الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (4) نماذج الأعمال الأبوية و خلق بصمة للنجاح

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7542 - 2023 / 3 / 6 - 14:41
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

الفصل الرابع من كتاب :
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال
دروس من التوراة والنصوص القديمة الأخرى
تأليف ليفي براكمان وسام جافي


وبهذه الطريقة نما الرجل [يعقوب] في ازدهار شديد ، وامتلك ذبيحة كبيرة ، وخادمات وخدما ، وجمالا وحميرا.
- التكوين ٣٠: ٤٣

تغيير العالم ليس سهلا. يجد معظمنا صعوبة بما يكفي لتغيير أنفسنا. بينما أحيانا - في حالات نادرة جدا – يمكن لفرد يجعل من العالم مكانا أفضل ، عادة ما يتطلب الأمر مجموعة تعمل معا.

قبل عدة آلاف من السنين ، غيّر ثلاثة رجال العالم. لقد بدأ ذلك عندما أدرك إبراهيم أن هناك إلها واحدا فقط هو الذي خلق العالم ودعمه. واعتنق ابنه إسحاق وحفيده يعقوب هذا الاعتقاد ليؤسسوا أمة ودينا. استغرق الأمر منهم ثلاثة أجيال ، وكانت رحلتهم الجماعية مليئة بالعديد من النكسات و النجاحات. ولكن عندما يكبر الولد ويصبح مراهقا ثم رجلا ، نضج التوحيد مع هؤلاء الآباء الثلاثة بينما نسلهم - الذين أصبح بعضهم في النهاية أمة يهودية – ونمت كذلك. كل هذا موثق جيدا في التوراة والأدب المصاحب لها.

ما تم دفنه بعمق في كتابات التوراة هو أن فلسفة الإدارة لهؤلاء الرجال الثلاثة التي نمت استجابة للتحديات التي واجهوها. يبدو أن إبراهيم حاول أن يفعل كل شيء بنفسه دون أن يفوض سلطته. وعلى الرغم من أن إسحاق كان بارعا في التفويض ، إلا أنه لم ينفذ رؤيته في العمل - واثقا من أن الآخرين سيفعلون ذلك جيدا بما فيه الكفاية. وجد يعقوب الوسيط السعيد بين هذين الأسلوبين ، وبفضل الأبناء الذين تعلموا من والده وجده ، أكمل أسس دين كان متينا وصمد أمام الصراع لعدة آلاف من السنين.

لتوضيح الدروس حول القيادة والأعمال التي يمكن تعلمها من الآباء الثلاثة ، اخترنا أمثلة من صناعة الاتصالات على مدى العقد الماضي. قبل بضعة عقود فقط ، كانت الاتصالات احتكارا تقره الدولة. لقد تحملت الشركة سنوات من التحديات التكنولوجية والتنظيمية المؤلمة ، وكانت القيادة الذكية خلال هذه الفترة الزمنية في أعلى مستوياتها. من خلال الاطلاع على صفحات الصحف التجارية الحديثة ، يمكننا أن نرى انعكاسات من كتاب التكوين ، حيث تبدأ قصتنا.

تحطيم المنافسة
=============
يروي أحد المدراش (بريشت رباح 38:13) قصة الصبي أبرهام في متجر والده ، وهو يقوم ببعض الرقابة على الجودة. باع تيراش ، والد إبراهيم ، الأصنام لشعب بلاد ما بين النهرين، وهي جزء مما يُعرف اليوم بالعراق. اعتمد سكان البلدة على تيراش لبيعهم أقوى الأصنام - أولئك الذين هم أقوى من أصنام جيرانهم. إن وجود صنم قوي إلى جانبك كان شيئا عاديا لدى سكان بلاد ما بين النهرين مثل امتلاك أجمل سيارة بجانب الكتلة السكنية؛ ولا يعتقدون فقط أنها ستدرء الشر ، لكنها قد تثير الحسد في أعين الأقارب والزملاء.

أنشأ تيراش ، مثل أي رجل أعمال جيد ، تدفقات متعددة للإيرادات من متجره. لم يقم فقط ببيع الأصنام ، بل قام بتأجيرها أيضا. يمكن للعملاء إحضار قربان وتقديمه مقابل رسوم رمزية لأحد الأصنام في المتجر. ذات يوم ، ترك تيراش أبرهام مسؤولا أثناء حضوره لبعض الأعمال. كان هذا أمرا محفوفا بالمخاطر ، لأن إبراهيم كان لديه بالفعل عادة سيئة تتمثل في السخرية من عملاء المتجر لاعتقاده بمثل هذا الهراء الخرافي. لكن عند قراءة ما بين سطور هذه القصة ، يبدو إبراهيم متشككا ومثيرا للتساؤل وعلميا في مقاربته لتحديد الحقائق ، فضلا عن أنه مبكر النضج في تعاملاته مع شيوخه. ومن الواضح أنه غير مهتم بالتضحية بالمبيعات من أجل الجائزة الحقيقية. إبراهيم ، في الواقع ، بائع ماهر. إنه فقط لا يبيع ما لديه هناك من يريده أن يبيع.

دخلت امرأة إلى المتجر ومعها طبق كبير من الطعام الجاهز. "هل هذا لي؟" سأل إبراهيم ، لكن ليس ببراءة.

عبّست المرأة في وجهه، وأمرت إبراهيم بوضع الطبق أمام معبودها المفضل - والذي تصادف أنه الأصغر في المحل. دفعت أجرتها وتركت إبراهيم وحده مع الطعام والأصنام.

ثم نفذ إبراهيم خطته. أخذ فأس والده وحطم كل الأصنام في الغرفة - باستثناء الأكبر. ثم وضع صينية الطعام أمامها وانتظر عودة والده. في المساء ، وصل تيراش ليرى متجره بأكمله في حالة من الفوضى.

تناثرت الأذرع والأرجل المكسورة في الطابق وما زال الغبار معلقا في الهواء. سأل ابنه عما حدث بحق أصنامه الباهظة الثمن. أجاب إبراهيم: "حسنا ،" أجاب إبراهيم ، "جاءت سيدة وقدمت طبقا كبيًا من الطعام لأحد الأصنام الأصغر وأراده أكبر ، لذلك انتزعها منه ، ثم أخذها صنم أكبر منه ، وقبل أن أنتبه لذلك ، اندلعت بين جميع الأصنام في المتجر معركة حامية الوطيس ".

