طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 7466 - 2022 / 12 / 18 - 02:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
التحليل النفسي (الوجودي) واستشفاف بذور انسان ما بعد الرأسمالية!
كما ذكرت في الحلقة 39, نحن أحرار من الرحم، ومهما أردنا أن نعود إلى الوراء، فإن الرغبة ليست أكثر من خيال طفولي، سواء على المستوى الفردي أو البشرية جمعاء. انها ستكون عقيدة فاسدة بعرف الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر, وكذلك بعرف الطب والتحليل النفسي الوجودي, مثل ميدارد بوس كما اشرت في الحلقة 41. لأن تصبح بالغًا لا يعني بالضرورة التضحية بكل الروابط البشرية المهمة جدًا التي تجعل الحياة تستحق العيش، ولكن هذا يعني التشكيك في طبيعة هذه الروابط ورفض العودة إلى حالة ما يشبه الطفولة حيث يملي شخص آخر قيمنا لنا واتخاذ قراراتنا المهمة لنا.
الرغبة في العودة الى الرحم كانت المؤثر الاول لخلق الانسان جنتة المفقودة، فالجنة ما قبل طرد الإنسان منها كانت عبارة عن مكوث حالة الجنين في رحم امه، وعملية الطرد منها تعكس عملية الولادة: في الواقع اصبح الفرد انسانا بعد الطرد ودخوله فيها هو "من جديد!" سيعني انتهاءا لانسانيته وعودته الى احضان الطبيعة: ان الجنة او النار بحكم تكرار ما يحدث فيهما وانعدام التغيير هما اسمان آخران للموت. فالموتى السائرون في افلام الخيال العلمي هم زومبيات الرأسمالية كصنو لموت استعاري للانسان في احضان الرأسمالية الدافئة وبرعاية امها الحنون. والنظام الرأسمالي في القرن 21 في الواقع هو بمجمله نظام زومبيات.
We ve been told for years that the capitalist free market is a self-correcting perpetual growth machine in which sellers always find buyers, precluding any major crisis in the system. Then the credit crunch of August 2007 turned into the great crash of September–October 2008, leading one apologist for the system, Willem Buiter, to write of "the end of capitalism as we knew it."
As the crisis unfolded, the world witnessed the way in which the runaway speculation of the "shadow" banking system wreaked havoc on world markets, leaving real human devastation in its wake. Faced with the financial crisis, some economic commentators began to talk of "zombie banks"–financial institutions that were in an "undead state" and incapable of fulfilling any positive ---------function--------- but a threat to everything else. What they do not realize is that twenty-first century capitalism as a whole is a zombie system, seemingly dead when it comes to achieving human goals.
"لقد قيل لنا منذ سنوات أن السوق الرأسمالية الحرة هي آلة نمو دائم التصحيح الذاتي حيث يجد البائعون دائمًا مشترين، مما يحول دون حدوث أي أزمة كبيرة في النظام. ثم تحولت أزمة الائتمان في أغسطس 2007 إلى الانهيار الكبير في سبتمبر وأكتوبر 2008، مما دفع بأحد المدافعين عن النظام، ويليم بيوتر، إلى كتابة "نهاية الرأسمالية كما كنا نعرفها".
مع تطور الأزمة، شهد العالم الطريقة التي أدت بها المضاربة الجامحة لنظام "الظل" المصرفي إلى إحداث فوضى في الأسواق العالمية، مخلفة دمارًا بشريًا حقيقيًا في أعقابها. في مواجهة الأزمة المالية، بدأ بعض المعلقين الاقتصاديين يتحدثون عن "البنوك الزومبية" - المؤسسات المالية التي كانت في "حالة الموتى الأحياء" وغير قادرة على القيام بأي وظيفة إيجابية إلا أنها تشكل تهديدًا لكل شيء آخر. ما لا يدركونه هو أن رأسمالية القرن الحادي والعشرين ككل هي نظام زومبي، ويبدو أنه ميت عندما يتعلق الأمر بتحقيق الأهداف البشرية."
Zombie Capitalism: Global Crisis and the Relevance of
by Chris Harman
https://www.amazon.com/Zombie-Capitalism-Global-Crisis-Relevance/dp/1608461041
والكل يدخل في سباق ماراثوني كي يحتويهم رحم الام الحنون وتٌغدق عليهم دولاراتها التي ترفع نفسها الى مرتبة القداسة بعرف "في الله نثق"! ومن يملك الدولار, وليس الكتاب المقدس, مقدس, ومن لا يملكه مدنس. وهناك من يقول ان القداسة والدناسة وجهان لعملة واحدة: الطهارة!
