|
تحليل حكاية فلم: لوعة الحُبّ
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 7364 - 2022 / 9 / 7 - 20:46
المحور:
الادب والفن
اللقطة الأولى من الفلم تظهر حفلة زواج البطل من البطلة؛ أحمد مظهر يمثل دور الزوج، وشادية كانت بدور الزوجة. طريقة الزواج، على ما يبدو، كلاسيكية، على الطريقة القديمة، فالكاتب لم يوضّح لنا كيف تعارف الزوج على الزوجة؟، وكيف تمت الخطوبة؟، بل يظهر إنّ الأمر محسوم منه، فجأة وعلى حين غرة. الزوج يقابل زوجته، في أول يوم الدخول، ببرود تام، وعدم المبالات بأمر عروسته، وحتى بوضعها النفسي، وكأنها خادم جلبها لتخدمه وتقدّم له احتياجاته الخاصة، منذ الوهلة الأولى، إذ تلاقي اهمالًا بلا مبرر من زوجها، وفتور تشوبه حالة من الجفاء، وحتى في العلاقة الحميمية، فيما بعد، كان معها عنيفًا، ولا يشعر بها كإنسانة، لها مشاعر واحاسيس، وتروم منه كما يروم هو منها، كعلاقة زوجية تتبعها حقوق. وتمر الأيام بلياليها، برتابة مقيتة، والحال على ما هي عليه، من البرود والفتور، فالزوج يسهر في كل ليلة مع أصدقائه، ويأتي بعد منتصف الليل، وفي جعبته الاهمال ذاته، وعم الالتفات إلى وجودها ككيان، ثم يقضي حاجته الجنسية كأي حيوان آخر، غير مبالٍ بسد حاجة الزوجة من العلاقة الحميمية على ما يرام. فتضيق الزوجة منه ذرعًا، حتى فرغ قلبها من العاطفة ازائه تمامًا، وفي داخلها تشعر بحنان فائض إلى القلب الذي يعطف عليها ويبادلها الشعور ذاته، ويحسسها بأنوثتها الصارخة. ونتيجة لهذا الفراغ، أخذت تتردد على عائلة صديقه، ويمثلَ دور الصديق هذا، عمر الشريف، وكانت عائلته مكونّة من ثلاثة أفراد: الأم والصديق، وفتاة ما تزال تلميذة. فيعجب بها، ويتعلق، منذ اللحظة الأولى، فتبادله هي الاعجاب ذاته، ثم يتحوّل هذا الأعجاب، على مدار الأيام، إلى حُبّ. وصدفة تتعرّض العشيقة إلى جرح في قدمها الأيمن، فيسعفها عشيقها (عمر الشريف)، ويذهب بها إلى المشفى لأخذ الضماد والعلاج اللازم، وهكذا تتطور العلاقة، وتكبر شرارة الحُب بين القلبين، حيث يصل إلى الهيام، فأخذت تتردد عليه، وكانا يخرجان للنزهة وتبادل الاحاديث الغرامية، والكلام المعسول المنمّق، حتى تتطور العلاقة أكثر، فأكثر بحيث أخذ هذا العاشق الولهان، يزورها إلى منزلها، بعد غياب الزوج، وتبدأ شكوى الحنين، وآلام الهيام، واللهيب المتدفق، كالنار التي تسري في الهشيم. ومن اللافت للنظر، أنهما لم يحصل بينهما ما يشوب علاقتهما أي شائبة، إذ لم يحدث بينهما كما يحدث بين العاشقين عادة (من لمس وقُبل وحضّن وتبادل مشاعر جياشة) مثل هذا لم يحصل أبدًا. يريد الكاتب أن يعطينا درسًا في الأخلاق، وفي العلاقات الغرامية البريئة الصادقة، والحُب العذري النقيّ، فضلاً عن علاقة الصديق بصديقه، خصوصًا الصديق الحقيقي، الوفيّ لصديقه، واحترامه الخالص له، لم يمسس زوجته، وهي عشيقته التي حتفها القدر في طريقه فتعلق بها، فضلّ محافظًا عليها، رغم إنّ النار تشتعل بيدر اشواقه، وهو عاجز عن اطفائها. هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر، أراد الكاتب أن يول: إنّ الحُب لا تحده حدود، ولا تقف في طريقه الرياح العاتية، مهما كانت قسوة وجبروت تلك الرياح؛ فالقلوب إذا أحبّت وتصافت لا تخشى جميع المحظورات، لأنّ لهيب الوجد أقوى منهما، وأكثر طغيانا. وقبل نهاية الفلم، يشعر البطل بذنبه، ويعترف بحطئه، فيلوم نفسه ويعود إلى زوجته، ويدرك إنّه بحاجة إليها بقدر مما هي بحاجة إليه، خصوصًا بعد أن أخبرته بأنها حامل، فأنتفض فيه عرق الأبوة. والنقطة الأخيرة المهمّة، أنّ الزوج لم يشك بصديقه طرفة عين، ولا بتلك العلاقة التي جرت بينه وبين زوجته، بل ولم يتهمها بشيء يخص اخلاصها له، أو ما يهدم سياج علاقتهما الزوجية، بمعول الجفاء. وينتهي الفلم برجوع المياه إلى مجاريها، فيعيشا الزوج والزوجة، بسعادة غامرة. الفلم من طولة أحمد مظهر، عمر الشريف، و شادية. قصة الكاتب جليل البنداري، واخراج صلاح أبو سيف.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ نجيب محفوظ
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ ماركيز
-
الجلبي.. هل قتله بيته؟!
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /كولن ولسون
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /سارتر
-
وللآن.. نحن مكبلين
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/البير كامو
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /كافكا
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ دوستويفسكي
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ فرويد
-
أخطر عشر كتّاب قرأت لهم(1)
-
رسائل إلى ن- ح (1)
-
السادرون.. يثيرون الأسئلة
-
من سجلات البتاويين
-
وجودية المعرّي: إنّ للإنسان قيمة عليا في ذاته وفي صيرورته
-
وعدنا نجتر ليالينا
-
لا أحد يتكهن !
-
مع دوستويفسكي في سجنه1/ 2
-
مع دوستويفسكي في سجنه2/ 2
-
أنتِ تبالغينَ في تماديكِ
المزيد.....
-
وفاة الممثل الأمريكي ريان أونيل عن عمر ناهز 83 عاما
-
تدمير مسجد عبد الكريم الشاعر في خان يونس جراء غارة إسرائيلية
...
-
-في ألسنة اللهب- يحرز جائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان البحر ا
...
-
نائب مندوب روسيا يفاجئ الحاضرين بالحديث باللغة العربية خلال
...
-
الفائز بنوبل للآداب يون فوسه: الكتابة يمكن أن تنقذ الأرواح
-
صاحب قصيدة -إذا توجب أن أموت-.. أصدقاؤه وزملاؤه: مقتل الكاتب
...
-
-اقتصادية قناة السويس-: استقبال 244 سفينة بالسخنة والأدبية
-
رفعت العرعير.. فلسطينيون ينعون الكاتب والشاعر الذي قُتل في غ
...
-
-الأستاذ- الفلسطيني يحصل على جائزتين في ختام مهرجان البحر ال
...
-
استشهاد الشاعر والمترجم الفلسطيني رفعت العرعير بقصف إسرائيلي
...
المزيد.....
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
-
سعيد وزبيدة . رواية
/ محمود شاهين
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
المزيد.....
|