أوضح إبراهيم لوالده ، "في النهاية" ، "نهض أكبر معبود في المتجر ودمر جميع الأصنام بفأس في يديه ثم أخذ الطعام لنفسه". وبالتأكيد هناك ، في منتصف الغرفة ، وقف المعبود الوحيد المتبقي – وهو الأطول - مع طبق من الأطباق الشهية عند قدميه والفأس إلى جانبه.


كما يفهم أي أب لديه ذرية مبكرة ، لم يكن تيراش مستمتعا. صاح في وجه ابنه: "هل تعتبرني أحمقا؟". "أعلم أن هذه الأصنام لا يمكنها التحرك. إنها مجرد قطع من الخشب والحجر. لا يمكنهم تناول الطعام ولا يمكنها القتال."

أجاب إبراهيم بنبرة طفولية: "إذا لم يكن لديها قوة ، فلماذا تخدمها؟" ورغم أن تيراش كان غاضبا في ذلك الوقت ، فقد وافق في النهاية مع ابنه وأصبح أحد أول المتحولين إلى التوحيد.

كانت استراتيجية إبراهيم بأكملها هنا محفوفة بالمخاطر ، وخطر إغضاب والده كان أقل هذه المخاطر. عاش إبراهيم في بلد حيث كانت عبادة الأصنام هي دين الدولة. في الواقع ، كان نمرود ، الذي كان الملك في ذلك الوقت ، يعتبر نفسه إلها وكان له أصنام تمثل نفسه من صنعها ، وكان رعاياه يعبدونها. لذلك كانت أفعال إبراهيم ، في الواقع ، إهانة للملك. وبحسب المدراش ، اتُهم إبراهيم بهذه الجريمة وحُكم عليه بالإعدام. أُعطي إبراهيم الخيار بين الركوع علنا للأوثان أو الإلقاء به في أتون الأفران الحامية.
لكن ضع في اعتبارك أنه لم يدمر عمل والده بدافع الحماقة. كان يجب أن يكون لديه دافع عميق لارتكاب مثل هذا العمل الغاضب والمحفوف بالمخاطر. شيء ما أجبره على الانحراف عن القاعدة ، وإيذاء والده الحبيب ، وارتكاب خيانة يعاقب عليها بالإعدام.

لا شيء يحدث بالصدفة. ليس من قبيل المصادفة أن إبراهيم وُلد في عائلة من أصحاب المتاجر ، وهي نسخة العالم القديم من رجل الأعمال الحديث. كان من الممكن أن يكون إبراهيم قد درس في سن مبكرة كيفية القيام بعمل مبيعات جيد ، وكيفية التعامل مع العملاء ، وكيفية إدارة الكتب ، وكيفية تحديد أسعار عالية بما يكفي لتحقيق ربح ولكن منخفضة بما يكفي لتجنب أن يتفوق عليها. ابن رجل أعمال صغير ، نشأ في السوق وتدرب على البيع ، كان إبراهيم مدفوعا بنفس الشيء الذي يدفع معظم رجال الأعمال: كان لديه شيء أفضل ليبيعه - إله جديد أكثر قوة وعد بمكافآت أكبر من أي خشب. ومعبود الحجر يمكن أن يكون.

هذه القصة تمهد الطريق لظهور التوحيد في العالم. كان إيمان الشاب إبراهيم بالتوحيد قويا لدرجة أنه رفض الانحناء للأوثان. ظل إبراهيم ثابتا على آرائه التوحيدية والمناهضة للوثنية ، حتى عندما واجه موتا مؤكدا عندما ألقى الملك نمرود به في الفرن. يقول التقليد أنه لم تمسه ألسنة اللهب كنوع من المعجزة .
نجحت حيلة إبراهيم في العلاقات العامة مع أصنام والده بشكل أفضل مما كان يتخيله ، مما أكسبه مصداقية وسمعة في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين باعتباره محاربا للأصنام ورجلا مقدسا. كل ما كان عليه فعله في هذه المرحلة هو بناء دين باستخدام تسويقه المتقدم الفعال كنقطة انطلاق. لكن تكتيكات إبراهيم لم تؤد على الفور إلى النجاح النهائي الذي سعى إليه.

رؤية للأعمال: التسويق مهم جدا في أي عمل ، كما هو الحال بالنسبة لمصداقيتك وإخلاصك وإيمانك بالمنتج الذي يتم بيعه. ومع ذلك ، ضع في اعتبارك أن هناك حاجة إلى مكونات أخرى لتحقيق نجاح مستدام طويل الأمد.
رؤية للحياة: افعل ما هو صواب لأنه صواب وليس لأنه سيجلب لك الشهرة أو المال. تحلى بشجاعة قناعاتك لتكون مختلفة. لا تسمح لتأثير الثقافة السائدة أن تتخلى عن قيمك. تذكر أهمية المصداقية في كل ما تفعله.

القواعد الشعبية في الصحراء: من الأسفل إلى الأعلى
==============================

أراد أبراهام بناء علامة تجارية ناجحة. لقد أراد أن يجلب العابدين جددًا إلى مفهوم إله واحد وأن يجعلهم يفهمون قوة الله ومجده وأهمية السعي ليكونوا قريبين منه. يضيف المدراش (بريشيت رباح 48: 9) التفاصيل الحيوية التالية حول نموذج أعمال إبراهيم. ويخبرنا كيف أنه ، بعد أن رأى غضب نمرود، أقام متجرا في الصحراء خارج بلاد ما بين النهرين عند تقاطع طرق تجارية مزدحم. بنى خيمة كبيرة بأربعة أبواب على كل جانب ودعا أي مسافر عابر إلى جانبها. كان إبراهيم يقدم وجبات مجانية لكل من ينزل (بريشيت رباح 54: 6). وبينما كان المسافر يأكل ، كان إبراهيم يكرز له المعلومات عن التوحيد والله.

إذا كان إبراهيم يبحث عن الكمية ، فقد نجحت استراتيجيته. على الرغم من الاستنزاف الاقتصادي لتوفير الكثير من الطعام المجاني ، فقد كان يجتذب الآلاف من المتحولين الذين كانوا متحمسين لهذه الرؤية الجديدة للعالم ونمط الحياة والقيم الجديدة التي بشر بها إبراهيم. لقد تركوا أهل خيمته ينددون بعبادة الأصنام السابقة ويعلنون التسبيح لله. علاوة على ذلك ، كانوا متحمسين لنشر الكلمة إلى العالم الخارجي.

