أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - نار (هلي) ولا جنتك














المزيد.....

نار (هلي) ولا جنتك


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 5391 - 2017 / 1 / 3 - 16:30
المحور: كتابات ساخرة
    


صخب وجلبة في الخارج أيقظاني من إغفاة هانئة في مُقامي..سمعت مساعدي يخاطبني بصوت وجِلٍ:
- يا كبير الجناحين، نحن بحاجة لعونك، الأمر خطير، يحدث لأول مرّة
نهضت نافضاً جناحيَ..ما الذي يجري في الجنان الخالدة؟ أيعقل أن تحدث مشاكل في المستقر المقدس؟ ..لأستطلع الأمر وأعالجه.
لدهشتي المعظّمة، علمت أن حشداً من الخالدين القادمين من بقعة أرضية، قدّر لها أن تكون ملتهبة على الدوام، تجمعوا محتجين متظاهرين في الساحة الجنانية الرئيسية.
راجعت المرسوم الاستثنائي المتعلق بأولئك الأرضيين، والذي سمح لهم بدخول أدنى درجات الجنان الخالدة: " يدخل هؤلاء جناننا بما أنهم قضوا معظم محكومية ذنوبهم في حياتهم الزائلة..."
علام يحتج هؤلاء وهم من ينعم براحة ابدية وبخيرات جنانية متاحة كحور عين وغلمان ورجال جرد مرد بيض مكحلّون؟ وشهدائهم، كلهم ينعمون بنهر البيدخ حيث يغمسون فيه فيخرجون منه كالقمر ليلة البدر وقد ذهب عنهم ما وجدوه من أذى الدنيا، لماذا يحتجون ويتظاهرون كما كانوا في الأرض؟
على مدى البصر، ألمح جمهرة غفيرة بملابس بيضاء طاهرة، يمزقونها احتجاجاً، يحرّضون آخرين ويجمعون بصمات أصابعهم على أوراق شجر هاتفين:
- (شهدو يا مظلومين ويّانه، ماكو عدالة حتى هنانه)
ما هذه الجرأة؟ كيف ينتقدون عدالتنا الكونية؟
طلبت من ممثليهم أن ينتظموا في طابور ويقدموا لنا شكاويهم ومطالبهم، وأنا أعجب، هل لمن في هذا النعيم شكاوي ومطالب؟
- سيدي كبير الجناحين، أنا مناضل أرضي، لا أستطيع أن أحيا بدون نضال، لماذا لا توفروا لنا هنا عدواً أو صراعاً نناضل وفق معطياته؟ كما ترى، حشدت هؤلاء الناس في مظاهرة سلمية، وأنى يتسنى لها أن تكون غير ذلك ولا توجد هنا أسلحة ولا عنف؟
- اختصر، ما هي مطاليبكم؟
- سيدي، نطالب بايداع كل سياسيينا وحكامنا الظالمين في النار الأزلية، كيف يعيش هؤلاء بيننا وهم من أذاقنا طعم الحروب والعذاب والموت؟ كيف تسمح عدالتكم بذلك؟
شرحت له كيف ان دستورنا، حين اعتبر مسح ذنوب سكان بقعتهم الأرضية التي قدرّنا لها العذاب الدنيوي ميزة يتمتع بها الجميع، لم يستثن أحداً.
غير انه طالب بتغيير الدستور الجناني، والتفت نحو الجموع ملوحاً بيده قارعاً الأرض برجله قرعاً إيقاعياً:
- (لا دستور لا أحكام شرعية، حتى هنا سبقونا الحرامية)
تقدم رجل آخر من الطابور قائلاً بحماس لا يضاهى:
- سيدي، يخيّل لي بأن عدالتكم المقدسة لا ترضى بالظلم، فكيف لا يتوفر لدينا هنا انترنيت ولا وسائل اتصالات كما اعتدنا في حياتنا السابقة؟ كم كانت الحياة لذيذة بالفيسبوك والموبايلات!! مللنا من الفراغ والهدوء:
- (ماراح نسكت بعد اليوم، ملّينا من كثر النوم).
- (انترنيت انترنيت، ملّينا گعدة البيت)
بدأ ريش جناحي بالتحرك لاإرادياً وتسارع نبض غضب محرّم فيّ، تماسكت على نحو ما لزوماً لمركز وقدسية.
عرّف آخر نفسه بأنه كاتب فی الأرض، طالب بكومبيوتر يسطّر عليه خواطره ومقالاته، أو بأوراق وأقلام وكتب للمطالعة.
تقدم شخص آخر مطالباً بتنويع وبتغيير وبكسر للروتين، زاعماً أنه سئم من رؤية المنظر نفسه، من تناول الطعام عينه، صار لا يطيق القطوف المتدلية من ثمار تين وأعناب ورمان، ويحنّ الى (الباچة) والسمك المسكوف ..اقترب منّي هامساً غامزاً، داعياً أيضاً الى توفير حوريات أكثر إثارة غير متلفعات بتُقى وورع بل بأثواب تشبه ما كانت ترتديه أناث أرضيات..أنهى كلامه ضاحكاً ومضى ليأت دور آخر مطالباً بعرق مسكّر كالخمر الأرضي، ينسيه رتابة الحياة الجنانية، وأشار الى ملذات أخرى غير متوفرة بل ومحرمّة..علمت كذلك أن ثمة نفوس أخرى تضمر خيانة لنعمنا، تفكّر بتخطيط انقلابي للسيطرة على جناننا الخالدة وإسقاطنا بل بقتلنا وسحلنا جميعاً من أجنحتنا.
صار ريشي المقدس يتحرك بشكل مضطرب سريع، أحسست بحرارة جذوره وتلونه بلون أحمر متقد مع تفاقم لغط الغوغاء وعلا..رؤيتهم العذوبة عذاباً شككتني بحكمتي المقدسة، أتراهم عصيين على المعجزة والتطهير؟ ما الحل؟ هل نرسل مشاكسيهم الى جحيمنا الخالد؟..يقيناً سيثيرون المشاكل هناك.
بات الأمر لازباً إذاً أن أنفخ نفخة قوية، تطير بهؤلاء البشر الجاحدين الى ديارهم الأصلية، ليلبثوا في عذاباتها الأرضية خالدين، وأنا على دراية انني بذلك أخالف ما نصّ عليه دستورنا المبجّل وما سنته قوانينا السمحة وما أملته علينا الإرادة الجنانية السامية.
سأتحمل عاقبة فعلي هذا لكوني على يقين بأنه لا مكان آخر يصلح لبعض هؤلاء غير أرضهم، لأن "عذابها كان غراماً" لهم.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي
- فصل فيسي
- (خبال) علمي 2
- أنا صنعتكِ من خيالي
- قمامة وعمامة
- يوم همست المدن بكامرة قاسم عبد
- البيئة المحلية في الرواية.. زخرفة أم وظيفة عضوية؟.. رواية - ...
- الخالقون
- مش عيب يا محمد !
- (عشاء مع صدام)........مزاوجة بين السياسة والاستخفاف
- تلويحة وفاء
- -غودو- الهزلي ، رؤية إخراجية جديدة
- الى من يهمه العمر
- على معبر بْزيبيز
- العراق الى أين؟ الحلقات الدراسية للجنة تنسيق التيار الديمقرا ...
- رواية -أنا ونامق سبنسر- أرشفة ذاكرة ومشتقات حياة
- -تكفير ذبيح الله- رواشم سردية على قرابين بشرية
- نضوب
- يوم عادي
- حصار الرصد الواقعي فيما سرده لنا الجبل


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - نار (هلي) ولا جنتك