أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - هلاوس














المزيد.....

هلاوس


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


هلاوس

هي: هذا آخر لقاء بيننا، أنا ماشية، قل شيئاً...وداعاً إذاً.
هو: .....................
يتبخر ماء روحه، يفسح مساحة لملح حانق يهيمن على تربتها...يمشي بضيق، يصرخ بغيظ حين تصطدم قدمة بصخرة على الرصيف، يرفسها بنفس القدم، يغلظ ألمه: دولة قمامة، لا يَصلحون الاّ للهدم...يأخذ نفساً صخرياً يتسلل بمشقة الى خندق صدره...لا أحد يأبه لصراخه...يزيد لاعناً: ديّوثون، أين يمشي أبن الوطن؟ كيف نمشي؟ لماذا نمشي؟...يتلفت حوله...ما من أحد يهتم بأسئلته، لا أمر يثير الفضول...الكل يمشي في دربه دون انتباه اليه...يواصل مشيه متبرماً... ينبش ذاكرته لحن ويستوطن فيها، يغني بصوت متكلس: آخرة طريقك فين، حلو يللي ماشي...
نمشي في كون زائغ...تسأل أحداً عن حاله، يقول لك، ماشي...العمر ماشٍ، كلّه ماشي، ماشي كلامك على عيني وراسي، الناس كلها ماشية...ميع...قطيع ماشية، تكنولوجيا تمشّي بلداناً وناساً راهناً، قطعان تكنولوجيا، وحتى المشي، تفّه في وجود مواصلات، اليوم يصير بامكاننا المشي على الماء، نقدر، لم لا، ونحن مشينا على أحلام وذكريات، دسنا عليها ومشينا...
هذا يمشي مطأطأ الرأس، وتلك تميل في مشيتها نحو جهة اليمين بتأثير ثقل حقيبة، وعباس حايط، جار قديم، يحصل بجدارة على لقبه، يمشي العمر كله لصق الحائط حتى بعد أن تمزقت أطراف سترته...(ولا تمشي في الأرض مرحاً)، هل عليّنا أن نكون تعساء لنكون مخلوقات صالحة؟ ها أنا ذا لست حزيناً فحسب بل مطوحناً، يعجبك ذلك؟ ارتحتْ الآن؟ وما يهمك كيف أمشي؟ مثل أبو الجنّيب أم مثل شارلي شابلن، أنا حر بأقدامي...أمشي عكس السير، أمشي للخلف كما الأوضاع حولي، أو مثل بول البعير...تؤكد دراسات حديثة أن المشي للخلف، أو عكس الجاذبية الأرضية يساعد بشكل كبير في شحذ العقل ليصبح التفكير أكثر صفاءً، وحبذا لو كان الماشي حافياً...و( يلْ ماشية بليل لهلج، بعيد الدرب شي وصلّج، هواييييية المسسسسسافة طوييييلة)...أتمنى قبل موتي معرفة ماذا جنته تلك الـ (مكبعة وراحت تمشي في الدرابين الفقيرة)...حوْ... وملايين تمشي في مواسم شفاعة ونذور...حوْ، ولو تخضبت أصابيع يد ورجل بأعتى بنفسجي... يا بازوليني، يا رجلاً مشتت المواهب، لكْ، نظرة الضحية لا توحي للجلاد بخطّة، بل مشيته...هيك، علهدا، تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل، مشي السحابه لا تريّث ولا خبّ...يسار، يمين، يس يم، يس يم...أوتمشي فوق الأشواك هاتفة: مش راح نمشي، هوّة يمشي.. لتكون بالتالي مُقعدة بلا أقدام...شعوب عاقّة تبحث عبثاً عن رفاه، لم تسمع بالمثل القائل، لا تمشي ورة اللي يضحكك، إمشي ورة اللي يبجيك، ماشي، مومشكلة...دعها تواجه في مسيرتها كائنات شيطانية تقذف بها في لج لعنة، كتعويذة قديمة في بلاد ما بين النهرين والقهرين (عبر الاسوار العالية السميكة، يمرّون كالطوفان، يمشون من بيت إلى بيت، لا يمنعهم باب ولا يصدهم مزلاج، فهم ينسلون عبر الباب كانسلال الأفاعي، و يمرقون من فتحته كالريح)...هيا يا حفيد الجد البطل، إصعد الى أسوار أوروك، أمشي عليها...هيا، منتصب القامة أمشي، أمشي ولا تهتم للهم، لا تتعثر، اسحب ظلك بفهمِك، حذار أن تدعه يسحبك، ولا تمشي أبداً بلا ظل...
ممالك تمشي في الهواء، مزامير ضاحكة تمشي في موكب، بهلوان يمشي على أربع، ملوك تمشي بطريقتها، يعلنون ما لايكونون ويكونون ما لايعلنون، يظلّون كيفما فعلوا هم المحور، يمشي الموكب بصخب مفتعل، متفرجون ضاجّون، ألعاب نارية، خيول تصهل، فرسان تتبارز...وفجأة، يهدأ الجميع...تطل الأميرة بغموض كأعماق مغارة أو جذر للماء، تعلن:
- اليوم، أنا ماشية، أعجز عن منح لون الوردة دمي، ودموعي لا تنبت الزهرة النجمة...
تتلفت بغصة نحو الأمير الذي أحبّها وخذلته:
- أنا ماشية، دربانا مختلفان، عذراً للبداية، كلنا نقترف الخديعة، الوداع.
تدخل غموضها وقشرة صمتها من جديد وتمضي ماشية...

تتركه يمشي وحيداً باحثاً بتلبك في داخله عنه، فيكتشف أنه ميت منذ زمن.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد
- كل النساء جميلات
- روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
- شعارنا، لا حرامي ولا اوبامي
- آنيت هينمان...صوت يعلو على أصواتنا
- حمندي
- و...يحمل آلام القصيدة
- العودة الى الوطن
- السينما العراقية بعد 2003...رحيل وتذكر - الرحيل من بغداد
- سيدة الشرفة
- البعد الانساني في فيلم (إبن بابل)
- نفحات من ميدان التحرير (شهادة شاهدة عيان)
- كسر القيد يتطلب قيماً
- غائب يحضر لأول مرّة في لندن
- وطننا لبس حراً وشعبنا ليس سعيداً
- خربشة على مسلّة (منفى بي)
- في سرير أول يوم من أيام السنة الجديدة
- يوم الكتاب العالمي


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - هلاوس