لكن القراءة المتأنية لرواية التوراة وتعليقات المدراش تظهر أن نجاح إبراهيم لم يكن له الديمومة المطلوبة. كان نشاطه الرئيسي هو الخيمة في الصحراء. وعندما عاد المسافرون المتدينون حديثا إلى ديارهم ، وجدوا صعوبة في الحفاظ على حماستهم في العقيدة الجديدة. استمر أفراد عائلتهم في عبادة الأصنام وتجاهلوا مناشدات التوقف. سرعان ما تلاشت قوة إرادة المسافرين وعادوا هم أيضا إلى النظرة المتعددة الآلهة. تحول آلاف المتحولون لإبراهيم إلى عدد قليل من الأتباع الأقوياء ، وكان معظمهم من أفراد عائلته. لماذا لم يتمكن المتحولون من إبراهيم من البقاء مخلصين لتعاليمه على المدى الطويل؟
قد يستنتج مستشار التسويق الحديث لم يبق المتحولون مخلصين لفكر إبراهيم لأنه لم يوفر بنية تحتية كافية لخدمة العملاء خارج الخيمة في الصحراء. لقد قام إبراهيم بعمل رائع للإعلان وخلق المصداقية ، لكنه لم يخلق النظام الاجتماعي وشبكة الدعم التي يحتاجها الدين لينمو. يشرح المعلمون اليهود الصوفيون ، المعروفون باسم الكاباليين ، أن استراتيجية إبراهيم كانت ما يسمونه "ميلماتا لمالا" ، أو "من أسفل إلى أعلى". بعبارة أخرى ، كانت استراتيجية شعبية. ومع ذلك ، فإن إنشاء دين ناجح - مثل إنشاء شركة جديدة - يجب أن يتضمن عناصر من شأنها تعزيز رضا العملاء. يجب إنشاء ولاء العميل / المخلص. يتعلق الأمر بإنشاء سلسلة من أنظمة الدعم ، بحيث يشعر العملاء بالراحة والثقة الكافية ليظلوا عملاء مخلصين.
يبدو أن إبراهيم لم ينفذ هذا الجزء الأوسط من البنية التحتية لخدمة العملاء. لقد كان يهتم كثيرا بالزبون / المخلص ، لكن وقته وموارده كانت مكرسة تماما لتلك العلاقة الفردية بينه وبين الشخص الذي كان يعلمه. لم يقم ببناء منظمة كبيرة. لقد خلق العديد من الأتباع الأفراد الذين تبنوا بحماس أسلوبه في التوحيد ، ولكن بعد ذلك لم يكن لديه مجتمع ليصبح جزءا منه. شعر إبراهيم ، على ما يبدو ، أنه بفضل تفاعله مع الفرد ، سيكون قادرا على خلق شيء دائم.

ومع ذلك ، في النهاية ، لم يكن قادرا على تحقيق ولاء العملاء/ المخلصين. وبدلا من ذلك ، بنى إبراهيم مجموعة صغيرة جدا من الأتباع الذين حققوا نجاحا طويل الأمد فقط بفضل عمل ابنه وحفيده (إسحاق ويعقوب). بغض النظر عن حجم مبيعات إبراهيم المذهلة (ولا بد أنه كان كذلك إذا كان قادرا على بيع التوحيد لوالده ، الذي كان يقوم بعمل جيد من الشرك) ، فإنه لم ينشئ منظمة ضخمة تلبي - احتياجات كثيرة لآلاف أتباعه. للقيام بذلك ، كان لابد أن يفوض إبراهيم بعض مسؤولياته للآخرين.
و حتى يكون هناك المزيد من الموارد لتلبية احتياجات المتحولين الجدد. هذا النقص في التفويض يعني أنه لم يكن لديه الموارد أو القوى البشرية لإنشاء مجتمع احتياطي للمتحولين بعد أن تركوا مجال تأثيره المباشر.

متابعة سيئة لخدمة العملاء في شركة فوناج
========================
من الأمثلة الحالية للشركة التي اتبعت خطى إبراهيم في عدم تفويض موارد كافية لتوفير تجربة ما بعد البيع كاملة للعميل هو شركة فوناج. كانت هذه الشركة الرائدة في مجال المهاتفة عبر الإنترنت واحدة من أولى الشركات التي تسوق خدمات الهاتف التي تستخدم الإنترنت كشبكتها بدلا من خطوط الهاتف التي أقامتها شركة الهاتف. سمحت التكنولوجيا الناشئة ، التي يطلق عليها بروتوكول الصوت عبر الإنترنت (VOIP) ، للوافدين الجدد إلى مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية.
في السنوات الأولى للتكنولوجيا الناشئة ، سرعان ما أصبحت شركة فوناج الشركة الرائدة في السوق. وقد اجتذبت أسعارها القوية وحملاتها التسويقية المتقنة ملايين الأفراد وزملاء الأعمال الصغيرة لاختيار خدمتها على العشرات من الشركات الناشئة الأخرى. و بحلول عام 2005 ، جمعت أكثر من 1.3 مليون مشترك دفعوا ثمن بروتوكول الصوت عبر الإنترنت بما يعادل تقريبا أكثر من نصف السوق بأكمله ، والذي كان من المتوقع أن يتضاعف في العامين المقبلين.
ولكن بعد عام واحد فقط ، كان الاكتتاب العام على أسهم شركة فوناج في مأزق وكان المستثمرون يبيعون أسهمهم في الشركة. عندما عقدت الشركة أخيرا طرحها العام الأولي في أيار من عام 2006 ، باعت أسهمها في السوق مقابل ربع ما توقعه المحللون قبل بضعة أشهر فقط. في وقت كتابة هذا التقرير ، بعد عامين فقط من الاكتتاب العام ، فقد السهم أكثر من 85 بالمائة من قيمته.

ماذا حصل؟ ركزت شركة فوناج ، مثل إبراهيم ، على هذا البيع الأولي وفشل في تخصيص موارد كافية لبناء نظام دعم عملاء متطور. في شباط 2006 ، اعترفت الشركة بأنها كانت تنفق أكثر من 200 دولار على الإعلان لكل مشترك كان لديها. وهذا يعني أن الأمر سيستغرق عاما على الأقل لتسديد تكلفة الإعلان من مدفوعات العميل الجديد - وهو عائد منخفض على الاستثمار لم يسمع به في عالم التسويق.
أدى اختيار شركة فوناج للإنفاق على خدمة العملاء أقل مما ينفق على الدعاية إلى سمعتها كشركة هاتف سيئة. تم إسقاط المكالمات ، وانقطعت الخطوط ، وسُمعت أصوات الكهرباء الساكنة في كثير من الأحيان. ونتيجة لذلك ، عانت الشركة من ارتفاع معدل خسارة العملاء. قد تكون شركة فوناج قادرة على جذب العملاء من خلال تسويقها المعقد ، لكنها لم تضع البنية التحتية في مكانها لتحقيق ولاء العملاء طويل الأمد.

