أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - مُناجاةٌ : (مَاذا عَسَانِي)














المزيد.....

مُناجاةٌ : (مَاذا عَسَانِي)


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7536 - 2023 / 2 / 28 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


دخلتُ الحرمَ فطاشَتْ رعشاتُ جَفلتي في سماءِ رحمتِهِ وبَرَكتِهِ،
وتلاشَت وحشاتُ رحلَتي في فضاءِ رِفْقِهِ وشَفَقَتِهِ،
وجاشَت تحتَ تَلألُؤِ حُنُوِّهِ الحنايا، وَعاشَتِ الرُّوحُ في رَحمةٍ مَمنوحةٍ لأهلِ مسجدي، وكانَ إستغفارُهم بالأسحارِ هو ذروةُ ما لديهم من مَزايا.
وقفتُ بين يديهِ لأُناجِيَهُ، ومَاذا عَسَاِنيَ أن أناجِيَهُ! ومَاذا عَسَاي!
مَاذَا عَسَايَ، وذا كياني بِآثامِهِ مُرتَكِسٌ، وكبريائي مُنتَكِسٌ، ولساني
مَاذا عَسَانِي، وذا عناني مُبْتَبِسٌ سَريرَةَ حَرفِهِ، وسنانِي
مَاذا عَسَانِي، وذا بياني مُحْتَبِسٌ جَريرَةَ ذَرفِهِ، وما كسانِي
مَاذَا عَسَانِيَ، وذا طَائِري في عُنُقي مُتَعَسِّسٌ، وجَنَاحَاهُ لطَرائِقي يتَجَسّسَانِ
مَاذَا عَسَانِيَ، وَذَانِكَ كاتِبَيَّ على كَتِفَيَّ مُسَرَّجانِ، ولبَوائِقي يُكَدِّسانِ
مَاذَا عَسَانِيَ، وذانِ شَطرايَ بِتقواهما مُتَحَمِّسان، وبفجورِهما طامِسانِ
مَاذَا عَسَانِي، وقَدْ هَامَ عَنَاني في أوداجِ تَأَفُفٍّ وأفواجِ تَكَلُّفٍ، وفي مَرسَاهما رَسَّانِي
مَاذَا عَسَانِي، وقَدْ صَامَ بَناني عن أمواجِ تَعَفُّفٍ وأزواجِ تَلَطُّفٍ، وعن مَسراهما نسَّاني
مَاذَا عَسَانِي، وقَدْ ظَنَّ الأنَامُ بأصابعَ يديَّ يَتَفْطَّرا وَرَعاً وتَنَسُّكاً، وللحسناتِ مُغَمِّسانِ
مَا عَسَانِي، وقَدْ أَنَّ الظَّلامُ بمرابعِ جفنيَّ، يَتَقْطُرا جَزَعا وتَهَتُّكَاً، وبالسيئاتِ يأسِرَانِي
مَاذَا عَسَانِي، إلّا أنْ ألوُذَ بالغَفَّارِ مِن شُؤْمِ بَوائِقي، ومن خسران
مَاذَا عَسَانِي، إلّا أن أعُوُذَ بالجَبَّارِ مِن لُؤمِ طَرائِقِي كإنْسَانِ
مَاذَا عَسَانِي، إلّا أَنْ أعتَصِرَ لأنتَصِرَ لِعَبَراتِ ذَرفِي، فِي ظلالِ إلهٍ حَميدٍ، أُنْسِيتُهُ وَمَا نَسَانِي
مَاذَا عَسَانِي، إلّا أَنْ أختَصِرَ لأحتَصِرَ نَظَرَاتِ طَرفِي، لِجلالِ رَبٍّ رَشِيدٍ، إنْ عَصَيْتُهُ وَاسَاني
مَاذَا عَسَانِي، إلّا أنْ أَفِّرَّ لأسِرَّ عبراتٍ صرفي إلى عليمٍ غَفُوُرٍ، فَيُعَدِّلُ عُيُوبي بلُطفِهِ لحِسَانِ
