اقتحام كنيسة الأنبا تكلا هيمانوت بالشرقية

مجدي جورج

الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 11:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الأسباب والتداعيات
كنت قد كتبت منذ أكثر من عام تقريبا مقالة بعنوان "الإرهاب الشعبي والمؤسساتي في الدولة المصرية " وقد تم نشرها في بعض المواقع القبطية وفى جريدة القدس العربي وكانت تلك المقالة ردا على مقالة للأستاذ زهير اندراوس مراسل القدس العربي في إسرائيل حول معاناة الفلسطينيين الواقعين بين مطرقة الحكومة الإسرائيلية وبين سندان التطرف الشعبي الاسرائيليى ولقد كتبت في مقالتي وعددت الكثير من المشاهد الدالة على معاناة الأقباط الواقعين بين مطرقة حكومتنا التي أصبحت أكثر تطرفا من الحكومة الاسرائلية وبين سندان الشعب المصري الذي فاق تطرفه كل حد .
فقوى التطرف المصرية التي كانت محصورة في السابق في فئات معينة وفى أماكن محددة حيث كانت في السابق مقتصرة على بعض شباب الجماعات الإسلامية المتواجدون في الجماعات المصرية والمتمركزة أساسا في الصعيد نجد الآن إن قوى التطرف انتشرت وتمددت وأصابت كافة فئات المجتمع فأصبح الإرهاب في مصر إرهاب شعبي بمعنى الكلمة وانتقل التطرف من الجماعات المغلقة ومن الصعيد فأصابت كل مكان في مصر حتى أنها أصابت أماكن كنا نظن أنها محصنة ضد التطرف كمدينة الإسكندرية التي كانت رمز للتعددية الثقافية ( لاختلاط المصريين بالأجانب) والدينية(لاختلاط المسيحيين والمسلمين واليهود حتى عهود قريبة فيها ) ولان هذه المدينة من مدن الساحل المفروض أنها من السهل إن تتأثر بالحضارات والثقافات الأخرى.
ومنذ إن كتبت مقالتي السابقة تلك اى منذ عام وأنا أجد إن حال مصر وأقباط مصر ينتقل من سئ إلى أسوأ وأصبحت الحوادث الطائفية تجرى بصورة شبه يومية فهي مثل كرة اللهب المتنقلة فما إن تنطفئ في جهة حتى تشتعل في جهات أخرى ولن اعدد لكم كم هذه الحوادث خلال العام المنصرف ولكنى سأكتب لكم عن بعضها خلال العشرة أيام الأخيرة مما وصل إلى سمعي ومما وعته الذاكرة :
*اختطاف الأختين مارجريت وناريمان يوسف ذكى سليمان من القاهرة.
* محاولة اختطاف قس انجيلى .
* استشهاد ممدوح حنا النمر في المنيا على ايدى قوى التطرف .
* اختطاف الفتاة هايدى جمال من الإسكندرية .
* الاعتداء على صاحب مغلق خشب وصديقه بالسيوف والسكاكين في ملوي المنيا .
* اختطاف قاصرتان من المحلة الكبرى وهروب أحداهما وإشهار اسلام الأخرى بالقوة .
* اختطاف فتاة واعتصام الآلاف بدير سمعان الخراز واعتقال أهلها .
* اقتحام أكثر من مائة متطرف لكنيسة الأنبا تكلا هيمانوت بالشرقية .
هذا قليل من كثير جدا استطعت أتذكره من الحوادث التي أصابت الأقباط في عشرة أيام فقط والتي تبين مدى تغلغل التطرف وقوته في كل مكان بمؤازرة وتشجيع العديد من الجهات الحكومية .
إن سكوت الدولة وأجهزتها سابقا عن هذه الحوادث وعدم دفاعها عن الأقباط فيما سبق هو الذي شجع هؤلاء المتطرفين الآن على القيام باقتحام كنيسة الأنبا تكلا بالشرقية والخطورة في الأمر إن :
- اقتحام الكنيسة تم بإعداد كثيفة من المتطرفين .
- - إن الاقتحام تم في منتصف النهار .
- إن الكنيسة المقتحمة لا تقع في قرية نائية أو في الصحراء بل تقع في قلب مدينة كبيرة .
