أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - الثيوديسيا الأرضية وإشكالية الشر في رواية حصى الشاطئ














المزيد.....

الثيوديسيا الأرضية وإشكالية الشر في رواية حصى الشاطئ


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 7448 - 2022 / 11 / 30 - 18:33
المحور: الادب والفن
    


تهدف الرواية الأخلاقية الى تطبيق الإصلاح الاجتماعي مرتكزة على البعد الأخلاقي والامثولات الوعظية اللافتة، وتلقي حبكتها باللوم على الشخصية الخاطئة والقصاص منها كما فعل بطل رواية اللص والكلاب لنجيب محفوظ حينما انتقم من أعدائه وسرق الأغنياء باعتباره حقاً مشروعاً.
في رواية حصى الشاطئ لابتسام الطاهر، يرصد السارد "المحامي" جوهر أحداث الروية وفكرة معاقبة كل من يقوم بالتحريض على الإرهاب الفكري والقتل بالتخلص منه جسدياً، وبالتالي لا ينبغي لنا إدانة من يرتكب جريمة قتل لمجرم يسبب خراباً للمجتمع، وهذا ما وجدته "هدى" في شخصية منصور عبد الإله المرصودة جيداً في المتن الروائي، والذي لم يكن مجرماً عادياً، بل شخصاً مخادعاً مسؤولاً عن بث الفتنة وإثارة الأحقاد وتسهيل عمليات نقل الأسلحة ونشر الأفكار الهدّامة.
الرواية كما هو واضح، ذات طابع أخلاقي ونبرة وعظية، تكون فيها الشخصية الرئيسية في حالة صراع ومفارقات فكرية تدور في داخلها مثل العدالة والظلم، الصواب والخطأ، الزيف والحقيقة، وأن ما قامت به من قصاص للشر هو تحقيق لتلك العدالة بدافع "انساني" ووطني وتطبيقاً لمبدأ تطهير الحياة من الشرور.. لكني أظن حادثة القتل كانت مجرد وهم وأمنية بل حلماً لهدى جراء شخصيتها الرقيقة نظراً لما تركه منصور في داخلها من انطباع معقول من الاحترام والمودة والاعجاب، وبالتالي جاء شعورها بالذنب وعذاب الضمير نتيجة عملية قتله حتى وإن كان بالخيال.
وكما نعلم أنه (ليس أظلم من القاتل الاّ من يبرر القتل)، غير أن المفارقة التي لم تغفلها المؤلفة هي أنها عالجت الجريمة بمثلها، حين تعاملت مع المجرم بنفس أسلوبه في سبيل القضاء على الشر ومن باب تطهير الحياة والاقتصاص من المجرمين الخفيين، ولم تعط مجالاً الى القانون لكشف جريمته وفضحه، ظناً أنها بقتل القاتل تطبّق العدالة على الأرض مما خلق نهاية مأساوية غير متوقعة لها لتكون ضحية قتيلها.
يأتي هذا التطرف القائم على التعامل مع الجريمة بمثلها، بسبب براعة المجرم القتيل في إخفاء أفعاله المشينة ولضعف سطوة القانون، مع ذلك فلا يمكن أن ينسحب رأي المؤلفة، بلسان الشخصية الرئيسية وموقفها، على المحامي "رجل القانون" الذي يبرر جريمة القتل قائلاً بانها، "أكثر سمواً - صفحة 150"، وأن فيها "تضحية وتعالِ"، ويطلب من المجتمع أن يشكر القاتلة على فعلتها ولا يدينها لأن ما عملته هو من أجل الصالح العام.
وفي ظل هذا السياق الآنف الذكر يمكن لنا أن نتساءل، هل أن توصيف الرواية بكونها موعظة يقلل من قيمتها، أليست كل موعظة هي خلاصة تجربة في سياق الاعتبار والاسترشاد؟