والمرجعات الدينية او شيوخها عندنا (حيث ان تطبيق قانون من اين لك هذا, ان وجد, والضرائب عليهم, هو هرطقة تستحق الموت او العار والشنار والفنار في احسن تقدير) يملكون اموال قارون او اكثر ويستشمرون عوز الناس وفافتهم للتظاهر بانهم الاخيار ولأجل ابقاء الفاسدين في السلطة. من يسرقه الفاسدون قد يحصل على ما هو اكثر من شيوخ الدين ورجالاته. فعلام الثورة ضد الفقر والفساد يا ناس؟! ومدنيونا وليبراليوننا العتيدون يسببون فينا ما هو اكثر من القرف عندما يصدحون ليل نهار كالبلبل الفتان بما يسمونه "العدالة الاجتماعية!"- آمين يا رب العالمين! ومنطق هؤلاء هو منطق القراءة الخلدونية التي يجترون"مفاتنها" بحتمية أزلية توشي بحتمية الموت ان لم يكن برومانسية ساذجة او حتى مبتذلة.
ومن لا يزال, بالرغم من هذا, يمتلك بعضا من الغضب, فيمكنه التعبير عن غضبه في مسيرات مليونية تلعن القاتل في عهد اغبر, او انه يُرسل او يرسل نفسه في رحلة حج لرمي الشيطان ببضع احجار والعودة سالما مظفرا: لقد انتصرنا على الشيطان! والشيطان يضحك ويقهقه ويقول لنفسه "ولكني اسكن في دواخلكم وليس خوارجها, ولا تستطيعون محوي دون محي أنفسكم! لذا رميكم للحجارة بحقي ليس هو ايضا سوى عقيدة فاسدة." ونحن لا يراودنا الشك ان الشيطان يقول الحق, فهو من اذكى المخلوقات واكثرها ثقافة عبر كل العصور. فها هي كل الأديان, التوحيدية على الأقل, قد حاولت وسعت لآلاف السنين قتله او على الأقل اضعافه, ولكنه يقوى ويتعاظم اكثر كلما زاد عدد الاحجار التي تلقى عليه في مقره الرسمي او غير الرسمي. والبشر فشلوا فشلا ذريعا في قتل الشيطان. ولا ادري لماذا لا يعترفون بفشلهم الساحق هذا, وان كنت استطيع التكهن ببعض أسبابه!
ولكن الطامة الأكبر, لربما علينا ان نقول, انهم, بدل ان يقتلوا الشيطان, قتلوا الرب-على الأقل بعرف نيتشه, وبذلك قتلوا الأخلاق ايضا و عظمّوا من سطوة الشيطان, او نسخة منه قد لا يتفق هو مع محتواها.
اذا كان (الهوس في) جمع الأموال كمحصلة لفساد مالي-اداري-أخلاقي هو نتاج منطق فاسد يمليه علينا, عرضا, علم الأعداد, الا ان جمع الاموال هو أيضا تراجع نفسي الى المرحلة الشرجية في التطور النفسي للانسان: الذهب بعرف التحليل النفسي صنو للغائط.
-الشخصية الشرجية وعبادتها للرب والشيطان معا-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=309848#:~:text=%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%D8%AA%20%D8%A7%D9%86,%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8%20%D9%د84%D8%AE%D8%B4%D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%84.
و
-الشخصية الشرجية لدى ساسة العراق وعبادتهم للغائط-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=308605
والشخصية الشرجية عادةً كسولة او عاجزة فكريا وتعيش على ماتقتاته من اقوال واعراف الموتى, فهي كيان ميت اكثر منها حي. ولذلك تلجأ الى الدين, وخصوصا قشوره او طقوسه, بدلا من اعمال التمحيص والتفكير . اي انه انتصار للدين (او بالأحرى للديماغوغية فهنالك أيضا علماء فقه ولاهوت في كل الأديان) وانحسار للفلسفة ونهجها التشكيكي, وخصوصا رسل الشك الثلاث: ماركس, نيتشه, وفرويد!
The Hermeneutics of Suspicion: Recovering Marx, Nietzsche, and Freud
https://www.researchgate.net/publication/228250018_The_Hermeneutics_of_Suspicion_Recovering_Marx_Nietzsche_and_Freud
فحتى من يدعون اعتناقهم للماركسية (او اختزالها الشعاراتي الحالى الى مدنية الذي لا افهمه ولكن الراسخين في العلم بالطبع سيفهمونه او يتظاهرون على الأقل بذلك!) يتعاملون معها كدين, بدلا من كونها فلسفة, فيقضون بذلك على هدفها ألأول وألأخير, الا وهو التغيير. وبذلك تختفي الفروق الفكرية بين الدين والماركسية في عراقنا ألآن. وهذا له نتائج اخلاقية مريعة لأنه يقدس الموروث ويقمع الحريات الشخصية وينفي المسؤولية الفردية, وبالتالي يعني المساهمة في انتشار الشخصية الشرجية وصفاتها كالجشع والفساد وحتى ألأرهاب .وهذا يعني ايضا ان كل الدعوات بخصوص -ألأصلاح وانعتاق وتحرير الأنسان- هي صفر على الشمال ولن تصبح صفرا على اليمين بدون اطلاق حرية الجسد والغاء قمعه.
