أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - لا أمل في نصر روسي دائم















المزيد.....

لا أمل في نصر روسي دائم


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 16:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بوتين عزل بلاده عن أوروبا، ولا يستطيع البقاء في أوكرانيا لمدة طويلة
"لا تُخرجوا روسيا من حساباتكم"- هكذا كانت نصيحة أحد الدبلوماسيين الأوربيين من ذوي الخبرة الطويلة في موسكو. وهي نصيحة في محلها. لأن روسيا، رغم إخفاقاتها العسكرية المهينة في أوكرانيا، تبقي بلد كبير ذو موارد هائلة وحكومة وحشية وبلا رحمة.

ترجح أجهزة الاستخبارات الأوكرانية أن المزيد من موجات التجنيد ستمكن روسيا من نشر جيش قوامه 2 مليون مقاتل لشن هجوم جديد في وقت لاحق من هذا العام. ومؤخراً، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من احتمالات أن تلجأ موسكو قريباً لمحاولة الاستيلاء على كييف مرة أخرى.

لكن حتى اختراق بهذا الحجم في ساحة القتال إذا تحقق لن يؤمن لروسيا نصر دائم. بل دعونا نفترض أن قوات بوتين حققت ما يشبه المعجزة وهزمت أوكرانيا وأطاحت بحكومة زيلينسكي. ماذا بعد؟

الواقع أن روسيا جريحة ومعزولة ستعلق عندئذٍ في أتون حرب عصابات لعشرات السنين قد تجعل من أفغانستان تبدو قياساً بها مجرد نزهة صيف. وستضع القوات الروسية المحتلة أو حكومة كييف المتعاونة معها تحت رحمة وابل لا ينقطع من هجمات وضربات مجموعات المقاومة الأوكرانية المسلحة. بهذا الشكل، سيؤدي "النصر" إلى حبس روسيا في كارثة طويلة الأمد.

تجدر الإشارة إلى أن بوتين وحلفائه لازالوا يستخلصون العبر المطمئنة للنفس من كتاب التاريخ. لقد تكبدت روسيا في الماضي هزائم مروعة على أيدي نابليون وهتلر- لكنها خرجت في النهاية ظافرة ومنتصرة. لكن تلك الحروب كانت دفاعية. وكان الروس يحاربون ببسالة حتى الرمق الأخير لأنهم كانوا على يقين من أن لا مكان آخر ليأويهم إذا ما تراجعوا. هذه المرة انعكست الآية والأوكرانيون هم من يدافعون عن بلادهم.

كذلك في الحروب الكبرى السابقة كانت روسيا جزء من تحالف أوروبي أوسع. لكن الآن، على حد قول الاستراتيجي الموالي للكرملين، ديمتري ترينين، في إحدى مقالاته مؤخراً: "لأول مرة في التاريخ الروسي، ليس لدى روسيا أي حلفاء في الغرب." في الحقيقة، التحالف المضاد لروسيا يمتد بعيداً خارج أوروبا. وكما يضيف ترينين بحسرة: "حجم التماسك بين البلدان المتحدثة بالإنجليزية وأوروبا والحلفاء الأسيويين حول الولايات المتحدة قد بلغ مستويات غير مسبوقة."

في هذا الوضع المستجد كان لزاماً أن تتجه روسيا إلى آسيا وأفريقيا بحثاً عن أصدقاء. وفي هذا الصدد، يستشعر الكرملين بعض الطمأنينة من حقيقة أن بلدان كبيرة من "الجنوب العالمي"- مثل الصين والهند وجنوب أفريقيا وإندونيسيا- لم تلحق بحملة العقوبات الموجهة ضد روسيا. لكن من الملاحظ في الوقت نفسه أن تلك الدول، باستثناء إيران، لم تقدم لروسيا دعماً عسكرياً يكافئ الترسانة الغربية المتدفقة على أوكرانيا.

علاوة على أن الاعتماد على الجنوب العالمي يتطلب إعادة توجيه للاقتصاد الروسي، الذي قد بُني طوال الثلاثين عاماً الماضية بالدرجة الأولى على صادرات الطاقة إلى أوروبا. كما أن روسيا تعتمد الآن بدرجة خطيرة على الصين.

كيف أقحم بوتين بلاده في هذه الورطة؟ يعود أصل المشكلة إلى إخفاقه في القبول بخسارة روسيا مكانة القوة العظمى، وهي ذات المشكلة التي سبق أن واجهتها بالفعل دول أوروبية أخرى. (قد يقول البعض إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) برهن على أنها لا تزال لم تُشفى بعد من هذا المرض. لكن، إلى حد ما يتعلق الأمر بتصرفات إيذاء النفس، لا يعد ذلك شيئاً يذكر مقارنة بما قد فعله بوتين بروسيا. وكان المعادل الكارثي أن تقدم بريطانيا على حماقة مثل اجتياح إيرلندا.)

