذات .
ويبقي السؤال كيف تحقق ذلك في هذا العمل ؟
ولما كانت الأعمال الابداعية كما قرر روجيه جارودي هي إجابة علي عدة أسئلة معرفية متعلقة بطبيعة عمله ودرجته الاجتماعية وسياق حياته العامة ، ومن هنا جاء التقديم طويلا ليعكس حالة القلق المبادرات ايصالها للمتلقي :
كل ما نحتاجه هو ذلك الصمت الذي يأتي مع ادراكنا لما نحن فيه ، بعيدا عن ضلالتنا واوهامنا اليومية .
فكرة البرزخية حيث تكون المنطقة الني تعمل فيها الرواية هي حافة الشفرة بين العقل والجنون ، طبيعة اللغة هنا الصادمة:
هلا جلست مسترخيا بعض الشئ والكف عن المقاومة ....سأقص عليك بالقارعة .
مهارة القاصة في إيجاد فصل افتتاحي بعنوان قارعة الطريق كي يؤكد علي البعد الفلسفي من خلال بعدا افتراضيا عن شخص حائر مابين اختياراته فقرر ان يجلس قليلا كاستراحة محارب فجاءه كثيرون طالبي الاستراحة ، ثم لم يلبثوا ان استردوا قلقهم ثم رحلوا بحثا عن ذاتهم، وتأتي حدث بين تأمل وتقرير حيث يبدأ اي فصل مابين سؤال فلسفي ثم هيكل حركي متخيل ومجرد دونما تجسيد للفرد المتخيل ، ثم الانهاء بجمل تقريرية ، وهنا تأتي أهمية تلك المتوالية الروائية من باب الحرص علي التنوير .
ومن هنا جاء غياب الشكل التقليدي لقواعد العمل الروائي من خلال وتطور وتنامي الأحداث، بل جاء هذا العمل راصدا لتطورات الفعل المتكرر علي وعي البطل الرئيسي وهو السارد غير المباشر، ولعل الفصل المعنون ب مؤمن تشيخوف وهو عنوان له دلالة عبر المقدمة :
كل يوم في حياتك إضافة لروحك، تنفس بعمق وأشعل نارا في قلبك وتناول اللقمة الاولي لي .
ضمير الانت تعبيرا مضمرا عن غياب الذات عم مساحة التحقق ،اولا العنوان يعكس الرغبة في التفرد ، وماهي دلالة الحوار مابين الاسكافي تلك الشخصية ذات الدلالة الفارقة في الفكر العالمي والحكيم وفي هذه الحالة نبحث عن العقدة الدرامية تكون داخل الذات فعلي الاسكافي ان يعتقد بوجود النعمة بمجرد توافر الرغبة فينا والتماس مع الواقع من خلال سرد الازمة الاقتصادية الني يعانيها ذلك الاسكافي ولكن التناص مع نص تشيكوف وهو أديب البسطاء وتأكيد علي عمومية الروح الإنساني حتي يتوافق مؤمن تشيكوف مع مؤمن ال فرعون .
لعل عقدة تلك المتوالية في الفصل الخامس عشر والذي يتناول لب الكتابة الرقمية والتي تعيد إنتاج النماذج الإنسانية من خلال الاستعانة بنماذج مرجعية ثابته ذات تفاصيل متداولة للجميع ، متجاوز فكرة الشكل القاتل للروح كما تتداوله الاعراف :
السماء هي الحرية والحب والنور في بوتقة واحدة مندمجة ، اقبلها هكذا كما هي أو اهرب ...فلا حب بدون حرية ..ولا حرية بدونها.
اللغة الخادعة والني تحتمل درجة من التأويل حيث يحمل ذلك العمل نوعا من الذات الساردة الخفية غير ذات الملامح الثابتة وكأن البطل طيفا باحثا عن ذات يتجسد فيها ،ولعل نهاية الرواية جديرة بصحة ذلك الاستنتاج :
انا لست كاتبة، انا رسول ،سأنتهي من الكتابة بانتهاء رسائلي .
هنا يبدو الغرض الرئيسي من الرواية وهو التنوير وعكس تلك الدرجة من الغياب الهوياتي الذي يعانيه الإنسان المعاصر .
شكرا لجيني ذلك العمل الإبداعي الذي يحتاج لقراءة متناسبة مع عمق الفلسفة والرؤية المركبة خلاله .

#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل