أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - وطننا لبس حراً وشعبنا ليس سعيداً















المزيد.....

وطننا لبس حراً وشعبنا ليس سعيداً


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 3248 - 2011 / 1 / 16 - 14:31
المحور: كتابات ساخرة
    


وطننا ليس حراً وشعبنا ليس سعيداً

عاهدت نفسي حين أكتب، أن لا أقترب من مواضيع سياسية خالصة، لكثرة من يحلل ويكتب فيها، حتى غدونا من أكثر الشعوب والبلدان العربية تفوقاً وتفتقاً بمحللّين وناشطين ودارسين ومتفقهين في أمور السياسة ووضع البلد، ولأن السياسة بحر والع و ذائع المواجع...رأيت أن أقتصر على قطفٍ رهيف من بساتين أدب وتأدب، وخمائل فتنة من خيال، وترك عميلة التنفيس السياسية لغيري...لكني ولليوم فقط أنفّس عن غيضي ولو بكتابة...
أجدني حين أفتح التلفزيون، لعادة ألفتها في معرفة أخبار العالم، وكأني أتوقع معجزة ستحل وتغير ما يجري من تعثرات بين ليلة وظلامها، أرى شخصاً بسيطاً بشكل وهيئة لا تسّران وكل همّه أن يتشكى: لا كهرباء، لا ماء، لا أمن، لا دواء، لا علاج، لا لا لا...ويروح شاكياً من طفح مجاري: نطلب من سيادة الحكومة تجي وتطّب بهاي المجاري، وتشوف الخيسة. (ما تحتاج)...
يشتكي وزير الكهرباء من وزير النفط لتقصير في تزويد وقود لازم لتشغيل مولدات، ويشتكي هذا من وزارة الموارد المائية، الذي يشتكي من وزارة التخطيط، فيشتكي هذا الوزير من وزارة المالية...وهكذا، حتى يضيع ( راس الشليلة)، وتضيع الملفات الأمنية والإقتصادية في دهاليز تنتهي بنفق لايفضي الى ضوء.
أتصلُ بما تبقى من أهل، يأتيني صوتهم عبر المسافات متشكياً: لا قدرة على شراء شيء، لا وجود لنفس نزيهة متعففة، لاعلاقات طيبة كما زمان، لا صحة بقيت، لا ذاكرة، لا مزاج، لا أمل، و لا لا لا...
تتصفح صفحة أخبار، تجد الكتاب يدبّجون مقالات ومقالات ويتشكون : لا فسحة لديمقراطية، لا حريات عامة، لا ثقافة حرة، لا تقدير لمبدعين، لا احترام لمبدعين، و لا لا لا...
تشتكي الناس عموما من انعدام أمن ويلقون باللائمة على رجال الأمن...رجالات الأمن أنفسهم يشتكون من انعدام أمن وعدم سيطرة على وضع، ومن غياب وعي لمواطنين، ونفوس ضعيفة لهم، تغريهم على تعاون مع مخربين و تسهيل عمليات ارهابية...
مسئولون وسياسيون يشتكون من دول جوار لتصديرها وحضانتها لارهابيين يصولون ويجولون في البلاد، من شمالها الى جنوبها، ودول جوار تشتكي من تأثير لاجئين عراقيين على اقتصاد بلادها، ومن مؤامرات صهيونية ومخططات غربية تنطلق من أرض العراق... ويشتكي الكل من ارتهان لمحتل، وبيع وطن مقابل كراسي وثيرة وأرصدة وفيرة في بنوك كبيرة.
شباب يشتكي من فقدان تكافؤ لفرص ومعاناة من بطالة، وحرمان يعانون منه بادٍ على ملامحهم، وتخلف جليّ تنضح به طريقة كلامهم وطرق تفكيرهم وشكواهم.
أطفال بأعمار غضّة، يعملون ويعيلون عوائل، أو يلتقطون رزقهم من شوارع وقمامة، يشتكون من ضيق حال واضطرار وضياع وتخلف عن تعليم.
عامل يشتكي من رب عمله: أجور قليلة وظروف معيشية مهلكة، وبقاء قانون عمل قديم غير منصف (هسّة وقت قانون عمل؟ الجماعة عندهم شغل أهمّ).
صاحب عمل يشتكي: مواد أولية مستوردة باهضة الثمن، اختلاسات من أعلى، ولا دعم لرأس مال محلّي.
مراجعو دوائر يشتكون من آفة فساد إداري ورشوات وبيروقراطية، وغياب تحضر وتهذيب في دوائر دولة.
عسكريون سابقون خدموا وطنهم، يشتكون من رواتب تقاعدية قليلة وانكار لمكافآت وعزل عن قرارات وتهميش.
أطباء يشتكون من عادات خاطئة وثقافة صحية مفقودة للمرضى، وعدم توفر أجهزة حديثة تواكب تطورات تقنية حدثت في العالم، و ينقلون اصواتهم الى وسائل إعلام شاكين من غش وتلاعب في استيراد أدوية منتهية الصلاحية، مع كثافة يوم عمل لهروب معظم زملائهم، خشية من تهديدات.