كان النظام الأوروبي الذي يحن بوتين للعودة إليه يقوم على التنافس بين القوى العظمى. ولعجز بوتين عن فهم طبيعة النظام الجديد- القائم على التعاون بين الدول، تحت مظلة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو- انتهى به الحال إلى عزل روسيا عن القارة الأوروبية كلها. وهذا هو ما قد خلصت إليه أنجيلا ستينت من جامعة جورج تاون، "بوتين قد أغلق النافذة على أوروبا التي فتحها بيتر العظيم" في القرن الثامن عشر.

لو كان بوتين مستعد للقبول بأن روسيا كانت على الدوام تقع ضمن الدرجة الثانية أسفل القوى العظمى، كانت الفرص ستتهيأ أمام السياسة والدبلوماسية الروسية للعب دور قوة توازن متوسطة الحجم. لكن بوتين اختار التمدد لأبعد من قدراته في أوكرانيا. ومن سخرية الأقدار أن روسيا قد تخرج من هذه الحرب حتى أقل قدراً كقوة عالمية.

لقد أدى هذا الوضع الروسي اليائس إلى ظهور نوع من التفكير العدمي وسط بعض النخب في هذا البلد، مع حديث بعض المنابر التلفزيونية بصوت عال حول الحرب النووية وخيارات شمشونية أخرى. بينما يصر الاستراتيجيون الروس على حتمية مواصلة القتال، ليس لأنهم يرون فرصة حقيقية للنصر بل لأن الهزيمة أثقل من طاقتهم على تخيلها. في مقاله المتشائم، يحتج ترينين، وهو عقيد سابق في المخابرات العسكرية الروسية ثم مدير مركز كارنيجي في موسكو المغلق الآن، أنه "بينما يوجد مسار نظري للاستسلام" أمام روسيا، لكن هذا الخيار غير مقبول لأنه سيستتبع "كارثة وطنية وفوضى محتملة ومساس خطير بالسيادة".

وتؤدي خشية ترينين من هذا المآل به إلى استنتاج أنه ليس أمام روسيا من خيار سوى مواصلة القتال "كبلد محارب يذود عن سيادته ووحدة أراضيه"، رغم أن ذلك سيتطلب "تضحيات كبيرة" على مدار "سنوات عديدة". واتباع هذا المسار الدموي، كما يجادل ترينين، سيتطلب "وطنية غير مشروطة من النخبة".

لكن هذا تعريف شديد الغرابة للوطنية. فما الذي يجنيه الروسي الوطني من الاستمرار في إرسال أبناء بلده إلى حتفهم في حرب احتلال وحشية تجعل البلاد أكثر فقراً وعزلة وديكتاتورية ومُدانة من كل العالم؟

الوطنيون الروس الحقيقيون- كثيرون منهم في السجون أو المنفى- هم هؤلاء العازمون على وضع حد لبوتين وحربه. متى حدث ذلك، وحينها فقط، ستتاح أمام روسيا الفرصة من جديد لكي تعيد بناء مكانتها الأخلاقية والاقتصادية والدولية.
___________________
ترجمة: عبد المجيد الشهاوي
رابط المقال الأصلي: https://www.ft.com/content/42367891-bde7-4770-95f4-460d0762215b#comments-anchor



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللهُ لا يَتكَلم والرسولُ لم يَقُلْهُ: بَشَرِّيَةُ النص
- حين انفجرت المسيحية من الداخل
- الفكر في الهُراء
- بوتين، معزولاً ومرتاباً، يتدثر بزمرة من المستشارين الغلاة
- عن أهمية النص في الإسلام
- لماذا لا ننتج فلسفة؟
- المال والصالح العام
- الأنبياء ملوك المستضعفين
- ديانة التوحيد
- عُقْدَة أبولهب
- اعتذار واجب للكافرين
- عمل الفساد في السلطة
- زنا العيون لا يُنتج حملاً
- السلطة والثروة والدين
- لديَّ حُلْمُ كُوردي
- السلثردي
- هل القوة وحدها تكفي؟
- سوريا، أَنْتِ هُنَا؟
- الهيمنة الأوروبية قديماً وحديثاً
- أساطير الأولين2


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - لا أمل في نصر روسي دائم