اعتقد المسؤولون التنفيذيون في شركة فوناج، مثل إبراهيم ، أنهم يستطيعون بناء شركة من الأسفل إلى الأعلى ، فقط ليكتشفوا أن الأمر يتطلب الكثير من النفقات والعمل على جعل الناس يلتزمون بالاختيار الذي اتخذوه. ومثل إبراهيم لم يتمكنوا حتى الآن من بناء كيان جبار. بحلول ربيع عام 2008 ، كان المسؤولون التنفيذيون لا يزالون يحذرون المستثمرين من أن الشركة على شفا الإفلاس وكانوا يسعون جاهدين لإعادة سداد ديونهم.

لم تكن شركة فوناج ، مثل إبراهيم ، قادرة على منح العميل تجربة كاملة تتجاوز الخدمة الفورية التي كانوا يقدمونها. في كلتا الحالتين لم يكن هناك متابعة للعملاء. كانت الأسباب متشابهة أيضًا. بذلت شركة فوناج كل جهودها لجذب العملاء ، ولكن فوق ذلك لم يكن لديها ما يكفي من الموارد لخدمة العملاء الكافية. كان إبراهيم هو المبدأ الرئيسي للدين الجديد الذي خلقه ، وبدلاً من توزيع موارده بالتساوي ، استخدم كل قوته البشرية المحدودة لجذب المتحولين الجدد. لم يترك ما يكفي من الوقت أو الطاقة أو القوة البشرية لإنشاء بنية تحتية يمكن للمتحولين الجدد الاعتماد عليها.

كان من الأفضل لكل من شركة فوناج و إبراهيم تخصيص بعض مواردهما لتعزيز خدمة العملاء ، بحيث يكون للعميل أو المخلص تجربة مفيدة وبالتالي يظل مخلصا. تفشل العديد من الشركات الصغيرة نتيجة لعدم القدرة على تخصيص موارد كافية لخدمة العملاء وبالتالي ضمان ولاء العملاء. بينما في حالة شركة فوناج كانت المشكلة قلة الزبائن.

كانت الخدمة ضعيفة بسبب اعتقادهم أنها لم تكن ضرورية ، في حالة إبراهيم كان ذلك بسبب نموذج العمل العملي حيث كان ، كرئيس تنفيذي ، يدير كل شيء ولا يفوض شيئا تقريبا. يجب أن يقبل رجل الأعمال الصغير حقيقة أن شخصا واحدا لا يمكنه فعل كل شيء. يسمح تفويض المسؤوليات والموارد بشكل متساوٍ بنمو الأعمال لأن الشركة قادرة على تلبية احتياجات كل عميل بعدة طرق. لا يوجد سوى مبلغ محدود يمكن لشخص واحد القيام به في فترة أربع وعشرين ساعة. ستعمل الاستراتيجية العملية على منع نمو منظمة ريادة الأعمال لأن شخصا واحدا يمكنه تلبية احتياجات عدد محدود فقط من العملاء.

رؤية للأعمال: لا يمكنك أنت وعائلتك وحدك تنمية مشروع تجاري بحجم كبير. مع نمو نشاطك التجاري ، لا يمكنك تلبية احتياجات العميل الفورية / أو احتياجات العميل طويلة الأجل بشكل صحيح ، وبالتالي لا تمنحهم أي سبب ليكونوا مخلصين لك. إن خلق الولاء لا يقل أهمية عن التسويق الجذاب والمبتكر للنمو.
رؤية للحياة: "العمل ليس لك حتى تكمله لوحدك ولكن لا يسمح لك بالكف عنه" ، كما تعلمنا من النص اليهودي العظيم ، أخلاق الآباء. لا تعتقد أبدا أنه يجب عليك فعل كل شيء بمفردك. اسمح للآخرين بمساعدتك. أشرك أصدقائك وعائلتك في أهدافك وأحلامك.
ظهور نموذج جديد: من الأعلى إلى الأسفل
=========================
وفقا للقصة التالية من التوراة (تكوين 18: 3-8) حتى في سن التاسعة والتسعين ، كان إبراهيم يحاول مراقبة كل شيء بإحكام. وبعد ختانه المؤلم بثلاثة أيام و بأمر من الله ، ظهر ثلاثة ملائكة متنكرين في زي البشر في خيمة إبراهيم. كان هو وسارة وابنه الصغير إسماعيل هم الذين يخبزون لهم الخبز ويطبخون لهم طعاما. بحلول هذا الوقت كان ثريا بما يكفي لتحمل الخدم ومحضري الطعام. ومع ذلك ، استمر هذا الرجل الضعيف البالغ من العمر تسعة وتسعين عاما وزوجته المتساوية في العمر في أداء هذه المهام بمفردهما. فلا عجب أن دينه الجريء لم يتعدى بضع مئات من الأتباع المتعصبين.
لكن الملائكة الذين زاروه كانوا هناك لإخباره عن اقتراب ولادة "موظفه" الجديد - ابنه إسحاق. سيكون لإبراهيم الآن ابن يكون من المناسب نقل إرثه إليه، ويفعل الأشياء بشكل مختلف. عندما نشأ إسحاق ولاحظ أسلوب والده في الإدارة ، قرر ما يجب القيام به لتوسيع المشروع. على عكس والده الذي تمكن ، كما يقول الكباليون ، ميلماتاه ليمالاه "milmatah lemalah" (من الأسفل إلى الأعلى) ، قام إسحاق بتشغيل ميلماتاه ليماتاه "milmalah lematah" (من الأعلى إلى الأسفل): قام بمسح المشكلة ، وبدأ في الحل ، ومن ثم السماح للآخرين بتنفيذها - كان أسلوبه في عدم التدخل. أحد الأمثلة على ذلك هو أنه عندما حان وقت زواج إسحاق ، فوض خادما له للبحث عن زوجه. لقد وثق في ذلك العبد لاتخاذ القرار الحكيم بإعطائه زوجة مؤثرة.
هناك مثال آخر على ذلك و هو حقيقة أنه ورد في التوراة (تكوين 26:18) أن إسحاق سيحفر الآبار. وهكذا أطلق مراقبو التوراة على إسحاق لقب: حفار الآبار. إن الآبار هي في الحقيقة مجرد ثقوب في الأرض تسمح لمياه الينابيع الطبيعية بالانفجار تحت ضغطها الخاص. وبمجرد تحديد مكان النبع ، كان يحفر بئرا يمده بالمياه من تلقاء نفسه لسنوات قادمة. تحتاج الآبار إلى القليل من الصيانة بعد حفرها لأول مرة. وهذا أمر مهم لأنه يعطينا نظرة ثاقبة على نموذجه في العمل. وكما عمل في حفر الآبار ، سيبدأ إسحاق المشاريع ، ويضع الأشخاص المناسبين في أماكنهم المناسبة ، ثم يتركهم ينموون بمفردهم ، ويقدم القليل من المدخلات أو لا يتدخل على الإطلاق.
من المحتمل أن يكون المثال الأكثر شهرة لإسحاق هو ميلماتاه ليماتاه milmalah lematah ، وأسلوبه في إدارة عدم التدخل ، هو المشهد "الخادع" الشهير من التوراة (تكوين 27: 6-29) ، حيث يبدو أن ابن إسحاق ، يعقوب ، خدع والده في توريثه. له البركة المرغوبة التي كانت موجهة لأخيه التوأم عيسو.
حسب الأعراف القبلية في ذلك الوقت ، كان البكورية لعيسو بطبيعة الحال ، حيث خرج من الرحم أولاً. ومع ذلك ، استبدل عيسو بكوريته بوعاء من العدس. بالإضافة إلى ذلك ، لم يُظهر عيسو أيا من صفات يعقوب الإيجابية. من الواضح أن رواية التوراة تفضل يعقوب باعتباره الشخص الذي حصل على البكورية.
لم يعترف إسحاق بهذا. كان قد قرر عند ولادتهما أن يكون عيسو وريثه الأساسي وكان هذا هو الحال. لقد بدا غير مدرك لمهارات يعقوب القيادية الفائقة وشخصية عيسو المليئة بالهفوات المهمة.
كان لدى ريبيكا والدة يعقوب خطة (تكوين 27: 6-13). أخبرت يعقوب أن يذهب إلى خيمة إسحاق مرتديا جلد الماعز ويطلب بركة والده. عندما وصل إسحاق ، الذي كان بصره ضعيفا في هذه المرحلة ، ليلمس ابنه ، شعر بشعر ذراعه وافترض أن عيسو كان كثيف الشعر. أقنع هذا إسحاق بمنح يعقوب البركات المتولدة لأول مرة.
في تعاليم التوراة ، فعل يعقوب ما هو ضروري لكسب ما كان في مصلحة القبيلة ، والذي سيصبح فيما بعد الأمة اليهودية. و بدلا من أن يكون محتالا سرق شيئا ليس ملكه ، ينظر إليه التقليد على أنه تكتيك ذكي منع ما كان يمكن أن يكون كارثة لورثته.
من ناحية أخرى ، على الرغم من أن إسحاق كان بارعا في تفويض المهام وبدء المشاريع ، إلا أن أسلوبه في الإدارة المفرطة في عدم التدخل كان له بعض العيوب. و نتيجة لأسلوب القيادة المتسم بعدم التدخل ، لولا الذكاء السريع لزوجته وابنه الأصغر لكان قد منح الخيار - البركات التي حصل عليها عيسو الشرير.
نقص في الرؤية لدى شركة MCI
=======================
يعتبر بيرني إيبيرز مثالا بارزا على الآثار المحتملة لأسلوب القيادة المفرط في عدم التدخل. كواحد من رموز وول ستريت الأقوياء لازدهار الإنترنت ، عندما كانت الرقائق معطلة ، قاد شركته إلى الخراب. كانت تلك الشركة MCI Worldcom ، إحدى الشركات الرئيسية المزودة لخدمات المسافات الطويلة في أواخر التسعينيات. كان تقديم خدمة المسافات الطويلة عملا محتضرا ؛ و كانت التقنيات الجديدة تحول الخدمة إلى صناعة ذات هامش ربح منخفض وعائدات متناقصة.

استحوذت بيرني إيبيرز على موارد رأس المال الهائلة لشركة MCI Worldcomوبدأت في شراء شركات الهاتف المحلية في جميع أنحاء البلاد. كانت وتيرة قبوله سريعة جدا لدرجة أن MCI Worldcom بدت وكأنها تضيف عملية شراء جديدة كل شهر. حتى الاحتياطيات النقدية الكبيرة لشركة MCI Worldcom لم تستطع الحفاظ على هذه الممارسة ، لذلك لجأ بيرني إيبيرز إلى مقرضي وول ستريت ، الذين زودوه بديون وقروض لزيادة عائد الاستثمار. و بحلول عام 1999 ، اشتهر بيرني إيبيرز بتحويل شركة محتضرة إلى قوة طاغية عالية النمو. أصبح مدرب كرة البيسبول في المدرسة الثانوية هذا مليارديرا عصاميا.

لن يستمر طويلا. عندما سقطت السوق في عام 2001 ، عادت استراتيجية "الدمج" الخاصة بشركة بيرني إيبيرز إلى اللون الأحمر. انخفض سهم MCI Worldcom بسرعة وبدأت الديون الضخمة في استحقاقها. كانت الشركة طويلة العمر وذات رأس مال ناقص. بحلول عام 2002 ، أفلست MCI Worldcom ، وأصبحت شركة بيرني إيبيرز موشحة بالعلامة الحمراء، وخسر المستثمرون 180 مليار دولار بشكل مذهل.

لكن الأسوأ لم يأت بعد لبيرني إيبيرز. تم توجيه تهم جنائية بارتكاب الاحتيال ضده هو وزملائه التنفيذيين. تألف دفاعه من تكتيك: "من ، أنا المسن الصغير؟". أخبر بيرني إيبيرز هيئة المحلفين أنه بينما كان مرؤوسيه متورطين في الاحتيال ، لم يكن قادرا على فهم مخططات المحاسبة المعقدة التي أرسلوها إليه. قال علنا على المنصة: "أنا مجرد متخصص في التربية البدنية ."

إذا كان بيرني إيبيرز يقول الحقيقة ولم يشارك مباشرة في الاحتيال ، فإنه لا يزال مذنباً بضعف القيادة. إن وصف بيرني إيبيرز نفسه باتباع أسلوب الإدارة المتسم بعدم التدخل ، والافتقار إلى الإشراف المناسب ، إلى وقوع شركته في كارثة. اليوم ، يجلس بيرني إيبيرز في زنزانة سجن لويزيانا ولن يكون مؤهلا للإفراج المشروط حتى عام 2028.