فلاّحون يشتكون من انعدام دعم لغلالهم، وشحة ماء سقي وأسمدة، وغلبة مستورد على منتج محلي.
معلّم يشتكي من سوء حال مدارس وضيق أفق مناهج، وتغيير سلوك أجيال، وظروف تعليمية بالغة السوء.
الباحث يشتكي أيضاً: لا تتوفر مصادر بحث وأجواء دراسية ونهج أكاديمي سليم يشجع على البحث والارتقاء بالبلد.
المرأة تشتكي: لا مجال للخروج في الأماكن العامة دون تغطية للجسم من الرأس للقدمين، لا فرصة للمرأة ولا حقوق، تراجعَ دورها في قرار سياسي أو أي قرار آخر .
إعلاميون ومراسلون وصحفيون يتشكون ويشكون من تضييقات واغتيالات.
الذي يرتدي قميصاً ملوناً في موسم معين يشتكي من اضطهاد آخرين، يرتدون قمصاناً سوداء حزناً وقهراً وندماّ.
أفراد مقبلون على زواج وتكوين أسرة ، يشكون معارضة أهل من يريدون الأرتباط بهن...تقدم أحدهم لخطبة فتاة باطمئنان، لانه حسب مقتضيات ضرورة النسب اليوم، ينحدر من طائفة معينة كما الفتاة، فواجهه أهل الفتاة بسؤال من أي مرجعية أنت...صدري؟ من الفضيلة؟ من جماعة المجلس؟ لو من جماعة الدعوة؟ ولما احتار، أختار أحد الاسماء، فجاء الرفض سريعاً وصريحاً لأن أهل الفتاة من جناح آخر من المذهب الشيعي.
اختلطت المعايير وضاعت القيم، وصار للنقود دور مؤثر على كل شيء...أراد أحدهم أن يطرد مستأجرين رفضوا الخروج من ملحق لبيته، اضطر الى دفع مبلغ من المال لقوات مسئولة عن حفظ الأمن، فلما سمع المستأجر بذلك دفع هو الآخر مبلغاً لنفس القوات حتى يتمكن من البقاء في الدار المستأجرة ، فجاءت القوة الأمنية واعتقلت المؤجر بحجة انه اعتدى على النزيل، وفي اليوم الثاني جاءت نفس القوة واعتقلت المستأجر زاعمة انه اعتدى على المؤجر وراح الاثنان يشتكيان من انعدام العدالة.
شهادات تشتكي من مزورين، وهيئة نزاهة تشتكي من انعدام لنزاهة، وربما تفتقر اليها.
حتى شرطي المرور يشتكي من كثرة السيارات وصعوبة عملية تنظيم السير، ويشتكي صاحبو السيارات من الاختناقات المرورية وكثرة السيطرات واستحالة السير بعرباتهم في المدن، ويشتكي مسئول عن المواصلات، من ميزانية مقطوعة عن وزارته.
ومسئول آخر يشتكي من انعدام وعي صحي وحضاري لمواطنين، لرميهم قمامتهم في أي بقعة خارج منازلهم، ويشتكي مواطنون من تراكم القمامة وعدم التخلص منها وروائحها ومنظرها الكريهين، وتشتكي الأرض والبيئة من تلوث وتغيير وتصحر وانعدام تشجير...ويشتكي النخيل ويشتكي الهواء ويشتكي النهران وتشتكي الآثار...
حتى أصحاب المزاج (العرقجية)، يتشكون اليوم من صعوبة الحصول على ما يعدّل أمزجتهم من سوائل كحولية، لتضييق دولة وميليشيات تابعة لها، وحرمانهم من (ربعية) صغيرة، ومن ساعة متعة وهروب من جحيم واقع.
اسلام سُنّة يتشكون من اسلام شيعة في برلمان ومحافل وامتيازات، عرب يتشكون من أكراد، وأكراد غير راضين على تركمان أو عربان...
أحزاب وقوى وتيارات وتجمعات وما شاءت التعددات من أسماء، تشتكي من محاصصة في مناصب وزارية وحكومية وطائفية ومحسوبيات...
شيوعي يشتكي من مضايقات فكرية، بعثي يشتكي من اجتثاث ومظالم، ديمقراطي يلطم على ضياع هوية الديمقراطية وقصور فهمها، قومي ينعي حلماً شاخ في وحدة عربية، سني ينعي من إهمال في الأعظمية، شيعي لا زال يشتكي من ظلم قام به بني أمية منذ قرون...
وطنيون يحرصون على خدمة البلد، يتشكون من كواتم صوت وتهميش وتفضيل غير شرفاء ولصوص ومرتشين عليهم...
مسيحيون يتشكون من وضع مأساوي ومخطط ، كما يؤكدون، يهدف الى تفريغ مناطق عراقية منهم وترهيبهم لمغادرة البلد.
صابئة مندائيون يتشكون من سطو على محلات ذهب يسترزقون منها عيشهم، ومن وقتلهم...
