|
المعارضة السورية و المساءلة و المسؤولية
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7479 - 2023 / 1 / 1 - 08:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما قام بعض السوريين بالتظاهر في سوق الحميدية في الخامس عشر من آذار مارس 2011 كانوا يعتقدون أنهم بصدد أن يصبحوا بشكلٍ أو بآخر سادة مصيرهم … على الأغلب أنهم كانوا يعتقدون أنهم كانوا سيتمكنون على الأقل من مساءلة من يحكمهم ، هذا في أضعف الأحوال ، هذا في أضعف الأحوال … و لكن … منذ تشرين الأول أكتوبر 2011 ، منذ تأسيس المجلس الوطني ، تنطع جزء من المعارضة "لتمثيل" السوريين و الحديث باسمهم ، حددوا لنا ما هي ثورتنا ، من نحن و ما يجب أن نكون ثم "قادونا" ، قادوا الآلاف المؤلفة ليس فقط نحو الهزيمة فما تعرضنا له كان أشنع من هزيمة ، لكن هذا لا يعني من قادنا من هزيمة لأخرى ، من كارثة لأخرى ، لا يعنيهم البتة ، دون أدنى إحساس بأية مسؤولية عن كل تلك الدماء و الخراب ، عن كل تلك الهزائم … تأسس المجلس الوطني و الهيئات التالية له التي احتكرت الحديث بلسان السوريين أساسًا من تحالف الإخوان مع حزب الشعب أو إعلان دمشق مع حضور متفاوت لشباب التنسيقيات و معارضين قدامى و آخرين قفزوا من سفينة النظام التي كانت تتأرجح ، و منذ تأسيس المجلس الوطني تتالت المؤتمرات و الهيئات و اللجان و الائتلافات ، كلها تحتكر الحديث باسم السوريين و تحدد و تمارس و تتنافس و تستزلم و تقدمنا هدايا مجانية لأصدقائهم و داعميهم و أسيادهم دون أن ترى أنها مضطرة لتشرح لنا ماذا فعلت و ماذا تفعل و لماذا تفعل ، مكتفية بالنقاش مع نفسها و بالصراخ ثم الصراخ : السياسة الثورية الوحيدة التي مارستها ، طبعًا إلى جانب الاستزلام و الارتزاق و حياة الفنادق … و على الأرض حكمت المعارضة السورية المسلحة أجزاء واسعة من سوريا منذ تموز يوليو 2011 ، بلغت في وقت ما أكثر من 70٪ من الأرض السورية لكن هذه المعارضة المسلحة لم تقبل و لم تفترض أصلًا أنها موضع محاسبة ممن "تحميهم" أو من أصبحت تختبئ خلفهم مكتفية بقصف المدنيين الواقعين تحت سيطرة النظام ردًا على استهدافات النظام المتكررة "للمناطق المحررة" كمثيلتها السياسية ، كانت هذه المعارضة المسلحة تدير المناطق "المحررة" بنفس طريقة نظام الأسد : كانت هي من تحاسب الواقعين تحت سيطرتها على التزامهم و تقيدهم بما تراه الطريقة الوحيدة الممكنة للتفكير و التعبير و الحياة بالنسبة للسوريين الواقعين تحت سيطرتها … فيما بعد سيقوم بعض قادة مؤسسات المعارضة المختلفة بإعادة كتابة تاريخ تلك الحقبة التي جلسوا فيها على رأس تلك المؤسسات و قاموا "بنقد ذاتي" برأوا فيه أنفسهم و كالوا الاتهامات لخصومهم في المسؤولية عن انهيار أحلام السوريين و انقلابها كوابيسا مرعبة … لم يقل لنا المعارضون أن حملهم للسلاح سيأتي بكل هذا الموت و الخراب لنقرر ما إذا كنا راغبين بهذا المصير أم لا بل وعدونا بالحرية و معها بالمن و السلوى دون أن نرى اليوم شيئًا من هذا ، شيئًا غير الموت و الخراب ، لم يقولوا للسوريين الذين اتخذوهم دروعًا بشرية أنهم بحاجة لمضادات طيران "ليحمونا" من الموت و البراميل ، لم يقل