رؤية للأعمال: بمجرد أن يبدأ العمل أو المشروع ، غالبا ما يكون هناك إغراء بالانسحاب والسماح له بالتدفق من تلقاء نفسه. قاوم هذا الإلحاح واستمر في المشاركة. واصل الإشراف المفصل. تذكر أن نهج عدم التدخل المفرط في الإدارة قد لا ينتهي بشكل جيد.

رؤية للحياة: كل شيء في الحياة يحتاج إلى عمل نشط إذا كان سيواصل النجاح. العلاقات بحاجة إلى رعاية مستمرة. لا يمكنك الزواج فقط ثم إهمال العلاقة ، على افتراض أنها ستستمر في الازدهار من تلقاء نفسه، أو بالاعتماد على فكرة أن يعقوب سيصلح الأمور.


لذا ، إذا كانت استراتيجية إبراهيم العملية غير مكتملة وكانت لاستراتيجية عدم التدخل التي اتبعها إسحاق عيوبا ، فكيف حقق يعقوب نجاحا؟ ليس من المفاجئ أن يحظى يعقوب بالتبجيل من التقاليد كنموذج للقيادة الفعالة. كما أنه لم يتم الكشف عن أن مفتاح يعقوب للنجاح كان تحقيق التوازن المناسب بين نمطي الإدارة. لم يرفض يعقوب حكمة أبيه أو جده. وبدلا من ذلك ، جمعها في نمط قيادة أقوى بكثير.
لتوضيح ذلك ، دعونا نعود إلى رواية التوراة حيث توقفنا (تكوين 29). فلما سمع عيسو أن أخاه قد نال البركات الأولى ، خطط لقتله. يعقوب من أرض كنعان وأمضى السنوات التالية في بيت لابان ، عمه ، الذي يعمل لديه. عُرف لابان بأنه محتال. في الواقع ، كان تضليل لابان عظيما لدرجة أنه خدع يعقوب لإخراج عروسه الموعودة. كان لابان ابنتان: راحيل و ليا. كان يعقوب قد وقع في حب راحيل وأبرم صفقة مع لابان بأنه سيعمل معه لمدة سبع سنوات إذا حصل بعد ذلك على راحيل كزوجة.
لكن لابان خدع يعقوب. و عندما استيقظ يعقوب في الصباح التالي للزفاف ، اكتشف أنه تزوج ليا وليس راحيل. كان هذا ممكنا في وقت كانت النساء فيهن محجبات خلال مراسم الزفاف. (حتى يومنا هذا ، في مراسم الزفاف اليهودية ، يضع العريس الحجاب على العروس قبل بدء مراسم الزفاف ، مما يضمن عدم وقوع ورثة يعقوب في نفس الفخ الذي فعله لابان). كان لابان قد خدع يعقوب وأعطاه المرأة الخطأ في الزواج. ثم طلب منه لابان أن يعمل سبع سنوات إضافية إذا أراد أن يتزوج راحيل هي الأخرى. تذكر الآن أن لابان كان أيضا الشريك التجاري الرئيسي ليعقوب ، وفي هذا النوع من البيئة كان على يعقوب أن يطور مشروعه. رغم كل الصعاب ، فقد تلاشت أعمال يعقوب الزراعية ، وبحلول نهاية فترة السبع سنوات الثانية أصبح أكثر ثراء من لابان. ولكن كيف تمكن يعقوب من الازدهار المالي في مثل هذه البيئة التجارية الصعبة؟ تعطي التوراة الجواب وتشرح عنه نصوص قديمة أخرى. وفقا للتوراة ، عمل يعقوب بجهد أكبر من أي شخص آخر في معسكر لابان (تكوين 31:40): "كنت [في الحقل] نهارا عندما استهلكتني الحرارة والصقيع في الليل ، وكان نومي يبتعد عن عيني . " عرف يعقوب أنه إذا ابتعد عن عمله ولو للحظة ، فسيُحرم من ماله. كان يقظا دائما وبنى ثروته ونجاحه من خلال العرق والألم.
قارن بين أسلوب العمل هذا وأسلوب الإدارة الذي يتسم بعدم التدخل ، حيث يبدأ المدير المشاريع ثم يبعد نفسه أو نفسها عن تنفيذها. يعقوب ، الذي يمكن استنتاجه من رواية التوراة ، كان لديه عدد من العمال الذين أشرف عليهم ، سواء البادئين أو المفوضين. كما شارك في العمل الفعلي الشاق للإنتاج الزراعي. لا شك أن أسلوب الإدارة المتوازن هذا ساهم بشكل كبير في نجاحه الهائل.
رؤية للأعمال: ليس هناك بديل عن العمل الشاق القديم. ولكن بالإضافة إلى العمل الجاد ، يجب أن تعمل بذكاء وتضمن توجيه الطاقات والموارد الصحيحة إلى حيث تشتد الحاجة إليها. وهذا يشمل المعرفة المناسبة والإشراف على جميع مجالات العمل ، لا سيما تلك التي يمكن أن تكون إشكالية.

رؤية للحياة: أدرك أنه حتى الأشخاص الأقرب إليك يمكن أن يكون لديهم مصلحتهم الخاصة في الصميم بدلا من مصلحتك. احم نفسك من التعرض للتلاعب من قبل الآخرين. على الرغم من وضع أهمية النصيحة من الأصدقاء والعائلة في الاعتبار ، فإنك في التحليل النهائي أنت وحدك. و كما قال الحكماء: "إن لم أكن لنفسي فمن لي؟ ولكن إذا كنت لنفسي فقط ، فماذا أكون؟ " (أخلاقيات الآباء 114) التوازن بين الاهتمام بالذات والاهتمام بالآخرين أمر حيوي لحياة ناجحة.