في مناطق معينة من العاصمة، لا يشتكون منك فقط، إذا لم تضع راية سوداء فوق سطح دارك في مواسم معينة، بل ربما تعرض بذلك حياتك وممتلكاتك للخطر.
منظمات مجتمع مدني تشتكي من عدم قدرتها على القيام بتغيير مطلوب لاصطدام مشاريعها وأعمالها مع الدولة...
رب أسرة يشتكي من الأم، أم تشتكي من الأولاد ، أولاد يتشكون من الاسرة والمجتمع، مجتمع يشتكي من دولة...
أم عامر بخدودها الحلوة، تشتكي من الضغط والسكر ومن معاملة تقاعد تعرقلت بين مكاتب ودوائر حكومية، لأكثر من سنة...
الشكوى مبثوثة كموروث حتى في فننا وأغانينا، تجد المغني يأبى التغني بكلمات ناهضة جديدة داعية لعمل وتغيير، ويظل متشبثاً بالشكوى من حبيب خائن وغدار ويستاهل الذي صار...رغم حكمة مغنية سابقة ظلت تغني: (إن شكوت الهوى فما أنت منا)...
لوحات الفن الجميل تموج برؤوس مقطوعة ودماء وتفجيرات وظلام وقتامة أيام...
مسلسلات فيها شكوى وصراخ وبكاء وقدر أسود و(مصخّم) ارتبط بأبطالها، لاحقهم حتى خارج حدود بلادهم المنكوبة...
نحن علمّنا حتى جنود المحتل التشكي والهمّ، فانعكس ذلك في رسائلهم و أفلامهم وانتحارات تفشت فيما صفوفهم...
وطالت عدوى الشكوى حتى بين عراقيين مغتربين، مكثوا في مناف أعواماً منتظرين رجوعهم الى بلدهم، واليوم وبعد ما جرى الذي يجري في البلد، راحوا يشتكون من ذوبان أحلامهم في العودة، ويشتكون من شكواهم التي اشتكوها من أيام حكم سابق ظالم، التي هي غير الشكوى الحالية من وضع قائم...
الناس تعرف وتطالب بحاجاتها، غير مدركة لحقوق لها مدونة في دستور وتنص عليها قوانين وشرائع...
الجميع غير راض عن الجميع، والكل يشتكي من الكل، والكل شاكي ومتباكي، حتى اشتكت منا الشكوى...
(دوم بهضم، شنوهالظلم، يايمّة أكَضي عليك طول عمري بسكَم)...
ولكم أنتم الحرية التي يرفل بلدنا في عهدها، في إضافة نقاط أخرى الى قائمة شكوى أغفلتها...فهناك ديمقراطية، استغلوها وأفتحوا أفواهكم فالكلام ببلاش...
أحدكم يقول بان الشكوى من طبيعة البشر، وحتى الناس في الغرب يتشكون، نعم هؤلاء يتذمرون من تأخير باص أو قطار لمدة خمس دقائق، أو من صعوبة اختيار مكان للتسلية أو فيلم يشاهدونه في سينما لكثرتها، أو حتى من توعك صحة كلبهم...
آن لي أنا أن أشتكي (هيّ بقت عليّ؟) ليس من حكومة طائفية ومن دولة محاصصة، فأمر استلامهما للسلطة وما تفعله لا يحتاج الى تحليل وتشخيص أكثر من جانبي، بل أعتب على قوة سياسية عريقة، ترضى أن تكون على الهامش في كل ذلك البلاء، وتأمل أن تقارع بأساليب قدمت، كل هذا الكم من المسيرة المنحدرة لا ندري الى أين، ألا يكفي ضمور شعارات غدت باهتة تتمسك بها؟ وعدم جدوى أساليب نضال لم تتضح ولو نقطة واحدة من نتائج خيّرة لها؟ أما آن الأوان لاحتضان شكاوي الناس بفعالية وتبنيها بملموسية وجد، حتى لو أضطرها الأمر للجوء الى صف معارضة ونضال سريّ وعمل ثوري حقيقي، يجد فيها الناس صوتهم الضائع في الشكوى؟...
ماذا ننتظر أكثر؟...قتل وقُتلنا، فقر وذُقنا، ظلم وظُلمنا، تشريد وشُرّدنا، ذبح وذُبحنا على مسالخ من يدعون اسلاماً...هل نبقى حبيسين لاسلوبنا في النضال منذ ثلاثينات القرن المنصرم، نصرّ على خوضه حتى تضيع أجيالنا القادمة؟...
أما حان أوان التغيير والتفكير بجدة وتحديث؟
الأفضل لي أن أعود الى قصصي وخيالاتي الأدبية، ربما أجد فيهما عزاء، حتى لو وسمت برومانسية ومثالية وتشاؤمية...



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خربشة على مسلّة (منفى بي)
- في سرير أول يوم من أيام السنة الجديدة
- يوم الكتاب العالمي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - وطننا لبس حراً وشعبنا ليس سعيداً