أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - يوم عادي














المزيد.....

يوم عادي


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4680 - 2015 / 1 / 2 - 03:28
المحور: الادب والفن
    


يدفعون بي نحو سيارة من سيارتين يركبونها مع شتائمهم، وأنا في الخط الفاصل بين خيال فج وواقع أُجاج، بين كابوس كؤود ويقظة مرة، لا أكاد أتلمس فاصلاً جليّاً بين هذا وذاك..أكرّر القول لنفسي بأن ذلك أمر لا يمكن أن يحدث لي ولا ينبغي أن يحدث لأي شخص آخر..أسمعه وهو يأنّ باكياً شاكياً داعياً لي بزوال النعمة والعافية، ويتركونني هم وحدي ليتباحثوا بينهم آخذين مني مفاتيح سيارتي، أعلمهم عن هويتي وبأني كاتب ورجل قلم وفكر وكلمات:
- كتبك أمسح بيها قندرتي، يعني المثقفين مثل جنابك لازم يستهترون بحياة الناس؟
أكفّ عن شج أوتار صوتي غير مصدق لما يحدث، لا أزال في آخر أرماق إرتجافاتي وأطوار غضبي بعدما صرخت عليهم وبهم مذعوراً مستنكراً قبل برهة..أحاول الهدوء واللحاق بأسئلة تنثال على رأسي بتشوش ولا تكاد تكتمل..لماذ؟؟..ماذا يجري؟..لم يخطر في بالي وأنا أتجه بسيارتي نحو الجسر أن أدهس بشراً، أدهس!..بل هو من "دهسني"، يدعّي ذلك بالتأكيد، يستوقف سيارتي مولولاً نائحاً، لتلحقه في الحال سيارتان عسكريتان، يتعاطف من يستقلها من عسكرين مع " المجني عليه" مهددين بأسلحتهم:
- قف أخ الـ....إنزل، إنزل لا نفرغ هاي الرشاشة براسك
لم أؤذِ نملة طوال حياتي، فكيف يتسنى لي الهروب بعد أن أدوس على إنسان بدم ولحم ومشاعر وآمال وأحلام، كما وأني لا أعرف من أين خرج لي ذلك الذي يزعم أني ضربته بسيارتي وتركته ينزف، وهل هذا الجرج القديم الذي يستعرضه مستعطفاً أنا سببه؟
يتقدم نحوي الرجال العسكريون، تنضح قسمات لهم بمكر واضح رغم تظاهرهم بهيئات جادة:
- خمس ملايين لو الاعتقال، شتريد؟
ينشف جسمي من دماء تغذيّه متحولّة الى بنزين ينسكب على نار غضبي، غضب متراكم ومحتشد ومتألب ومتكدس، ينتظر منذ زمن ساعة مثل هذه ليفجّر براكينه..أصرخ مبيّناً لهم مكيدتهم ومسرحيتهم وحيلهم وطرق ابتزازهم للمواطنين من أجل سلب المال..أؤكد لهم بصوت الحق العالي برائتي وإفلاسي وخلو محفظتي من النقود وحياة كفاف وزهد أعيشها دون أرصدة ولا ذهب ولا مال فائض ولا قريب ثري ولا هم يفرحون..ينطلق صوتي راعداً، تموج أنفاسي في صدري كبحر هائج، أؤكد صارخاً بأنني على حق ويقين من بطلان التهمة..يتجمع بعض المارّة ، يجرؤ أحدهم على الإقتراب مني موشوشاً:
- قل، فوّضت أمري الى اللـه، تجفّى الشر عمّي، ذولة مسنودين
يهمس آخر:
- تجادل مكبسلين؟.. يرفع صوتهم، "خطية هذا رجّال جبير، سامحوه وليداتي"، ويرجع لي هامساً ناصحاً بأن لا أعطيهم اسمي وعنواني لأنها قد تتحول الى قضية فصل عشائري و" أزوع" بعد ذلك الملايين مجبراً.
أصرّ على برائتي مجادلاً وحانقاً وشاكياً من طرق إذلال يقوم بها حماة أمن مهمتهم حماية المواطن وحفظ أمنه..أنفض لهم جيوبي، أخلع سترتي، أرميها على الأرض، أطلق صيحات قهر غريبة عني قافزاً في الهواء بين الفينة والأخرى وكأنني مجنون..يصيب العسكرين وصاحبهم النصّاب وجوم مفاجئ..ينتهز سائقو سيارات عابرة سنوح فرصة هدوء، يخرجون رؤوسهم من نوافذ اسياراتهم داعين للتراضي:
- صلّوا على النبي ياجماعة، اتهدو بالرحمان، مايصير الّا الخير
يرمي عليّ أحدهم مفاتيح سيارتي وينسحب..ينسحب خلفه الآخرون راجعين الى سيارتيهم، وحينما ينطلقون بسرعة، يخلّفون ورائهم غباراً كثيفاً.

فيحاء السامرائي
(الى الاستاذ الكاتب جواد كاظم غلوم وماحدث له)



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصار الرصد الواقعي فيما سرده لنا الجبل
- رثاثة
- على الأرض السلام
- هنا خازر (من أوراق نازحة)
- عائلة الياسمين والمسرح
- - خبال - علمي
- إمرأة للدهشة
- كراسي في استراحة
- أحزان الدم
- شيء من ذلك
- هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟
- (حمار وثلاث جمهوريات) من يروي ومن يرى؟*
- تفاحة الذاكرة
- فصل
- 1979
- جهشات الفراشات
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير


المزيد.....




- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - يوم عادي