- أنهم اقتحموا الكنيسة وبيدهم شاب قبطي مختطف أو مغرر به ليحتفلوا بإعلان إسلامه في الكنيسة .
فقولوا لي بالله عليكم كيف تمكن كل هؤلاء المتطرفين مع كل الظروف السابقة إن يقتحموا هذه الكنيسة إلا إذا كانت هناك مباركة من بعض الجهات في مدينة الزقازيق ؟
في حادثة الزقازيق العنصرية تلك هناك أكثر من علامة استفهام وهناك أكثر من رسالة أوجهها إلى كل من :
1 شعب كنيسة الأنبا تكلا في كفر الصيادين بالزقازيق حيث لي عتب شديد عندهم فأين كان هذا الشعب إثناء عملية الاقتحام ؟ ولماذا لم يفعلوا مثل أقباط الإسكندرية ويدافعوا عن الكنيسة بأرواحهم؟ فإذا كانوا اليوم اقتحموا كنيستكم فلا تستغربوا قيامهم باقتحام بيوتكم وسبوا نسائكم واتخذوهم جواري في الغد, واعلموا إن الحقوق لا توهب بل تنتزع بكل الوسائل .
2 أباء الكنيسة الذين رفضوا مجرد التحدث عن هذه الجريمة النكراء والذين تناسوا إن معلمهم وسيدهم يسوع المسيح رغم كل محبته ووداعته لم يغضب ويمسك بالسوط إلا عند اعتداء الباعة والصيارفة على هيكل الرب فقام بضربهم بالسوط وطردهم من الهيكل قائلا "بيتي بيت الصلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة لصوص" فأين هو غضبكم على اقتحام كنيستكم ؟ لم نقل لكم امسكوا الأسلحة لتدافعوا عن كنيستكم بل نقول لكم استخدموا سلاح الكلمة التي وهبها لكم الروح القدس .
3 أبينا أسقف الشرقية ومنيا القمح أقول له أين أنت مما حدث لم نسمع لك لا صوت ولا خبر للان ؟
أين أنت مما يحدث لرعيتك في الزقازيق ؟ أأقول لنيافتكم تمثل بالأنبا مرقص أسقف شبرا الخيمة أو الانيا ويصا أسقف البلينا وغيرهم من الأساقفة الذين لا يتركون رعيتهم هكذا في العراء دون سند .
4 بعض المواقع القبطية ونشطاء الأقباط في المهجر والداخل الذين خبي صوتهم واختفى تماما بعد هذه الحادثة فقد أحسست (وأتمنى إن يكون احساسى كاذب) إن هناك بعض المواقع وبعض نشطاء الأقباط اختفوا وغابوا منذ فترة عن متابعة معاناة الأقباط في مصر وياترى السبب في ذلك هو :
- إن ممارسات المتطرفين الشبه يومية قد أوصلتهم لحالة من الرتابة والتعود على هذه الإحداث بحيث لم تعد تثير حميتهم وخوفهم على إخوتهم في الداخل وبذلك يكون هؤلاء المتطرفون قد نجحوا في خطتهم في تعويدنا على قبول حرب الاستنزاف اليومية المستمرة انتظارا للحرب الدموية الكبرى التي سيشنوها ضدنا طالما الأوضاع مستمرة في التدهور هكذا .
_ إن امن الدولة نجح في إسكات هذه الأصوات بكل الطرق الممكنة سواء بالترغيب أو الترهيب ؟
_ ام إن بعض الجهات في الدولة قد نجحت في خداع بعض هؤلاء بشراء سكوتهم في مقابل وعود بتحسين أوضاع الأقباط في المستقبل بعد استقرار الأوضاع لهذه الجهات .
إن اقتحام هؤلاء المتطرفين للكنيسة في الزقازيق يجب إلا يمر مرور الكرام ويجب إن يعزل فيها كل القيادات الأمنية في الشرقية وان يقال فيها وزير الداخلية .
إن سبب هذه الحادثة هو ترك الدولة بل ورعايتها ومزايدتها على المتطرفين حتى أنهم خرجوا من جحورهم المظلمة كي ينشروا الظلام والجهل والخراب في كل مكان وطالما استمر الحال هكذا دون رادع ودون تفعيل اى قوانين تكفل حماية الأقباط وممتلكاتهم وكنائسهم فقل على مصر السلامة .

#مجدي_جورج (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات