أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جلبير الأشقر - تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»














المزيد.....

تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7469 - 2022 / 12 / 21 - 10:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


غريبة حقاً حالة تونس الراهنة: منذ الانقلاب القراقوشي الذي به أطاح قيس سعيّد، يوم 25 جويلية (يوليو/تموز) 2021، بسائر المؤسسات القائمة على الدستور الذي انتُخب رئيساً على أساسه، وهو انقلاب بكامل معنى الكلمة من حيث إنه استند إلى القوى المسلحة وخوّل سعيّد نفسه من خلاله سلطات لم ينص الدستور عليها بتاتاً، وبعد مضيه إلى الأمام بمشروعه الدستوري الذي بان من خلاله إعجابه المعروف بمعمّر القذافي، وهو دستور جدير بأن يُدرج في قائمة الدساتير المستجدة الأقل مشروعية في التاريخ، إذ شارك في التصويت عليه أقل من ثلث الناخبين والناخبات في يوم الذكرى الأولى للانقلاب، ها أن الانتخابات التشريعية التي نظمها الحكم المستجد تدخل في سجل الأرقام القياسية بمشاركة حوالي عشرة في المئة من الناخبين والناخبات ـ 11.2 تحديداً حسب الأرقام الرسمية ـ في انتخاب «مجلس نواب الشعب التونسي» (وهو بالأحرى «مجلس نواب عِشر الشعب التونسي)!
وكأن الشعب التونسي الذي وقف في طليعة الموجة الثورية العارمة التي عُرفت بتسمية «الربيع العربي»، منطلقاً إثر استشهاد محمد البوعزيزي في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 في تظاهرات ما لبثت أن عمّت البلاد، مُطلقة صرخة انتشرت في شتى أرجاء المنطقة العربية هي صرخة «الشعب يريد إسقاط النظام!»، كأن هذا الشعب نفسه أصابه الزهق بعد اثنتي عشرة سنة إلى حد أنه اكتفى يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بالتعبير السلبي عن مشاعره السياسية، وذلك برفض الإدلاء بأصواته في المسرحية السعيّدية وكأنه يقول ما مفاده: «الشعب لا يريد تأييد النظام!».
وإنها لحالة معبّرة تماماً عن حالة المنطقة بأسرها: لم يتعب الشعب من التعبير عن إرادته، لكنه لم يعد يرى ما يُلهمها، فنراه يغرق في نوع من الثُبات. ذلك أن الساحات العربية خلا معظمها ممن يلهمون الشعب، ولاسيما شبيبته، بما يكفي لدفعه من جديد إلى الشوارع والساحات مطالباً بإسقاط النظام القائم لفسح المجال أمام بديل يرى فيه باعثاً للأمل. إن القوى التي تمكنت من الهيمنة على الموجة الثورية الأولى وتجييرها لصالحها، وهي القوى المنتمية إلى تيار «الإخوان المسلمين» الإقليمي، فقدت الاعتبار بسرعة بسبب إخفاقها الجلي في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بما يُخرج بلدانها من الأزمة المزمنة التي أدى انفجارها إلى الانتفاضة الإقليمية. فمن تونس إلى مصر إلى ليبيا واليمن وسوريا والمغرب، حيث وصلت القوى المذكورة إلى السلطة، أو إلى الهيمنة على أحد قطبيها حيث قامت ازدواجية السلطة، في كل هذه الساحات، كان فشل تيار الإخوان ذريعاً في إنتاج سياسة اجتماعية أفضل مما كان قائماً بالأصل.

أما القوى الثورية التقدمية، التي بادرت إلى إطلاق انتفاضات «الربيع العربي» في عام 2011، فقد عجزت عن تشكيل بديل ذي مصداقية، لاسيما بعد أن انتهى بها الأمر إلى الارتماء في أحضان أحد قطبي المواجهة بين قوى النظام القديم والتيار الإخواني. وفي الموجة الثورية الثانية التي شهدتها المنطقة الناطقة بالعربية، بدءاً من الثورة السودانية التي انطلقت يوم 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018، لم تطفُ على السطح أي قوى قادرة على إلهام الجماهير بمشروعيتها القيادية، سوى في السودان حيث تشكّل تنظيم قاعدي شبابي عُرف باسم «لجان المقاومة» تضافر مع «تجمع المهنيين» على تشكيل بديل شعبي للحكم العسكري، وهو بديل ما زال يخوض نضالاً عنيداً. وحتى لو لم تتمكن القوى الثورية السودانية من الإطاحة بالعسكر حتى الآن، وهي مهمة عسيرة جداً بلا شك أياً كانت القيادة التي تأخذها على عاتقها، يبقى أن الثورة ما زالت تنبض في السودان بينما انتقلت إلى الهمود في الساحات الأخرى.
وقد أصاب قيس سعيّد ما أصاب جماعة «النهضة» الإخوانية الهوى وأصاب جماعة «نداء تونس» البورقيبية المنحى، أي ما أصاب قطبي المواجهة بين النظام القديم والتيار الإخواني في الساحة التونسية، فإن شتى الأطراف التي تعاقبت على حكم تونس منذ الإطاحة بزين العابدين بن علي قد سلكت الطريق ذاتها التي سلكها المخلوع والتي أدت إلى خلعه، ألا وهي طريق السياسات النيوليبرالية التي أتت بأحوال اجتماعية بائسة وببطالة شبابية قياسية. ومثل «النهضة» ومن ثم «نداء تونس» قبله، ظنّ سعيّد أن ما يتوق إليه الشعب هو نظام سياسي جديد انكبّ على ابتداعه، بينما الحقيقة هي أن الشعب يتوق إلى سياسة اقتصادية جديدة تعيد وضع البلاد على سكة التنمية وخلق فرص العمل بما يعيد الكرامة للناس. لذا فشل قيس سعيّد بالسرعة ذاتها التي فشلت بها جماعة «النهضة». وبعد سنوات انتقالية من حكم ائتلافي شاركت فيه هذه الأخيرة إلى جانب جماعة «نداء تونس» وغيرها من فلول نظام بن علي، وقد ساروا جميعاً معا على خطى بن علي في إدارة الاقتصاد، تبعهم سعيّد على الدرب ذاتها كما تأكد من خلال الاتفاق الذي سعت حكومته وراء إبرامه مع صندوق النقد الدولي.
والحقيقة أن هذا المسلك في السياسة الاقتصادية هو ما أنهى التجربة السعيّدية من خلال معارضة «الاتحاد العام التونسي للشغل». فهذا الأخير، الذي ما انفككنا نقول إن مفتاح الوضع التونسي بين أيديه إذ إنه أقوى تنظيم اجتماعي في تونس، وقد لعب دوراً رائداً في الإطاحة ببن علي وبحكم «النهضة» من بعده، وكان لحياده الإيجابي إزاء انقلاب قيس سعيّد دور أساسي في إتاحة المجال أمام هذا الأخير للمضي قدماً بمشروعه القراقوشي، إن «الاتحاد العام التونسي للشغل» إذاً هو الذي قضى على أحلام سعيّد بعدما تنصل منه وأدان سياسته الاقتصادية، الأمر الذي ساهم بلا شك إسهاماً كبيراً في اعتزال الناس صناديق الاقتراع. ولن تخرج تونس من الدوّامة التي وقعت فيها سوى إذا تولّى الاتحاد كامل مسؤوليته وخاض المعركة السياسية إلى جانب سائر القوى الاجتماعية التقدمية، من نسائية ومهنية، من أجل تغيير نوعي في السياسة الاقتصادية يلبّي احتياجات الشعب التونسي، ولاسيما شبيبته، وأمانيهما.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…
- السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!
- تحية لنساء إيران البواسل!
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جلبير الأشقر - تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»