أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - عمق الحفرة يا قبار














المزيد.....

عمق الحفرة يا قبار


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 7499 - 2023 / 1 / 22 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


(عمق الحفرة يا قبار)١

على إيقاع آخر خطوة لمشيعي جثتي شبه المتعفنة التي عثروا عليها في مبنى مهجور معلولة بآثار دم وكدمات زرقاء.
طلقة نارية على مستوى الرأس حسب تقرير الطب الشرعي.
المهم إفرنقع مشيعو الجنازة الواحد تلو الآخر.
خيم صمت رهيب في المقبرة.
صمت لاعهد لي به من قبل
وعلى غرة إنفجر شيء غامض في جسدي إنها عودة الروح.
نظرت يمنة ويسرة لم أر أحدا لا بشرا ولا بيوتا ولا عربات فخمة لا مطرا يلقي بسبائك الذهب على المارة ولا كلابا سائبة تقضم الفراغ بأذنابها المعقوفة.
الحياة منعدمة كليا هنا في هذه الحفرة الضيقة
كدت أختنق من عطانة أجزائي شبه المتحللة.
أدركت كنه حقيقتي المحتومة.
موتي الدراماتيكي المتأخر شيئا ما .
وبينما عيناي تحلق في أصقاع عتمة خفيفة مثل طائر مهيض الجناح إذ سطع ضوء باهر وتجلى أمام ناظري ملاكان على طرفي نقيض أحدهما جميل ذو أبهة وثانيهما غاية في الدمامة والقباحة والتوحش.
أدركت للتو أنهما الملاكان اللذان يتحدث عنهما الناس في ربوعنا الشرقية المليئة بالأساطير والحكايات ذات النكهة الضاربة في جذور المخيلة.
قال الأول : من ربك؟
قلت : بثقة في النفس والدم يسيل من أطرافي.
- لا أعرف.
- ضربت في مناكب السماوات والأرض بحثا وتنقيرا عنه بيد أني لم أجده.
إستشاط ذاك الملاك القبيح ذو الثلاثة أعين وخمس عشرة ذراعا كما لو لو أنه أخطبوط وجناحين متوازيين يشبهان جناحي طائرة نفاثة. وانهال على جثتي النتنة ضربا بالكرباج.
قلت في دخيلة ذاتي : ملعون فوق التراب وداخله. في حياتي الظاهرة والباطنة.من القماط إلى الكفن والعصا تلاحقني مثل ظلي.
ثم قطع مساءلته ذاك الملاك الجميل الذي يشبه السيد جيمس بوند إلى حد بعيد طارحا سؤالا كهنوتيا صرفا :ما دينك؟
قلت : حب الحياة حب الجواري الممشوقات حب المال حب ارتياد الحانات الفخمة حب الشيء وضده حب الشعر والموسيقى حب الأرض البحيرات رؤوس الجبال الشاهقة.
الأماكن النورانية الخارقة.
ثم إنطلقت زفرة متقطعة من فمي.
ثم أعاد السؤال الملاك الجميل.
لم أجبه وظللت متأملا في زرقة عينيه المتوهجتين وصباحة وجهه السماوي.
ثم قلت له : إني جائع لا أستطيع الكلام والحوار آمل في الحصول على شطيرة بيتزا أو قليلا من شرائح الهمبرغر . الأسعار مشطة جدا في دار الحياة الفانية والفقر ينيخ بكلكله على الأناسي. وبخاصة في هذه الرقعة الجغرافية المعتمة حيث تتقاتل الضباع المسعورة من أجل السلطة والجاه والكراسي الفاخرة. والإنفراد بالسلطة المطلقة
وبسرعة ميتافيزيقية خاطفة أتاني بشطيرة بيتزا لم أر مثلها سابقا وقارورة ماء عذب.
إلتهمت كل ذلك ثم نظرت إليه.
فقال : إذن أجبني.
أشكرك أيها الملاك الطيب ولكن أحب احتساء النبيذ حتى يتعتعني السكر بعد ذلك سأجيبك.
وبسرعة البرق ناولني المزيد من الخمر الذي يتحدث عنه كتابنا المقدس منذ قرون وله مذاق فردوسي نادر جدا.
قال الملاك القبيح : إذن أجبه.
قلت : البلاد متعفنة جدا.
ملآى بمومسات السياسة ومحلليها العصابيين.
وعلى إثر هذا تلقيت صفعة كما لو أني أمام محقق في محكمة التفتيش القروسطية من قبل الملاك الجلف ذي الأعين الثلاثة المخيفة المكتظة بالشرر.
قلت بصوت متهدج : لا علاقة لي بأي دين سماوي أو أرضي.
وفي غمرة هذه الجلبة إخترقت روح أمي القبر متوسلة الملاكين بصوت موجع متكسر بأن يخليا سبيلي.
-لقد لاقى إبني ماذاق من العنت والنصب والتشرد والسجون وكراهية السوقة والرعاع وظلم ذوي القربى.
بيد أن الملاك الجلف سرعان ما أخرج مسدسا مكسوا بطبقة خفيفة من الغبار مطلقا النار باتجاهها.
قلت في قرارة نفسي : ما أقساك أيها الملاك المقرف المقزز أما في قلبك ذرة من الرحمة والشفقة.
حملق في تفاصيل وجهي متوعدا إياي بحفلة مريعة من العذاب الأبدي.
نظرت إليه بتحد وشموخ.
أنا لا أشفق من التعذيب اليومي.
فأنا خريج السجون العربية القاسية.
وفجأة إنهال علي بالكرباج.
شتمته كثيرا وأقذعت له في الهجو بينما خصيتاه تتدليان مثل بيضتي رخ عملاق.
بعد ذلك شعرت بشبح الموت يقترب من جديد مطوقا جثتي القذرة بمخالبه الحادة.
إستسلمت مثل شاة صغيرة في قبضة نسر.
وداعا يا جسدي الشقي.
بينما إتجه الملاكان إلى الحانة بحثا عن حرفاء جدد ليطرحا عليهم أسئلة مطبوعة بالفجاجة والغثاثة.

١ إيليا الحاوي.



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مملكة لوتريامون الضائعة
- أروض متناقضاتي في دار الأوبرا.
- الرقص بساق واحدة
- مجانين
- أحبك يا كاترين
- صانع الحياة Life Maker
- الفهد تحت الأنقاض
- من كتاب لاجىء موريسكي
- صخرة سيزيف
- مالك الحزين
- نهاية تشارلز الضرير
- إلهي
- سنتوج بالفراغ الذي لا يبلى
- أيها النمر الأسود أيها النهار
- رسالة إلى الله
- لتأويل أزهار الجنازة
- أمير نائم في زورق هادىء
- صمتي إوزة نافقة على الرصيف
- قيامة ريتا
- أيها الرب


المزيد.....




- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - عمق الحفرة يا قبار