معرفة الأعمال أفضل من منافسيك
السمة المميزة الأخرى لتوازن يعقوب بين نهج العمل الفعلي وعدم التدخل كانت قدرته على الازدهار في الظروف المعاكسة من خلال فهم مفصل ومتزايد باستمرار لآليات وتقنيات أعماله. عندما واجه خداع عمه والخسارة المحتملة لحب حياته ، قام يعقوب بتكييف لعبة لابان ثم لعبها بشكل أفضل من عمه.
لقد فعل ذلك بتقديم عرض غريب للابان (تكوين 30). وبدلا من أن يدفع له نصيبه من الأرباح نقدا ، طلب يعقوب أن يحصل على كل ماعز رضيع وكل خروف بني يولد لقطيع العائلة. إن عدم فهم خطة يعقوب والتفكير الخاطئ في أن الصفقة ستفيده أكثر ، ساعد لابان إلى قبول العرض. ثم تسلل من وراء ظهر يعقوب سرا وأزال كل الماعز المرقطة والأغنام السمراء من حظائرها ، ليضمن أن يعقوب لن يتلق شيئا مقابل كل عمله الشاق.
هذا هو المكان الذي يأخذ فيه سرد التوراة منعطفا غريبا. يعقوب عصي خشبية مصقولة مع لحاء مجردة منها حتى يكون لديهم أنماط مخططة. والماعز التي تزاوجت بالقرب من هذه العصي كان لها ذرية مرقطة. وبالمثل ، فإن الأغنام التي تزاوجت بالقرب من العصي المخططة أنجبت حملانا بنية. لا تشرح التوراة ، في تناثرها الأدبي النموذجي واقتصاد الكلمات ، سبب نجاح هذه الحيلة. ربما كان تدخلا خارقا للطبيعة من الله. أو ربما أطلق الخشب المقشر مركبا كيميائيا تسبب في حدوث طفرة. أو ربما انجذب نوع معين من الماشية يحتوي على جين متنحي للنسل المرقط أو البني إلى العصي المخططة.
مهما كان السبب ، فإن مصدر ذكاء يعقوب واضح: معرفته الوثيقة بتربية الحيوانات التي اكتسبها من خلال سنوات عديدة من العمل عن كثب مع قطعانه. كان يعرف شيئا عن تربية الماشية لم يعرفه لابان، واستغل هذه المعلومات لكسب ثروة هائلة. لقد حوّل يعقوب جشع لابان إلى مصلحته الخاصة ، وبدون أن يكذب أو يرتكب أي خطيئة ، وأصبح ثريا للغاية. هذا يدل على نهج يعقوب المتوازن لإدارة الأعمال. لقد كان خبيرا في كل جانب من جوانب عمله ولم يترك الآخرين ليتعلموا تعقيدات تربية الحيوانات. كان يعلم ، كرئيس تنفيذي ، أنه يجب أن يكون لديه كل المعارف المتطورة المتاحة للنجاح.
هناك تشبيه إضافي في العصر الحديث يمكن استخلاصه من هذه القصة التوراتية أيضا. كانت عصي يعقوب المخططة ، في الأساس ، تقنية جديدة ومتقدمة. لقد فهم يعقوب أن التكنولوجيا أفضل من لابان واستخدم هذه المعرفة لصالحه. يتمثل أحد أهم الالتزامات التنفيذية الحديثة للأعمال التجارية في فهم تعقيدات التقنيات الجديدة في مجاله أو مجالها ، وأن يكون قادرا على وضع استراتيجية لطريقة يمكن للشركة أن تستفيد منها - ولا تتضرر - من هذه التغييرات.
رؤية للأعمال: القدرة على فهم وتغيير بيئة الأعمال والتكيف مع الظروف الجديدة أمر حيوي للنجاح في الأعمال التجارية. كان هذا هو الحال منذ آلاف السنين عندما تغيرت الأمور ببطء شديد، وهذا هو الحال بالتأكيد في عالمنا سريع الحركة. لا تفوض أبدا تعلم التقنيات الجديدة وآليات الأعمال الحيوية لشركتك للآخرين. و من أجل المنافسة ، تحتاج إلى اتخاذ قرارات مستنيرة مناسبة لمجالك الخاص.

رؤية للحياة: تتغير مواقف الحياة. ينضج الحب بمرور الوقت ، وكذلك العلاقات. غالبا ما يكون لديك تقلبات في ظروفك الشخصية والمالية. يجب أن تتعلم التكيف مع المواقف والظروف الجديدة بسرعة.


تنفيذ رؤية يعقوب اليوم:
هوارد يوناس وشركة تخفيض الاتصالات الدولية IDT
================================

هناك مواطن ثري جدا من برونكس يُدعى هوارد يوناس والذي يعد مثالا في العصر الحديث لشخص يسير على خطى يعقوب. أسس يوناس شركة تدعى شركة تخفيض الاتصالات الدولية IDT ، حدث أنه في عام 1992 و بعد أن تعلم عن تقنية اتصالات جديدة تسمى شركة تخفيض الاتصالات الدولية. سمح هذا النظام لأي شخص في بلد أجنبي ، حيث كانت المكالمات إلى الولايات المتحدة تصل إلى 5 دولارات في الدقيقة في ذلك الوقت ، لإعادة توجيه مكالمته الموجهة إلى الولايات المتحدة كما لو كانت صادرة من الولايات المتحدة (حيث كانت المكالمات الدولية أقل من 1 دولار في الدقيقة.)

نمت شركته بسرعة كبيرة إلى شركة اتصالات سلكية ولاسلكية تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات سنويا. ولكن لم يكتسب الشهرة إلا بعد أن رفعت ضده مؤسسة الاتصالات الأمريكية AT&T دعوى قضائية مدعية أن تقنيته غير قانونية. كان يوناس قد قام بواجبه المنزلي. لقد استغل نظام إعادة الاتصال ثغرة في معاهدات الاتصالات الدولية ، لكنه كان قانونيا تماما – وفاز بالدعوى.

وبحلول أواخر التسعينيات ، استثمر يوناس في تقنيات بروتوكول الصوت عبر الانترنت.

من خلال تأسيس شركة تسمى الانترنت تو فون Net2Phone في عام 2001 ، في ذروة طفرة الدوت كوم ، باع الشركة إلى مؤسسة الاتصالات الأمريكية AT&T مقابل 1.1 مليار دولار. و بعد عام واحد ، ووسط رماد انهيار سوق الاتصالات ، اشترى يوناس الشركة مرة أخرى مقابل 100 مليون دولار فقط. ثم أنفق معظم ما تبقى من مبلغ المليار دولار على شراء معدات موفري اتصالات مفلسين آخرين بأسعار مخفضة. اليوم شركة تخفيض الاتصالات الدولية ، IDT هي واحدة من أكبر ألف شركة في العالم – وهذا ليس بالأمر السيئ بالنظر إلى أنها لم تكن موجودة حتى قبل عشرين عاما.

