أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2














المزيد.....

سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7502 - 2023 / 1 / 25 - 00:51
المحور: الادب والفن
    


عرف الإنسان الحرص على أشياءه كواحدة من الغرائز الطبيعية مثله مثل أي حيوان يرى أن هنام حق محدود ومجسد في حاجة، لا يريد لأحد أن يشاركه فيها، فيأخذ طعامه أو حاجته التي هي موضع حرص فيودعها مكانا مأمونا على الأقل غير منظور للأخرين، فكان الدفن في التراب أول تلك الوسائل، قد يكون تعلمها من بيئته من الحيوانات التي تشاركه المكان حتى عرف في وقت لاحق وضع الأشياء بين الحجارة أو بين الشقوق أو خلف الأبواب وهكذا تطورت وسائل الحفظ في يومنا هذا، فأصبحت المخازن سريه بأرقام إليكترونيه محمية بجدران عصية حتى على المتفجرات والتهديم... لكن تبقى الفلسفة ذاتها،..... فلسفة الحفاظ على ما لا تريد أن يراه أو يستخدمه أو يستعمله غيرك، أو هو هكذا بعيدا عن العيون التي تسرق كل شيء.
اتسأل مع نفسي وخصوصا بعد مشهد دفن والدتي وكأني أفكر لأول مرة في بعض من مظاهر وأشكال من حياتنا وتعليلاتها، ربما لأنني لم أنشغل بها وجدانيا بقدر ما أشغلني موضوع الدفن في التراب، أهي ذاتها فلسفة الحرص القديمة عند الإنسان والحيوان؟ أم هي مجرد عادة دينية موروثة عن أسلاف قساة لم تتطور مشاعرهم كما هي رقيقة ومفعمة بالود اليوم، لربما لم يكن لديهم حلا سوى التخلص من موتاهم سريعا ونهائيا، وكأنما يقولوا أن الحياة سريعة لا تحتمل أن نحمل معنا ما لا ينفع بعد اليوم، أو ربما يثقل حمل الموتى كاهل حركتنا فنتعثر، الرأي الراجح عندي أن هذا الإنسان العاطفي الذي سكب الدمع على فراق الأحبة لن يقول ذاك ولم ولن يفعل مثل هذا الجحود... وحتى حرق جثثهم عند البعض لم يكن عدوانا على المشاعر بقدر ما كان التعبير المقبول والمنطقي عندهم يتصورونها قمة الوفاء للموتى، بل أجزم وبعيدا عما يقال من رواية دينية غرابية قابلية هابلية أنها من حرصة دفن موتاه في التراب بأنتظار حل أو معجزه تعيده باللقاء أو تعيد له ما دفن في لحظة قدر...
عندما قام المصريون القدماء بتحنيط موتاهم والسومريين القدماء دفنوا مع أحبتهم الزاد والماء وما كان للميت من مال وعز وجاه، وهكذا فعلت شعوب وأمم أخرى ما نظن وتعتقد أنها حقوق الموتى التكريمية إن لم تكن الطبيعية، كان الجميع يعتقد بلحظة قدر تلك ... لحظة القدر الغير محسوبة... لا نفهمها الآن ولا نتعامل بها لأننا نعتقد أننا أكتشفنا الوهم الذي كانوا عليه، أو ربما هم تخلصوا من وهمنا المبكر أو المتأخر بتبرير، أن اللحظات التي تمر خارج وعينا المنطقي العقلي ربما تعيد وأقول "ربما دائما" لأني لا أملك إجابة قطعية لها حقيقة بقدر... معجزة أو خارج سياق منطقنا المتعاجز أن يدرك الغرائب فيصفها بالأساطير، أن الموتى في خزائنهم المحفوظة ومعهم ما يحتاجون هذا هو حقهم الوجودي، ولا حق لنا في رفع شعار الحي أولى من الميت، فالمال لصيق الملكية والحق لصيق صاحبه لا يفترقان حتى يصرح صاحب الحق بتنازله عنه... إذا لماذا نحن نجرد موتانا من كل شيء إلا من خرقة قماش تستر ولا تثمر، ونفرح بأننا سلبنا ما كانوا يحرزون حرصا أو تدبيرا أو ربما حق مطلق وسلطان على ما يمنح السلطان من حق... فصرنا نرث وسمونا ورثة.
طبعا الإنسان في عقله البعيد الكثير من الأماكن التي يخزن بها ما مر ذكريات معارف قراءات أحزان أفراح وجوه من كل شي يمر سيدفنه شاء أم أبى، بأمره أو من طبيعته في حجر بعيده، قسم يلفها الظلام فتنسى حتى يحدث زلزال التذكر أو المناسبة فتعدو تجري راكضة، لتقف أمام عينه ولا كأنها ماتت أو نسيت خلف الجدران، مما قرأت قديما "أن إكرام الميت دفنه" وصرنا نردد هذا كالنشيد بمناسبة أو غير مناسبة، طيب..... لماذا نكرمه بالدفن سريعا؟... سيقولون هذا حقه علينا كي لا تتشوه صورته الجميلة بأعيننا وقد بدأ بالتعفن والتفسخ... طيب ولماذا لم نجد حلا لهذا التفسخ والتعفن، خاصة وأن من يرحل عنا سواء كبيرا أو صغيرا عزيز على القلوب والنفوس وربما لا نريد أن نفرط به.... سيقولون مهما طال البقاء فلابد أن يذهب حيث يجب أن يذهب... طيب... هل من الممكن أن نجد بديلا عن مدافن التربة نحفظه فيها وبذات الوقت يمكننا أن نراه حين نشتاق، وقد البلغ العلم من القدرة فوق حد التصور... لماذا نلجأ دوما في حلولنا لحيوانيتنا القديمة... سيقولون أن الله أراد والدين أوجب والمنطق يقول... ربما لكنني غير مقتنع.
ندفن البذور لتخرج لنا براعم الغد
وندفن الأحبة في غياهب التراب
كأننا ندفن ماضي لم يعد يورق
هل كانوا أمواتنا شجر يابس لا لزوم له
أم زاد وطعام للتراب
ذهاب
بلا أياب
ووداع دون جواب
وسفر غير مأمول له اللقاء
يا حسرتي
بعد ذاك التأنق والجمال
نزين وجه الراحلين بالتراب
ونقرأ الأناشيد
أناشيد الرحيل
ونقول الوداع ثم نكرر الوداع
ونقفل راجعين
كرمنا أحبتنا
وأسعدناهم بمهيل التراب
يا وجعي عليك أمي
لم يخترع أصحاب الكتاب
غير حل التراب
نامي سبدتي ملكة ضمها قبر
وأنا أتنعم فوق الفراش..
غدا سأزورك في نفس المكان
عندما يأمرني ملك الأموات أو أن أتسلم نسخة القرار
وبيدي كتاب
"كل من عليها فان"......



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 3
- النزول عن ظهر البغلة والركوب فوق السخلة...
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 2
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 1
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح 2
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح1
- الطقوسية التعبيرية ح 3
- الطقوسية التعبيرية ح2
- الطقوسية التعبيرية ح1
- الرمزية الألوهية والقداسة ح2
- الرمزية الألوهية والقداسة ح1
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح 3
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح2
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح1
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 2
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 1
- الله والماء والحضارة ح3
- القداسة والشخصنة وأوهام الربوبية دون الله في الديانات الإبرا ...
- تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح4


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2