أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان العسكري - السياق اللفظي في شعر/ هاجر جواد / قصيدتها - ماگله كافي- أنموذجاً














المزيد.....

السياق اللفظي في شعر/ هاجر جواد / قصيدتها - ماگله كافي- أنموذجاً


احسان العسكري

الحوار المتمدن-العدد: 7481 - 2023 / 1 / 3 - 20:01
المحور: الادب والفن
    


السياق اللفظي في شعر/ هاجر جواد / قصيدتها " ماگله كافي" أنموذجاً
الشعر بمجمله لغة الحياة وهو الباعث الابرز لرسل الجمال و المُهيء الأزلي لأرضية التفاعل المجتمعي مع ثقافة الحياة و يعد الشعر العامي صاحب هذه الافضلية لكونه الشعر الذي نكتبه باللغة التي نتكلمها ونتعامل بها على عكس الشعر العربي فنحن في الحقيقة نكتبه بلغة غير لغتنا و ان كانت هي الأم و الأصل ، ويعد السياق اللفضي في الشعر بكافة أشكاله و أنواعه من متممات النص المكتمل اذ أن الإبتداء بأول كلمة في المطلع يسوق انتباه المتلقي لما بعدها و لا يتوقف إلا عند الومضة الصورية في النص وقد يعود ليكرر قراءته اكثر من مرة حسب ما أبدع الشاعر في ترتيب كلماته و خلق الصورة الشعرية او الرمزية منها ، شاعرتنا محل البحث تجيد تنظيم سياق كلماتها بما يحتاجه النص وهذا يبدو جلياً و واضحاً في انساق نصوصها التي تتسم بخفة الطرح و سهولة الفهم و لا تترك العمق جانباً فهي مُجيدة مُلمة بتفاصيل الجمال .

" آ يشوغات الملاگه
ولمعة عيونك عوافي
آ يصوغة عمري كله
و ثلچ گلبي الفززه گليبك الدافي "

اغرقت الشاعرة هنا مطلع النص في محليتها الأصيلة فلم تتكلف ولم تبحث عن وسيلة تعويم المفردة بل ابتدأت بذاتها المنتمية لبيئتها و انطلقت من المحلية في استخدام اللفظ دون الإهتمام بكونها امرأة فتجردت من كل التفاصيل المفترضة وانطلقت بخيالها عميقاً و أذابت التصنع بصدق الطرح فبين احتراق الحبيب لحظة لقاء حبيبه والنظر في عينيه و قراءة مدى صدقهما و الإعتماد الكلي على العاطفة النقية وبين حصاد نتيجة انتظار لمقدمه بعد برود عاطفي وتوقف لنبض السعادة حصلت اخيراً على أعظم هدية كافأها بها صمودها وهي العَود المحمود لمن انتظرته وليس بالضروة هنا ان يكون الحبيب هو المعشوق فلربما كان الأب أو الأخ أو الإبن ، فنحن أمام لكنة الجنوب الممتلئة بالعاطفة و النقاء و الحب .

" آ يـ نيروز و خضارك ترس روحي
و چنت صحرا
و بيري ناشف
يا هلا بنهرك الصافي
يا هلا بطير السعد
مد جنحه فوگي
و صار خيمة
و صار ظلي "

ألفاظ العامة حينما تتشكل على هيئة تراكيب شعرية تُخرج كماً هائلاً من العذوبة اللفظية وهذا سياق يتبعه غالبية شعراء العامية فهم الأكثر تأثراً و تأثيرا و الأقدر توثيقاً و تثبيتاً للنص العامي المجرد . فهنا لم تقل الشاعرة " نوروز " وهي تقصد نوروز العيد بمافيه من أمل فالربيع هو عينه في قصائد جميع الشواعر و الشعراء بمختلف تصنيفاتهم ، قالت " نيروز " لتبين انها كُتِبتْ لا كَتَبت فهذه مفردة محلية جنوبية بامتياز يتم تداولها من حي واسط الى فاو البصرة ، وخضارك ترس روحي " و أعتقد ان الراء في ترس مكسورة اي انها تعلن ان ربيع مقدمه قد ملأ روحها املاً قبل وصوله ولم يتمليء بوقوفه امامها بل وصل فوجد كل شيءٍ قد اكتمل فارتوت الصحراء و امتلأ البئر بخبر المجيء العذب و إرتفعت الشاعرة لمنزلتها التي تستحقها عبر استخدامها لـ " طير السعد " وهنا حكاية تراث لها أثرها العظيم وكأنها تريد أن تقول كنت عاملة وقد نصّبتني ملكة لم تفكر بعد بزوال هذا الملك الذي يحجب بعظمته كل آثار العطش و الأكتواء بلهيب الشوق .