ان الشخصية الشرجية هي الشخصية بامتياز التي ينطبق عليها قول برتراند رسل
- تفضل الموت على التفكير-
واني اشرت في الحلقة 40 الى رفض اتحاد الكتاب في العراق بألأحتفاء بالشاعر الراحل سعدي يوسف للأبقاء على الثوابت وعدم المس فيها: Wow مربع للجدعان-رقصّني يا ولد! كما يقول اخواننا المصريون: طم طم طم! والمسكين هيغل بح صوته من الكلام عن ان شرط التطور هو وجود الاطروحة النقيضة وكتابه "علم المنطق" من اعظم كتب الفلسفة والمنطق على الأطلاق, الذي شرحه ولخصه لينين
Vladimir Ilyich Lenin
Conspectus of Hegel’s book
The Science of Logic
https://www.marxists.org/archive/lenin/works/1914/cons-logic/index.htm
واكبر مؤرخ للعلم في عصرنا الحديث, بول فايرآبند, يقول:
Science is an essentially anarchist enterprise: theoretical anarchism is more humanitarian and more likely to encourage progress than its law-and-order alternatives....There is no idea, however ancient and absurd, that is not capable of improving our knowledge. The whole history of thought is absorbed into science and is used for improving every single theory.
Die Übersetzung ist zu lang und kann deshalb nicht gespeichert werden
"العلم هو في الأساس مشروع أناركي-فوضوي: اللاسلطوية النظرية هي أكثر إنسانية وأكثر احتمالا لتشجيع التقدم من بدائل القانون والنظام .... لا توجد فكرة، مهما كانت قديمة أو سخيفة، غير قادرة على تحسين معرفتنا. يتم استيعاب تاريخ الفكر بأكمله في العلم ويستخدم لتحسين كل نظرية على حدة."
Paul Feyerabend (1975)
Against Method
Outline of an anarchistic theory of knowledge
https://www.marxists.org/reference/subject/philosophy/works/ge/feyerabe.htm
فاذا كان الاتحاد معاديا للعلم, والعياذ بالله, فهل تصبح الطامة طامتين بمعاداته للمنطق أيضا؟
وهل تساءلت يومًا عن مدى ثراء الكنيسة حقًا؟ يقدم لنا الكاتب والفيلسوف أفرو مانهاتن في كتابه "مليارات الفاتيكان" لمحة عن القيمة المالية الحقيقية للكنيسة الكاثوليكية:
"لدى الفاتيكان استثمارات كبيرة مع عائلة روتشيلد البريطانية وفرنسا وأمريكا، وبنك هامبروس، وبنك كريدي سويس في لندن وزيورخ. في الولايات المتحدة، لديها استثمارات كبيرة مع بنك مورغان، وبنك تشيس مانهاتن، والبنك الوطني الأول في نيويورك ، وشركة Bankers Trust ، وغيرها.
تمتلك الفاتيكان مليارات الأسهم في أقوى الشركات الدولية مثل Gulf Oil، و Shell، و General Motors، و Bethlehem Steel ، و General Electric ، و International Business Machines ، و T.W.A ، وما إلى ذلك."
The Vatican Billions Paperback
by Avro Manhattan (Author)
https://www.amazon.com/gp/product/0937958166/ref=as_li_qf_sp_asin_il_tl?ie=UTF8&camp=1789&creative=9325&creativeASIN=0937958166&linkCode=as2&tag=humarefre-20&linkId=X4MQASE3MALLDM3W
وكذلك
“The Vatican’s treasure of solid gold has been estimated by the United Nations World Magazine to amount to several billion dollars. A large bulk of this is stored in gold ingots with the U.S. Federal Reserve Bank, while banks in England and Switzerland hold the rest.
"قدرت مجلة الأمم المتحدة العالمية كنوز الفاتيكان من الذهب الخالص بعدة مليارات من الدولارات. يتم تخزين جزء كبير من هذا في سبائك الذهب لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بينما تحتفظ البنوك في إنجلترا وسويسرا بالباقي"
The Catholic Church is the Biggest Financial Power on Earth
https://www.zubeidajaffer.co.za/the-catholic-church-is-the-biggest-financial-power-on-earth/
ولكن هل يمكن للأدبيات الناقدة للطب النفسي أن تساعدنا في تخيل مستقبل ما بعد الرأسمالية؟
يمكن السعي الى الاجابة على هذا السؤال من خلال استشفاف بذور انسان ما بعد الرأسمالية التي يمكن العثور عليها في كتابات الطبيب النفسي الأيطالي الراحل ورائد ما يسمى "طب النفس الديموقراطي", Franco Basaglia
Franco Basaglia: a revolutionary reformer ignored in Anglophone psychiatry
https://www.thelancet.com/journals/lanpsy/article/PIIS2215-0366(18)30426-7/fulltext#section-7c530872-6235-4433-899c-b3f276970189
والطبيب والمحلل النفسي الوجودي البريطاني الراحل RD Laing.
The psychiatrist who wanted to make madness normal
https://www.bbc.com/news/uk-scotland-38816660
وهذا هو ما سأسعى الى معالجته في الحلقة القادمة!
يتبع
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