لنا الإخوان و لا الأستاذ رياض الترك أن هناك احتمال ألا تأتي قوات المارينز أو الناتو لتسقط النظام و "تحررنا" و تضعهم على كرسي الحكم … تصرف قادة المعارضة السياسية و المسلحة كأنهم يملكوننا و يملكون حيوات من ساروا ورائهم و صدقوهم و سلموهم قيادتهم ، دعك من فسادهم ، من متاجرتهم بدماء البشر و من إجادتهم فقط الزعيق الفارغ فقط لا غير، هؤلاء الذين قادوا ثورة كما يزعمون و الذين قادوا عشرات آلاف المقاتلين في وقت ما ليقتلوا و يقتلوا ، دعك من ارتزاقهم لهذا الداعم أو ذاك ، دعك من طائفيتهم و من هزائمهم و فضائحهم ، من غبائهم السياسي و العسكري و هوسهم بالسلطة و بالتحكم بالعباد ، اسمع يا عزيزي : لقد قتل تسعون ألفًا إلى مائة ألف من جنود النظام ، جزء كبير منهم إعدامًا بعد أسرهم أو استسلامهم ، و قتل أو استشهد ، 110 ألف إلى 150 ألف مقاتل من المعارضة المسلحة ، جزء منهم في معارك بين الفصائل "الثورية" مع بعضها البعض و الجزء الآخر في تحرير مدن و قرى سلمت للنظام بعد تدميرها الكامل أو الواسع ، لم يكلف أحد ممن قاد هذه المعارضة أن يقول لأهالي هؤلاء لماذا سقط أولادهم و لا لمن دمرت بيوتهم قبل أن يعاد تسليمها للنظام لماذا جرى ذلك و لا من اتخذ القرار بالتضحية بكل هذه الدماء و من منحه الحق بالتضحية بكل هذا … كما ألقى النظام بالآلاف المؤلفة من جنوده للموت في كثير من الأحيان بلا معنى و دون اكتراث ، فعل القادة الثوار الأحرار الديمقراطيون نفس الشيء بمن قادوهم من المقاتلين ، بمن قالوا أنهم يحمونهم ، و ذلك دون أن يرمش لهم جفن … مملكة الصمت باقية و تتمدد يا أستاذ رياض
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاء عبد الفتاح ، لا تمت شهيدًا
-
لا تبكي على اللبن المسكوب
-
صناعة الجماعات
-
القيامة الآن
-
عن جنون نيتشه و عقل رجال الدين
-
نحن جيل آخر مهزوم
-
ضد لغة الناشطين لوولفي لاندرستايشر
-
عن العروبة و الإسلام
-
ما تبقى لكم
-
دفاعًا عن قاتل نيرة أشرف
-
شخصية المتمرد لنيكولا ديفيز
-
الأناركي بين ايلزيه ريكلو و رينزو نوفاتوري
-
الدولة - ليو تولستوي
-
الثورة الاجتماعية لميخائيل باكونين
-
هراء ايديولوجي عن الله و البشر و العالم
-
الإله الذي خلقناه
-
حوار مع سعيد العليمي عن فلسطين و اليهود
-
قالوا في الرقص
-
لماذا نكتب
-
الأبوكاليبوس
المزيد.....
-
قضية التآمر على أمن الدولة في تونس: -اجتثاث للمعارضة- أم -تط
...
-
حمزة يوسف يستقيل من رئاسة وزراء اسكتلندا
-
ما هو -الدارك ويب- السبب وراء جريمة طفل شبرا؟
-
- هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي
...
-
الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين بالبحر الأحمر
...
-
أكاديمي يدعو واشنطن لتعلم قيم جديدة من طلاب جامعاتها
-
وزير خارجية نيوزيلندا: لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال
...
-
جماعة الحوثي تعلن استهداف مدمرتين أميركيتين وسفينتين
-
لماذا اختلف الاحتفال بشهر التراث العربي الأميركي هذا العام؟
...
-
إسرائيل قلقة من قرارات محتملة للجنائية الدولية.. والبيت الأب
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|