أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - في الطريق














المزيد.....

في الطريق


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 00:25
المحور: الادب والفن
    


يجد نفسه محشوراً وسط طوابير سيارات، يطفأ سائقوها محرّكات صدأة ويترقبون...لا رجوع ولا تقدم، حيث لا تقدم بتراجع، ولا تراجع ابتغاء تقدم...يمدّ يده الى تلفون نقال ليكلمهّا، يتلمس جيباً فارغاً...يتذكر ويزفر...لعنة الكون عليهم، يثيرون اشمئزازاً بروائحهم وصخبهم وأفعالهم، لم يكتفوا بسرقة محفظة المرأة العجوز، وأين؟ على باب غرفة الطبيب وفي مستشفى عام...
يلتصق لحمه بمقعد القيادة ويسيح، حين تتقافز في ماخور نهار عارٍ، عينا شمس وقحة كعيني عاهر نزقة، تخترق كل ما تحت جلده، وتصيباه بهذيان شاحب...
هناك، يتواصل بالكلام دون توقف، جالساً في ركنه اليومي، على مقعد تقعّر من الأعلى، آخذاً شكل رأسه وظهره، فيبدو وكأنه ولد من أحشاء قماشه ورحمه...يغمغم بصوت خافت، يخفق في جعله قوياً كما كان: - أنت ابني أنت؟ أين نتيجة الأشعة؟ أين الدواء؟، طول النهار عند الطبيب وترجع خالي اليدين...
يطلق أحدهم بوق سيارته بتواصل، يتبعه آخرون بالمثل، دون طائل وبلا وعي...ترتفع أصوات:
- ماذا حصل في الطريق، مفخخة لو عبوة؟
- تعرف طريق آخر؟ لنرجع، الى الوراء دُر
- نريد أن نتقدم مو نرجع، من منكم يرشدنا؟
- متى يصبح الدرب متاحاً؟ متى نتحرك؟
- يا جماعة اللـه شعليه؟ الكفر حرام
- أنعل صفحة أبو هيجي حكومة، لابو أبو هيجي دولة، وأنعل أبوه لماجد
من هو ماجد؟ أراد أن يسأله، ربما هو صديق دعاه ليلتقي به، أو صاحب السيارة، أو يكون...صوت طائرة هيليكوبتر يقطع أفكاره ويفزع سرباً من طيور مهاجرة...
الى أين؟؟ يسأل صديقه، فيجيب هذا:
- الى بلدان اللجوء، هاجر يا أخي هاجر، الحياة هناك بشكل وطعم آخر، حتى الحيونات بشر...
ينكمش في رؤية متواضعة ويطيب له أن يحلم...مستلقياً، يستمتع بكوب عصير بارد في ركن مبرّد، لا يقلق وينشغل باله حينها بربّ مولّدة، تشغيلاً وتوفير وقود وجهد تشغيل...
يوم طرح عليها الفكرة، نظرتْ اليه ملّياً ولبرهة بعينين مسلوقتين، كبيضتين متجحرتين في متحف وجهها، ثم صرفت نظرها عنه بحدّة، وبدون أن تنطق، عادت تكنس السجادة بقوة، فتهيّج غباراً مجنوناً...في الفراش، سرعان ما تنام لحظة تضع رأسها على الوسادة...يحّدق في وجهٍ تقطنه تقطيبة وانزعاج...من تلك المرأة؟ لم يعد يعرفها، قلّما يراها...تنهض غبشاً، تطبخ ، تلبس الولد، تأخذه للمدرسة، تذهب للعمل، تدخل مسرعة الى البيت ظهراً، تعدّ المائدة، تسمعه يتمتم حانقاً : كناين آخر زمن...تبتلع بصمتها نقّ أب زوج، عجوز متقاعد شكّاء جائع...تغسل صحوناً وملابساً ، تنظف الدار، تذهب للسوق، تهرع نحو دار والد عاجز ينتظرها، ترجع مساءً، تعدّ العشاء، تدرّس الولد، تحمّمه، تنومّه، تنام هي، تلقي بجسد كفر بها على سريرها، ثم تأخذ بالشخير...أنثى تشخر بجواره...
يصمت، ويصمت الجميع فجأة، يكفّون عن مسبّات وشتائم، يسود ماحوله هدوء أخرق، ويتخثر الطريق بسكون ومألوفية...قنطوا؟ هل تبخروا بفعل حر وقهر، فتشبعوا ببخار عجزهم؟ أم تراهم وجدوا الطريق؟
يتلفت حوله...طريق عدِم ملامحاً وارتبكت خطاه، حبلت بطنه بتشعبات وبطوابير سيارات...يتفحص السائقين عن قرب، ولدهشته يرى خرافاً على المقاود...يمتد كفه نحو عينيه، يفركهما تفادياً لحيرة، وحين يفتحهما، يُبصر يده وقد كساها صوف كثيف...يفزع...ولما يحاول الصراخ، تخرج من حنجرته مأمأة عالية...



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد
- كل النساء جميلات
- روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
- شعارنا، لا حرامي ولا اوبامي
- آنيت هينمان...صوت يعلو على أصواتنا
- حمندي
- و...يحمل آلام القصيدة
- العودة الى الوطن
- السينما العراقية بعد 2003...رحيل وتذكر - الرحيل من بغداد
- سيدة الشرفة
- البعد الانساني في فيلم (إبن بابل)
- نفحات من ميدان التحرير (شهادة شاهدة عيان)
- كسر القيد يتطلب قيماً
- غائب يحضر لأول مرّة في لندن


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - في الطريق