مَاذَا عَسَانِي، إلّا أنْ أُقرَّ لحليمٍ صَبُوُرٍ، فَيُبَدِّلُ ذُنُوبي بعَطفهِ لرضوانٍ وإحسَانِ
سُبْحَانَهُ...
سُبْحَانَهُ، وقد صَوَّرَ بياضَ الغيومِ، وحَوَّرَ وثَوَّرَ رياضَ الكروم، ونَوَّرَ وكَوَّرَالنجومَ ودَوَّرَ درعَ الخُنْفُسانِ
سُبْحَانَهُ، وقد مَنَحَ النَّملِ مَجَسيْنِ يتحسسانِ، وقد سَمَحَ لسليمانَ فهمَ ما يتهامسانِ
سُبْحَانَهُ، وقَد نَفَحَ في كلِّ زَوجَينِ على ظهرِها مودَّةً ورحمةً بها يتآنسانِ فيَعرسَانِ
سُبْحَانَهُ، وقَد كَبَحَ جماحَ طاغٍ بطاغٍ، وباغٍ بباغ، بتكَبُّرٍ يَتَغَطرَسانِ
سُبْحَانَهُ، ما أعظَمَهُ! سُبْحَانَهُ، ما أكرَمَهُ!
سُبْحَانَهُ، ما أحلمَهُ! سُبْحَانَهُ، ما أرحمَهُ!
سُبْحَانَهُ، إذ هوَ في عَورَاءَ مَسالِكي يَرعَانِي، وفي حَضِيضِهُمُ أَنْجَدَني، ومَا سَجّانِي
سُبْحَانَهُ، إذ هوَ في غَبْرَاءَ مَهَالِكي وَعَّانِي، لِيَفكَّ أسْريَ مِن طغيانيَ، ومن سَجَّانِي
سُبْحَانَهُ، إذ هوَ ينادينِي كُلَّمَا مَسَّنيَ طَائِفٌ مِن الشَّيطانِ، وَبِلَمزِهِ دَسَّانِي
سُبْحَانَهُ، إذ هوَ يَتَقَبَّلُ بلطيفِ حلمِهِ وحنانِهِ صلاةَ ساهٍ واهٍ لاهٍ شَارِدٍ نَعسَانِ
سُبْحَانَهُ، إذ هوَ يَتَقَبَّلُ منِّي صَلاةً أستحيَ أنا مِمّا فيها مِن لَهوٍ وسَهوٍ ونِسيَانِ
فمَاذَا عَسَايَ أنْ أنَاجِيَهُ، وذا خافقي بِآثامِ شَهوَتهِ مُضَرَّج، ولساني
وآهٍ من ساعةٍ محشرٍ في عرصاتِ الإلهِ، ثمَّ أوَّاهُ من تفريطٍ ورهانٍ بخسران!
وإيه يا ساعةَ مَنْدَمٍ في مُدانٍ مُجَلجَلٍ بديونٍ، ومُزلزَلٍ بسوءِ عقباهُ، وإيهٍ من عُمُرٍ مماطلٍ في تسويفِ هداهُ، بل وكانَ مُستَخِفّاً بلقياهُ
وها هو اليومَ فجأةً قد وَرَدَهُ، وها هو ذا قد أتاهُ، وهو ذا وجهاً لوجهٍ بحضرةِ دائنهِ، في ملكوتهِ وجبروتهِ وكبريائهِ وعلياهُ
لا مفرَّ ولا مَنجَأَ مِنهُ إِلَّا في غمرِ رحمتهِ وفضاه، ولا مقرَّ ولا مَلْجَأَ مِنهُ إِلَّا في أمر حكمته وقضاهُ.
أوّاهُ ثمَّ ويلاهُ!
مُحالٌ على النفسِ آنئذٍ تسديد ديونِها، وسيغيبُ عن الذِّكرِ بما ظَلَمَ مُناهُ ومُرتجاهُ
وستَثني النفسُ صدرَها لتَستخفيَ من كئيبِ عارٍ ببلواهُ، ومن لهيب نارٍ برَداهُ، وستُعجِّلُ بقناعةٍ صدورَ حكمِ تسديدِ الدَّينِ وجزاهُ، ولكن...
لعلَّ لمحَةَ {الْكَرِيمِ} النّابتةَ في بندٍ رحيمٍ، في سورة الإنفطار بفحواهُ:
"{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}"
