أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - رثاثة














المزيد.....

رثاثة


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4541 - 2014 / 8 / 12 - 03:07
المحور: كتابات ساخرة
    


لا يستحق الأمر مجهوداً شاقاً، أعلّق سلسلة تنتهي بصليب وأمررّ أصابعي على كتفيّ وجبهتي قبل البدء بالصلاة..سأفعلها حتماً، وليذهب هذا البلد الى جحيم أشدّ ضراماً مع هذه المخلوقات..وجوه كليلة واهنة، تشمئز نفسي حين ألمح كيف يمشي هذا بدشداشة قذرة ومحيّا أكثر قذارة باصقاً بين الفينة والأخرى أمامه..وذاك، يتكلم بكلمات بذيئة مؤشراً بيده الى ما تحت حزامه، وآخر يضحك رغم كل معاناة ناطقة ووساخة تبدأ من رأسه حتى كعبي قدمين وسختين متفطرتين يخجل منها نعاله.. كل شيء حولي خرِب وخراب وخرائب، شوارع مخرّبة بمجاري طافحة وروائح كريهة، بيوت عشوائية يتبول ويتسول أمامها أطفال ويجري بعضهم نحو سائقي سيارات عارضين بتوسل بضاعة رخيصة..نسوة متلفحات بسواد، يجلسن تحت حرارة شمس تذيب رأس حمار صبور، يبعن أدوية فاسدة أو مناديل ورقية..ضجيج مركبات عتيقة تمشي بقدرة صانع ومصلّح سيارات ماهر..عتاقة، قِدم، بلد تعبان محتضر..أجواء متربة مغبرّة، درجة حرارة 44 مئوية، يقول مذيع الأنواء الجوية مبتسماً، أنها لطيفة ومعتدلة..أخطار، مفخخات، انفجارات، عصابات، خطف، قتل، سرقات، قلق، بطالة، حرمان، تهديدات، فساد شامل وكامل في كل شيء..أماكن ونفوس في حالة تخلف مطرد ومزمن لاينتج سوى أياماً قادمة كالحة..لن يطول بقائي هنا..سأفعلها، لامناص من ذلك.
ألمح الكنيسة أمامي، أفتح بابها وأدخل:
- أبونا، أريد أصير مسيحي
ينظر القس اليّ بارتياب.
- أبونا، لو تسأل عن السبب أقول، الاسلام دين رعب وإرهاب، بس المسيحيه دين سلام ومحبة.
تبقى نظرة الشك في عيني القس:
- المسيحية يا ولدي حياة تبدأ بقبول مخلصك يسوع المسيح، تطلب منه أن يدخل بروحه القدوس إلى قلبك، قبولك للمسيح سيغير كل حياتك و تصير ابنا للـه وتُغفر جميع خطاياك، و بهذا تنال الحياة الأبدية.
لو يتطلب الأمر أحلف له بالقرآن بأن سلام يسوع يملأ قلبي وبأني مسيحي بالقلب وإن لم أتعمد، أحلف بالعذراء وأخبره بأني أتابع قنوات فضائية مثل الحياة والملكوت، وأكنّ بالغ الإعجاب للتعاليم الإنجيلية السمحة.
- وهل تقبل يسوع المسيح رباً وملكاً وفادياً لك؟
أهزّ رأسي موافقاً..أطلب منه أن يعمدني، متضرعاً خاشعاً" يايسوع خلصني"..يفتح القس الكتاب المقدس قارئاً مرتّلًا: "أنا هو الخبز....أنا هو الباب....أنا هو الطريق والحق والحياة......"
- إننا ياولدي بالطبيعة خطاة عاجزون، علينا أن نخلّص نفوسنا من أخطائنا، لذا نحن بحاجة الى مخلّص..يجب أن تفهم وتؤمن بأنك خاطيء وأنك تستحق عقاب اللـه؟
عقاب أيضاً؟ لم أكن أظن بأن هناك عقاب أيضاَ في ديانتكم..لا ضير في ذلك، ما يهمني ألا يكون هناك عذاب قبر وآخرة ونار أخرى أقسى من صيف هذا البلد.
يتفحصني القس المتشكك طويلاً:
- لا تحاول يا إبني الهروب إلى دين ما بسبب ظروف سياسية أو اقتصادية أو نفسية.
أهزّ رأسي نافياً ذلك.
- بإسم الأبّ، باسم الابن والروح القدس، أحب أن أهنأك على خلاصك، مبروك عليك الخلاص ياولدي..سلام ونعمة.."أنا هو الخبز، أنا هو الباب، أنا هو الطريق........."
نعم، أنت الباب الى الخلاص من هذا الوضع، أنت الباب الذي أفتحه خارجاً من هذا الجحيم الأرضي، وأنت الطريق الى الهجرة نحو بلدان عالم متحضر..ذلك هو خلاصي، أن أصير مسيحياً لكي تقبلني منظمات اللجوء بسرعة..عليّ الإسراع بإصدار جواز سفر الآن.
عند باب الخروج، أرى على باب الكنيسة طابوراً من الشباب ينتظرون الخلاص أيضاً.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على الأرض السلام
- هنا خازر (من أوراق نازحة)
- عائلة الياسمين والمسرح
- - خبال - علمي
- إمرأة للدهشة
- كراسي في استراحة
- أحزان الدم
- شيء من ذلك
- هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟
- (حمار وثلاث جمهوريات) من يروي ومن يرى؟*
- تفاحة الذاكرة
- فصل
- 1979
- جهشات الفراشات
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - رثاثة