الحوار والسرد
تخلو الرواية من التبويب والفصول وترتكن أساساً على الحوار باعتباره إحدى تقنيات البناء الروائي إضافة الى السرد بكل أنواعه، وتتجلى وظيفة الحوار في إثراء النص وتوضيحه وتعميق وتطوير الخط الدرامي ونموه، ورغم تثبيت قواعد ومكونات فنية متعارف عليها للحوار الناجح، كالإيحاء والتقليل من المفردات الروتينية المتكررة مع ضرورة الإيجاز والابتسار، بيد انه لا يمكن لهذه القواعد المسّطرة أن تقيّد الكاتب وطريقته في الكتابة، ومع ذلك، كان الحوار التناوبي في الرواية، مطولّاً واسترجاعياً ليتحول في النهاية الى مشهد مسرحي حواري جعل كف الرواية يميل نحو المسرحة، غير أن المؤلفة نجحت في جعله وسيلة لرسم الشخصيات والكشف عن الواقع النفسي لشخصيتي الرواية ومعرفة مغزاها لإثارة فضول القارئ وتشويقه.. ويحق لنا أن نسأل، هل يجوز أن تكون الرواية كلها حواراً، وهل سيستقيم المعمار الروائي به على هذا النحو أو سيكون مضعضعاً أم داعماً له، وهل وظّفته المؤلفة مع رؤاها وروايتها ومنحته دوراً بنائياً بطاقة فنية؟

اللغة
هيمنت على الحوار والسرد لغة يومية مبسّطة لا تميل الى التعقيد، تتناسب مع جوهر الحدث وتتوافق مع روحه، فكانت بعيدة عن الترميز بسبب أن الأحداث لا تحتمل غير ذلك، ووظفت المؤلفة كذلك وصف لغة الجسد كمكمّل جيد للغة الحوار المكتوب، واعتمدت على اللغة الفصحى مع بعض المفردات العامية بشكل ينسجم مع سياق الجملة وضرورتها الدرامية.

بيئة الرواية وفضاء السرد
لم تفصح المؤلفة عن مكان الأحداث التي دارت بها روايتها بالاسم، لكن وجود دلالات تكفي للإيحاء بأن هذا البلد هو العراق (عدنا الى عصور ما قبل الكهرباء، الشوارع مخرّبة، إشارات عاطلة، الماء مقطوع، لا ماء ساخن، عباءة، أصوات انفجارات).. ومع ذلك توجد بعض الصفحات (من 33-36) ، وتنطوي على أزمنة متلاحقة ومتشابكة، تشير الى أماكن أخرى كسوريا ولندن، ومن الجائز أن ذلك كان متعمداً للإشارة الى أن ما حدث ربما يكون حاصلاً في بلدان أخرى أيضاً بالشكل نفسه، لان ما يلاحظ من العلاقة العاطفية بين المحامي وهدى من ملامسة وضم وعناق تجري في العلن وأن النزهة تكون في الغالب علنية على شاطئ النهر، وهذا دلالة على ان الاحداث تجري خارج بلد كالعراق.. أما عن زمن الرواية فيبدو انه يدور في فلك الحاضر والراهن مع بعض التداعيات من خزين الذاكرة.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلك هي الأيام
- تباريح مياه متيبسة
- تباريح مياه متيبسة
- رواية -رجال ما بعد منتصف الليل- وعالم المدينة الداخلي
- ألوان في سماء قاتمة.. قراءة في رواية - أجنحة في سماء بعيدة-
- زيارة الى أبي لهب
- فوق (العاقول) مشّاني زماني... (على ضوء حوار الاستاذ سعدون مح ...
- مسرّة صغيرة
- رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار
- رقصة الصيادين
- يا لون الرحيل !
- ثرثرة في ساونا
- من أدب الرحلات.. الصين
- ني هاو تشاينا
- عالم سائل
- الحصير والهجير
- هجير وهجران
- دومينو عراقية
- نار (هلي) ولا جنتك
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي


المزيد.....




- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - الثيوديسيا الأرضية وإشكالية الشر في رواية حصى الشاطئ