|
مَن هو الإنسان المقهور؟
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 7468 - 2022 / 12 / 20 - 12:18
المحور:
الادب والفن
مازالت الشعوب العربية والاسلامية، أو كما يطلق عليها المؤلف "الدول النامية" متخلفة اجتماعياً، ولم تُلحق بالركب الحضاري، الركب الذي سارت على جادته الشعوب المتقدمة، وقطعت أشواطا بعيدة، حتى استطاعت أن تقضي على النعرات الجاهلية، والعشائرية، وتعبر جميع الحدود، لترسم خارطة طريق نحو آفاق عميقة لمستقبل باهر، بينما نحن للآن نعيش بجبة الماضي وجلباب التراث المستهلك، ننبش في ناره لعلنا نجد بقايا جذوة نستنير بلضاها. أسباب تخلفنا أننا مازلنا خاضعين لقانون القبيلة، وكذلك نتعكز على تراث ضحل تشع منه روائح التخلف، ونتانة الواقع العفن، لأنّ ثمة من يدفع بنا بهذا الاتجاه حتى يظل هو من يتحكم بمصائرنا، ويتسلط علينا بأخذ اموالنا وثرورتنا، بحجج واهلية وخزعبلات، لها أول وليس لها آخر. في كتابه "التخلف الاجتماعي" للمؤلف مصطفى حجازي يؤسس لما اردنا قوله في هذه المقدمة القصيرة. ويشير الى أن التخلف شجرة مرّة نقطف اثمارها في كل حين، بل "ان التخلف هو في النهاية ثمرة الاستغلال والاستعباد"، لأننا بجهلنا وبخضوعنا للظالم المستبد جعلنا من هذا المستبد أن يتسيّد علينا، فنسمع له ونطيع، بل ونلبي أوامره. ومن جراء ذلك، اُصبنا بنكبات كثيرة وتحملناها على مضض، من جوع ومأوى ومن نقص احتياجات الحياة الحرة. يقول: "ان الجوع هو اخطر اعراض التخلف واكثرها عمومية". لأنّ الجائع يصير اكثر تفكيره في بطنه، كون الجوع آفة يصعب تحديها. وعليه يعرّف التخلف المؤلف بأنه "ظاهرة كلية ذات جوانب متعددة، تتفاعل فيما بينها بشكلٍ جلي، تتبادل التحديد والتعزيز، مما يعطي الظاهرة قوة وتماسكاً كبيرين، ويمدها بصلابة ذات خطر كبير في مقاومة عملية التغيير". ويتسائل الدكتور حجازي بقوله: " واذا كان التخلف في جوهره ولبه، هو استلاب اقتصادي اجتماعي، فإنه لابد يُولد استلاباً نفسياً على المستوى الذاتي؟". ويأتي المؤلف بمثل: هي المرأة التي يلقي المجتمع عليها كُل أخطائه، ويحملها الوزر الاكبر، كون نظام المجتمع نظاماً ذكورياً، فلا يحمّل نفسه جميع الهفوات بقدر ما يلقي بها على عاتق المرأة، وهذه الثقافة كسبها من الدين، حيث الدين قال بذلك قبل قرون عديدة، ومازال هذا القول ساري المفعول. فبرأي حجازي أن المرأة مستلبة اقتصادياً وجنسياً في الشعوب الاسلامية، وتعاني استلاب اخطر، ما يسميه حجازي، هو استلاب عقائدي، إذ تبني المرأة سلوكها ونظرتها للوجود بنظرة تتماشى مع القهر، المفروض عليها من قبل الرجل صاحب السطوة. وبالتالي فإن الإنسان المقهور، الرجل والمرأة، على حدٍ سواء، مسلوب الأرادة، للأسباب آنفة الذكر، مقهور نفسياً وسيكولوجياً، كونه خضع للتعاليم والأوامر العليا، وقبلها برضاه إذ جعلها تعاليم و اوامر مقدّسة، لا يمكن نقضها أو عصيانها، وسواء كان هذا أو ذاك فهو إنسان مقهور، متخلف، و"الإنسان المتخلف هو في النهاية الإنسان المقهور أمام القوة التي يفرصها السيّد عليه". إذن، ثمة مشكلة كبيرة تواجه الإنسان، لكن ليس كُل إنسان، نستطيع القول هو فقط الانسان المغبون، ونعني به غير الواعي، الذي يجلب الضرر الى نفسه من دون روية، ولا تأني وسببها اميته المفرطة (أعني الأمية الفكرية لا أعني الشهادة الاكاديمية، فكم من حامل لشهادة دراسية، لكنه بعقلية امية ساذجة، فهو يسير مع القطيع) حيث يبقى تابعاً ويمشي كالأعمى خلف هذا وذاك، وهذا ينطبق عليه قول حجازي" كُل إنسان راضخ وتابع على أي مستوى معين من سُلم السيطرة والقهر، يلعب دور المتسلط على من هم أدنى منه مرتبة أو قوة". ذلك من كونه يشعر بالنص أو الدونية.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسين علي محفوظ: أمُة في رجل
-
الخيام ورحلته مع الإيمان
-
بروست مدمن المرض والخدرات
-
اجترار
-
الإنسان التافه
-
في طوابير الموتى
-
نصوص ( 2)
-
أنا أقُلد بوش الأبن
-
كتّاب شكلوا علامة فارقة في الفلسفة والفكر
-
لماذا ننتقد الغرب...ولم ننتقد أنفسنا؟
-
لماذا الافتراء على اليهود؟
-
تجارة الدين بديل لجشع آخر
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ الأخير
-
محاولة لتعريف المثقف
-
تحليل حكاية فلم: لوعة الحُبّ
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ نجيب محفوظ
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ ماركيز
-
الجلبي.. هل قتله بيته؟!
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /كولن ولسون
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /سارتر
المزيد.....
-
الشتاء الأخير يشهد عرضه العالمي الأول في مهرجان البحر الأحمر
...
-
شاهد: موسيقيون يقدمون عرضًا للسامبا على متن قطار في البرازيل
...
-
-كذب أبيض- للمغربية أسماء المدير يفوز بـ-النجمة الذهبية- لمه
...
-
تتويج مغربي فلسطيني في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
-
-كذب أبيض-.. أول فيلم مغربي يفوز بالنجمة الذهبية في مهرجان م
...
-
السدو.. مهنة تراثية يدوية في الباحة
-
لولو يا لولو .. اضبط دلوقتي تردد قناة وناسة وتابع أحلى الأفل
...
-
بالفيديو.. ايام قرطاج المسرحية تتشح برداء المقاومة
-
-كذب أبيض- يفوز بالنجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراك
...
-
شاهد.. هكذا اندحضت الرواية الإسرائيلية المضللة في العالم!
المزيد.....
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأ
...
/ مجموعة مؤلفين عن أعمال السيد حافظ
-
أنهارٌ من زنبق: النهر السادس
/ دلور ميقري
المزيد.....
|