قد تشفعُ وترفعُ عن المَدْيُونِ ثبورَهُ وويلاه، مَهما فسَّرَها مُفَسِّرٌ وتأوَّلَها مُتَأوِّلٌ تأويلاً يحرمُ العبادَ من كرمِ {الْكَرِيمُ} ورحماه
ولئن إستحضرَتها النَّفسُ آنئذٍ فسَتُسعِفُ في خلاصٍ ذاتِها ونجاة، من حُكمِ إستردادِ ثقيل الدَينِ وعسراهُ.
وإنَّ كلّاً لمّا هنالكَ لسالكٌ، وبحضرةِ جلالِ عرشهِ مُدانٌ بخزيٍّ وسُّوآهُ
وكُلُّ هنالكَ هالكٌ بما قدمتهُ يداه، فالبهيُ هالكٌ والشَّقيُّ، والهَنيُّ هالكٌ والدَّنيُّ، والغبيّ هالكُ، وحتّى النبيّ هالكٌ بلظاه
لولا رحمةُ {الْكَرِيمِ} في قانون سورة الإنفطار ونداهُ.
فلعلَّ الكلمةُ القلبَ يومَئذٍ مُستَحضِرُها، رغمَ هَجرهِ للقرآنِ، ورُغمَ جفاهُ.
وإنّما ذاتُ إستحضارِها هوَ كَرَمٌ منهُ وتكريم، لأنهُ هو {الْكَرِيمُ} وما من كريمٍ سواه.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقتي الخالة
- منادِيلُ الطُّفُولَةِ
- لا فِرَاقَ يَا عِراقَ
- أبو بَكرِ الصَّديق في خِطابٍ مُتَلفَزٍّ (AB BAKR AL-SIDDIQ I ...
- نَهرُ البَيَانِ فِي البَيْداء
- سُويْدُ السُّويداء
- أيا أنتُمُ أيا غَوغاءُ
- [الطّوافُ حولَ قَصرِ باكنغهام]
- الحَقُّ الباطِلُ !
- حُروبُ العِنَب
- [ سُلَّمُ البُستان ]!
- [عِصابةُ] نّبِيِّنا مُحَمَّد
- القتلُ على نارٍ هادئة
- (شِراعُ الشُّهرةِ في شُعاعِ شَاشَة)
- [ - أبو العَتاهِية- وأنا ]
- جُلّاسِيَ ثُلَّةٌ مِن حُثالة
- ( أعْتِقي الإبِلَ في سَيْرِها تَغِلُ )
- [ تحتَ الجذعِ حين الشروق ]
- أَنا و(جبرانُ خليل جبران)
- صَفَدُ الفَنَاءِ


المزيد.....




- ماذا يعني انتقال بث حفل الأوسكار إلى يوتيوب؟
- جليل إبراهيم المندلاوي: بقايا اعتذار
- مهرجان الرياض للمسرح يقدّم «اللوحة الثالثة» ويقيم أمسية لمحم ...
- -العربية- منذ الصغر، مبادرة إماراتية ورحلة هوية وانتماء
- اللغة العربية.. هل هي في خطر أم تتطور؟
- بعد أكثر من 70 عاما.. الأوسكار يغادر التلفزيون إلى يوتيوب
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: بين الأمس واليوم.. عن فيلم -الس ...
- الجامعة العربية: اللغة العربية قوة ناعمة لا تشيخ وحصن يحمي ه ...
- تسليم جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والاداب في احتفالي ...
- يقدم نظرة نادرة على حياة العائلة.. فيلم وثائقي عن ميلانيا تر ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - مُناجاةٌ : (مَاذا عَسَانِي)