" أنا بروحي شچم يتيم؟
و صرت أهلي "

كل ما سبق من مطلع النص ومتنه في جهة وهذه الومضة في جهة ، هذه قصيدة مكتملة المعنى و المغزى وفيها من القوة الكثير و إدراجها بهذه الطريقة خير دليل على ان الشاعرة هي صاحبة الإمتياز في اخراج هكذا لوحة ولا أريد أن أشرح مشروحاً ولكن كان لابد من التوقف هنا فنحن بصدد قصيدة جُمعت على شكل مقاصير وامضة بشكل مدهش كان عدد الدموع اليتيمة يتزايد حتى عاد والدها ، لترحب بطريقتها الرائعة به

" يا هلا بفجرك
فرَش روحه بسماي
وصار ديرة
كلها أضواء و قزح و طيور حب
ما گَله (كافي) "

رُسم في هذا المقطع بالذات طريق يطول ويعود لبدايته فطرق السماء تنتهي بنهاية مديات البصر و طرق الارض تنتهي ببداية ظهور الافق و الشاعرة هنا جمعت بين الوقت و المكان و الذات في شعور واحد اذا انها اعتمدت ترميز البداية السعيدة بالنهاية الأسعد و بسطت هذه الملكة سلطتها على كافة حدود خيالها الخصب فلم تترك براً و لا فضاءً و لا كائناً لطيفاً و لا وقتاً و لا لوناً إلا و فرضت عليها أذحكامها الشفيفة بنص فيه من العذوبة ما يكفي ليسد حاجة العاشقات و الباحثات عن أمل يفضي الى لقاء مع الحبيب .

" يا هلا بصوتك
عصافير البيوت العششن گدّ الأمان
يا عنب يسكرني لونه
و يا خمر ما مر على افكار الدِنان "

رغم عظيم انتماء الشاعرة لبيئتها إنها لم تنسَ مكانها في الطبقة المخملية المدنية فانتماءها لمحليتها ليس تكلفاً و لا تفرداً بمكانية او اعتصام بزمانية فهي تجاوزت الحدود و اتجهت اينما أرادت بعد ان ملَكت وفرضت سيطرتها على النص باحترافية عالية جداً و احترام كبير لأخلاق مجتمعها و لذاتها فلم تفعل ساعة اللقاء الا مايليق بيها كإمرأة محترمة بروح شاعرة ، هي لم تكن خائفة لأنها بطبيعتها ثائرة و لم تكن مجاملة لأنها واقعية بل كانت ولازالت من مطلع القصيدة الى نهايتها أمرأة شاعرة متمكنة من أدواتها ، هاجر جواد وعلى مجزوء الرمَل كتبت نصاً صورت من خلاله لوحة الوفاء و مكافئة الإنتظار و حصيلة الصبر و ابرزت امكانيات المرأة المُحبة للحياة المُحترمة لها وهذا أعتبرهُ سياقاً جميلاً في مجمل كتاباتها لأن النص الشعري العامي يتكلم بماهية الهوية المجتمعية ببساطة و يتجدد دائمًا بفضل الوعي لدى الشاعر و يعيد صقل المفردات وتحديثها بما يتلائم مع تراكيبها، و بالتالي فالألفاظ في هذا النص رغم وضوحها هي في الحقيقة رموز لمعاني اخرى لا يتسع المجال لذكرها فالقاريء الفطن يتعرف على مدلول اللفظ أولاً ، ثم يقرأ داخل التراكيب فالكلمات سمات معانيها و لا يمكن أن يسبق اللفظ مكنونه وهذا ما اردت ان أبينه في اعتماد الشاعرة هذا الأسلوب في كتابة هذا النص الجميل .



#احسان_العسكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حراس العافية الـ 7000 و الظلم
- التمريض تأريخ من العطاء و حاضر بلا موقف
- الحرب العالمية الثالثة هل بتنا على اعتاب رؤيتها ؟
- تجاذبات اللغة و المعنى في قصيدة الشاعر حسن الحاج عگله ثجيل - ...
- الانتقالات التصويرية الثابتة في سرد سمير غالي ( العمة مريم) ...
- محاكاة الممنوع و تعميد المفردة بالوضوح قراءة في رائعة امل عا ...
- وقفة مع الابداع الشعبي - طارق صبار الحلم الذي في طور التحقق
- التسامق النصي في كتابات باسم فرات .قراءة في انموذجٍ من حقائق ...
- شرف الخصام
- لماذا خسر الحكيم مقاعده في الانتخابات ؟
- تعددت المشاهد و الجمال واحدُ - قراءة في فصلٌ المساء الذي لم ...
- الحكاية
- أناقة المفردة بنكهة الجنوب قراءة في مجموعة الشاعرة فيان البغ ...
- من رد دعوة الشاعر تبوأ مقعده في جلباب الندم قراءة في معلقة ...
- المُحارب القديم يُشبِعُ ذكرياته بحاضرٍ قرين بها قراءة في قص ...
- رحلة ( العائدون الى المنافي) وانتقالات الوجع الموفق
- اعطني نصاً وذائقةً اُعطيك نمطاً لحياةٍ أجمل
- الوَلَدِ السَّوْمَري بين الترحال وعشاءه الاخير قراءة في قصيد ...
- لهم تغريبة واحدة ’ وله وجود متعدد (عبدالسادة البصري) مغترب ف ...
- هو وجع يمشي..وبلاده وجع تمشي .. ورغم ذلك فهو عنوان الراحة (ه ...


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان العسكري - السياق اللفظي في شعر/ هاجر جواد / قصيدتها - ماگله كافي- أنموذجاً