ربما يكون يوناس من أكثر الرجال حظا في العالم. ربما صادف أنه اشترى في أقل لحظة ممكنة وقام بالبيع في أعلى لحظة ممكنة بسبب لفة النرد الكونية. لكن حقيقة أنه فعل ذلك عدة مرات في حياته المهنية (وهناك الكثير من الوظائف الأخرى في المستقبل – فهو يبلغ من العمر 50 عاما فقط) يشير إلى فهم عميق ، مثل يعقوب ، لمجالاته وتقنياته ، والقوانين التي تؤثر عليه. بدأت شركة تخفيض الاتصالات الدولية IDT وكان الموظف الوحيد في عامه الأول. ومثل يعقوب ، شارك دائما بعمق في العمليات اليومية لشركته ، مع إبقاء عينه على المشهد التجاري الأوسع لاتخاذ قرارات استراتيجية حكيمة. وفهم يوناس أيضا التقنيات الجديدة والتأثيرات التي سيكون لها تأثير أفضل من منافسيه – مما يشير إلى مشاركة قوية في جميع جوانب عمليات شركته. بعبارة أخرى ، مثل يعقوب ، مارس توليفة من استراتيجية عمل من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى ، ومن التدريب العملي وعدم التدخل.

إرث يعقوب الحقيقي
=============

بعد الوقت الذي قضاه مع لابان ، كان لا يزال يعقوب يواجه تحديا. بعد أن أصبح ثريا أثناء عمله لدى والد زوجته ، تحرر يعقوب أخيرا من العبودية. كان العالم أمامه مليئا بفرص العمل.
ولكن بالإضافة إلى مواصلة عمله الناجح في تربية الأغنام ، ركز يعقوب أيضا على استكمال العمل الذي بدأه والده وجده: بناء الدين الجديد. لم يكن أعظم مساهمة ليعقوب في اليهودية (وبالتالي إلى تاريخ العالم) من خلال العمل الذي قام به شخصيًا. وكان ذلك أيضًا من خلال جهود أبنائه الاثني عشر ، الذين عمل كل منهم على نشر قبيلة جديدة – قبائل إسرائيل الاثني عشر.

لكن يعقوب اختار طريق الانخراط المكثف في تعليم أبنائه وتوجيههم. يصف جزء كبير من نهاية سفر التكوين حديثه على فراش الموت لأبنائه ، ويقدم لهم النصح والحكمة لمواصلة الأمة والإيمان الجديد.

إن التأثير الهائل للتوراة وتعاليمها على العالم ما كان ليحدث لولا الآباء الثلاثة للدين ، إبراهيم وإسحاق ويعقوب. كان كل واحد منهم رجلا مقدسا للغاية ، ويوقر كل واحد منهم لمساهماته في تأسيس الشعب والدين. بينما عانى إبراهيم وإسحاق من انتكاسات أثناء تفوقهما ، كانت قيادة يعقوب تتويجا لجهود ثلاثة أجيال لتحقيق حلم. لقد نجحوا كمجموعة ، تماما كما أخبرهم الله أنهم سيفعلون.

قراءة قصة التوراة لهؤلاء الرجال الثلاثة العظماء ، جنبًا إلى جنب مع التعليقات المصاحبة لها ، من المهم أن نقدر كل من الرجال لقوته الخاصة. يمكننا جميعًا أن نحكم على أنفسنا ضد هذه النماذج الأولية القديمة. ويمكننا أن نسعى جاهدين للعثور ، كما فعل يعقوب ، على التوازن المثالي بين نهج "من أعلى إلى أسفل" أو نهج "من الأسفل إلى الأعلى" أو نهج عدم التدخل. بمجرد أن تتقن الموازنة بين الاثنين ، فأنت في طريقك لإدارة مشروع ناجح.

رؤية للأعمال: تأكد من فهمك لبيئة العمل التي تعمل فيها ، من أدنى وظيفة إلى أكثرها تعقيدا. لست بحاجة إلى أن تكون قادرًا على القيام بكل مهمة ، ولكن يجب أن تفهم كل ما يحدث داخل المنظمة في حين أنه من المهم تفويض المسؤوليات ، لا تتنازل عن الإشراف المباشر. من المهم أن تحتفظ بعلامات تبويب على العملية بأكملها من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى.

رؤية للحياة: حافظ على توازن جميع جوانب حياتك. إن التفوق في أي اتجاه يؤدي إلى انتكاسات في اتجاه آخر. تأكد من المشاركة في حياتك الخاصة من خلال عدم السماح للآخرين باتخاذ القرارات نيابة عنك – ولكن في نفس الوقت ، خذ آراء الأصدقاء والعائلة على محمل الجد.

وقفة تأمل
=======

يتعلق هذا الفصل بالحصول على التوازن الإداري والقيادي الصحيح لعملك. فكر في عملك واكتشف ما إذا كان لديك التوازن الصحيح بين عدم التدخل والإدارة العملية. هل أنت متحكم للغاية؟ أم أنك غير مرغوب فيه للغاية ومنسحب؟ حدد الجانب الذي تريد تغييره. ثم تأمل في عبارة "يجب أن أجد التوازن الإداري والقيادي الصحيح". إذا كنت متحكما جدا ، فقم بإضافة الكلمات "يجب أن أكون أكثر راحة" إلى التأمل الخاص بك. إذا كنت بحاجة إلى مزيد من الإشراف ، فقم بإضافة الكلمات "يجب أن أكون أكثر تدريبا" إلى التأمل الخاص بك. عندما تفكر في هذه الكلمات ، اسمح لعقلك بالتفكير في عملك وكيف أن الافتقار إلى التوازن الصحيح يضر به. اسمح للشعور بالضرر الذي يلحقه نهجك الحالي بصدى عميق معك. تواصل مع هذا الشعور. فكر الآن فيما إذا كان تفويض المهام والمسؤوليات ، أو توفير قدر أكبر من التوجيه والإشراف ، سيجعل عملك أكثر نجاحا. ارتبط بأي شيء يسمح لهذا الاستنتاج أن يستمر. و بهذه الطريقة ستشعر بالحافز لإجراء التغييرات اللازمة في عملك وحياتك. استخدم الدليل في الملحق لمساعدتك في هذا التأمل.

المصدر :
======
JEWISH WISDOM for BUSINESS SUCCESS , LESSONS FROM THE TORAH AND OTHER ANCIENT TEXTS , Rabbi Levi BRACkman AND SAM Jaffe, © 2008 ,Amacom , USA.

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات